شـيء مـــن اللغـة

[أحمد حافظ جلال]

شـيء مـــن اللغـة (ثُمَّ - ثَمَّ)

شـيء مـــن اللغـة








ثُمَّ - ثَمَّ





هذه الكلمة (ثُم) حرف من حروف العطف، تجمع شيئاً الى شيء، وتحافظ على حركتي الاسمين فيكونان مثل بعضهما بعض، وهي في المعاني تُسمى للتراخي، لا تعطف، ففي قوله تعالى:''الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثُم الذين كفروا بربهم يعدلون''، وفي قوله تعالى: ''ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون''، كلتا الآيتين وردت في سورة الانعام 1-2.
لم يذكر النحويون هذا الاستئناف، ولم يلحقوا الحرف (ثُمّ) بجاريه: الواو والفاء، وهما جاران كثيرا التردد في القول، ويأتيان للعطف والاستئناف، لماذا؟ لسنا أعلم من النحويين السابقين، ولكن للقرآن سياقه الخاص في الاستئناف، فالعبارة القرآنية ''ثم الذين كفروا بربهم يعدلون''، ليست تابعة للآية التي قبلها أي : ''وجعل الظلمات والنور'' هنا معنى جديد لا يناسبه الا ان يكون استئنافا أي بدءاً لمعنى جديد.
إذاً الحرف (ثم) يفيد العطف في مثل قوله تعالى :''أماته فأقبره ثم إذا شاء انشره''، فقد عطف الفعل أقبره على الفعل أماته، وعطف الفعل أنشره على الفعل اقبره، لا أظن عربياً لا يدرك هذا الأمر، وان كان يعبر عن هذا المعنى بأسلوب بسيط، وقد جاء مثل هذا العطف في أشهر حدث نتعامل معه في عصرنا الحاضر، وهو الافعال التي ستقع على بني إسرائيل كما في سورة الاسراء: ''بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار..ثُم رددنا لكم الكرةَ عليهم'' الاسراء -4، الفاء للعطف السريع أي فعل بعده فعل مباشر، وأما ثُم فللعطف المتراخي، هذا هو أبرز عمل لفاء العطف ولحرف العطف ثم.
لكن في الآية التالية يتبينُ من أن ثُمَّ في بعض مواقعها ليست للعطف بل للبدء بكلام جديد، قال سبحانه في سورة آل عمران: ''وان يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا يُنصرون'' الفعلان السابقان يقاتلوكم ويولوكم بدون نون واما الفعل (يُنصرون) فهي بالنون أي مرفوعة مع أن الفعلين السابقين مجزومان بحذف النون. والسبب ان (ثُم) للاستئناف وبدء كلام جديد. أما (ثَمّ) فهي ليست حرفاً بل هي اسم، ولنا معها موقف تالٍ إن شاء الله تعالى.