#1
|
|||
|
|||
بعدما أهلكنا القرون الاولى
بعدما أهلكنا القرون الاولى بسم الله أمم أهلكوا بعامة 1-وذلك قبل نزول التوراة بدليل قوله تعالى: (ولقد آتينا موسى الكتاب من بعدما أهلكنا القرون الاولى [ القصص: 43 ]. عن أبي سعيد الخدري قال: ما أهلك الله قوما بعذاب من السماء أو من الارض بعد ما أنزلت التوراة على وجه الارض غير القرية التى مسخوا قردة.ألم تر أن الله تعالى يقول: (ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الاولى) فدل على أن كل أمة أهلكت بعامة قبل موسى عليه السلام: فمنهم: -اصحاب الرس 1-قال الله تعالى في سورة الفرقان (وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا.وكلا ضربنا له الامثال وكلا تبرنا تتبيرا) [ الفرقان: 38 - 39 ] 2-وقال تعالى في صورة ق (كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط وأصحاب الايكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد) [ ق: 12 - 14 ] 2- وهذا السياق والذي قبله يدل على أنهم أهلكوا ودمروا وتبروا وهو الهلاك.وهذا يرد اختيار ابن جرير من أنهم أصحاب الاخدود الذين ذكروا في سورة البروج () قال تعالى: (*** أصحاب الاخدود، النار ذات الوقود، إذ هم عليها قعود)، لان أولئك عند ابن اسحق وجماعة كانوا بعد المسيح عليه السلام وفيه نظر أيضا. قال ابن عباس أصحاب الرس (الرس بئر كانت لبقية من ثمود.والرس أيضا عند العرب: الدفن.) ; أهل قرية من قرى ثمود. 3-وقد ذكر الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر أن أصحاب الرس كانوا بحضور فبعث الله إليهم نبيا يقال له حنظلة بن صفوان فكذبوه و***وه فسار عاد بن عوص بن ارم بن سام بن نوح بولده من الرس فنزل الاحقاف وأهلك الله أصحاب الرس وانتشروا في اليمن كلها وفشوا مع ذلك في الارض كلها حتى نزل جيرون بن سعد بن عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح دمشق وبنى مدينتها وسماها جيرون وهي إرم ذات العماد وليس أعمدة الحجارة في موضع أكثر منها بدمشق، فبعث الله هود بن عبد الله بن رباح بن خالد بن الحلود بن عاد إلى عاد، يعني أولاد عاد بالاحقاف، فكذبوه وأهلكهم الله عزوجل، فهذا يقتضي أن أصحاب الرس قبل عاد بدهور متطاولة فالله أعلم وروى عن ابن عباس قال الرس بئر بآذربيجان.وقال الرس بئر رسوا فيها نبيهم أي دفنوه فيها (دفنوه حيا.). القصة 4-وقد ذكر : أن أصحاب الرس كانت لهم بئر ترويهم وتكفي أرضهم جميعا وكان لهم ملك عادل حسن السيرة فلما مات وجدوا عليه وجدا عظيما فلما كان بعد أيام تصور لهم الشيطان في صورته وقال إني لم أمت ولكن تغيبت عنكم حتى أرى صنيعكم ففرحوا أشد الفرح وأمر بضرب حجاب بينهم وبينه وأخبرهم أنه لا يموت أبدا فصدق به أكثرهم وافتتنوا به وعبدوه فبعث الله فيهم نبيا فأخبرهم أن هذا شيطان يخاطبهم من وراء الحجاب ونهاهم عن عبادته وأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له وكان يوحي إليه في النوم وكان اسمه حنظلة بن صفوان فعدوا عليه ف***وه وألقوه في البئر فغار ماؤها وعطشوا بعد ريهم ويبست أشجارهم وانقطعت ثمارهم وخربت ديارهم وتبدلوا بعد الانس بالوحشة وبعد الاجتماع بالفرقة وهلكوا عن آخرهم وسكن في مساكنهم الجن والوحوش فلا يسمع ببقاعهم لا عزيف الجن وزئير الاسد وصوت الضباع. قال وان الله أخبر عن أصحاب الرس أنه أهلكهم -قصة قوم يس 1-وهم (ومنهم أصحاب القرية) اصحاب القرية قال الله تعالى (واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون.إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون.قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شئ إن أنتم إلا تكذبون.قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون.وما علينا إلا البلاغ المبين.قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنك وليمسنكم منا عذاب أليم.قالوا طائركم معكم أإن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون ومالي لا أعبد الذي فطرني إليه ترجعون.أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغني عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون.إني إذا لفي ضلال مبين.إني آمنت بربكم فاسمعون.قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين.وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين.إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون) [ يس: 13 – 2-اشتهر عن كثير من السلف والخلف أن هذه القرية أنطاكية.رواه ابن اسحق فيما بلغه عن ابن عباس وكعب الاحبار عن ان ابن عباس وكعب ووهب انهم قالوا: وكان لها ملك اسمه انطيخس بن انطيخس وكان يعبد الاصنام.فبعث الله إليه ثلاثة من الرسل وهم صادق وصدوق وشلوم فكذبهم.وهذا ظاهر أنهم رسل من الله عزوجل. 3- وأهل هذه القرية المذكورة في القرآن أهلكوا كما قال في آخر قصتها بعد ***هم صديق المرسلين (إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون) [ يس: 29 ] لكن إن كانت الرسل الثلاثة المذكورون في القرآن بعثوا إلى أهل أنطاكية قديما فكذبوهم وأهلكهم الله ثم عمرت بعد ذلك.فلما كان في زمن المسيح آمنوا برسله إليهم فلا يمنع هذا والله أعلم. 4-قال الله تعالى (واضرب لهم مثلا) يعني لقومك يا محمد (أصحا ب القرية) يعني المدينة (إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث) أي أيدناهما بثالث في الرسالة (فقالوا إنا إليكم مرسلون) فردوا عليهم بأنهم بشر مثلهم كما قالت الامم الكافرة لرسلهم يستبعدون أن يبعث الله نبيا بشريا فأجابوهم بأن الله يعلم أنا رسله إليكم ولو كنا كذبنا عليه لعاقبنا وأنتقم منا أشد الانتقام (وما علينا إلا البلاغ المبين) أي إنما علينا أي نبلغكم ما أرسلنا به إليكم والله هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء (قالوا إنا تطيرنا بكم) أي تشائمنا بما جئتمونا به (حبس عنهم المطر ثلاث سنين فقالوا هذا بشؤمكم) (لئن لم تنتهوا لنرجمنكم) بالمقال وقيل بالفعال ويؤيد الاول قوله (وليمسنكم منا عذاب أليم) فوعدوهم بال*** والاهانة.(قالوا طائركم معكم) أي مردود عليكم (أأن ذكرتم) أي بسبب أنا ذكرناكم بالهدى ودعوناكم إليه توعدتمونا بال*** والاهانة (بل أنتم قوم مسرفون) أي لا تقبلون الحق ولا تريدونه. 5-وقوله تعالى (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى) يعني لنصرة الرسل وأظهار الايمان بهم (قال يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون) أي يدعونكم إلى الحق المحض بلا أجرة ولا جعالة.ثم دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ونهاهم عن عبادة ما سواه مما لا ينفع شيئا لا في الدنيا (وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة كان ينحث الاصنام وكان عكف على عبادة الاصنام سبعين سنة يدعوهم، لعلهم يرحمونه ويكشفون ضره فما استجابوا له ; فلما أبصر الرسل دعوه إلى عبادة الله ; وأن هذه لا تنفع شيئا ولا تضر.فآمن ودعوا ربهم فكشف الله ما به.) ولا في الآخرة (أني إذا لفي ضلال مبين) أي إن تركت عبادة الله وعبدت معه ما سواه * ثم قال مخاطبا للرسل (إني آمنت بربكم فاسمعون) قيل فاستمعوا مقالتي واشهدوا لي بها عند ربكم.وقيل معناه فاسمعوا يا قومي إيماني يرسل الله جهرة.فعند ذلك. ***وه.قيل رجما.وقيل عضا وقيل وثبوا إليه وثبة رجل واحد ف***وه 6-وحكى عن ابن مسعود قال وطئوه بأرجلهم حتى أخرجوا قصبته [ من دبره ] (من القرطبي.وقصبته: أمعاؤه.وقيل في ***ه: عن الحسن: حرقوه حرقا.). وقد روى كان اسم هذا الرجل حبيب بن مري * ثم قيل كان نجارا وقيل حبالا.وقيل إسكافا.وقيل قصارا وقيل كان يتعبد في غار هناك فالله أعلم. وعن ابن عباس كان حبيب النجار قد أسرع فيه الجذام وكان كثير الصدقة ***ه قومه.ولهذا قال تعالى: (إدخل الجنة) يعني لما ***ه قومه أدخله الله الجنة فلما رأى فيها من النضرة والسرور (قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين) يعني ليؤمنوا بما آمنت به فيحصل لهم ما حصل لي. قال ابن عباس نصح قومه في حياته (يا قوم اتبعوا المرسلين) وبعد مماته (يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين) قال قتادة لا يلقى المؤمن إلا ناصحا لا يلقي غاشا لما عاين ما عاين من كرامة الله (يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين) تمنى والله أن يعلم قومه بما عاين من كرامة الله وما هو عليه قال قتادة فلا والله ما عاتب الله قومه بعد ***ه (إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون) 7-وقوله تعالى (وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين) أي ما احتجنا في الانتقام منهم إلى إنزال جند من السماء عليهم. قال مجاهد وقتادة وما أنزل عليهم جندا أي رسالة أخرى قال ابن جرير والاول أولى. قلت: وأقوى، ولهذا قال (وما كنا منزلين) أي وما كنا نحتاج في الانتقام إلى هذا حين كذبوا رسلنا و***وا ولينا (إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون). 8-قال المفسرون بعث الله إليهم جبريل عليه السلام فأخذ بعضادتي الباب الذي لبلدهم ثم صاح بهم صيحة واحدة فإذا هم خامدون أي قد أخمدت أصواتهم وسكنت حركاتهم ولم يبق منهم عين تطرف.وهذا كله مما يدل على أن هذه القرية ليست أنطاكية لان هؤلاء أهلكوا بتكذيبهم رسل الله إليهم وأهل أنطاكية آمنوا واتبعوا رسل المسيح من الحواريين إليهم فلهذا قيل إن أنطاكية أول مدينة آمنت بالمسيح * -قصة يونس 1-قال الله تعالى في سورة يونس (فلولا كانت قرية آمنت فتفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين) [ يونس: 98 ] وقال تعالى في سورة الانبياء (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) [ الانبياء: 87 - 88 ] وقال تعالى في سورة والصافات (وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون.فساهم فكان من المدحضين فالتقمه الحوت وهو مليم فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون فنبذناه بالعراء وهو سقيم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين) [ الصافات: 139 - 148 ]. وقال تعالى في سورة نون (فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم * لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم فاجتباه ربه فجعله من الصالحين) [ القلم: 47 - 50 ]. 2-قال أهل التفسير بعث الله يونس عليه السلام إلى أهل نينوى، من أرض الموصل، فدعاهم إلى الله عزوجل فكذبوه وتمردوا على كفرهم وعنادهم، فلما طال ذلك عليه من أمرهم خرج من بين أظهرهم، ووعدهم حلول العذاب بهم بعد ثلاث قال ابن مسعود ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وغير واحد من السلف والخلف فلما خرج من بين ظهرانيهم وتحققوا نزول العذاب بهم قذف الله في قلوبهم التوبة والانابة وندموا على ما كان منهم إلى نبيهم فلبسوا المسوح وفرقوا بين كل بهيمة وولدها ثم عجوا (تضرعوا) إلى الله عزوجل وصرخوا وتضرعوا إليه وتمسكنوا لديه وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات والامهات وجأرت الانعام والدواب والمواشي فرغت الابل وفصلانها وخارت البقر وأولادها وثغت الغنم وحملانها وكانت ساعة عظيمة هائلة فكشف الله العظيم بحوله وقوته ورأفته ورحمته عنهم العذاب الذي كان قد اتصل بهم بسببه ودار على رؤسهم كقطع الليل المظلم ولهذا قال تعالى (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها) أي هلا وجدت فيما سلف من القرون قرية آمنت بكمالها فدل على أنه لم يقع ذلك بل كما قال تعالى (وما أرسلنا في قرية من نبي إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون) [ سبأ: 34 ]. وقوله (إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين) [ يونس: 98 ] أي آمنوا بكمالهم. 3-وقد اختلف المفسرون هل ينفعهم هذا الايمان في الدار الآخرة فينقذهم من العذاب الاخروي كما أنقذهم من العذاب الدنيوي على قولين ; الاظهر من السياق نعم.والله أعلم.كما قال تعالى (لما آمنوا) وقال تعالى (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين).وهذا المتاع إلى حين لا يفني أن يكون معه غيره من رفع العذاب الاخروي والله أعلم. وقد كانوا مائة ألف لا محالة واختلفوا في الزيادة فعن ابن عباس كانوا مائة ألف وثلاثين ألفا وعنه وبضعة وثلاثين ألفا. وعنه وبضعة وأربعين ألفا واختلفوا هل كان ارساله إليهم قبل الحوت أو بعده أو هما أمتان على ثلاثة أقوال: * والمقصود أنه عليه السلام لما ذهب مغاضبا بسبب قومه ركب سفينة في البحر فلجت بهم واضطربت وماجت بهم وثقلت بما فيها وكادوا يغرقون على ما ذكره المفسرون * قالوا فاشتوروا فيما بينهم على أن يقترعوا فمن وقعت عليه القرعة ألقوه من السفينة ليتحفظوا منه.فلما اقترعوا وقعت القرعة على نبي الله يونس فلم يسمحوا به فأعادوها ثانية فوقعت عليه أيضا فشمر ليخلع ثيابه ويلقي بنفسه فأبوا عليه ذلك.ثم أعادوا القرعة ثالثة فوقعت عليه أيضا لما يريده الله به من الامر العظيم.قال الله تعالى: (وإن يونس لمن المرسلين. إذ أبق إلى الفلك المشحون.فساهم فكان من المدحضين.فالتقمه الحوت وهو مليم) [ الصافات: 139 - 142 ] .وذلك أنه لما وقعت عليه القرعة ألقي في البحر وبعث الله عزوجل حوتا عظيما من البحر الاخضر فالتقمه وأمره الله تعالى أن لا يأكل له لحما ولا يهشم له عظما فليس لك برزق فأخذه فطاف به البحار كلها وقيل إنه ابتلع ذلك الحوت حوت آخر أكبر منه * قالوا ولما استقر في جوف الحوت حسب أنه قد مات فحرك جوارحه فتحركت فإذا هو حي فخر لله ساجدا وقال يا رب اتخذت لك مسجدا لم يعبدك أحد في مثله. 4-وقد اختلفوا في مقدار لبثه في بطنه. - الشعبي التقمه ضحى ولفظه عشية * وقال قتادة مكث فيه ثلاثا والله أعلم كم مقدار ما لبث فيه والمقصود أنه لما جعل الحوت يطوف به في قرار البحار اللجية ويقتحم به لجج الموج الاجاجي (الملح) فسمع تسبيح الحيتان للرحمن وحتى سمع تسبيح الحصى لفالق الحب والنوى ورب السموات السبع والارضين السبع وما بينها وما تحت الثرى * فعند ذلك وهنالك قال ما قال: بلسان الحال والمقال، كما أخبر عنه ذو العزة والجلال الذي يعلم السر والنجوى، ويكشف الضر والبلوى، سامع الاصوات وإن ضعفت وعالم الخفيات وإن دقت، ومجيب الدعوات وإن عظمت، حيث قال في كتابه المبين المنزل على رسوله الامين، وهو أصدق القائلين ورب العالمين وإله المرسلين (وذا النون إذ ذهب) إلى أهله (مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) [ الانبياء: 87 - 88 ] (فظن أن لن نقدر عليه) أن نضيق * وقيل معناه نقدر من التقدير وهي لغة مشهورة قدر وقدر (فنادى في الظلمات) قال ابن مسعود وابن عباس وعمرو بن ميمون وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب والحسن وقتادة والضحاك ظلمة الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل وقوله تعالى (فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون) [ الصافات: 143 - 144 ] قيل معناه لولا أنه سبح الله هنالك وقال ما قال من التهليل والتسبيح والاعتراف لله بالخضوع والتوبة إليه والرجوع إليه للبث هنالك إلى يوم القيامة.ولبعث من جوف ذلك الحوت. 5-وقيل معناه (فلولا أنه كان) من قبل أخذ الحوت له (من المسبحين) أي المطيعين المصلين الذاكرين الله كثيرا قاله ابن عباس ويشهد لهذا ما رواه الامام أحمد وبعض أهل السنن عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: " يا غلام إني معلمك كلمات إحفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة " 6-وروى رافع مولى أم سلمة [ قالت ] سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لما أراد الله حبس يونس في بطن الحوت أوحى الله إلى الحوت أن خذ [ ه ] ولا تخدش لحما ولا تكسر عظما [ فأخذه ثم هوى به إلى مسكنه من البحر ] فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسا فقال في نفسه ما هذا فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت إن هذا تسبيح دواب البحر * قال فسبح وهو في بطن الحوت فسمعت الملائكة تسبيحه فقالوا: يا ربنا إنا نسمع صوتا [ ضعيفا ] بأرض غريبة، قال ذلك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر * قالوا العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح قال: نعم * قال فشفعوا له عند ذلك فأمر الحوت فقذفه في الساحل " كما قال الله (وهو سقيم) هذا لفظ ابن جرير إسنادا ومتنا 7-و سمع أنس بن مالك ولا أعلم إلا أن أنسا يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن يونس النبي عليه السلام حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات وهو في بطن الحوت قال: (اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فأقبلت الدعوة تحن بالعرش فقالت الملائكة يا رب صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة فقال أما تعرفون ذاك ؟ قالوا: يا رب ومن هو ؟ قال: عبدي يونس، قالوا: عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عملا متقبلا ودعوة مجابة، قالوا: يا ربنا أولا ترحم ما كان يصنعه في الرخاء فتنجيه من البلاء ؟ قال: بلى، فأمر الحوت فطرحه في العراء * 8- وقد قال الله تعالى (فنبذناه) أي القيناه (بالعراء) وهو المكان القفر الذي ليس فيه شئ من الاشجار بل هو عار منها (وهو سقيم) أي ضعيف البدن * قال ابن مسعود كهيئة الفرخ ليس عليه ريش * وقال ابن عباس كهيئة الضبي حين يولد وهو المنفرش ليس عليه شئ وأنبتنا عليه شجرة من يقطين، قال ابن مسعود وابن عباس : هو القرع. 9-قال بعض العلماء في إنبات القرع عليه حكم جمة ; منها أن ورقه في غاية النعومة، وكثير وظليل، ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره، نيا ومطبوخا وبقشره وببزره أيضا.وفيه نفع كثير وتقوية للدماغ وغير ذلك و(يحتوي اليقطين على الحديد والكلس، يستفاد منه في تناول بذوره لطرد الدودة الوحيدة من الامعاء). وتقدم كلام أبي هريرة في تسخير الله تعالى له تلك الاروية التي كانت ترضعه لبنها وترعى في البرية وتأتيه بكرة وعشية. وهذا من رحمة الله به ونعمته عليه وإحسانه إليه ولهذا قال تعالى (فاستجبنا له فنجيناه من الغم) أي الكرب والضيق الذي كان فيه (وكذلك ننجي المؤمنين) أي وهذا صنيعنا بكل من دعانا واستجار بنا * 10- قال سعد بن مالك وهو ابن أبي وقاص يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اسم الله الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متى " قال: فقلت: يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين ؟ قال: " هي ليونس خاصة وللمؤمنين عامة إذا دعوا بها.ألم تسمع قول الله تعالى: (فنادي في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) فهو شرط من الله لمن دعاه به ". وقال سعد. : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من دعا بدعاء يونس أستجيب له " قال أبو سعيد الاشج يريد به (وكذلك ننجي المؤمنين) وهذان طريقان عن سعد.وثالث أحسن منهما. قال الامام أحمد ه سعد،ابن أبي وقاص قال مررت بعثمان بن عفان في المسجد فسلمت عليه، فملا عينيه مني ثم لم يردد علي السلام، فأتيت عمر بن الخطاب، فقلت: يا أمير المؤمنين هل حدث في السلام شئ قال: لا، وما ذاك قلت لا إلا أني مررت بعثمان آنفا في المسجد فسلمت عليه فملا عينيه مني ثم لم يردد علي السلام قال: فأرسل عمر إلى عثمان فدعاه، فقال: ما منعك أن لا تكون رددت على أخيك السلام.قال ما فعلت.قال سعد: قلت: بلى حتى حلف وحلفت.قال ثم إن عثمان ذكر فقال: بلى واستغفر الله وأتوب إليه أنك مررت بي آنفا وأنا أحدث نفسي بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا والله ما ذكرتها قط إلا تغشى بصري وقلبي غشاوة قال سعد: فأنا أنبئك بها إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لنا أول دعوة ثم جاء أعرابي فشغله حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتبعته فلما أشفقت أن يسبقني إلى منزله ضربت بقدمي الارض فالتفت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من هذا أبو إسحق ؟ قال: قلت: نعم يا رسول الله قال فمه قلت لا والله إلا أنك ذكرت لنا أول دعوة.ثم جاء هذا الاعرابي فشغلك.قال نعم دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شئ قط إلا استجاب له " (1 -فضل يونس 1-قال الله تعالى (وإن يونس لمن المرسلين) وذكره تعالى في جملة الانبياء الكرام في سورتي النساء والانعام عليهم من الله أفضل الصلاة والسلام * 2-وقال الامام أحمد عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى " (البخاري) وقال البخاري ، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما ينبغي لعبد أن يقول إني خير من يونس بن متى ونسبه إلى أبيه " " أي ليس لاحد أن يفضل نفسه على يونس * والقول الآخر لا ينبغي لاحد أن يفضلني على يونس بن متى كما قد ورد في بعض الاحاديث لا تفضلوني على الانبياء ولا على يونس بن متى * وهذا من باب الهضم والتواضع منه صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر أنبياء الله والمرسلين. واخر دعوانا ان الحمد للة رب العالمين اعمل لله الداعى للخير كفاعلة لاتنسى جنة عرضها السموات والارض لاتنسى سؤال رب العالمين ماذا قدمت لدين الله انشرها فى كل موقع ولكل من تحب |
العلامات المرجعية |
|
|