اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية

قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 24-09-2016, 11:09 AM
الصورة الرمزية Samir Elamir
Samir Elamir Samir Elamir غير متواجد حالياً
شاعر ومترجم مصرى
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 256
معدل تقييم المستوى: 17
Samir Elamir is on a distinguished road
افتراضي سمير الأمير و"محنة الثورة"

سمير الأمير و"محنة الثورة"
!* أحمد بهاء الدين شعبان



أعترف بأنى لم أقرأ فى الفترة الأخيرة، على كثرة ما قرأت، كتاباً عن الثورة، أبهجنى وأحزننى. أمضّنى وأسعدنى، وملأ عيونى بالدموع، وقلبى بالشجن، ووجدانى بالغبطة، وعقلى بالتفاؤل، فى وقت واحد، مثلما حدث وأنا منكبٌ على مطالعة كتاب الشاعر، والأديب، والمثقف الوطنى المرموق، الأستاذ "سمير الأمير"، الذى يحمل عنواناً موحياً: "محنة الثورة، من 25 يناير حتى صعود الإخوان"، الصادر منذ أيام. محنة.. وأى محنة، تلك التى عاناها شعبنا، ولا يزال، وهو يواجه، مثلما واجه البطل الأغريقى الأسطورى، "سيزيف"، قوى أسطورية عمياء، حاملاً صخرته الثقيلة، وصاعداً بها الجبل، وكلما اقترب من لحظة النهاية السعيدة، وقارب الوصول إلى غايته وتحقيق الانتصار، تَدَخّلت هذه القوى الباطشة، لكى تُسقط الصخرة، حاكمةٌ عليه أن يبدأ رحلة العذاب الأبدى من أول خطوة، وهكذا دواليك، فى محنة أبدية، فصّلها "سمير الأمير"، ببساطة معجزة، وانسياب مبهر، عبر مجموعة لوحاتبالغة الجمال والسمو، ترسم فى تفاصيلها الدقيقة، ولمحاتها الذكية، يوميات لمشارك فى الثورة، بالروح والوجدان، والعقل والقلب. إن "محنة سمير الأمير"، هى محنتنا جميعاً. محنة شعب قدّم أرتالاً من الشهداء والمصابين، والضحايا والمعذبين، وعانى من القهر والاستغلال، على كل المستويات، لقرونٍ وعقود، وصبر على كل ذلك غير قانطٍ، ولا محبطٍ، وواجه محنته الممتدة، أحياناً بالنكتة والسخرية، وأحياناً بإدارة الظهر والتجاهل، وأحياناً بالثورات المبهرة، ولكنه لم ييأس أبداً. وكيف ييأس من رحمة ربى من يقرأ فى كتاب "الأمير"، ويكتشف، العلامات الفارقة بين جيلين لا أكثر، جيل والده، الذى سافر تسعين كيلومتراً، على دراجته النارية، قاطعاً المسافة من محافظة "الدقهلية" حيث يعيش، إلى محافظة "الشرقية" حيث يدرس ابنه "سمير"، لكى يصفعه "قلما" صاعقاً على صدغه، عقاباً له على تجرؤه بمشاركة زملاءه الطلاب مظاهرات الاحتجاج على رفع أسعار السلع الأساسية، فى 18 و19 يناير 1977، وبين جيل طالب الطب، "مصطفى"، ابن "سمير"، بعد ذلك، الذى يلومه على التأخر عن الالتحاق بمظاهرات اليوم الأول من ثورة يناير العظيمة، فينصاع له، شاعراً بالذنب، لأنه تأخر بسبب ظروف العمل، ويشاركه بهجة الحياة وسط الملايين الذين خرجوا يهدرون: "الشعب يريد إسقاط النظام"!. عبر فصول الكتاب الممتع، الذى يأخذ بمجامعك، ولا يتركك حتى تغلق غلافه الأخير، يُنعش "سمير الأمير"، ذاكرتنا بوقائع محفورة فى عمق تاريخ مصر، تلك الفترة: شعب ميادين التحرير بتحضُّره وعطائه، المجلس العسكرى بدوره ومخططاته وانحيازاته، الإسلام السياسى، أو التيارات الدينية، و"المكفراتية"، بتعطشها للسلطة ومؤامراتها، السياسيين المحليين بتخبطهم وتطلعاتهم، القوى الخارجية بأطماعها وتدخلاتها.. تراجيديا، تختلط فيها الأقدار وتتصارع المصائر، كلٌ يبحث عن بُغيته، ويُغنى على ليلاه!. حكاياتٌ أشجانا بها "سمير الأمير"، بقلبٍ مفجوع وقلمٍ موجوع، أنبأنا فيها على مدار صفحاتها تصريحاً، وأومأ إلينا فى ثنايا سطورها تلميحاً، بقصة أمة علّمت البشرية معنى الوجود، ثم ناخ عليها الدهر بأثقاله، وتكالب حولها لصوص البهجة، فاغتالوا أفراحها، وكلما اقتربت من لحظة خلاصها، انقضوا على أحلامها فافترسوها. وحيث أنه "من المستحيل أن يستمر هذا "الهردبكش"، كما وصفه الكاتب، طويلاً، لأن "الشعب المصرى الشقيق"، "لم يعد قادراً على تَحَمُّل كل تلك المصائب، التى قد تنتهى بنا جميعاً فى العباسية"!. فلم يبق أمامنا، إلا أن ننتبه، وأن نسعى بأسرع مايمكن إلى الخروج من "المتاهة" التى تحيط بنا، كما يقول "سمير الأمير"، فى كتابه، بوحدة وائتلاف كل قوى الثورة (المخلصة، لا لصوص وسارقى الثورات)، وشجاعتها، واستمساكها بأهداب حلمها فى التغيير الحقيقى، وهو كما يقول الكاتب "أمر عسير وشائك، ولكنه أرحم كثيراً من الاستسلام، الذى يمكن أن يسيطر علينا لمدة لا يعلمها إلا الله، أو كما قال العظيم "نجيب محفوظ": سألت الشيخ "عبد ربه التائه": متى يَصلُح حال البلد؟!.. فأجاب: عندما يؤمن أهلها أن عاقبة الجبن أوخم من عاقبة السلامة!"
. ............................ * جريدة "الدستور"، 13 يوليو 2016

آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 24-09-2016 الساعة 11:24 AM
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:22 AM.