هموم مصرية

[صوت الحق]

هموم مصرية

مراكز بحوث.. على الرف!









عباس الطرابيلى

• قري جديدة.. في الأرض الجديدة
• شعب غاوي.. تسالي!
• نحن.. وعام جديد
• وياليالي الحلمية..عودي!

سؤال يحيرنى كثيراً.. لماذا إنتاج الفدان من القمح ـ فى بلاد غيرنا ـ من فرنسا إلى أوكرانيا إلى روسيا.. وحتى إلى كندا والأرجنتين، أضعاف إنتاج فدان القمح فى مصر؟! هل السبب نوعية البذور.. أم نظام الزراعة من إعداد الأرض الى البذار الى الرعاية.. الى نظم الحصاد، حيث نفقد حوالى ربع الإنتاج فى عملية الحصاد ذاتها.. ثم فى النقل والتشوين.. أم أن الأرض المصرية أجهدت تماماً بسبب أننا أقدم أرض، على ظهر الأرض، نزرع الأرض من أجل هذا القمح.. أم هو فى نظام الرى ثم التسميد والرعاية.
<< والقضية ليست فى القمح وحده، ولكن فى كل ما نزرع.. إذ أن الذرة بكل أنواعها تعانى عندنا.. وكذلك قصب السكر، إذا قارنا إنتاجية الأرض فى إندونيسيا، فى أقصى الأرض.. الى كوبا فى أمريكا الوسطى، أى الكاريبى. وكذلك إنتاج الخضراوات، والفواكه.. حتى الحبوب الزيتية.. وكل شىء.. لماذا يعطى الفدان المصرى نصف ما يعطيه الفدان فى بلدان غيرنا؟! وهل السبب يكمن فى الفلاح الذى يزرع هنا.. وهناك.. ومدى ما يعطيه للأرض من رعاية واهتمام؟
أم أن الفلاح المصرى لم يغير طرق زراعته، لتتطور مع الزمن، كما فعلت شعوب غيرنا، حتى وان كانت لم تعرف الزراعة إلا بعدنا بآلاف السنين.. بل إن الفلاح السورى والعراقى ـ أى بلاد الهلال الخصيب وما بين النهرين، وما وراءهما يعطى فدان القمح عنده أكثر مما يعطى عندنا، رغم أنهما عرفا الزراعة معنا، فى نفس الوقت تقريباً.. أم أن الجو نفسه يختلف.. وكذلك البذور ونوعية المياه.
<< هذه الأسئلة وغيرها تدور فى ذهنى منذ عرفنا عجز مواردنا عن تلبية احتياجاتنا الغذائية.. وتعجبت، كيف ذلك ومصر تكاد تكون هى أول دولة تنشئ وزارة الزراعة، ليس فقط فى المنطقة.. ولكن فى معظم دول العالم.. ورغم ما تبع ذلك من إنشائنا العديد من مراكز البحوث الزراعية، التى أمر عليها يومياً ولا أكاد أسمع لها صوتاً.. وهل هى مجرد «أماكن» للترقية والحصول على لقب دكتور فى الزراعة.. وما أكثر هذه المراكز البحثية فى إقليم القاهرة الكبرى.. وكذلك فى التفاتيش الزراعية، التى أنشئ بعضها من أيام محمد على باشا الكبير.
<< وفى مجال البحوث الزراعية نسمع عن «ملك القطن» أو إمبراطور القمح.. أو حتى أمير الفراولة.. ولكننا لا نجد شيئاً من ذلك يتحقق على أرض الواقع.
هنا نسأل: إن كانت الأرض المصرية قد «أجهدت» تماماً بفعل طول زراعتها، عبر آلاف السنين.. ومادامت كل أبحاثنا لم تنجح فى زيادة الإنتاج الزراعى، رغم ضخامة الأموال التى أنفقناها على هذه المراكز البحثية. فلماذا لا نترك الأرض القديمة بكل أمراضها وشيخوختها وضعف تسميدها.. ونلجأ إلى الأرض الجديدة نطبق فيها كل هذه الأبحاث: من البذور عالية الإنتاج الى كميات المياه اللازمة لها.. إلى نوعية الاهتمام والرعاية.. والى أنواع الأسمدة الضرورية.. لماذا نزرع الأرض الجديدة بنفس أساليب الأرض القديمة.. وبنفس البذور.. ونفس الوسائل؟
<< لماذا لا ننطلق الى الأرض الجديدة بوسائل جديدة.. وان ندرس جيداً أسباب انطلاق متوسط انتاجية الأرض عند الآخرين ونقارن ذلك بما هو يحدث عندنا.. لماذا لا نرسل بعوثاً الى دول حزام القمح العالمى من وسط آسيا الى شرق ووسط أوروبا وإلى شمال أمريكا الشمالية ـ كندا والولايات المتحدة ـ وحتى الأرجنتين فى أمريكا الجنوبية.. لماذا لا نفعل ذلك، مهما كلفنا من مال أو وقت.
حقاً.. الأرض الجديدة.. المليون ونصف المليون فدان ـ هى أرض جديدة واعدة.. لم تزرع من قبل.. لماذا لا نزرع فيها الأنواع عالية الإنتاجية جيدة الأصناف.. وبالتالى تعطينا هذه المساحة ضعف ما سوف تعطيه لو اتبعنا الطرق القديمة، كما فى الأرض الجديدة، وبذلك نفوز بإنتاج ضعف هذه المساحة، أى كأننا استصلحنا وزرعنا ثلاثة ملايين فدان.. هل هذا صعب.. أم ياترى نحتاج الى استيراد فلاحين من الخارج لإنتاج حلمنا الجديد من هذه الأرض الجديدة؟!
<< وان كانت المراكز البحثية المصرية قد تجمدت عند أفكار تقليدية قديمة.. لماذا لا نتركها ـ وعوضنا على الله فيما أنفقناه عليها ـ وأن نبدأ بإنشاء مراكز بحثية ـ على غرار ما هو موجود فى الدول عالية الإنتاج.
<< أقول ذلك قبل أن ننقل أمراض الأرض القديمة إلي الأرض الواعدة الجديدة.. لنقول إننا ضاعفنا الإنتاج الفعلى وليس فقط استصلحنا مليوناً ونصف المليون فدان.
تعالوا «نستصلح» العقل المصرى ونحن نستصلح الأرض الجديدة