|
محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
روائع ومواقف من سلوك رسول الله مع أهله
إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً...
* وأشهد أن لا إله إلا الله: من قالها مخلصاً استوجب الجنة، ولذلك ينادي الحق سبحانه ملائكته يوم القيامة فيقول لهم: (( أخرجوا من النار من ذكرني يوما أو خافني في مقام[1])) ((وأَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنَ الْإِيمَانِ )) [2] لا اله إلا الله أخلوا بها وحدي،لا اله إلا الله أدخل بها قبري،لا إله إلا الله ألقى بها ربي،لا إله إلا الله يغفر بها ذنبي. * اللهم أحينا بها، وتوفنا عليها، واجعل آخر كلامنا من هذه الدنيا لا إله إلا الله محمد رسول الله ابن آدم: إذا كنت بالأمس اقترفت إساءة فبادر بإحسان وأنت حميد ولا ترج فعل الخير يوماً إلى غدٍ فرب غدٍ يأتي وأنت فقيد * وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً رسول الله: كان ينساب في أخلاق أرقّ من النسيم العليل، وآنق من الروض البليل. اسمع إلي وهو يقول: ﴿ الْخُلُقُ الْحَسَنُ يُذِيبُ الْخَطَايَا كَمَا يُذِيبُ الْمَاءُ الْجَلِيدَ، وَالْخُلُقُ السُّوءُ يُفْسِدُ الْعَمَلُ كَمَا يُفْسِدُ الْخَلُّ الْعَسَلَ ﴾[3] سيدي أبا القاسم يا رسول الله: يا مَنْ له الأخلاقُ ما تهوى العلا منها وما يتعشَّقُ الكبراءُ زانتك في الخلقِ العظيم شمائلٌ يُغرى بهنَّ ويولعُ الكرماءُ فإذا سخوت بلغت بالجود المدى وفعلت ما لا تفعل الأنواءُ وإذا عفوت فقادراً ومقدّراً لا يستهين بعفوك الجُهلاءُ وإذا رحمت فأنت أمٌّ أو أبٌ هذان في الدنيا هما الرُّحماءُ[4] * أما بعد فيا أحباب رسول الله: لقد ادّعى محبة النبي صلى الله عليه وسلم بَشَرٌ كثيرون، إذا عرضت أعمالهم على الشرع، استحى الشرع من نسبة هؤلاء إليه، بل ربما تبرأ منهم وجعلهم دخلاء عليه..من أجل ذلك حسم هذه الدعوى، وبين أن أدعياء حب الله ورسوله هم تحت هذا الاختبار، إن نجحوا فيه استحقوا واستوجبوا هذه المحبوبية، وإلا كانوا كاذبين في دعواهم، فقال جل من قائل: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [ آلِ عِمْرَانَ: 31 ] هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادَّعى محبة الله، وليس على المنهج المحمدي سلوكه وأقواله وأفعاله. * معاشر السادة: لم أزل مع حضراتكم أعيش مع الرسول زوجاً، ورأينا كيف كان الرسول يعامل أزواجه وينتهز الفرص ليثبت محبته وتقديره لهم، في الوقت الذي نقرأ كل يوم في الصحف عن ارتفاع نسبة الطلاق في مجتمعاتنا المسلمة، ولا يمر أسبوع أو أقل من ذلك، حتى نسمع قصة جديدة من قصص الشقاق الأسري والنزاع الزوجي، كثيرًا ما تنتهي بالطلاق.. أو تفضي إلى أسرة شقية بائسة تكون مرتعًا خصبًا لأولاد شاردين تائهين عن الحق. وفي كل قضية نسمع ما يشيب له الرأس،وتدمع له العينان من ضروب الشحناء والبغضاء وفنون الكيد والمكر بين الأزواج، في أمة هي أمة التكاتف والتعاطف والتراحم.تُرى أين الخلل؟! * وكيف صار من صار إلى هذه النفرة المشتتة والجفوة المفتتة؟! لا شك أن هناك أسبابٌ كثيرةٌ وتحليلات متعددة ودوافع شتى، ولكنها تجتمع كلها في كلمةواحدة هي "الفهم الخاطئ"، نعم؛ الفهم الخاطئ للحياة الزوجية. حين لا تفهم المرأة دورها في عش الزوجية ولا يفهم الرجل دوره،أو حين يفهم كل منهما دوره بشكل خاطئ تبدأ النزاعات والشقاقات وإلقاء التهم، وتنشأ قائمة طويلة من التبريرات والتفسيرات لكل موقف أو كلمة. ولنقصر حديثنا هنا على الرجال، فهم المخاطبون في يوم الجمعة.. * أيها الأحبة: كثير من الرجال يتصور أن علاقته بزوجه علاقة الآمر بالمأمور، والمتبوع بالتابع، والمخدوم بالخادم، ومن ثم فعليه الأمر وعليها الطاعة، وعليه أن يستلقي في الدار وعليها أن تقوم بكل شيء، عليه أن يوفر القوت وعليها أن تدفع ثمن ذلك ذلاً وخضوعًا وانكسارًا.فغلاظة وجه الرجل المسيطر على بيته والممسك بزمام الأمور، وشدته المفرطة، هي (سمات الزوج الناجح) عند بعض الجهلة من الناس؛ لما كان الأمر كذلك صارت الابتسامة والمباسطة والمداعبة مدرجة في قائمة المحرمات،وصار من أكبر الكبائر عند البعض أن يقول الزوج لزوجه كلمة رقيقة يعبر بها عن محبته وتقديره لها.. * ولا أنسى يوم دخلت في مشكلة أسرية، الشقاق والنفور بلغ مبلغه، والأولاد كبار من الصعوبة بمكان أن يكون هناك طلاق أو فراق، جُل المشكلة كامنة في الرجل فرب الأسرة لا يعطي زوجته أي اهتمام لا في السراء ولا في الضراء، لا جزاء ولا شكوراً ولا أدنى اهتمام بأي مجهود تقوم به مهما كان كبيراً..، أدت هذه الغلظة مع طول الأيام إلى نفور متراكم من قبل الزوجة، فما عادت تطيق النوم معه، وهو لا يحفظ من حديث رسول الله إلا حديثاً واحداً: ﴿ إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ ﴾[5] * وهكذا يفعل الجفاء فعله في فتور العلاقة بين الزوجين، ومن ثم نشوء النزاعات والشقاقات. * فهلموا بنا معاشر السادة: إلى سيد البشر محمد بن عبد الله، لنرى كيف كان يتعامل مع أزواجه. لنرى كيف كان عليه الصلاة والسلام في بيته؟وكيف كان يمارس دور الزوجية؟ * أول ما يلفت النظر في حياة الرسول الزوجية أنه كان حريصاً كل الحرص على أن يُظهر حبه لزوجاته - رضي الله عنهنَّ -، وكان يصرح بهذا الحب ويجهر به، وكان يعلمه أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم. في الوقت الذي نسمع فيه بعض الأمهات الجاهلات تقول لابنها - إذا رأت منه حبه لزوجته - يا بنيّ: انتبه.. إياك أن تظهر لها حبك.. حتى لا تطمع فيك، ويجيب الولد جاهل دعوة أمه المسكينة..! أين هذه الأم من دينها ومن هدي رسول الله، وكيف يجيب الولد أمه لأمر لا يرضي رسول الله، إنها مفاهيم فكَّكت الأسر ومزقت العلاقة بين الزوج وزوجته. * انظروا إلى رسول الله بلغ من إظهار حبه لأزواجه - ولا سيما عائشة رضي الله عنها - أن علمت الناس جميعاً بذلك، حتى قال عروة - رضي الله عنه -: " كان المسلمون قد علموا حُبَّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عائشة، فإذا كانت عند أحدهم هديَّة يريد أن يُهديَها إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أخَّرها،حتى إذا كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت عائشة ذهب صاحب الهدية بها إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت عائشة[6]"، وعن عمرو بن غالب أن رجلاً نال من عائشة عند عمار بن ياسر - رضي الله عنه - فغضب عمار وقال له يا هذا: "أُغْرُبْ مَقْبُوحًا مَنْبُوحًا أَتُؤْذِي حَبِيبَةَ رَسُولِ اللَّهِ [7]"؟! أرأيتم؟! كيف عرف أنها حبيبة رسول الله لو لم يصرح الحبيب بذلك.! فما لأحدنا اليوم يخجل من أن يظهر حبه لأهله، ويستحيي من أن يعبر لزوجه عما يكنه لها من مودة ومحبة؟! * يقول بعض علماء النفس: إنَّ لكل مثير إستجابة، فهمس الرجل بالحب في أذن زوجته يعطي المرأة ثقة وقوة وأماناً وسعادة. وكم من الزوجات أيها الأحبة تنصدم ويأخذها العجب والغرابة عندما تسمع زوجها خارج البيت وهو يلاطف ويجامل الكبير والصغير..فإذا ما دخل البيت تغير وجه، وغلظ لسانه..وكما يقول المثل في مثله: "بالبيت دبور وبرا البيت شحرور" والحبيب يقول: ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي[8] ). * وإننا لنجد النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو الزوج إلى أن يتلطف مع زوجه بكل وسيلة ممكنه؛ حتى أنه دعا الزوج إلى أن يضع اللقمة بيده في فم زوجه تحببًا وتوددًا، فقد أخرج البخاري عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله: ﴿...وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ،حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ.. ﴾ [9]. * وإليك هذه الصورة الزوجية الرائعة: أخرج الإمام أحمد"عن عائشة قالت:كان رسول الله يعطيني العظم - حتى وأنا حائض فَأَتَعَرَّقُهُ - أي: آكل ما بقي فيه من اللحم وأمصه -،ثم يأخذه فيديره حتى يضع فاه على موضع فمي[10]". أيّ محبة..، وأي مودة.. وأي أجواء رائعة كان يضفيها عليه الصلاة والسلام على الحياة الأسرية؟! * بل كان عليه الصلاة والسلام إلى ذلك لا يأنف من أن يقوم ببعض عمل البيت ويساعد أهله، فقد سئلت عائشة - كما في البخاري - رضي الله عنها: ما كان النبي يصنع في بيته؟ قالت:كان يكون في مهنة أهله - أي في خدمتهم -،فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة[11]". * وفي رواية عند أحمد:" كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ،وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدُمُ في بيته نَفْسَهُ[12]"ولا يقل متفلسف هل تريدونا أن نترك العمل من أجل الخدمة في البيت ! لا لم يقل أحد بذلك؛ إنما لوكانت زوجتك مريضة أو متعبةً فما المانع أن تقدم لها يد العون كما فعل رسول الله وأنت تزعم حبه وودَّه...أتعتبر ذلك إنقاصاً من رجولتك؟! إذا كنت رجلاً فافعل كما فعل سيد الرجال. اللهم خلقنا بأخلاق حبيبك وصفيك سيدنا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم -، واجعلنا من أهل الوفا والصفا، وباعد عنا كل عيب وجفا، حتى نكون لحضرته خير ناصرين وخير من اقتفى. * أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فيا فوز المستغفرين، استغفروا الله[13]. [1] أخرجه الترمذي برقم (2597) في أبواب صفة جهنم، باب ما جاء أن للنار نفسين وما ذكر من يخرج من النار من أهل التوحيد، وقال الترمذي: هذا (حديث حسن) غريب، وهو كما قال، ورواه أيضاً البيهقي في كتاب " البعث والنشور ". (جامع الأصول 9/ 514) [2] أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين 1/ 141. وقال: "حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَا" ووافقه الذهبي في التلخيص. [3] رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه عيسى بن ميمون المدني وهو ضعيف. (الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 24 ). [4] أحمد شوقي. الشوقيات (32 - 39)، تقديم حسين هيكل، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان. [5] صحيح البخاري 5/ 1993. برقم (4897) تحقيق: د. مصطفى ديب البغا الناشر: دار ابن كثير، اليمامة – بيروت - الطبعة الثالثة، 1407 هـ - 1987م. [6] صحيح البخاري 2/ 911. برقم (2442). [7] سنن الترمذي 5/ 707.برقم (3888). وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وفي رواية الحاكم بإسناد صحيح: "اسْكُتْ مَقْبُوحًا مَنْبُوحًا أَتُؤْذِي حَبِيبَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". [8] سنن الترمذي 5/ 709.برقم (3895). وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. [9] صحيح البخاري 3/ 1006. برقم (2591). [10] مسند الحميدي 1/ 243 برقم: (166)، وهو عند الإمام أحمد بلفظ قريب. (مسند الإمام أحمد بن حنبل40/ 407. برقم - 24349 - ). [11] صحيح البخاري 1/ 239. برقم (644). [12] مسند الإمام أحمد بن حنبل43/ 263. برقم - 26194 - ) بإسناد صحيح. [13] أُلقيت هذه الخطبة في العديد من المساجد منها: مسجد الصحابي الجليل حمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه - في دمشق 1434هـ، ومسجد صفية أم المؤمنين في عمان - الأردن - 29 / ربيع الأول/ 1435هـ، ومسجد بلال بن رباح - رضي الله عنه - في عمان أيضاً - 25/ ربيع الأول/ 1436هـ الموافق لـ 16/ 1/ 2015م، ومسجد البراء بن عازب - رضي الله عنه - في عمان أيضاً. محمد مهدي بن نذير قشلان
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|