|
قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
التداعيات الداخلية والإقليمية لفشل الانقلاب العسكري في تركيا
التداعيات الداخلية والإقليمية لفشل الانقلاب العسكري في تركيا على الرغم من إخفاق الانقلاب العسكري في تركيا واستعادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية السيطرة على مؤسسات الدولة، لم تنقضِ موجات التوابع السياسية الداخلية والإقليمية المترتبة على الانقلاب الذي يعد بمثابة تطورًا استثنائيًا في العلاقات المدنية- العسكرية التركية سيؤدي لموجات من التحولات الجوهرية في بنية النظام السياسي والسياسات الإقليمية لتركيا قد تمتد لعقود قادمة تتصدرها هيمنة حزب العدالة والتنمية والرئيس التركي على النظام السياسي والمؤسسة العسكرية ومراجعة السياسات الإقليمية لتركيا نتيجة الارتداد للداخل واحتمالات تراجع الانخراط التركي في حلف الناتو وتزايد معارضة دول الاتحاد الأوروبي لعضوية أنقرة في الاتحاد، فيما يعرف بمعضلة "اليوم التالي" The Day After. دلالات ضمنية يمكن القول إن الانقلاب العسكري في تركيا قد انتهي قبل أن يبدأ، حيث يرتبط إخفاقه بعدم اكتمال الأركان الأساسية التي تكفل له الاستمرار خاصة الافتقاد لتصدر القيادات العسكرية الرئيسية للمشهد السياسي وعدم توحد المؤسسة العسكرية ضد حكومة حزب العدالة والتنمية وغياب حسم المواجهات الميدانية وعدم السيطرة على قوات الشرطة والأمن الداخلي وقوات الجندرمة خاصة في ظل امتلاكها لمنظومات تسليح تشابه تسليح الجيوش النظامية فضلا عن الافتقاد للدعم الشعبي وعدم وجود قواعد سياسية داعمة للانقلاب أو تأييد خارجي، في المقابل تضمنت أحداث الانقلاب التركي عدة دلالات ضمنية يتمثل أهمها فيما يلي: 1- سرعة التنفيذ والانتشار: على الرغم من محدودية عدد القوات المشاركة في الانقلاب وفقًا للتصريحات الرسمية التركية والتي لم تتجاوز بضعة آلاف، تمكنت هذه القوات من الانتشار السريع في أنقرة واسطنبول وإغلاق بعض الطرق الرئيسية وخاصة جسر البوسفور والسيطرة الخاطفة على مؤسسات حيوية مثل مطار أتاتورك ومبنى التليفزيون الرسمي ووقف بث بعض القنوات مثل "سي إن إن ترك" وحصار البرلمان التركي ومبنى الرئاسة ومقر حزب العدالة والتنمية، فضلا عن احتجاز رئيس الأركان خلوصي آكار والأمين العام للرئاسة فهري كاسيرجا، وهو ما يعكس مدى الضعف الكامن في مؤسسات الدولة وفقدان السيطرة الكاملة على الأوضاع الأمنية مما يعني أن مستقبل النظام التركي قد تحكمه اتجاهات متعددة غير متوقعة في المستقبل. 2- مشاركة قيادات رئيسية: كشفت قوائم الاعتقالات التي أعقبت إخفاق الانقلاب العسكري في تركيا عن مشاركة قيادات عسكرية رئيسية فيه، وهو ما يعكس توغل الانقسامات داخل بنية المؤسسة العسكرية التركية، حيث قامت قوات الأمن باعتقال كل من رئيس أركان الجيش الثالث أكرم جاجلر، والعقيد محرم كوسا المستشار القانوني لرئيس الأركان، والجنرال عابدين أونال قائد القوات الجوية، وقائد لواء الكوماندوز "49" في ولاية بينجول، وقائد لواء الكوماندوز الثاني في ولاية بولو، كما شارك في محاولة الانقلاب عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة الجنرال أكين أوزتورك الذي كان أردوغان بصدد إقالته في 30 أغسطس 2016 بالإضافة إلى 5 جنرالات و29 عقيدًا تمت إقالتهم من مناصبهم وحوالي 2839 ضابطًا وعسكريًا من سلاح الجو والقوات المدرعة وبعض عناصر قوات الأمن. 3- تغلغل التنظيم الموازي: كشفت محاولة الانقلاب عن مدى تغلغل التنظيم الموازي بقيادة فتح الله كولن في مفاصل الدولة التركية ومؤسساتها الرئيسية، إذ لم تكتف حكومة العدالة والتنمية بإقالة 711 قاضي في 17 يونيو 2016 بدعوى انتمائهم لحركة كولن، بل قامت بإقالة 2745 قاضي عقب محاولة الانقلاب في 16 يوليو 2016، وفي السياق ذاته تم اعتقال عدد من القيادات الأمنية والعسكرية في مراحل سابقة باتهامات الانتماء للتنظيم الموازي يتصدرهم المدير السابق لشعبة مكافحة الإرهاب بمديرية أمن اسطنبول، وحوالي 2000 من قيادات الشرطة أغلبهم ينتمون لأقسام التحقيقات والمخابرات وعدد من رؤساء التحرير والصحفيين مثل رئيس تحرير صحيفة "زمان" وتم التحفظ على بعض الشركات الكبرى مثل شركة "كوزايبيك" القابضة والمدارس التابعة لحركة الخدمة. 4- سياسات الاستباق الوقائي: تؤكد بعض المؤشرات على توقع أردوغان لاحتمالات حدوث انقلاب عسكري من داخل المؤسسة العسكرية، حيث أصدرت الحكومة التركية في يونيو 2016 قرارًا يقضي بفصل القيادة العامة لقوات الجندرمة، وهى قوات الشرطة الريفية شبه العسكرية، عن هيئة الأركان العامة وضمها إلى وزارة الداخلية وهو ما يمكن اعتباره محاولة لتحقيق التوازن بين الجيش وقوات الأمن الأكثر دعمًا لحزب العدالة والتنمية، فضلا عن وجود قوائم من قيادات عسكرية كان أردوغان يتأهب لإقالتها في أغسطس 2016 قبل حدوث الانقلاب بدعوى ارتباطهم بحركة فتح الله كولن، ولا ينفصل ذلك عن خبرة أردوغان وحزب العدالة والتنمية في مواجهة محاولات الانقلابات العسكرية التي كان أبرزها قضية "تنظيم أرجنكون" عام 2007 التي تبعها إقالة ومحاكمة قيادات عسكرية متعددة بدعوى محاولة الانقلاب على حكومة العدالة والتنمية وهو ما أتاح لأردوغان اختراق المؤسسة العسكرية وتصعيد قيادات وكوادر موالية للعدالة والتنمية في أغلب قطاعاتها. 5- انكسار الجيش التركي: من المرجح أن يتسبب نهج الإهانة والإذلال والاعتداء الجسدي في تعامل مؤيدي حزب العدالة والتنمية مع عناصر الجيش التركي التي قامت بتسليم أسلحتها والاستسلام لقوات الأمن في انكسار كامل للمؤسسة العسكرية لفترة ممتدة مما سيعوقها عن أداء مهامها في تأمين الحدود والتصدي للتهديدات الخارجية، فضلا عن انهيار الثقة والتضامن بين المؤسسة العسكرية ومؤسسات الدولة السياسية المنتخبة من جانب وقطاعات مجتمعية من مؤيدي العدالة والتنمية من جانب آخر. تحولات مرتقبة من المرجح أن تفرض محاولة الانقلاب العسكري غير الناجحة تحولات هيكلية على مستوى العلاقات المدنية- العسكرية والتفاعلات بين المؤسسات التركية والعلاقة بين حزب العدالة والتنمية والمعارضة فضلا عن تغيرات محتملة في التوجهات الخارجية للدولة التركية وسياسات التدخل في بؤر الصراعات الداخلية في سوريا والعراق وليبيا والعلاقات مع حلف الناتو، وتتمثل أهم هذه التحولات المتوقعة فيما يلي: 1- إخضاع المؤسسة العسكرية: تكشف المؤشرات الأولية لسياسات حكومة العدالة والتنمية عن اتجاهها للهيمنة المطلقة على المؤسسة العسكرية بحيث تصبح تابعة بصورة كاملة للرئاسة التركية وللحزب من خلال إقالة كافة القيادات العسكرية التي لا تتبنى النهج الأيديولوجي لحزب العدالة والتنمية واستبدالهم بقيادات موالية للحزب وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية من الداخل وتغيير عقيدتها العسكرية بصورة شاملة واستغلال حالة الضعف والانكسار في صفوف المنتمين للمؤسسة العسكرية لحسم السيطرة الكاملة عليها، حيث تصاعدت منذ اليوم الأول عمليات القبض على قيادات عسكرية متعددة بدعوى دعمها للانقلاب أو انتمائها للتنظيم الموازي بقيادة فتح الله كولن على الرغم من عدم إثبات هذه الاتهامات. وستركز قيادات العدالة والتنمية على إنهاء الاستقلالية المؤسسية للجيش وتغيير العقيدة العسكرية الكمالية التي تمنح الجيش دورًا في حماية قيم الجمهورية العلمانية والسماح لخريجي المدارس الدينية بالانضمام للكليات العسكرية، وهو ما كان محظورًا في فترات سابقة، فضلا عن تشديد الرقابة على موازنة المؤسسة العسكرية وتغيير كافة التشريعات التي تقر استقلالية الجيش في إدارة قواته والتأكيد على تبعية رئيس الأركان لوزير الدفاع ورئيس الجمهورية بصورة كاملة. وعلى المستوى المؤسسي، ستقوم الحكومة التركية بتوسيع نطاق صلاحيات المؤسسة الأمنية والارتقاء بمستويات تسليحها وتدريبها لتصبح أقرب لجيش موازٍ وقوات شبه عسكريةParamilitary لمواجهة احتمالات تكرار سيناريو الانقلاب العسكري وتحقيق التوازن العسكري بين الجيش والأمن. 2- مركزية مؤسسة الرئاسة: من المرجح أن يتجه أردوغان لاستغلال حالة الاصطفاف الشعبي للتصدي لمحاولة الانقلاب العسكري وتصاعد دعم الرأى العام لحكومة حزب العدالة والتنمية في تغيير التراتبية المؤسسية في النظام السياسي لصالح مؤسسة الرئاسة بصورة نهائية من خلال إيجاد آليات لإخضاع القضاء للرئاسة وتوسيع نطاق الصلاحيات التشريعية والتنفيذية لرئيس الجهورية. ويستدل على هذه الاتجاهات بقرارات إقالة خمسة من أعضاء المجلس الأعلى للقضاء البالغ عددهم 22 عقب انتهاء محاولة الانقلاب العسكري وإعلان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم عن وجود اتجاهات لتعديل الدستور التركي لتشديد العقوبات المفروضة على الانقلابات العسكرية لتصل إلى الإعدام ووضع آليات لضمان عدم تكرار الانقلابات العسكرية. 3- تفكيك المعارضة السياسية: على الرغم من دعم أحزاب المعارضة التركية لحزب العدالة والتنمية وإعلانها رفض الانقلاب العسكري، فإن الرئيس أردوغان قد يستغل الزخم المتصاعد عقب إخفاق محاولة الانقلاب في إضعاف وفرض ضغوط على بعض المعارضين الأكثر مناوئةً لحزب العدالة والتنمية من خلال اتهامهم بالتورط في محاولة الانقلاب والانتماء للتنظيم الموازي التابع لفتح الله كولن، وهو الاتهام الذي سيتم توظيفه كمسوغ قانوني لتصفية المعارضين ومواجهة وسائل الإعلام والصحف المعارضة لحزب العدالة والتنمية، ويمكن اعتبار سيناريو التخلص من فتح الله كولن وحركة الخدمة التي كانت حليفة لحزب العدالة والتنمية قابلا للتكرار في مواجهة أقطاب المعارضة السياسية. 4- مراجعة وضع الأكراد: لم تتضح بعد اتجاهات التحول في سياسات أردوغان في مواجهة الأكراد، حيث أن انهيار المصالحة بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني التي تمت في عام 2013، وتجدد الاشتباكات بين الجيش وحزب العمال الكردستاني ارتبط بمحاولات أردوغان استرضاء قيادات المؤسسة العسكرية لدعم أردوغان في مواجهة حركة الخدمة وعبدالله كولن منذ عام 2015، وقد يدفع تركيز أردوغان على ترتيب الأوضاع الداخلية إلى محاولة التوصل لهدنة أو مصالحة مؤقتة مع حزب العمال الكردستاني، أما السيناريو البديل فيتمثل في تصعيد المواجهات العسكرية مع الأكراد لصرف الانتباه الداخلي عن التحولات المؤسسية الجوهرية الهادفة للهيمنة على النظام السياسي، إلا أن حالة الضعف والانقسام في صفوف الجيش وتدني الروح المعنوية قد تضعف من احتمالية هذا السيناريو. 5- تردي الأوضاع الأمنية: سيؤدي تفكك المؤسسة العسكرية وتراجع قدراتها العسكرية في الأمد القريب لحالة سيولة حدودية قد تسمح للمسلحين من عناصر "داعش" بالتسلل إلى داخل تركيا وتنفيذ عمليات إرهابية واسعة النطاق في مناطق تجمعات المدنيين على غرار التفجيرات التي شهدها مطار أتاتورك في أسطنبول في 29 يونيو 2016 والتي أسفرت عن م*** 41 شخصًا وإصابة العشرات، وبالتوازي مع ذلك ستؤدي السيولة الحدودية لاحتدام الصراع الأهلي في سوريا مع انكسار الإجراءات التركية المشددة التي تم الاتفاق عليها مع حلف الناتو لمنع تسلل المقاتلين الأجانب والإمدادات العسكرية والأسلحة إلى صفوف تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" في سوريا عبر الحدود التركية. 6- تراجع الدور الإقليمي: من المرجح أن تؤدي سياسات الارتداد للداخل إلى تراجع التدخل التركي في بؤر الصراعات الإقليمية، حيث توجد احتمالات لانسحاب القوات التركية من قاعدة بعشيقه في شمال العراق لاستكمال إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية بالتوازي مع الاستمرار في اتجاهات المصالحة مع بعض القوى الدولية والإقليمية مثل روسيا وإسرائيل، فضلا عن تحجيم التدخل العسكري التركي في سوريا نتيجة تراجع القدرات العسكرية للقوات التركية وفقدانها القدرة على تنفيذ عمليات خارج الحدود على الأقل خلال المدى القريب والمتوسط والتركيز على تأمين الحدود التركية- السورية ومنع تسلل العناصر المسلحة إلى الداخل السوري. 7- تحجيم التزامات الناتو: تؤكد بعض المؤشرات على أن وضع تركيا داخل حلف الناتو سيخضع لمراجعات متعددة، وهو ما عبر عنه الخبير الأمريكي إيان بريمر بتأكيده على ضرورة مواجهة الناتو لقضية مدى استقرار تركيا وقدرتها على تحمل التزاماتها تجاه الناتو خاصة عقب الانهيار الكامل للجيش التركي وتأكد عدم قدرته على تنفيذ مهام عسكرية في إطار الحرب على "داعش" في سوريا والعراق. وفي هذا الصدد، تصاعدت حدة الجدل حول قدرة تركيا على تحمل التزاماتها عقب فرض قوات الأمن التركي طوقًا أمنيًا على قاعدة إنجرليك الجوية في محافظة أضنة الجنوبية، حيث تتمركز طائرات وقوات تابعة لحلف الناتو وعدم السماح بالدخول والخروج وقطع التيار الكهربائي عن القاعدة فيما يمكن اعتباره مؤشرًا على ضغوط تركية على الولايات المتحدة لدفعها لتسليم عبدالله كولن الذي يحظي باللجوء السياسي في بنسلفانيا بالولايات المتحدة. ويرتبط ذلك بالخلافات المحتدمة بين تركيا وألمانيا عقب رفض السلطات التركية السماح بزيارة أعضاء في البرلمان الألماني للقوات الألمانية المشاركة في عمليات حلف الناتو ضد تنظيم "داعش" في سوريا والعراق والتي تقيم في قاعدة إنجرليك التابعة لحلف الناتو في تركيا وذلك ردًا على إصدار تشريع من البرلمان الألماني يدين مذابح الأرمن. وفي المجمل تتمثل أهم التحولات المرتقبة في المرحلة المقبلة في هيمنة العدالة والتنمية على المؤسسة العسكرية والتوسع في صلاحيات الرئاسة وإخضاع المؤسسات التركية واستكمال السيطرة عليها من جانب العدالة والتنمية وملاحقة قيادات المعارضة بالتوازي مع الارتداد للداخل وتقليص اتجاهات التدخل الخارجي في بؤر الصراعات الإقليمية وتراجع مكانة تركيا في حلف الناتو مع تقلص قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه الحلف وتوتر علاقاتها مع بعض القوى الدولية، وعلى المستوى الأمني قد تشهد تركيا ترديًا للأوضاع الأمنية في المرحلة المقبلة سواء نتيجة لعمليات تنظيم "داعش" أو حزب العمال الكردستاني أو لتنفيذ بعض الكوادر العسكرية المشاركة في الانقلاب والمنتمية للتنظيم الموازي لعمليات تخريبية انتقامية في الداخل التركي، وهو ما يشير في النهاية إلى أن تركيا بعد 15 يوليو 2016 تختلف عما قبله. |
العلامات المرجعية |
|
|