اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-07-2018, 06:15 PM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
مشرف عام الجغرافيا للمرحلة الثانوية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,966
معدل تقييم المستوى: 16
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي




المشقة تجلب التيسير
************
اتفق الفقهاء على أن من أهم مبادئ الإسلام العظيمة
التيسير ورفع الحرج ،
وأن من أهم قواعده الكلية أن المشقة تجلب التيسير ،
أخذاً من نصوص كثيرة من ا لكتاب والسنة ،
وإجماع الأمة ، منها قوله تعالى :
(وما جعل عليكم في الدين من حرج)
الحج-78
وقوله تعالى :
ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج)
المائدة-6
وقوله تعالى :
(يريد الله بكم العسر ولا يريد بكم العسر).
البقرة-185



والأحاديث الصحيحة متضافرة في تأكيد هذا المبدأ العظيم
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
(يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا)
رواه البخارى ومسلم

وحينما بعث معاذاً وأبا موسى الأشعري إلى اليمن
وصاهما بجوامع الكلم فقال لهما :
(يسرا ولا تعسرا ، وبشرا ولا تنفرا ،
وتطاوعا ولا تختلفا)
صحيح البخارى
وقال الحافظان النووي وابن حجر
لو اقتصر الرسول صلى الله عليه وسلم
على (يسروا) أو (يسرا) لصدق على من
يصدق على مرة واحدة وعسر كثيراً ،
فقال : (ولا تعسروا) لنفي التعسير في جميع الأحوال
(فتح البارى)



وقال أيضاً :
(بعثت بالحنيفية السمحة)
رواه أحمد فى المسند

وقال أيضاً :
(إن دين الله يسر ـ ثلاثاً ـ )
رواه أحمد فى مسنده



وقال أيضاً :
(إن خير دينكم أيسره ، إن خير دينكم أيسره )
مسند أحمد

وقال :
(إن أحب الدين على الله الحنيفية السمحة)
رواه الطبرانى فى الأوسط



ولما سُئل صلى الله عليه وسلم :
أي الأديان أحب إلى الله ؟
قال الحنيفية السمحة)

رواه البخارى

وقال :
(إنكم أمة أريد بكم اليسر).
مسند أحمد



وقد ترجم البخاري : باب الدين يسر ،
وقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(أحب الدين على الله الحنيفية السمحة)
ثم روى بسنده عن أبى هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(إن الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلاّ غلبه
فسددوا وقاربوا ، وأبشروا)

صحيح البخارى-كتاب الإيمان



قال الحافظ ابن حجر :
(أي دين الإسلام ذو يسر ، أو سمي الدين يسراً
مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله ،
لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم )
وفي الحديث : (إنكم لن تنالوا هذا الأمر بالمبالغة ،
وخير دينكم اليسرة)

وقد يستفاد من هذه الإشارة إلى الأخذ بالرخصة الشرعية ،
(فإن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه
كما يحب أن تؤتى عزائمه).



وبيّن الرسول صلى الله عليه وسلم مهمة الأمة
وبالأخص مهمة علمائها فقال :
( فإنما بعثتم ميّسرين ولم تُبعثوا معسّرين) .
رواه البخارى فى صحيحه

ولقد كان منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم
الأخذ بالأيسر والأسهل على الناس ما لم يكن إثماً
فقد روى الشيخان بسندهما
عن عائشة رضي الله عنها قالت :
(ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين
إلاّ اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً)

صحيح البخارى



وبناءً على هذه النصوص العظيمة
استنبط الفقهاء منها هذه القاعدة القاضية
بأن المشقة تجلب التيسير ،
وخرّجوا عليها جميع رخص الشرع وتخفيفاته.
(الأشباه والنظائر للسيوطي)


وقد ذكر الإمام عزالدين أنواعاً من أسباب التخفيف
في العبادات وغيرها ،ذكر منها السفر ، والمرض ،
والعسر وعموم البلوى ، والحج

وإذا كان الزحام قد وصل إلى مرحلة تهديد
الناس فعلاً في حياتهم وأعضائهم وصحتهم
فإن الزحام اليوم في منى تعتبر من أهم أنواع المشقة
التي ترفع الحرج وتجلب التيسير والتسهيل والتخفيف .



وقد قرر أهل العلم استناداً إلى هذه النصوص
عدداً من القواعد الفقهية، التي تفيد رفع الحرج
وإزالة الضرر والمشقة عن المكلف؛
من ذلك قولهم:
"المشقة تجلب التيسير"،
وقولهم: "الضرر مدفوع شرعاً"،
وقولهم: "الأمر إذا ضاق اتسع"،
ونحو ذلك مما أصله الفقهاء في قواعدهم الفقهية.



ولا خلاف في مشروعية الأخذ بالرخص الشرعية
إذا وُجدت أسبابها، وتحققت دواعيها،
واقتصرت على مواضعها، ولا بأس أيضاً بالأخذ
ببعض الرخص الفقهية وهي التي جاءت مبيحة لأمر
في مقابلة اجتهادات أخرى تحظره
على أن تكون معتبرة شرعًا ولم توصف بأنها من شواذ الأقوال،
وأن تقوم الحاجة إلى الأخذ بالرخصة، دفعًا للمشقة
أو للمصلحة المعتبرة خاصة في فريضة عملية وشاقة
مثل فريضة الحج.



قال- صلى الله عليه وسلم-:
(إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه
كما يحب أن تؤتى عزائمه).


وقد جمعت معظم هذه الرخص
إضافة لبعض المباحات في الحج والعمرة
في ملف واحد لأضعها بين يدي
من كتب الله لهم زيارة بيته الحرام
يسترشدون بها في تأدية المناسك،
بمعية يسر الإسلام وسماحته.




رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15-07-2018, 06:18 PM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
مشرف عام الجغرافيا للمرحلة الثانوية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,966
معدل تقييم المستوى: 16
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي




أولاً: رخص الإحرام والنية



1. جواز النية بأحد أنواع الحج الثلاثة:
التمتع، أو الإفراد، أو القران،
وهذا شبه إجماع عند أهل العلم.

2. إذا فعل المحرم شيئاً من محظورات الإحرام
ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه،
ولكن يجب عليه بمجرد ما يزول العذر
أن يتخلى عن ذلك المحظور.

3. إن خشي الحاج عدم القدرة على المضي في النسك،
بسبب مرض أو عمل أو إجراءات رسمية
فليقل عند الإحرام: "إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني"،
وفائدة هذا الاشتراط: أنه لو حبس عن النسك جاز له شرعاً
أن يقطع إحرامه ويرجع ولا يلزمه شيء.

4. الأصل في الإحرام أن يكون عند المواقيت المكانية المحددة،
لكن يمكن لقاصد الحج أن يحرم قبل الميقات إن خشي فواته
لجهل به أو نوم، أو نحو ذلك.

5. إن فات الحاج أو المعتمر الإحرام من الميقات
يمكن له أن يعود إليه مرة أخرى ليحرم منه ولا شيء عليه.


ثانياً: رخص ملابس الإحرام



1. يجوز لبس المخيط إن كانت ثمة ضرورة
تستدعي ذلك مع وجوب الفدية على الصحيح.

2. لو انشق الإزار أو الرداء فخاطهما الحاج،
ثم لَبِسَهُما؛ فلا شيء عليه بالاتفاق.
وقد وقع اللبس عند كثير من الناس الذين يرون
أن كل مخيط لا يُلبس، وأن العلة في الخياطة فقط. وهذا خطأ.



ثالثاُ: رخص يوم التروية



يوم التروية، وهو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة،
وهو اليوم الذي يذهب فيه الحجاج إلى منى للمبيت به،

يمكن لمن فاته يوم التروية أن يذهب يوم عرفة
فيقوم بالطواف والسعي يوم عرفة صباحاً،
ثم يذهب إلى عرفات بعد ذلك ،
ويواصل بعد ذلك عمل بقية المناسك دون شيء عليه
في يوم التروية الذي فاته وقام بأعماله يوم عرفة.



رابعاً: رخص الوقوف بعرفة



1. الأصل في الوقوف بعرفة أن يكون نهارًا
مع جزء من الليل أي بعد الغروب،
لكن لو مرَّ الحاج بعرفة مرورًا، أو كان فيها نائمًا،
أو مغمًى عليه، أو جاهلاً بأنها عرفة، صح وقوفه.
ومعنى ذلك أن هذا الركن يحصل أداؤه بلحظة.

2. لو مشى الحاج من عرفات قبل الغروب صح عند الأئمة،
فحجه تام ولا شيء عليه وهذا الصحيح في مذهب الشافعية،
وقال به الإمام ابن حزم رحمه الله،
وقال أبو حنيفة وأحمد حجه صحيح ويجب عليه الدم؛
لأن الوقوف بعرفات إلى غروب الشمس واجب.

3. ليلة عرفة هي التي تكون بعدها، وهي ليلة مزدلفة،
فالوقوف بعرفة يبدأ من يومها إلى طلوع الفجر ليلة المزدلفة،
فمن وقف أي ساعة شاء ما بين هذين الوقتين بعرفة فقد أدرك الحج،
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج".



خامساً: رخص المبيت بمزدلفة



المبيت بمزدلفة واجب
لكن يرى بعض العلماء أن المبيت بمزدلفة
مجرد منزل دون مبيت،
وليس على الحاج البقاء بمزدلفة إلا بمقدار
ما يصلي المغرب والعشاء جمعًا،
أو يتناول طعامه، وخصوصًا إذا كان من أهل الأعذار
أو كان معه نساء أو أولاد صغار، وهو رأي المالكية،
وهو مذهب ميسر نظرًا لكثرة الحجاج والأعداد الهائلة
التي تفد سنويًّا لأداء فريضة الحج.






رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15-07-2018, 06:20 PM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
مشرف عام الجغرافيا للمرحلة الثانوية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,966
معدل تقييم المستوى: 16
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي




سادساً: رخص المبيت بمنى



المبيت في منى ليلة التروية سنة من تركها فلا شيء عليه،
أما المبيت بمنى أيام التشريق، فواجب عند جمهور أهل العلم،
يلزم بتركه دم على مَن قدر على ذلك، ووجد مكانًا يليق بمثله،
لكن دلت الأدلة على سقوط المبيت عن من لم يجد مكانًا يليق به،
وليس عليه شيء، وله أن يبيت حيث شاء في مكة أو المزدلفة أو
العزيزية أو غيرها، ولا يلزمه المبيت، حيث انتهت الخيام بمنى
ولا يلزم من أحد أن يبيت في الطرقات والممرات بين الخيام
وأمام دورات المياه والأرصفة وشعف الجبال؛
لأن ذلك ليس مكانًا صالحًا لمبيت الآدميين
كما أنه لا يتناسب مع روح هذه العبادة العظيمة،
فهؤلاء لهم ترك المبيت، ولا شيء عليهم.



سابعاً: رخص رمي الجمرات



1. إذا رمى الحصى من بعيد،
ولم تقع الحصاة عند مكان الرمي،
ووقعت قريبًا منها أجزأه ذلك،
وإن وقعت بعيدًا منها لم يجزه وهذا كلام نفيس؛
خصوصًا في هذه الأيام التي يسقط فيها العشرات
تحت الأقدام صرعى!.

2. للحاج أن يرمي ليلاً، وهو مذهب عبد الله بن عمر،
ومذهب الحنفية، ورواية عند المالكية،
وأحد القولين عند الشافعية،
وبه أفتى المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي
حينما اشتد الزحام على الجمرات.

3. الأصل في وقت الرمي أيام التشريق
أن يكون بعد الزوال إلى الغروب ،
لكن للحاج أن يرمي قبل الزوال في سائر الأيام،
وهو منقول عن ابن عباس، وقول طاوس،
وعطاء في إحدى الروايتين عنه، ومحمد الباقر،
وهو رواية غير مشهورة عن أبي حنيفة، وإليه ذهب ابن عقيل،
وابن الجوزي من الحنابلة، والرافعي من الشافعية،
ومن المعاصرين: الشيخ عبدالله آل محمود، والشيخ مصطفى
الزرقاء، والشيخ القرضاوي والشيخ صالح البليهي وطائفة من
أهل العلم، وقواه الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمهم الله.



4. للحاج أن يؤخر رمي الجمرات عدا يوم العيد إلى
آخر يوم من أيام التشريق وذلك لأصحاب الأعذار
ممن صعب عليهم الرمي يوميًّا،
ويكون الرمي في هذه الحالة أداء لا قضاء،
وأيام التشريق كلها كاليوم الواحد.
وهذا قول الشافعية والحنابلة، وأبي يوسف
ومحمد بن الحسن من الحنفية وهو المعتمد عندهم،
لكن لا يجوز له أن يؤخره إلى ما بعد يوم الثالث عشر
(آخر أيام التشريق).

5. الأصل لمن أراد التعجل أن ينفر من منى
ثاني أيام التشريق قبل غروب الشمس،
لكن إذا غربت عليه وتأخر بسبب الزحام
والمواصلات ونحو ذلك فلا يلزمه شيء.

6. يجوز للرجل أن ينوب عن أكثر من فرد في رمي الجمرات
لكن عليه أن يرمي عن نفسه أولا ثم عن غيره بعد ذلك.



ثامناً: رخص الحلق والتقصير
1. حلق الرأس أثناء الإحرام محظور بالكتاب والسنة والإجماع،
لكن إذا احتاج أحد إلى الحلق لظروف ما حلق وفدى
فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن عجرة
«أيؤذيك هوام رأسك؟».
قال: نعم.
قال: «فاحلق، وصم ثلاثة أيام،
أو أطعم ستة مساكين، أو انسك نسيكةً».



2. جواز كل من الحلق أو التقصير
لأن كليهما نسك جائز في الحج والعمرة،
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين والمقصرين معاً.

3. الجمهور على أن الحلق في الحج والعمرة نسك،
يجبر بدم إن تركه الإنسان،
لكن ذهب بعض الفقهاء كأبي ثور، ورواية عن الإمام أحمد،
ورواية للشافعية، وأبي يوسف صاحب أبي حنيفة
أنه إحلال من محظور وليس بنسك.
ويسع الحاج أن يأخذ بهذا القول ولا شيء عليه
عند نسيان الحلق أو التقصير دون قصد.




تاسعاً: رخص طواف الإفاضة



1. طواف الإفاضة لا يكون إلا بعد الوقوف بعرفة،
وهو يبدأ بعد نصف الليل (ليلة المزدلفة).
وقال بعض العلماء يبدأ من بعد الفجر
لكن الأمر فيه سعة لعدم توفر نص في هذه الجزئية.

2. يجوز للحاج طواف الإفاضة قبل رمي الجمرة الكبرى،
وإن كان الطواف بعد الرمي أيسر.

3. الأصل في طواف الإفاضة أن يكون في يوم النحر وأيام التشريق،
لكن لو فعله في أي يوم من أيام ذي الحجة
أو حتى بعدها فلا شيء عليه.



4. يمكن تأخير طواف الإفاضة
ليكون هو وطواف الوداع شيئًا واحدًا؛
ليخفف المشقة عن نفسه، والزحام على إخوانه.

5. نص النووي وجماعة من العلماء أنه
لو نسي الإفاضة، وطاف للوداع من غير نية الإفاضة،
أو بجهل بوجوب الطواف؛ أجزأه طوافه عنهما معًا.







رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15-07-2018, 06:22 PM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
مشرف عام الجغرافيا للمرحلة الثانوية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,966
معدل تقييم المستوى: 16
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي



عاشراً: رخص الطهارة في الطواف



الطهارة واجبة عند الجمهور من الحدث الأصغر والأكبر،
وأجاز أبو حنيفة الطواف على غير طهارة،
وهو رواية عن الإمام أحمد،
واختار ابن تيمية، وابن القيم عدم شرطية الطهارة،
وهذا يخفف على الناس في الزحام،
وصعوبة الوصول إلى أماكن الوضوء،
وإن كنا نقول: ينبغي له أن يتطهر؛
لكن لو لم يتطهر وطاف، أو أحدث خلال الطواف
ولم يجدد وضوءه، فلا شيء عليه.
وخالف أبو حنيفة رحمه الله الجمهور في هذه المسألة فقال:
لا تُشترط للطواف طهارة... فلو طاف جنباً،
أو محدثاً، أو عليه نجاسة... صح طوافه.



الحادي عشر: رخص السعي بين الصفا والمروة



1. لا يشترط الطهارة في السعي بين الصفا والمروة
إذا كان بعد طواف صحيح.

2. الموالاة أي أداء الأشواط بشكل متتال
ليس شرطا في السعي بين الصفا والمروة
ويجوز للمسلم أن يستريح إذا شعر بالتعب،
أو يتوقف ويعود ليكمل باقي أشواط السعي،
ولكن الموالاة أفضل.



الثاني عشر: رخص الحائض والنفساء



1. إذا أصاب المرأة الحيض أو النفاس وهي في طريقها للحج،
فتفعل عند الإحرام ما يفعله الرجل من حيث الاغتسال والتنظيف ،
ومتى ما نوت المرأة الدخول في نسك الحج أو العمرة فقد أحرمت،
ولا يشترط أن تكون طاهرة، بل يصح إحرام الحائض والنفساء.

2. يُباح للمرأة أن تلبس من المخيط ما شاءت من الثياب
من غير تبرج ولا زينة،
إلا أنها لا تلبس النقاب والبرقع ولا القفازين،
وإذا احتاجت إلى أن تضع الخمار على وجهها مؤقتا فلا حرج.



3. لو اضطرت الحائض أو النفساء لمغادرة مكة،
ولم تكن قد طافت طواف الإفاضة،
ولا يمكنها أن تبقى في مكة حتى تطوف،
ولا أن تعود من بلدها لتطوف،
ففي هذه الحالة تغتسل وتتحفظ،
وتطوف للإفاضة وتسعى وهي حائض،
ويصح ذلك منها ذلك ولا شيء عليها،
وذلك على مذهب ابن تيمية وتلميذه ابن القيم،
وقد أفتى بهذا الشيخ ابن باز رحمه الله.

4. يمكن للمرأة عدم الذهاب لرمي الجمرات،
ويمكنها أن توكل هذه المهمة لرجل يقوم بها
نيابة عنها تفاديا للمزاحمة والمخاطرة.

5. يرخص للحائض والنفساء ترك طواف الوداع
وليس عليهما شيء،
لقول ابن عباس رضي الله عنهما:
"أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت
إلا أنه خُفف عن الحائض ".







__________________
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15-07-2018, 06:24 PM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
مشرف عام الجغرافيا للمرحلة الثانوية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,966
معدل تقييم المستوى: 16
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي






افعل ولا حرج

هكذا كان يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
يوم الحج لأصحابه رضوان الله عليهم،
عندما كانوا يأتون إليه ويقول الواحد منهم،
فعلت كذا يا رسول الله ، ويقول الآخر فعلت كذا يا رسول الله،
فكان جواب الرسول قليل الكلام كثير المعنى،
«افعل ولا حرج»،
كأن الرسول أراد أن يعلم أصحابه أن يكونوا رفقاء رحماء بينهم،
وأراد ان يخفف عليه وعلينا مشقة الحج،
فهذا النُسك يجب أن يحفه الاخلاص لله،
ولا يعكر صفوه التكالب والتزاحم والجدال،
كأن الرسول يريد أن يؤكد معنى الآية الكريمة من سورة البقرة
«الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق
ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير
الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب»

(البقرة/197).




وهنا نلحظ أن الحق قد جمع بين ثلاث كلمات هي
الرفث والفسوق والجدال،
وهذه الكلمات تحمل بين طياتها كل فعل أو سلوك سيئ
يمكن ان يقوم به الإنسان،
والحق سبحانه قد نهى عن كل ذلك
بثلاثة حروف للنهي متعاقبة في الآية الكريمة،
كأن الحق يريد أن يقول لنا لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا،
تشديدا في النهي، حتى ننتهي عن كل ذلك في الحج ولا نفعله،
لأن كل هذه الأفعال والسلوكيات تضر بصاحبها
وتضر بمن حوله من الناس.




والرسالة التي أراد الله ورسوله إيصالها إلينا جميعا،
هي أن نذهب إلى الحج ولا ننسى ما أراد الله ورسوله،
وكثيرا ما نسمع ممن ذهب الى الحج عن التدافع الكبير بين الناس،
والتزاحم لأداء المناسك، ونسى الناس أو تناسوا،
أننا يجب ألا نتزاحم ولا نتصارع للوصول أولا،
فندفع الناس ومنهم كبار السن ومنهم من لا يملك صحة
أو جسما قويا ومنهم النساء والمرضى،
كل هؤلاء يجتمعون في الحج،
فيجب أن نكون رحماء رفقاء على بعضنا البعض،
لأن المعنى الأصيل لكل ما أراد الله ورسوله
يشمل البعد الإنساني قبل كل شيء،
لأنه لا معنى لعبادة تؤذي فيها الناس،
ولا معنى لعبادة تظهر فيها الفاحش والبذيء من الأقوال،
ولا معنى لعبادة يكون فيها الجدل العقيم حاضرا،
الذي لا يفضي الى شيء، بل هو جدل لمجرد الجدل،
ولا فائدة ولا طائل منه،
وكم أناس يذهبون هناك لكي يجادلوا ويفتعلوا المشاكل والقلاقل،
وكل ذلك الله ورسوله منه براء.




وهناك نقطة مهمة نؤكد عليها، هي الزحام والتدافع،
كما قلت آنفا، دائما ما نسمع عن ذلك،
ويقول من ذهب إنه رأى حجاجا يدفعون الناس
لكي يصلوا الى الكعبة أو مكان رمي الجمار
أو غيرهما من الأماكن التي تشهد زحاما،
لماذا ندفع بعضنا بعضا والله ورسوله قد يسرا علينا،
وأرادا لنا الخير؟
فقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم«افعل ولا حرج»
يشمل معنى التيسير، وهذا بدوره يرفع الحرج عن الناس،
ويجعلهم في سكينة وطمأنينة أثناء تأديتهم مناسك الحج،
فلا عجلة ولا تزاحم ولا رفث ولا فسوق ولا جدال،
كل هذا للتخفيف ورفع المشقة، ونسعى الى عكس ذلك،
وننسى أو نتناسى ما أمرنا الله ورسوله به،
فالأمر يحتاج الى وقفة لمراجعة ما نقوم به،
نعم أعداد الحجاج كبيرة، والزحام شديد،
ويقطع الناس آلاف الأميال، ويعانون مشقة السفر،
كل ذلك يجعلنا نفكر فيما نفعل،
فلو كانت السكينة والهدوء في أداء المناسك، لاستراح الحاج وأراح،
وأبعد عن نفسه كل ما يعكر صفو حجه،
ولو استحضرنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم
في الحديث الشريف ما معناه
«من حج فلم يرفث ولم يفسق عاد من حجه كيوم ولدته أمه»




أي بشرى أعظم من ذلك؟
مَنْ منا لا يحب أن يتطهر من الخطايا والذنوب
التي نحملها على كاهلنا كالجبال الراسيات؟
اللهم إنا نسألك أن تجعل حجهم حجا مبرورا،
ونسألك أن تهون عليهم السفر،
ويكونوا ممن أردت لهم الخير،
وممن قبلت حجهم،
ولا تجعلهم ممن يرفثون أو يفسقون أو يجادلون.







رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15-07-2018, 06:27 PM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
مشرف عام الجغرافيا للمرحلة الثانوية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,966
معدل تقييم المستوى: 16
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي



افعل ولا حرج
وقفات تربوية من مدرسة الحج



فيما تغمر العالم الإسلامي فرحة أيام الحج ومناسكه
التي شرعها الله سبحانه وتعالى تطهيراً ورحمة لعباده،
تنطق الأقلام، وتسطر الحناجر، وقفات إيمانية وروحية وعلمية
وتربوية ، تنهل من مدرسة الحج نماذج وأفكار وعبر كثيرة.
فلا يوجد في الدين الإسلامي ركن أو نهج أو عمل،
إلا وكانت حكمة عظيمة وراءه، دبرها العزيز المنان،
ودروس لا تنتهي:
ومن هذه الوقفات التربوية التي كتبت الكثير من الأقلام عنها
دون أن تستطيع الإحاطة بأقل قليلها، أو تحديد معانيها ومرامها،
الدروس والعبر التي نتعلمها في مدرسة الحج،
وإن شئت فقل "جامعة الحج"،
فهي إشارات وإضاءات تبين روح الإسلام وعظمته.



لا حرج .. لا حرج
تيسيراً لا تعسيراً:

اليسر والسهولة ورفع المشقة سمة من سمات دين الإسلام،
وتظهر صور ذلك بينة في الحج،
ففي الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن عمرو بن العاص
رضي الله عنه عندما وقف النبي صلى الله عليه وسلم
في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه.
قال: ((فما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم
عن شيء قدّم ولا أخّر إلا قال: افعل ولا حرج))،


وكذلك الرخصة لذوي الأعذار
كما أذن النبي صلى الله عليه وسلم
للعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه
أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته،



والإذن للضعفة من النساء والصبيان بالإفاضة من مزدلفة ليلاً
ورمي جمرة العقبة قبل وقتها،

وغير ذلك من شواهد التيسير والبعد عن التعسير على الحجاج،
بل إن التخيير عند الأمر فيه من التيسير والتسهيل الشيء الكبير،
فأنت مخير في حجك بين التمتع والقران والإفراد،
ومخير بين الحلق والتقصير،
ثم أنت مخير في التعجل أو التأخر نهاية الحج،
ولا شك أن هذا درس عظيم لكل داعية ومربٍ ومعلم
وكل مسلم في اتباع التيسير والتخفيف لا التعسير والعنت
والمشقة على الآخرين عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم:
(( يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا)).



■ وقف رسول الله (ص) فى حجة الوداع بمنى،
فجاءه رجل فقال: لم أشعر حلقت قبل أن أ***..
فقال: ا*** ولا حرج..
وجاءه آخر فقال: لم أشعر نحرت قبل أن أرمى (أى الجمرات)..
فقال: ارمِ ولا حرج..
فما سُئل الرسول عن شىء قدم ولا أخر يومها
إلا قال: «افعل ولا حرج».


■ «افعل ولا حرج»
شعار عظيم يُعد مقصداً من مقاصد الشريعة..
وغاية من غاياتها العظمى.
ورمز لليسر والتيسير فى الإسلام..
إنه رمز للرفق بالناس وعدم التشديد عليهم
فى عباداتهم وفتاواهم وأحوالهم.

■ فهذا رسول الله أعظم الناس إيماناًً
لا يريد أن يشدّد على الناس فى تقديم بعض المناسك أو تأخيرها..
ويهتف بهتاف التيسير على رعيته «افعل ولا حرج»..
ولو اتخذ كل داعية وقائد ومفتٍ ومربٍّ من هذا
القول الجامع شعاراًً له ودثاراًً لصلاح أمر المسلمين.



■ اختاروا الأيسر لأنفسكم وأسركم وأبنائكم
وجماعاتكم ودولكم وشعبكم وأمتكم..
«فما خير رسول الله (ص) بين أمرين
إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً..
فإن كان إثماً كان أبعد الناس عنه»،

تدبروا هذا الحديث العظيم الصحيح
وتأملوا كلمة «إلا اختار أيسرهما»
كان يمكن أن يختار أشدهما أو أحوطهما أو أشقهما..
ولكنه اختار أيسرهما، شريطة ألا يكون فيه إثم أو مخالفة للشريعة.



■ افعل ولا حرج فى كل ما لم يأتِ به نص
وما دامت فيه مصلحة لك أو لأسرتك أو أمتك أو دولتك.

■ افعل ولا حرج ما دام بعيداً عن الإثم والمنكر..
فالأصل فى الأشياء الإباحة سوى العبادات، لأن الأصل فيها الحظر.

■ لو أدرك الحجاج معانى اليسر فى الشريعة
ما حدثت مشكلة واحدة فى الحج..
فهذه الفريضة العظيمة تجمع كل ال***يات والألوان والأعراق
ويجتمع فيها فى مكان واحد ضيّق قُرابة ستة ملايين مسلم،
منهم المرأة الطفل والقوى والضعيف والحليم والغضوب
ومن يفهم فى الإسلام ومن لا يعرف عنه شيئاً.



■ فكيف يعامل بعضهم بعضاً إلا كما كان يناديهم
الرسول صلى الله عليه وسلم «السكينة السكينة»..
وكيف لا يخاصم بعضهم بعضاً إلا إذا تركوا الجدال،
والتزموا قوله تعالى
«الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ
فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِى الْحَجِّ».


■ إن تزاحم الحجاج الذاهبون والعائدون من رمى الجمرات
يؤدى إلى وقوع كثير من الحجاج تحت الأقدام
وموت الكثير من الحجاج .. وكل ذلك نتج عن تمسك بعض الفقهاء
بفتوى قديمة تقول بعدم جواز رمى الجمرات ليلاً،
وأنها ترمى بعد الزوال (أى الظهر) وحتى المغرب،
وهذا وقت قصير، خصوصاً فى الشتاء،
ويتزاحم فيه ملايين الحجاج فى وقت ومكان واحد
فتضيق الصدور وتحدث الكوارث..
وساعتها فقط يتذكر الجميع فقه الأزهر المتجدد،
الذى يبيح رمى الجمرات ليلاً.
■ إن فتوى الرمى ليلاً قال بها كثير من السلف..
ولكن المشكلة كانت فينا نحن أننا نميل إلى التشديد
أو الأخذ بالأشق والأحوط رغم مخالفة ذلك
لهدى النبى العظيم صلى الله عليه وسلم
الذى كان يهتف دائماً «يسّروا ولا تعسروا».








رد مع اقتباس
  #7  
قديم 15-07-2018, 06:30 PM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
مشرف عام الجغرافيا للمرحلة الثانوية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,966
معدل تقييم المستوى: 16
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي




إتمام الحج بين (خذوا عني) و(افعل ولا حرج)




إِنَّ مِن شَعَائِرِ اللهِ الَّتي شَرَعَ تَعظِيمَهَا: حَجَّ بَيتِهِ الحَرَامِ
،
تِلكُمُ العِبَادَةُ العَظِيمَةُ وَالقُربَةُ الجَلِيلَةُ،
الَّتي يَجِبُ عَلَى مَن أَهَلَّ بها أَن يُتِمَّهَا،
سَوَاءً فَرضًا كَانَ حَجُّهُ أَم نَفلاً،
قَالَ - سُبحَانَهُ : ﴿ وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمرَةَ للهِ ﴾
وَإِنَّ مِن شَرطِ إِتمَامِ الحَجِّ بَعدَ إِخلاصِهِ للهِ - سُبحَانَهُ -
أَن يَكُونَ وِفقًا لِمَا جَاءَ بِهِ مَن أُمِرنَا بِاتِّباعِهِ وَالتَّأَسِّي بِهِ
حَيثُ قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُم))؛
إِذْ لا يُمكِنُ أَن يَتَبَيَّنَ مُرَادُ اللهِ مِنَ الأَمرِ بِإِتمَامِ الحَجِّ وَالعُمرَةِ إِلاَّ بِهَذَا،
وَمِن ثَمَّ فَقَد جَعَلَ العُلَمَاءُ الأَصلَ في المَنَاسِكِ التَّوقِيفَ وَالحَظرَ،
فَلا يَأتي الحَاجُّ بِشَيءٍ يَتَعَبَّدُ بِهِ إِلاَّ مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ
- عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فَعَلَهُ،
وَلا يَترُكُ شَيئًا مِمَّا أُمِرَ بِهِ تَرَخُّصًا إِلاَّ مَا ثَبَتَ أَنَّهُ رَخَّصَ فِيهِ،
يُقَالُ ذَلِكَ في كُلِّ فِعلٍ مِن أَفعَالِ الحَجِّ، مِن جِهَةِ ابتِدَائِهِ وَانتِهَائِهِ،
وَمِن جِهَةِ كَيفِيَّتِهِ وَصِفَتِهِ، وَمِن جِهَةِ عَدَدِهِ وَمَا يَجِبُ فِيهِ.



ولعل الشعار الأكبر الذي يُرْفع في موسم الحج هو:
"خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ"،

النسائي (4016)، والبيهقي: السنن الكبرى، (9307)
وإسناده صحيح
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.



فكثير من المناسك لا نعلم الحكمة من ورائها، إنما هي توقيفيَّة؛
بمعنى أنه لا اجتهاد فيها، إنما نفعلها فقط تقليدًا
لرسول الله صلى الله عليه وسلم، واتباعًا لسُنَّته،
وهذا هو أحد المقاصد الكبرى للحج أو العمرة،
فنحن نتعلَّم فيهما كيف نتَّبع رسول الله صلى الله عليه وسلم،
دون جدل أو نقاش؛ وذلك كما يقول الله عز وجل:
{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا
فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}

[النساء: 65].


فهذه التربية أحد أهمِّ مقاصد الحج أو العمرة؛
ومن ثَمَّ وجب علينا أن نحرص على معرفة
سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المناسك؛
حتى يتحقَّق هذا المقصود.

ولقد وضحت هذه الرؤية تمامًا لنا من موقفين
رأيناهما من الفاروق عمر -رضي الله عنه-
يكشف لنا أهمية الاتباع في هذه المناسك؛



الموقف الأول
فقد روى البخاري عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
أنه عندما استلم الحجر الأسود قال:
"أَمَا وَاللهِ! إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ
وَلَوْلاَ أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ"

البخاري (1528)، ومسلم (1270).
فهو هنا يكشف لنا عن نيته الواضحة في استلام الحجر،
وهي اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم،
حتى وإن لم يظهر له معنى معين، أو غاية محدَّدة.



والموقف الثاني
عندما ناقش مع نفسه مسألة "الرمل" في الأشواط الثلاثة الأولى
من طواف القدوم، فهذا الرمل -وهو الجري بخطوات متقاربة
وكأنها الخطوات العسكرية- قد أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم
المسلمين في عمرة القضاء؛ ليُثبت للمشركين الذين كانوا يحكمون
مكة آنذاك أن المسلمين ليس بهم مرض ولا وهن،
وكانت هناك إشاعة قد سرت في مكة؛ أن الضعف قد أصاب
المسلمين من جوِّ المدينة، فكان هذا هو الهدف من الرمل.
فرأى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في زمان إمارته
أن الهدف الذي من أجله أُمروا بالرمل قد انتهى،
وصارت مكة إسلاميَّة؛ ومن ثَمَّ فيمكن تركه،
فقال:
"فَمَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ؛ إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ المُشْرِكِينَ، وَقَدْ أَهْلَكَهُمُ اللهُ".
ولكنه عاد إلى أصل الاتباع وقال في خضوع:
"شَيْءٌ صَنَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلاَ نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ"
البخاري (1528).



ويبرز لنا هكذا أن رحلة الحج أو العمرة ينبغي أن تكون
متوافقة مع سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛
حتى تكون رحلة مقبولة بإذن الله.
ولكن هنا يبرز سؤال في غاية الأهمية،
وهو ماذا نعني بسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!



يُخطئ كثير من الناس عندما يظنون
أن سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم
مقصورة على الأعمال التي قام بها
هو صلى الله عليه وسلم في حجته العظيمة
من العام العاشر من الهجرة؛
لأن الواقع أن مفهوم السُّنَّة أوسع من ذلك!



فالسُّنَّة كما يقول علماء الأصول:
هي كل قول أو فعل أو تقرير للرسول صلى الله عليه وسلم
فهي بذلك أشياء متعددة؛
(ابن عثيمين: مصطلح الحديث ص5 )



* فالرسول فعل شيئًا ما في حجه أو عمرته فصار هذا سُنَّة،
* وقال شيئًا آخر وإن لم يفعله، فصار هذا سُنَّة كذلك،
* ورأى بعضَ الصحابة يفعلون أمرًا فأقرَّهم عليه؛
فصار هذا سُنَّة -أيضًا- مع أنه لم يقله ولم يفعله.
* بل لا يُشترط أن يكون الإقرار بالتأييد أو الترحيب،
إنما يكفي السكوت؛ لأنه لن يسكت على باطل صلى الله عليه وسلم؛
ومن ثَمَّ لو سكت صار هذا بمنزلة الرضا منه،
ومن هنا صار سُنَّة كذلك.



ومن هنا فقد تتعدَّد صور السُّنَّة في المنسك الواحد،
وكل هذه الصور محمودة، وكلها نُؤجر عليها،
ولا مجال هنا للتلاوم بين الناس على فعل أمر دون أمر آخر،
فكل هذا داخل في إطار السُّنَّة.



* فعلى سبيل المثال،
قام رسول الله صلى الله عليه وسلم
بأفعال معينة يوم النحر مُرَتَّبة بترتيب خاصٍّ؛
فقد رمى ثم نحر ثم حلق ثم طاف طواف الإفاضة؛
فهذا فعله صلى الله عليه وسلم،
لكنه "قال" في الوقت نفسه لمَنْ عكس الترتيب:
"افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ"
البخاري (124)، ومسلم (1306)


فصار عكس الترتيب بهذا صورة من صور السُّنَّة،
وليس كما يظنُّ البعض صورة من صور
مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم،
وهو بذلك فعلٌ محمودٌ يُثاب عليه المرء،
ولا ينبغي أن ينظر إليه أحدٌ على أنه تنازل عن السُّنَّة،
فيُسمح به ولكنه غير مأجور،
فالواقع أنه صار بإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم
من صميم السُّنَّة.



* ومثال آخر لتوضيح الصورة..
فقد بات رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة النحر
في المزدلفة حتى الصبح، ثم صلَّى الصبح،
ومكث عند المشعر الحرام يدعو حتى أسفر النهار جدًّا،
فانطلق إلى منى ليرمي الجمار،
لكنه في الوقت نفسه سمح لضعفة المسلمين
بالمغادرة بعد نصف الليل إلى الرمي،
فصارت المغادرة لهؤلاء الضعفة، ولمَنْ يرعى أمورهم،
ولصحبتهم التي لا تستطيع مفارقتهم،
صارت هذه المغادرة (سُنّة) عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أنه لم يفعلها،
وصار المغادرون مأجورين على هذه المغادرة؛
لأنها حققت مصلحة معينة أقرَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم.


ولو أدركنا هذه المعاني لقلَّت -إلى حدٍّ كبير-
الجدالات والمناظرات التي تقوم بين الحجاج
للوصول إلى أفضل الأعمال،
وقد ينتج عن هذه المناظرات خصومة وشقاق،
بينما الجميع في إطار السُّنَّة وهم لا يُدركون!




ولعلَّ أحد السائلين يتعجَّب من وجود
صور مختلفة للسُّنَّة في المنسك الواحد،
ولكن حقيقة الأمر أن هذا لون من ألوان الرحمة
في التشريع الإسلامي،
فهذا يجعل المنسك ميسَّرًا على كل الطاقات، وفي كل الظروف؛
فهذا يُناسبه أمر، وآخر يناسبه أمر غيره،
وهذه السعة والمرونة من أبرز مظاهر الرحمة في الشريعة
الإسلامية، كما أن هذا يُؤَدِّي إلى سهولة في استيعاب الأعداد
الهائلة في موسم الحج والعمرة.



ولك أن تتخيَّل أن الملايين التي تحج
سارت في حجِّها ككتلة واحدة في زمن واحد، في مكان واحد!
فإن هذا -لا شكَّ- سيقود إلى مهالك وكوارث،
لكن الله عز وجل ألقى في قلوب البعض أن يذهبوا إلى الرمي
في الوقت الذي ينحر فيه آخرون، ويحلق فريق ثالث،
بينما يذهب فريق رابع إلى الإفاضة والسعي..
وهكذا يحدث التقسيم الذي يُؤَدِّي إلى سلاسة الحجِّ،
وكل هؤلاء متوافقون مع السُّنَّة غير مفرطين،
وكلهم مأجور بإذن الله.
فما أروع هذا الدين! وما أرقى هذه الشريعة!




رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:03 PM.