اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 21-02-2017, 05:33 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New خطبة الجمعة(أمانة الصانع والتاجر وأثرها على الفرد والمجتمع)

الخطبة الأولى
أحبابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديثنا في هذا اليوم الطيب الميمون الأغر عن (أمانة الصانع والتاجر وأثرها على الفرد والمجتمع).

هذا الخلق الإسلامي الرفيع الذي هو من أسمي الأخلاق اتصف به الأنبياء والمرسلون ومدحهم الله تعالى به في غير ما آية من كتابه

ذلك الخلق هو عنوان الإيمان وأتم صفات أهل الإحسان فما هي الأمانة؟ وما هو فضلها وكيف تكون الأمانة في الصنعة والتجارة؟

هذا هو موضوع الحديث بحول الله تعالى وقوته:
كن للأمانة راعيا
لا للخيانة تستكين
حتى ولو سرا فكن
للسر حافظه الأمين
الناس تعجب بالذي
قد صانها في كل حين
وتبجل الشخص الذي
لم يفش سرا …لا يلين
أدى الأمانة راجيا
من ربنا كل الثواب
من خان أي أمانة
حصد الهلاك مع الخراب
فالله يمتحن العباد
والخائنون لهم حساب
أما الأمين هو الذي
دوماً يفضله الصحاب

العنصر الأول تعريف الأمانة:
الأمانة في الاصطلاح الشرعي:
هي رعاية حقوق الله تعالى بتأدية المرء للفرائض والواجبات، وكذلك المحافظة على حقوق العباد فلا يطمـع الإنسان فـي وديعة أؤتمن عليها ولا ينكر مالاً أو متاعاً أمّنه الناس عليه.

العنصر الثاني الأمانة في القران والسنة:
الأمانة العظمى، وهي الدين والتمسك به، قال تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72].
قال القرطبي في تفسير هذه الآية: الأمانة تعم جميع وظائف الدين ا هـ.

وكذلك كل من جاء بعدهم من العلماء والدعاة، فهم أمناء في تبليغ هذا الدين. وكل ما يأتي من أنواع يمكن دخولها في هذا النوع.
عن أبي أنس مالك بن أبي عامر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان. رواه البخاري ومسلم.

وقوله صلى الله عليه وسلم: إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء، فقيل: هذه غدرة فلان ابن فلان. رواه مسلم.
عن بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا إيمان لمن لا أمانة له ولا صلاة لمن لا طهور له ولا دين لمن لا صلاة له إنما موضع الصلاة من الدين كموضع الرأس من الجسد) رواه أحمد والبزار.

العنصر الثالث أمانة الأنبياء و الرسل:
إن الأمانة شرط أساسي لاصطفاء الرسل، وهي من أبرز أخلاقهم، فلولا أنهم أمناء على ما يعود بالنفع على أمتهم، وحريصون على هداية وإرشاد أقوامهم لما استأمنهم الله على رسالاته لخلقه، فقد نادى جميع الأنبياء الأقوام الذين أرسلوا إليهم بقولـه تعالـى: ﴿ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ * أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ [الدخان: 17، 18]، وقوله تعالى: ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف: 68].

"أي إني رسول من الله إليكم أمين فيما بعثني به، أبلغكم رسالات ربي ولا أزيد عليها ولا أنقص ومأمون على تبليغ هذه الرسالة"
وكل رسول كان لسان دعوته لقومه ولسان حاله الذي يخاطب به الناس إني لكم رسول ناصح أمين، معبراً عن ثقل التبعة، وخطر ما يعلمه من عاقبة ما هم فيه من الجاهلية في الدنيا، ورغبته في هداية قومه وهو منهم وهم منه، وفي كل مرة يقف الملأ الذين استكبروا موقف الرفض، وعدم الاستسلام والخضوع لهذا الدين، وهذه القضية التي قامت عليها الرسالات، وقام عليها دين الله كله في الأرض.

• أمانه هود عليه السلام:
﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف: 66، 68].

• أمانة صالح عليه السلام وقال لهم:
﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ [الشعراء: 107].

• أمانة لوط عليه السلام:
﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ [الشعراء: 160 - 166].

• أمانة شعيب عليه السلام:
قال تعالى ﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [الشعراء: 176 - 183].

وتلك الصِّفة بعينها ذُكِرت خمس مرَّات متواليات بحقِّ الأنبياء في سورة الشُّعراء:
﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾.. فقد قالها نبيُّ الله نوح في آية [107]، ونبيُّ الله هود، في آية [125]، ونبيُّ الله صالح في آية [143]، ونبيُّ الله لوط في آية [162]، ونبيُّ الله شعيب في آية [178].

• أمانة النبي صلى الله عليه وسلم:
• رد الأمانات إلى أهلها عند الهجرة:
عن عائشة -رضي الله عنها-في هجرة النبي قالت: وأمر -تعني رسول الله - عليًّا أن يتخلف عنه بمكة؛ حتى يؤدِّيَ عن رسول الله الودائع التي كانت عنده للناس. وكان رسول الله وليس بمكة أحدٌ عنده شيء يُخشى عليه إلا وضعه عنده؛ لما يُعلم من صدقه وأمانته... فخرج رسول الله، وأقام علي بن أبي طالب ثلاث ليالٍ وأيامها؛ حتى أدَّى عن رسول الله الودائع التي كانت عنده للناس، حتى إذا فرغ منها لَحِق رسولَ الله [البيهقي: السنن الكبرى].

• رد مفتاح الكعبة إلى عثمان بن طلحة:
عن ابن جريج قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، قال: نزلت في عُثمان بن طلحة بن أبي طلحة، قَبض منه النبي مفتاحَ الكعبة، ودخلَ به البيت يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح[الطبري].

• أمانة النبي - صلى الله عليه وسلم - في تجارته لخديجة - رضي الله عنها-:
كانت خديجة - كما يروى ابن الأثير وابن هشام - امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق الحديث وعظم الأمانة وكرم الأخلاق، أرسلت إليه ليخرج في مالها الى الشام تاجراً وتعطيه أفضل ما كانت تعطى غيره، ومعه غلامها ميسرة. وقد قبل محمد صلى الله عليه وسلم هذا العرض فرحل إلى الشام عاملا في مالها ومعه ميسرة.

فحالفه التوفيق في هذه الرحلة أكثر من غيرها، وعاد إلى خديجة بأرباح مضاعفة، فأدى لها ما عليه في أمانة تامة ونبل عظيم، ووجد ميسرة من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم و عظيم أخلاقه ما ملأ قلبه دهشة له، وإعجاباً به فروى ذلك لخديجة.

فأعجبت خديجة بعظيم أمانته، ولعلها دهشت لما نالها من البركة بسببه، فعرضت نفسها عليه زوجة بواسطة صديقتها (نفيسة بنت منيّة)، فوافق النبي عليه الصلاة و السلام، وكلم في ذلك أعمامه فخطبوها له من عمها عمرو بن أسد. وتزوجها عليه الصلاة والسلام وقد تم له من العمر خمسة وعشرون عاما ولها من العمر أربعون.

الأمانة في البيع والشراء:
وأداء الأمانة في البيع والشراء أن يلتزم فيهما الحدود الشرعية التي رسمها الشارع الحكيم، فلا يتعاطى المعاملة بالربا لا صريحا ولا حيلة فإن التحيل على الربا شر من الربا الصريح لأن المتحيل جمع بين المخادعة والربا، وعلى العامل بالبيع والشراء أن يتجنب الغش.

الواقع التطبيقي:
الموقف الأول: عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقاراً لهُ فَوَجَدَ الرَّجُلُ الذِي اشْتَرَى العَقارَ في عَقارِهِ جَرَّةً فيها ذَهَبٌ فقال الذِي اشْتَرَى العَقارَ خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي إِنَّما اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ ولم أبْتَعِ الذَّهَبَ وقال الذِي لهُ الأَرْضُ إِنَّما بِعْتُكَ الأَرْضَ وما فيها فَتَحاكمَا إلى رَجُلٍ فقال الذِي تَحاكمَا إليه ألَكُما وَلَدٌ قال أحَدُهُما لِي غُلامٌ وقال الآخَرُ لِي جارِيَةٌ قال أنْكِحُوا الغُلامَ الجَارِيَةَ وأنْفِقوا على أنْفُسِكما منهُ وتَصَدَّقوا (أحمد والبخاري ومسلم).

الموقف الثاني: ذات يوم خرج أحد التجار الأمناء في سفر له، وترك أحد العاملين عنده ليبيع في متجره، فجاء رجل يهودي واشتري ثوبًا كان به عيب.

فلما حضر صاحب المتجر لم يجد ذلك الثوب، فسأل عنه، فقال له العامل: بعته لرجل يهودي بثلاثة آلاف درهم، ولم يطلع علي عيبه. فغضب التاجر وقال له: وأين ذلك الرجل؟ فقال: لقد سافر.

فأخذ التاجر المسلم المال، وخرج ليلحق بالقافلة التي سافر معها اليهودي، فلحقها بعد ثلاثة أيام، فسأل عن اليهودي، فلما وجده قال له: أيها الرجل! لقد اشتريت من متجري ثوبًا به عيب، فخذ دراهمك، وأعطني الثوب. فتعجب اليهودي وسأله: لماذا فعلت هذا؟ قال التاجر: إن ديني يأمرني بالأمانة، وينهاني عن الخيانة فقد قال رسولنا -صلى الله عليه وسلم-: (من غش فليس مني). أحمد و مسلم.

فاندهش اليهودي وأخبر التاجر بأن الدراهم التي دفعها للعامل كانت مزيفة، وأعطاه بدلا منها،ثم قال: لقد أسلمت لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله).

الموقف الثالث وابرأ من أنها تقلب المعلف:
الأصمعي قال أنبأنا سكن الخرشي قال: جاءني يونس بن عبيد بشاة فقال بعها وابرأ من أنها تقلب المعلف وتنزع الوتد ولا تبرأ بعد ما تبيع بين قبل أن تبيع.

الأمانة في حفظ ورد الودائع:
تشمل الوديعة الأشياء العينية من مال ومتاع وكل ما يؤتمن عليه الإنسان يجب أن يؤديه إلى أصحابه كاملة غير منقوص، ووفق هذا المعنى جاء قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون:8]، فهم يؤدون الأمانات والودائع إلى أهلها، وإذا اؤتمنوا على شيء لم يخونوا، وجـاء فـي الحديث الشريف عن أنس قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له) السنن الكبرى.

وأداء الودائع وسائر الأمانات واجب ولا سيما إذا طلبها صاحبها، ومن لم يؤدها في الدنيا أُخذت منه في يوم القيامة، قال أبو هريرة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لتؤدن الحقوق إلى أهلها، حتى يقتص للشاة الجمَّاء من القَرْناء) مسند الإمام أحمد.

فالأمانة بمعنى الوديعة حقها الأداء حيث ورد الأمر بذلك في القرآن الكريم صراحة ومؤكداً بصيغة لام الأمر، قال تعالى: ﴿ فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ﴾ [البقرة: 283].

وورد الأمر بصيغة التصريح بفعل الأمر برد الودائع والأمانات إلى أهلها، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ﴾ [النساء: 58].

عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- قال: (ال*** في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة، قال:
يؤتى بالعبد يوم القيامة - وإن *** في سبيل الله - فيقال: أدِّ أمانتك، فيقول: أي رب، كيف وقد ذهبت الدنيا؟ فيقال: انطلقوا به إلى الهاوية، وتمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت له، فيراها فيعرفها، فيهوي في أثرها حتى يدركها، فيحملها على منكبيه، حتى إذا ظن أنه خارج نزلت عن منكبيه فهو يهوي في أثرها أبد الآبدين، ثم قال: الصلاة أمانة، والوضوء أمانة، والوزن أمانة، والكيل أمانة، وأشياء عددها وأشد ذلك الودائع) شعب الإيمان، للبيهقي.

الواقع التطبيقي: عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا من بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ فقال: ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ، فقال: كَفَى بِالله شَهِيدًا، قال: فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ، قال: كَفَى بِالله كَفِيلًا، قال: صَدَقْتَ، فَدَفَعَهَا إليه إلى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ في الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عليه لِلْأَجَلِ الذي أَجَّلَهُ فلم يَجِدْ مَرْكَبًا فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فيها أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً منه إلى صَاحِبِهِ ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا ثُمَّ أتى بها إلى الْبَحْرِ فقال: اللهم إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كنت تَسَلَّفْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ فَسَأَلَنِي كَفِيلَاً فقلت كَفَى بِالله كَفِيلًا فَرَضِيَ بِكَ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا فقلت كَفَى بِالله شَهِيدًا فَرَضِيَ بِكَ، وَأَنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إليه الذي له فلم أَقْدِرْ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا، فَرَمَى بها في الْبَحْرِ حتى ولَجَتْ فيه، ثُمَّ انْصَرَفَ وهو في ذلك يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إلى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الذي أَسْلَفَهُ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قد جاء بِمَالِهِ فإذا بِالْخَشَبَةِ التي فيها الْمَالُ فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا فلما نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الذي كان أَسْلَفَهُ فَأَتَى بِالْأَلْفِ دِينَارٍ، فقال: والله ما زِلْتُ جَاهِدًا في طَلَبِ مَرْكَبٍ لِآتِيَكَ بِمَالِكَ فما وَجَدْتُ مَرْكَبًا قبل الذي أَتَيْتُ فيه، قال: هل كُنْتَ بَعَثْتَ إلي بِشَيْءٍ، قال: أُخْبِرُكَ أَنِّي لم أَجِدْ مَرْكَبًا قبل الذي جِئْتُ فيه، قال: فإن الله قد أَدَّى عَنْكَ الذي بَعَثْتَ في الْخَشَبَةِ فَانْصَرِفْ بِالْأَلْفِ دينار رَاشِدًا» (رواه البخاري).

أمانة الصانع وأثرها على المنتج الوطني والرخاء الاقتصادي:
إخوة الإسلام: ومن الأمانة التي ضيعها كثير من المسلمين أمانة الصناعة وإتقانها حتى رأينا كثيرا من المسلمين يتهافتون على المنتج الغربي الياباني والألماني وغيرها من منتجات أتقنها صناعها بأمانة وحس الصنعة فراجت تجارتهم وارتفع اقتصادهم في حين أننا نرى كثيرا من المنتجات القومية والوطنية قد أعرض عنها المشتري لعلمه أنها افتقدت الأمانة فحين أننا أمة الأمانة والإتقان.

إن الإتقان في العمل والمسئولية قيمة تربوية ومرتكز نفسي مؤثر، على أساسه ينبني الإنسان المسلم من بدايات حياته الأولى فاعلا ومؤثرا وناجحا، فيدع العجز والكسل، والقعود والخمول، وينطلق حيث الفعالية المؤثرة في شتى المجالات.

وأما السياج المحيط بصنعة الصانع فهو سياج الأخلاق، فالأخلاق تحيطه وتحميه من النقص أو الخلل، فأمر بكل خلق يصلح به العمل، فلا عمل بغير أمانة.

كذلك فالصدق في العمل، وعدم الغش فيه شرط من شروط صلاحه عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مر على صبرة من طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال يا صاحب الطعام! ما هذا؟ قال أصابته السماء يا رسول الله! قال أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟ ثم قال من غش فليس منا أخرجه الترمذي.
وهكذا قل في الأخلاق الأخرى.

و لقد مدح الله تعالى أهل الأمانة في الصنعة فقال عن نبيه داود عليه السلام ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [سبأ: 10، 11].

ومدح الإتقان و الأمانة في حياة سليمان عليه السلام فقال سبحانه ﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13]
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين... اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.... أما بعد:
العنصر الخامس: الوصايا النبوية للتجار والصناع:
أحباب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-و ها هي وصايا غراء من سيد الأصفياء – صلى الله عليه و سلم لكل تاجر في تجارته و كل صانع في صنعته:
الوصية الأولى إتقان الصنعة: أول هذه الوصايا أيها الصناع الإتقان أتقن عملك و صنعتك و اعلم أن الله تعالى يحب المتقنين عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) (أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وصَحِيح الْجَامِع.

الوصية الثانية: التزم بوعودك ولا تخلفها:
لا كما نرى وما نسمع أن كثيرا من الصناع والتجار رأس مالهم إخلاف الوعود وعدم الالتزام بها وللأسف لقد شاع في الأمثال: (فلان وعده إنجليزي) لما يرونه من صدق هؤلاء في وعودهم وعدم إخلافها.

ونحن أحق وأولى لأننا امرنا الله تعالى بذلك قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1]. فلا ينبغي للصانع أن يَعِد الناس بما لا يقدر على وفائه.

الوصية الثالثة: احذر أن تكتم عيبا في تجارتك أو صنعتك: لأن هذا من الغش المذموم كما ذكرنا أنفا و لان ذلك يوجب اللعن و الطرد من رحمة الله تعالى عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ بَاعَ عَيْبًا لَمْ يُبَيِّنْهُ، لَمْ يَزَلْ فِي مَقْتِ اللهِ، وَلَمْ تَزَلِ الْمَلاَئِكَةُ تَلْعَنُهُ) ( أخرجه ابن ماجه وإسناده ضعيف).

الوصية الرابعة احذر من الأيمان الكاذبة: فإنهما تمحق البركة و تهين صاحبها عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل؛ ورجل بايع إمامه لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها رضي، وإن لم يعطه منها سخط؛ ورجل أقام سلعته بعد العصر فقال والله الذي لا إله غيره لقد أعطيت بها كذا وكذا، فصدقه رجل ثم قرأ هذه الآية (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) أخرجه البخاري.

ألا وصلوا وسلِّموا على خير خلق الله نبينا محمد، فقد أمرنا ربنا بهذا، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
اللهم ارض عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وألِّف بين قلوبهم يا رب العالمين.
اللهم احفظ علينا في بلادنا أمننا وطمأنينتنا، واجتماعنا وقيادتنا، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اجْعلهم رحمة على العباد والبلاد، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الخير، وتُعينهم عليه، وأبعِد عنهم بطانة السوء يا رب العالمين.
اللهم إنا نعوذ بك من الغلاء ومن الزلازل والمحن، ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن، برحمتك يا أرحم الراحمين
اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وارحمهم كما ربَّوْنا صغارًا.
اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار.
سبحان ربنا ربِّ العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.


السيد مراد سلامة
__________________
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:20 PM.