|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
أعظم إنسان عرفته البشرية.........
ذلكمرسول الله؛ صاحب الحوض المورود، واللواء المعقود، والمقام المحمود، صاحب الغرّةوالتحجيل، المذكور في التوراة والإنجيل، المؤيّد بجبريل، خير الخلق في طفولته،وأطهر المطهرين في شبابه، وأنجب البشرية في كهولته، وأزهد الناس في حياته، وأعدلالقضاة في قضائه، وأشجع قائد في جهاده؛ اختصه الله بكل خلق نبيل؛ وطهره من كل دنسوحفظه من كل زلل، وأدبه فأحسن تأديبه وجعله على خلق عظيم؛ فلا يدانيه أحد في كمالهوعظمته وصدقه وأمانته وزهده وعفته. اعترف كل من عرفه حقالمعرفة بعلو نفسه وصفاء طبعه وطهارة قلبه ونبل خلقه ورجاحة عقله وتفوق ذكائه وحضوربديهته وثبات عزيمته ولين جانبه. بلاعترف بذلك المنصفون من غير المسلمين؛ ومن هؤلاء: يقول المستشرق الأمريكي (واشنجتون إيرفنج): «كان محمد خاتم النبيين وأعظمالرسل الذين بعثهم الله تعالى ليدعوا الناس إلى عبادة الله». ويقول : البروفيسور يوشيودي كوزان ـمدير مرصد طوكيو: (أعظم حدث في حياتي هو أنني درست حياة رسول الله محمد دراسةوافية، وأدركت ما فيها من عظمة وخلود). ويقول عالماللاهوت السويسري د.هانز كونج : (ـ بحثت في التاريخ عن مثلأعلىلهذا الإنسان، فوجدته في النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم). ويقول توماس كارليل: (قرأت حياة رسولالإسلام جيدًا مراتومرات، فلم أجد فيها إلا الخُلُق كما ينبغي أن يكون، وكم ذاتمنيت أن يكون الإسلام هو سبيل العالم). ويقولالمستشرق الفرنسي أميل ردمنغم: "... كان محمد صلى الله عليه وسلم أنموذجًا للحياةالإنسانية بسيرته وصدق إيمانه ورسوخ عقيدته القويمة، بل مثالاً كاملاً للأمانةوالاستقامة وإن تضحياته في سبيل بث رسالته الإلهية خير دليل على سمو ذاته ونبلمقصده وعظمة شخصيته وقدسية نبوته". ويقول المستشرق الإسباني (جانليك): (أيّ رجل أدرك من العظمةالإنسانية مثلما أدرك محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وأيُّ إنسان بلغ منمراتب الكمالمثل ما بلغ، لقد هدم الرسول المعتقدات الباطلةالتي تتخذ واسطة بين الخالق والمخلوق". أما (وليام موير) المؤرخ الإنجليزي فيقول في كتابه (حياة محمد): "لقد امتاز محمد عليه السلام بوضوحكلامه، ويسر دينه، وقد أتم من الأعمال ما يدهش العقول، ولم يعهد التاريخ مصلحًاأيقظ النفوس وأحيى الأخلاق ورفع شأن الفضيلة في زمن قصير كما فعل نبي الإسلاممحمد". هذه مقتطفات من مواقف فلاسفة ومستشرقين أوروبيينوغربيين في حق المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم النبي الخاتم، أردنا منها إثبات أنأبناء الحضارة الغربية يقرون بدور الإسلام في بنائها وتشييد صروحها، وبنبوة محمدصلى الله عليه وسلم وصفاته الحميدة وفضله المتصل إلى يوم القيامة على البشرية فيجميع أقطار المعمور، ذلك أن التعصب الأوروبي المسيحي لم يكن خطًا صاعدًا باستمرار،وإنما وجد هناك منصفون أكدوا الحقيقة بلا لف أو دوران، ولكن الثقافة الغربيةالسائدة والمتشبعة بقيم التعصب والعناد والتمركز الحضاري حول الذات سعت إلى حجب هذهالحقائق وإخفاء هذه الأصوات حتى لا يتمكن الشخص الأوروبي العادي من الإطلاع على ماأتبثه أبناء جلدته من الكبار في حق الإسلام ونبيه ورسالته العالمية الخالدة، وذلككله بهدف تحقيق غرضين، الأول إبعاد الأوروبيين المسيحيين عن الإسلام الذي دلل علىقدرته على التغلغل في النفوس وملامسة صوت الفطرة في الإنسان، فهو يخيف الغربالمتوجس من تراجع عدد معتنقي المسيحية في العالم ,برغم ما ينفقه من الأموال والوقتلتنصير الشعوب، والغرض الثاني ضمان استمرار الصراع بين الغرب والإسلام والقطيعةبينهما لمصلحة الصهيونية والماسونية التي تعتبر نفسها المتضرر الأول والرئيس من أيتقارب أو حوار بين الإسلام والغرب. وفي هذه الورقاتاليسيرات نكشف جانباً من جوانب عظمته, وأخلاقه الكريمة وخصاله الشريفة لعل اللهيهدي بها أقواماً علم منهم الإنصاف إلى الحق، ولعله يرعوي أقوام آخرون ممن تابع عنجهل وتعصب أعمى تلك الحملة الظالمة والتشويه الكاذب لسيرة أعظم إنسان عرفتهالبشرية. أخلاق أعظمإنسان: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناسخُلقاً وأكرمهم وأتقاهم، وقد شهد له بذلك ربه جل وعلا وكفى بها فضلا؛ قال تعالىمادحاً وواصفاً خُلق نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم:((وَإِنّكَلَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ )) [القلم 4]. يقول خادمهأنس بن مالك رضي الله عنه:" كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسنالناس خلقًا" - رواه البخاري ومسلم. وتقول زوجهصفية بنت حيي رضي الله عنها: "ما رأيت أحسن خلقًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم " - رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن. وقالت عائشة لماسئلت رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: (كانخلقه القرآن) صحيح مسلم. فهذه الكلمة العظيمة منعائشة رضي الله عنها ترشدنا إلى أن أخلاقه صلى الله عليه وسلم هي اتباع القرآن، وهيالاستقامة على ما في القرآن من أوامر ونواهي، وهي التخلق بالأخلاق التي مدحهاالقرآن العظيم وأثنى على أهلها والبعد عن كل خلق ذمه القرآن. قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: ومعنى هذا أنه صلى الله عليه وسلم صارامتثال القرآن أمراً ونهياً سجيةً له وخلقاً.... فمهما أمره القرآن فعله ومهما نهاهعنه تركه، هذا ما جبله الله عليه من الخُلق العظيم من الحياء والكرم والشجاعةوالصفح والحلم وكل خُلقٍ جميل.ا.هـ وقد جاءت صفاته وخصالهالكريمة صلى الله عليه وسلم في كتب أهل الكتاب نفسها قبل تحريفها ؛ فعن عطاء رضيالله عنه قال: قلت لعبد الله بن عمرو أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلمفي التوراة، قال: أجل والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراًوَنَذِيراً وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، لا فظ ولا غليظ ولاصخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيمبه الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينًا عميًا وآذانًاصمًا وقلوبًا غلفًا- رواه البخاري. أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله : كان صلى الله عليه وسلم خير الناس وخيرهم لأهله وخيرهم لأمته من طيب كلامهوحُسن معاشرة زوجته بالإكرام والاحترام، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ))رواه الترمذي. وكان من كريم أخلاقه صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أهلهوزوجه أنه كان يُحسن إليهم ويرأف بهم ويتلطّف إليهم ويتودّد إليهم، فكان يمازح أهلهويلاطفهم ويداعبهم، وكان من شأنه صلى الله عليه وسلم أن يرقّق اسم عائشة ـ رضي اللهعنها ـ كأن يقول لها: (يا عائش )،ويقول لها: (يا حميراء)ويُكرمها بأن يناديها باسم أبيها بأن يقول لها: (ياابنة الصديق)وما ذلك إلا تودداً وتقرباً وتلطفاًإليها واحتراماً وتقديراً لأهلها. و كان صلى الله عليهوسلم يعين أهله ويساعدهم في أمورهم ويكون في حاجتهم، وكانت عائشة تغتسل معه صلىالله عليه وسلم من إناءٍ واحد، فيقول لها: (دعي لي)،وتقولله: دع لي. رواه مسلم وكان يُسَرِّبُ إلى عائشة بناتِالأنصار يلعبن معها. وكان إذا هويت شيئاً لا محذورَ فيه تابعها عليه، وكانت إذاشربت من الإِناء أخذه، فوضع فمه في موضع فمها وشرب، وكان إذا تعرقت عَرقاً - وهوالعَظْمُ الذي عليه لحم - أخذه فوضع فمه موضع فمها، وكان يتكئ في حَجْرِها، ويقرأالقرآن ورأسه في حَجرِها، وربما كانت حائضاً، وكان يأمرها وهي حائض فَتَتَّزِرُ ثميُباشرها، وكان يقبلها وهو صائم، وكان من لطفه وحسن خُلُقه مع أهله أنه يمكِّنها مناللعب. (عن الأسود قال :سألت عائشةما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قال : كان يكون في مهنة أهله، فإذاحضرت الصلاة يتوضأ ويخرج إلى الصلاة)رواه مسلم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يخيط ثوبه ويخصف نعلهويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم - رواه أحمد. وعن عائشةرضي الله عنها قالت"خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعضأسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس : اقدموا فتقدموا، ثم قاللي : تعالي حتى أسابقك فسبقته، فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت خرجت معه في بعضأسفاره، فقال للناس: تقدموا فتقدموا، ثم قال لي : تعالي أسابقك فسبقني، فجعل يضحكوهو يقول هذا بتلك"رواه أحمد. بل إنه صلى اللهعليه وسلم وضع ركبته لتضع عليها زوجه صفية رضي الله عنها رجلها حتى تركب علىبعيرها. رواه البخاري. ومن دلائل شدة احترامه وحبه ووفائهلزوجته خديجة رضي الله عنها، إن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها (صديقاتها)،وذلك بعد مماتها وقد أقرت عائشة رضي الله عنها بأنها كانت تغير من هذا المسلك منه - رواه البخاري. عدل النبي صلى اللهعليه وسلم: كان عدله صلى الله عليه وسلم وإقامتهشرع الله تعالى مع القريب والبعيد والعدو والصديق والمؤمن والكافر مضرب المثل ؛ كيفلا وهو رسوله صلى الله عليه وسلم، والمبلغ عن ربه ومولاه؟!! فكان صلى الله عليه وسلم يعدل بين نسائه ويتحمل ما قد يقع من بعضهن من غيرةكما كانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ غيورة. فعن أم سلمة ـرضي الله عنها أنها ـ أتت بطعامٍ في صحفةٍ لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلموأصحابه، فجاءت عائشة... ومعها فِهرٌ ففلقت به الصحفة، فجمع النبي صلى الله عليهوسلم بين فلقتي الصحفة وهو يقول: (كلوا، غارت أُمكم ـ مرتين ـ )ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صحفة عائشة فبعث بها إلى أُم سلمةوأعطى صحفة أُم سلمة عائشة. رواه النسائي وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم في قصة المرأة المخزومية التي سرقت: (والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد, لقطعتيدها). أخلاق النبي صلى اللهعليه وسلم مع الأطفال والصبيان: عن أنس رضي الله عنهقال كان صلى الله عليه وسلم يمر بالصبيان فيسلم عليهم - رواه البخاري ومسلم. و كان صلى الله عليه وسلم يسمع بكاء الصبي فيسرع في الصلاةمخافة أن تفتتن أمه. وكان صلى الله عليه وسلم يحمل ابنةابنته وهو يصلي بالناس إذا قام حملها وإذا سجد وضعها وجاء الحسن والحسين وهما ابنابنته وهو يخطب الناس فجعلا يمشيان ويعثران فنزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبرفحملهما حتى ووضعهما بين يديه ثم قال صدق الله ورسوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّاللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (لأنفال:28) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيانفيعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما. و كان صلى اللهعليه وسلم إذا مر بالصبيان سلم عليهم وهم صغار وكان يحمل ابنته أمامه وكان يحملابنة ابنته أمامة بنت زينب بنت محمد صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالناس وكان ينزلمن الخطبة ليحمل الحسن والحسين ويضعهما بين يديه. أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مع الخدم والضعفاءوالمساكين: عن أنس رضي الله عنه قال" خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال أف قط، ولا قاللشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا" - رواه البخاري ومسلم. و عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلمخادمًا له ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئًا قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله. رواهالبخاري ومسلم. و عن عائشة رضي الله عنها قالت"ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بينأمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه وماانتقم صلى الله عليه وسلم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم". وعن ابن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلمكان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين والعبد حتى يقضي له حاجته. رواه النسائي والحاكم. رحمة النبي صلىالله عليه وسلم: قال تعالى: (وَمَاأَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107) وقال تعالى: ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَاللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْحَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ..) (آل عمران:159) وعندما قيل له ادع على المشركين قال صلى الله عليهوسلم:"إني لم أبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة" - رواه مسلم. و كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم من وليَ من أمرِ أمتي شيئاً، فشقَّ عليهم، فاشقُق عليه، و من وليمن أمر أمتي شيئاً، فرفق بهم، فارفق به) وقال صلىالله عليه وسلم في فضل الرحمة: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموامن في الأرض يرحمكم من في السماء)رواه الترمذي وصححه الألباني . وقال صلى الله عليه وسلم في أهل الجنة الذين أخبر عنهمبقوله: (أهل الجنة ثلاثة - وذكر منهم- : ورجل رحيم رقيق القلب لكلذي قربى ومسلم ) رواه مسلم. عفو النبي صلى الله عليه وسلم: عن أنسرضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليهوسلم من أحسن الناس خلقًا، فأرسلني يومًا لحاجة، فقلت له والله لا أذهب وفي نفسي أنأذهب لما أمرني به صلى الله عليه وسلم، فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون فيالسوق، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحكفقال يا أنس أذهبت حيث أمرتك؟ قلت نعم، أنا أذهب يا رسول الله – فذهبت"رواهمسلم. و عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: بينما نحن فيالمسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقالأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَه مَه، قال: قال رسول الله صلى الله عليهوسلم: (لا تزرموه، دعوه)، فتركوه حتى بال، ثم إن رسول اللهصلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: (إن هذه المساجد لا تصلح لشيءمن هذا البول، ولا القذر، إنما هي لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن)قال: فأمر رجلاً من القوم فجاء بدلو من ماء فشنّه عليه. رواه مسلم. تواضعه صلى الله عليه وسلم: كان صلى الله عليه وسلم سيد المتواضعين، يتخلق ويتمثل بقوله تعالى: (( تِلْكَ الدّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلّذِينَ لاَ يُرِيدُونَعُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِينَ)) [ القصص 83 ]. وكان صلى الله عليه وسلم يجيب دعوة الحروالعبد والغني والفقير ويعود المرضى في أقصى المدينة ويقبل عذر المعتذر. يتواضع للمؤمنين، يقف مع العجوز ويزور المريض ويعطف علىالمسكين، ويصل البائس ويواسي المستضعفين ويداعب الأطفال ويمازح الأهل ويكلم الأمة،ويواكل الناس ويجلس على التراب وينام على الثرى، ويفترش الرمل ويتوسّد الحصير، ولمارآه رجل ارتجف من هيبته فقال صلى الله عليه وسلم: "هوّن عليك،فإني ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة"رواه ابن ماجه. وكان صلى الله عليه وسلم يكره المدح، وينهى عن إطرائه ويقول: " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، فإنما أنا عبد اللهورسوله، فقولوا عبد الله ورسوله" أخرجه البخاري . فكان أبعد الناس عن الكبر، كيف لا وهو الذي يقول صلى الله عليه وسلم: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبدٌ فقولوا عبد اللهورسوله)رواه البخاري. كيف لا وهو الذي كان يقولصلى الله عليه وسلم: (آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلسالعبد)رواه أبو يعلى وحسنه الألباني. كيف لا وهوالقائل بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم: (لو أُهدي إليَّ كراعٌلقبلتُ ولو دُعيت عليه لأجبت)رواه الترمذي وصححه الألباني. ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه كان يجيب الدعوة ولوإلى خبز الشعير ويقبل الهدية. عن أنس رضي الله عنه قال كانصلى الله عليه وسلم يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السنخة فيجيب - رواه الترمذي فيالشمائل. والإهالة السنخة: أي الدهن الجامد المتغير الريحمن طوال المكث. مجلسه صلى الله عليهوسلم: كان صلى الله عليه وسلم يجلِس على الأرض، وعلىالحصير، والبِساط. عن أنس رضي الله عنه قال "كان النبي صلىالله عليه وسلم إذا استقبله الرجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزعيده، ولا يصرف وجهه من وجهه حتى يكون الرجل هو يصرفه، ولم ير مقدمًا ركبتيه بين يديجليس له" - رواه أبو داود والترمذي بلفظه. وعن أبي أمامةالباهلي قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئًا على عصا، فقمنا إليه،فقال لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضًا- رواهأبو داود وإسناده حسن. زهده صلى اللهعليه وسلم: كان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس فيالدنيا وأرغبهم في الآخرة، خيره الله تعالى بين أن يكون ملكًا نبيًا أو يكون عبدًانبيًا فاختار أن يكون عبدًا نبيًا. فكان صلى الله عليهوسلم ينامُ على الفراش تارة، وعلى النِّطع تارة، وعلى الحصير تارة، وعلى الأرضتارة، وعلى السرير تارة بين رِمَالهِ، وتارة على كِساء أسود. وكان بيته من طين، متقارب الأطراف، داني السقف، وقد رهن درعه في ثلاثينصاعًا من شعير عند يهودي، وربما لبس إزارًا ورداء فحسب، وما أكل على خوانقط. قال أنس بن مالك رضي الله عنه: (دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على سرير مزمولبالشريط وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، ودخل عمر وناس من الصحابة فانحرف النبيصلى الله عليه وسلم فرأى عمر أثر الشريط في جنبه فبكى فقال النبي صلى الله عليهوسلم: ما يبكيك يا عمر قال: ومالي لا أبكي وكسرى وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه منالدنيا وأنت على الحال الذي أرى فقال يا عمر: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولناالآخرة قال: بلى قال: هو كذلك) وكان من زهده صلىالله عليه وسلم وقلة ما بيده أن النار لا توقد في بيته في الثلاثة أهلة في شهرين . فعن عروة رضي الله عنه قال: عن عائشة ـ رضي الله عنها ـأنها كانت تقول: والله يا ابن أختي كنا لننظر إلى الهلال ثم الهـلال ثـلاثة أهله فيشهرين ما أوقـد في أبيـات رسـول الله صلى الله عليه وسلم نار، قلت: يا خالة فما كانعيشكم؟ قالت: الأسودان ـ التمر والماء ـ) رواه البخاري ومسلم. وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليهوسلم يبيت الليالي المتتابعة طاوياً وأهله لا يجدون عشاءً، وكان أكثر خبزهمالشعير)رواه الترمذي وحسنه الألباني. عبادته صلى الله عليه وسلم: كان صلى اللهعليه وسلم أعبد الناس، و من كريم أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه كان عبداً للهشكوراً؛ فإن من تمام كريم الأخلاق هو التأدب مع الله رب العالمين وذلك بأن يعرفالعبد حقّ ربه سبحانه وتعالى عليه فيسعى لتأدية ما أوجب الله عز وجل عليه منالفرائض ثم يتمم ذلك بما يسّر الله تعالى له من النوافل، وكلما بلغ العبد درجةًمرتفعةً عاليةً في العلم والفضل والتقى عرف حق الله تعالى عليه فسارع إلى تأديتهوالتقرب إليه عز وجل بالنوافل. فقد قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم عن رب العالمين في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه إن الله تعالى قال: (... وما يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببتهكنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها،وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه...)رواه البخاري. فقد كان صلى الله عليه وسلم يعرف حق ربه عز وجل عليه وهوالذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر على الرغم من ذلك كان يقوم الليل حتىتتفطر قدماه ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ ويسجد فيدعو ويسبح ويدعو ويثني على اللهتبارك وتعالى ويخشع لله عز وجل حتى يُسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل. فعن عبد الله بن الشخير ـ رضي الله عنه ـ قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيزٌ كأزيز المرجلمن البكاء) رواه أبو داود وصححه الألباني. وعنعائشة ـ رضي الله عنها ـ: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتىتتفطر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم منذنبك وما تأخر؟ قال: (أفلا أكون عبداً شكوراً)رواهالبخاري. ومن تخلقه صلى الله عليه وسلم بأخلاق القرآنوآدابه تنفيذاً لأمر ربه عز وجل أنه كان يحب ذكر الله ويأمر به ويحث عليه، قال صلىالله عليه وسلم: (لأن أقول سبحانه الله والحمد لله ولا إله إلاالله والله أكبر أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس)رواه مسلم. و كان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس دعاءً، وكان من أكثردعاء النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: (اللهم ربنا آتنا فيالدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)رواه البخاري ومسلم . وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنه كان أكثر دعاء النبي صلىالله عليه وسلم قبل موته: (اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومنشر ما لم أعمل)رواه النسائي وصححه الألباني. دعوته صلى الله عليه وسلم: شملت دعوته عليه الصلاة والسلام جميع الخلق، فكان صلى الله عليه وسلم أكثررسل الله دعوة وبلاغـًا وجهادًا، لذا كان أكثرهم إيذاءً وابتلاءً، منذ بزوغ فجردعوته إلى أن لحق بربه جل وعلا . وكانتدعوته صلى الله عليه وسلم على مراتب: المرتبة الأولى:النبوة.الثانية:إنذار عشيرته الأقربين.الثالثة:إنذار قومه.الرابعة:إنذار قومٍ ما أتاهم من نذير من قبله وهم العرب قاطبة.الخامسة:إنذارُ جميع مَنْ بلغته دعوته من الجن والإِنس إلىآخر الدّهر. وقد قال الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليهوسلم: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَىاللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَامِنَ الْمُشْرِكِينَ). وكانت دعوته صلى الله عليهوسلم كلها رحمة وشفقة وإحساناً وحرصاً على جمع القلوب وهداية الناس جميعاً معالترفق بمن يخطئ أو يخالف الحق والإحسان إليه وتعليمه بأحسن أسلوب وألطف عبارةوأحسن إشارة، متمثلاً قول الله عز وجل: (( ادْعُ إِلِىَ سَبِيــلِرَبّــكَ بِالْحِكْـمَةِ وَالْمَـوْعِظَـةِ الْحَسَنَـةِ وَجَادِلْهُم بِالّتِيهِيَ أَحْسَنُ ... )) [ النحل:12] . ومن ذلك لماجاءه الفتى يستأذنه في الزنى. فعن أبي أُمامة ـ رضي اللهعنه ـ قال: إن فتىً شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذنلي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه فقال له: (ادنه)، فدنا منه قريباً، قال: (أتحبّه لأمّك؟) قال: لا والله، جعلنيالله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لأمهاتهم) قال: (أفتحبه لابنتك؟) قال: لا واللهيا رسول الله، جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لبناتهم) قال: (أفتحبه لأختك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونهلأخواتهم). قال: (أفتحبه لعمتك؟) قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناسجميعاً يحبونه لعماتهم). قال: (أفتحبه لخالتك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لخالاتهم) قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم اغفرذنبه، وطهر قلبه، وحصّن فرجه) فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. رواهأحمد. كرم النبي صلى الله عليه وسلموجوده: كان صلى الله عليه وسلم أكرم الناس وأجودالناس لم يمنع يوماً أحداً شيئاً سأله إياه، يعطي عطاء من لا يخشى الفقر؛ فهو سيدالأجواد على الإطلاق، أعطى غنمًا بين جبلين، وأعطى كل رئيس قبيلة من العرب مائةناقة، ومن كرمه صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل يطلب البردة التي هي عليه فأعطاهإياها صلى الله عليه وسلم وكان لا يردّ طالب حاجة، قد وسع الناس برّه، طعامهمبذول،وكفه مدرار، وصدره واسع، وخلقه سهل، ووجه بسّام. وجاءته الكنوز من الذهب والفضة وأنفقها في مجلس واحد ولم يدّخر منها درهمًاولا دينارًا ولا قطعة، فكان أسعد بالعطية يعطيها من السائل، وكان يأمر بالإنفاقوالكرم والبذل، ويدعو للجود والسخاء، ويذمّ البخل والإمساك صلى الله عليهوسلم. بل كان ينفق مع العدم ويعطي مع الفقر، يجمعالغنائم و يوزعها في ساعة، ولا يأخذ منها شيئًا، مائدته صلى الله عليه وسلم معروضةلكل قادم، وبيته قبلة لكل وافد، يضيف وينفق ويعطي الجائع بأكله، ويؤثر المحتاج بذاتيده، ويصل القريب بما يملك، ويواسي المحتاج بما عنده، ويقدّم الغريب على نفسه، فكانصلى الله عليه وسلم آية في الجود والكرم، ويجود جود من هانت عليه نفسه وماله وكل مايملك في سبيل ربه ومولاه، فهو أندى العالمين كفًا، وأسخاهم يدًا، غمر أصحابهوأحبابه وأتباعه، بل حتى أعداءه ببرّه وإحسانه وجوده وكرمه وتفضله، أكل اليهود علىمائدته، وجلس الأعراب على طعامه، وحفّ المنافقون بسفرته، ولم يُحفظ عنه صلى اللهعليه وسلم أنه تبرّم بضيف أو تضجّر من سائل أو تضايق من طالب، بل جرّ أعرابي بردهحتى أثّر في عنقه وقال له: أعطني من مال الله الذي عندك، لا من مال أبيك وأمّك،فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم وضحك وأعطاه. شجاعته صلى الله عليه وسلم وجهاده: كانصلى الله عليه وسلم أشجع الناس وأثبتهم قلبًا، لا يبلغ مبلغه في ثبات الجأش وقوةالقلب مخلوق، فهو الشجاع الفريد الذي كملت فيه صفات الشجاعة وتمّت فيه سجاياالإقدام وقوة البأس، وهو القائل: " والذي نفسي بيده لوددت أننيأقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل"أخرجه البخاري. لا يخاف التهديد والوعيد، ولا ترهبه المواقف والأزمات، ولا تهزه الحوادثوالملمّات، فوّض أمره لربه وتوكل عليه وأناب إليه، ورضي بحكمه واكتفى بنصره ووثقبوعده، فكان صلى الله عليه وسلم يخوض المعارك بنفسه ويباشر القتال بشخصه الكريم،يعرّض روحه للمنايا ويقدّم نفسه للموت، غير هائب ولا خائف، ولم يفرّ من معركة قط،وما تراجع خطوة واحدة ساعة يحمي الوطيس وتقوم الحرب على ساق وتشرع السيوف وتمتشقالرماح وتهوي الرؤوس ويدور كأس المنايا على النفوس، فهو في تلك اللحظة أقرب أصحابهمن الخطر، يحتمون أحيانًا به وهو صامد مجاهد، لا يكترث بالعدوّ ولو كثر عدده، ولايأبه بالخصم ولو قوي بأسه، بل كان يعدل الصفوف ويشجع المقاتلين ويتقدمالكتائب. وقد فرّ الناس يوم حنينن وما ثبت إلا هو صلى اللهعليه وسلم وستة من أصحابه، وكان صدره بارزًا للسيوف والرماح، يصرع الأبطال بين يديهويذبح الكماة أمام ناظريه وهو باسم المحيا، طلق الوجه، ساكن النفس. وقد شُجّ عليه الصلاة والسلام في وجهه وكسرت رباعيته، وقتل سبعون من أصحابه،فما وهن ولا ضعف ولا خار، بل كان أمضى من السيف. وبرز يوم بدر وقاد المعركة بنفسه،وخاض غمار الموت بروحه الشريفة. وكان أول من يهبّ عند سماع المنادي، بل هو الذي سنّالجهاد وحثّ وأمر به. وتكالبت عليه الأحزاب يوم الخندق منكل مكان، وضاق الأمر وحلّ الكرب، وبلغت القلوب الحناجر، وزلزل المؤمنون زلزالاشديدًا، فقام صلى الله عليه وسلم يصلي ويدعو ويستغيث مولاه حتى نصره ربّه وردّ كيدعدوّه وأخزى خصومه وأرسل عليهم ريحا وجنودًا وباؤوا بالخسرانوالهوان. صدق النبي الكريم صلى اللهعليه وسلم: بل هو الذي جاء بالصدق من عند ربه،فكلامه صدق وسنّته صدق، ورضاه صدق وغضبه صدق، ومدخله صدق ومخرجه صدق، وضحكه صدقوبكاؤه صدق، ويقظته صدق ومنامه صدق، و كلامه صلى الله عليه وسلم كله حق وصدق وعدل،لم يعرف الكذب في حياته جادًّا أو مازحًا، بل حرّم الكذب وذمّ أهله ونهى عنه، وكلقوله وعمله وحاله صلى الله عليه وسلم مبني على الصدق، فهو صادق في سلمه وحربه،ورضاه وغضبه، وجدّ وهزله، وبيانه وحكمه، صادق مع القريب والبعيد، والصديق والعدو،والرجل والمرأة، صادق في نفسه ومع الناس، في حضره وسفره، وحلّه وإقامته، ومحاربتهومصالحته، وبيعه وشرائه، وعقوده وعهوده ومواثيقه، وخطبه ورسائله، فهو الصادقالمصدوق، الذي لم يحفظ له حرف واحد غير صادق فيه، ولا كلمة واحدة خلاف الحق، ولميخالف ظاهره باطنه، بل حتى كان صادقًا في لحظاته ولفظاته وإشارات عينيه، وهو الذييقول- لما قال له أصحابه: ألا أشرت لنا بعينك في قتل الأسير؟!-: " ما كان لنبي أن تكون له خائنة أعين"رواه أبو داود والنسائي . فهو الصادق الأمين في الجاهلية قبل الإسلام والرسالة،فكيف حاله بالله بعد الوحي والهداية ونزول جبريل عليه ونبوّته وإكرام الله لهبالاصطفاء والاجتباء والاختيار؟! صبرهصلى الله عليه وسلم: لا يعلم أحد مرّ به من المصائبوالمصاعب والمشاق والأزمات كما مرّ به صلى الله عليه وسلم، وهو صابر محتسب، صبر علىاليتم والفقر والجوع والحاجة، وصبر على الطرد من الوطن والإخراج من الدار والإبعادعن الأهل، وصبر على قتل القرابة والفتك بالأصحاب وتشريد الأتباع وتكالب الأعداءوتحزّب الخصوم واجتماع المحاربين، وصبر على تجهّم القريب وتكالب البعيد، وصولةالباطل وطغيان المكذبين.. صبر على الدنيا بزينتها وزخرفها وذهبها وفضتها، فلم يتعلقمنها بشيء، فهو صلى الله عليه وسلم الصابر المحتسب في كل شأن من شؤون حياته، فالصبردرعه وترسه وصاحبه وحليفه، كلما أزعجه كلام أعدائه تذكّر{فَاصْبِرْ عَلَىمَا يَقُولُونَ}طه 130، وكلما راعه هول العدو وأقضّ مضجعهتخطيط الكفار تذكّر{فَاصْبِرْكَمَاصَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَالرُّسُلِ}الأحقاف 35. ماتعمه فصبر، وماتت زوجته فصبر، وقتل عمه حمزة فصبر، وأبعد من مكة فصبر، وتوفي ابنهفصبر، ورميت زوجته الطاهرة بالفاحشة كذباً وبهتاناً فصبر، وكُذّب فصبر، قالوا لهشاعر كاهن ساحر مجنون كاذب مفتر فصبر، أخرجوه، آذوه، شتموه، سبّوه، حاربوه، سجنوه.. فصبر، وهل يتعلّم الصبر إلا منه؟ وهل يُقتدى بأحد في الصبر إلا به؟ فهو مضرب المثلفي سعة الصدر وجليل الصبر وعظيم التجمّل وثبات القلب، وهو إمام الصابرين وقدوةالشاكرين صلى الله عليه وسلم. ضحكه صلىالله عليه وسلم: وكان صلى الله عليه وسلم ضحاكًابسامًا مع أهله وأصحابه؛ يمازح زوجاته ويلاطفهن ويؤنسهن ويحادثهن حديث الود والحبوالحنان والعطف؛ وكانت تعلو محيّاه الطاهر البسمة المشرقة الموحية، فإذا قابل بهاالناس أسر قلوبهم أسرًا فمالت نفوسهم بالكلية إليه وتهافتت أرواحهم عليه، وكان يمزحولا يقول إلا حقًا، فيكون مزحه على أرواح أصحابه ألطف من يد الوالد الحاني على رأسابنه الوديع، يمازحهم فتنشط أرواحهم وتنشرح صدورهم وتنطلق أساريروجوههم. يقول جرير بن عبد الله البجلي: ما رآني رسول اللهصلى الله عليه وسلم إلا تبسّم في وجهي. وكان صلى الله عليهوسلم في ضحكه ومزاحه ودعابته وسطاً بين من جفّ خلقه ويبس طبعه وتجهّم محيّاه وعبسوجهه، وبين من أكثر من الضحك واستهتر في المزاح وأدمن الدعابةوالخفة. بل كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يمازح بعضأصحابه قال له أحد أصحابه ذات مرة: أريد أن تحملني يا رسول الله على جمل، قال:" لا أجد لك إلا ولد الناقة"فولّى الرجال فدعاه وقال: " وهل تلد الإبل إلا النوق؟"أي أن الجمل أصلا ولد ناقة. أخرجهأحمد عن أنس بن مالك. و سألته امرأة عجوز قالت: يا رسولالله! ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أُم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز، فولت تبكي، فقال: أخبروها أنهالا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول:(( إِنّآعمياً لتدرك جانباً يسيراً من جوانبالعظمة في حياة سيد الخلق وحبيب الحق صلى الله عليه وسلم أَنشَأْنَاهُنّ إِنشَآءً * فَجَعَلْنَاهُنّ أَبْكَاراً * عُرُباًأَتْرَاباً)) [ الواقعة 35 – 37 ] رواه الترمذي في الشمائل وحسنه الألباني . هذا غيض من فيض وقطرة من محيط من خصال وأخلاق أعظم إنسانعرفته البشرية جمعتها على عجل مساهمة متواضعة وكلمات مختصرة لعل الله عز وجل يفتحبها قلوباً غلفًا إلى الحق، ويهدي بها أعيناً .....................منقوووووووووووول............. ................................... |
العلامات المرجعية |
|
|