#1
|
|||
|
|||
الامير عبد القادر الجزائرى و عبد الحميد بن باديس
قامت فرنسا بغزو واحتلال الجزائر استكمالا لسلسلة الحروب الصليبية وانتقاما من الجزائر التى كان بها اكبر اسطول عثمانى فى البحر المتوسط حتى ان امريكا وبريطانيا واسبانيا والدنمارك وغيرهما كانوا يدفعون للاسطول العثمانى فى الجزائر ضريبة لعدم الاعتداء وعلى مدار ثلاثة قرون من سيطرة الأسطول الجزائري العثماني على البحر الأبيض انتظر الصليبيون الفرصة السانحة للانتقام من المسلمين، مما أدى بالدول الأوروبية إلى عرض القضية الجزائرية في مؤتمراتها، فبعد أن تم الإشارة إليها في مؤتمر "فيينا" تم عرضها في مؤتمر "إكس لاشابيل" عام 1818 م، وأصبح السؤال الذي يدور هنالك متى تحين هذه الفرصة للانقضاض على الجزائر؟ والحقيقة أن هذه الفرصة أتت في عام 1827 م وهو العام الذي دُمِّر فيه الأسطول الجزائري العثماني في "معركة نافرين" البحرية،
ففرنسا شعرت بعد ثورتها بأنها حامية الكاثوليكية وأن تحقيق الانتصار على حساب الجزائر إنما هو بمثابة انتصار للمسيحية على الدين الإسلامي، وهذا ما استخلصناه من قول القائد الفرنسي (كليرمون دي طونير) عندما فرض حصارا على السواحل الجزائرية عندما قال: "ربما يساعدنا الحظ بهذه المناسبة لننشر المدنية بين السكان الأصليين فندخلهم بذلك في النصرانية". وأيضا الوصف الذي قدمه قائد الحملة الفرنسية (دوبرمون) في الاحتفال الذي أقيم في "فناء القصبة" بمناسبة الانتصار حيث جاء فيه: "مولاي، لقد فتحت بهذا العمل الغزو بابًا للمسيحية على شاطئ أفريقيا". أما اليهود الذين استضافهم المسلمون الجزائريون بعد طردهم من الأندلس من قبل الكاثوليك، فقد ردّوا هذا الجميل للمسلمين بأن فتحوا بوابات العاصمة الجزائر للفرنسيين! حينئدٍ أظهرت فرنسا حقدها الصليبي على الإسلام بشكل صارخ، فلك أن تعلم أنه من أصل 112 مسجدًا في العاصمة الجزائر لوحدها لم يُبق الفرنسيون إلّا على 5 مساجد فقط والباقي قاموا بهدمه أو تحويله إلى مخازن أو إسطبلات، ثم منع الفرنسيون الحج تمامًا، وقام الجنود الفرنسيون بالنهب والسلب في بيوت المسلمين، حتى أنهم كانوا يأتون بالأساور في المعاصم بعد أن يقطعوا أيادي نساء المسلمين من دون أن يتركوا لهن وقتًا لنزع أساورهن! بل إن بعضًا من الفرنسيين كانوا يأتون بأقراط النساء بأذانهن بعد أن يقطعوها بالسكين!! أما لمن كان مغرمًا بـ "الإتيكيت الفرنسي" فعليه أن يقرأ هذه القصة الصغيرة التي تبين مدى الرقي الفرنسي، فعندما التجأ مسلم جزائري إلى أحد كهوف الجزائر مصطحبين معهم ماشيتهم هربًا من بطش الجنود وخوفًا على الفتيات الجزائريات من ال******، قام دعاة الحضارة "الإيتيكتيون" بإشعال النيران في الكهف على من فيه، ليذهب شباب القرية في الصباح ليتفقدوا أوضاع أهاليهم، ليجدوا العجب! فلقد وجدوا جثث الأطفال المتفحمة بين بقايا الدواب المحترقة، فنار الفرنسيين لم تفرق بين الإنسان والحيوان في ال***، ثم وجدوا شيئًا جعل الكثير منهم يسقط مغمًا عليه من فظاعته ووحشيته، وجدوا جثة محترقة لرجل تتعلق يداه بقرني ثور متفحم يبدو أنه هاج من شدة الدخان، فاتجه نحو ذلك الرجل الذي صده بيديه، ولمّا أزاح الشباب جثة ذلك الرجل وجدوا من خلفها جثة لطفلة في حضن أمها وقد تفحمتا، لقد كان هذا الرجل زوجها الذي أراد أن يحمي طفلته وزوجته من ذلك الثور الهائج، فأمسك بقرنيه ليحميهم قبل أن تحترق العائلة والثور معًا بنار فرنسا! هذه المآسي لا أذكرها من باب التذكير بالجراح على فرنسا، ولكن أذكرها لسببين، الأول هو رفض فرنسا الاعتذار للجزائر عن جرائمها التي ارتكبتها في حق المسلمين في الجزائر، وبذلك تكون امكانية تكرارها على المسلمين واردة (وهذا بالفعل ما حدث بالبوسنة منذ أعوام قليلة عندما فكّت فرنسا الحصار على الكاثوليك الكروات وأمدتهم بالسلاح ل*** المسلمين في البوسنة!). أما السبب الثاني فإن ذكر هذا البطش والجبروت يساعدنا على تقدير عظمة بطلنا الأمير عبد القادر الجزائري الذي قاد الجهاد ضد المحتل الصليبي الفرنسي في هذه الظروف القاتمة، وُلِدَ عبد القادر الجزائري في (23 من رجب 1222هـ= مايو 1807م)، وذلك بقرية القيطنة بوادي الحمام من منطقة معسكر بالجزائر، ثم انتقل والده إلى مدينة وهران. ولم يكن محيي الدين والد الأمير عبد القادر هملًا بين الناس؛ بل كان ممَّنْ لا يسكتون على الظلم، فكان من الطبيعي أن يصطدم مع الحاكم العثماني لمدينة وهران؛ وأدَّى هذا إلى تحديد إقامة الوالد في بيته، فاختار أن يخرج من الجزائر كلها في رحلة طويلة.كان الإذن له بالخروج لفريضة الحج عام (1241هـ= 1825م)، فخرج الوالد واصطحب ابنه عبد القادر معه، فكانت رحلة الأمير عبد القادر إلى تونس ثم مصر ثم الحجاز ثم البلاد الشامية ثم بغداد، ثم إلى الحجاز، ثم العودة إلى الجزائر ولم يمضِ وقت طويل حتى تعرَّضت الجزائر لحملة عسكرية فرنسية شرسة، وتمكَّنت فرنسا من احتلال العاصمة فعلًا في (المحرم 1246هـ= 5 من يوليو 1830م)، واستسلم الحاكم العثماني سريعًا، ولكنَّ الشعب الجزائري كان له رأي آخر فرَّق الشقاقُ بين الزعماءِ كلمةَ الشعب، وبحث أهالي وعلماء غريس عن زعيم يأخذ اللواء، ويبايعون على الجهاد تحت قيادته، واستقرَّ الرأي على محيي الدين الحسني، وعرضوا عليه الأمر، ولكنَّ الرجل اعتذر عن الإمارة وقَبِلَ قيادة الجهاد، فأرسلوا إلى صاحب المغرب الأقصى ليكونوا تحت إمارته، فقَبِلَ السلطان عبد الرحمن بن هشام سلطان المغرب، وأرسل ابن عمِّه علي بن سليمان ليكون أميرًا على وهران، وقَبْلَ أن تستقرَّ الأمور تدخَّلت فرنسا مُهَدِّدة السلطان بالحرب، فانسحب السلطان واستدعى ابن عمِّه؛ ليعود الوضع إلى نقطة الصفر من جديد، ولمَّا كان محيي الدين قد رضي بمسئولية القيادة العسكرية، فقد التَفَّتْ حوله الجموع من جديد، وخاصَّة أنه حقَّق عدَّة انتصارات على العدوِّ، وقد كان عبد القادر على رأس الجيش في كثير من هذه الانتصارات، فاقترح الوالد أن يتقدَّم عبدُ القادر الجزائري لهذا المنصب، فقبل الحاضرون، وقَبِلَ الشاب تحمُّل هذه المسئولية، وتمَّت البيعة، واقترحوا عليه أن يكون سلطانًا، ولكنَّه اختار لقب الأمير، وبذلك خرج إلى الوجود الأمير عبد القادر ناصر الدين بن محيي الدين الحسني، وكان ذلك في (13 من رجب 1248هـ= 20 من نوفمبر 1832م). ومع تكبيد الفرنسيين خسائر جسيمة اضطرت فرنسا إلى عقد اتفاقية هدنة مع الأمير عبد القادر؛ وهي اتفاقية «دي ميشيل» في عام (1250هـ= 1834م)، وبهذه الاتفاقية اعترفت فرنسا بدولة الأمير عبد القادر؛ وبذلك بدأ الأمير عبد القادر في الاتِّجاه إلى أحوال البلاد يُنَظِّم شئونها ويُعَمِّرها ويُطَوِّرها، وقد نجح الأمير في تأمين بلاده إلى الدرجة التي عَبَّر عنها مُؤَرِّخ فرنسي بقوله: «يستطيع الطفل أن يطوف ملكه منفردًا على رأسه تاج من ذهب، دون أن يُصيبه أذًى!!». وقبل أن يمرَّ عام على اتفاقية «دي ميشيل» نقض القائد الفرنسي الهدنة، وناصره في هذه المرَّة بعض القبائل في مواجهة الأمير عبد القادر، ونادى الأمير في قومه بالجهاد، ونَظَّم الجميع صفوف القتال، وكانت المعارك الأولى رسالة قوية لفرنسا؛ وخاصَّة موقعة «المقطع»؛ حيث نزلت بالقوات الفرنسية هزائم قضت على قوَّتها الضاربة تحت قيادة تريزيل الحاكم الفرنسي. ولكنَّ فرنسا أرادت الانتقام؛ فأرسلت قواتٍ جديدةً وقيادةً جديدةً، واستطاعت القوات الفرنسية دخول عاصمة الأمير -وهي مدينة معسكر- وأحرقتها، ولولا مطر غزير أرسله الله في هذا اليوم ما بقي فيها حجر على حجر، ولكنَّ الأمير استطاع تحقيق مجموعة من الانتصارات دفعت فرنسا إلى تغيير القيادة من جديد؛ ليأتي القائد الفرنسي الماكر الجنرال بيجو؛ ولكنَّ الأمير نجح في إحراز نصر على القائد الجديد في منطقة وادي تافنة، أجبر القائد الفرنسي على عقد معاهدة هدنة جديدة؛ عُرفت باسم معاهد تافنة في عام (1243هـ= 1837م). يبدأ الأمير سياسة جديد في حركته؛ إذ يُسارع في تجميع مُؤَيِّديه من القبائل، ولمَّا أراد الاستعانة بشيوخ الطريقة التيجانيَّة في طرد الفرنسيين، رفضوا الانخراط في جيشه، تمشِّيًا مع رُوح صوفيَّتِهم التي تأبى التدخُّل في السياسة، فقام بعدَّة حملات على مركز التيجانيَّة في عين ماضي التي قاومت هذه الحملات. هُزم الأمير عبد القادر بالخيانة شأن كل معارك المقاومة في العالم الإسلامي، فهاجمته العساكر المراكشيَّة من خلفه، فرأى من الصواب الجنوح للسلم، وشاور أعيان المجاهدين على ذلك، وأَسَرَهُ المحتلُّون سنة (1263هـ= 1847م) ليلقوا به في سجون باريس، قبل أن ينفوه إلى "إسطنبول"، ليستقبله خليفة المسلمين هناك ويكرمه، فينتقل الأمير بعدها إلى "دمشق"، وهناك في حاضرة الأمويين يبرز لنا لماذا أصبح الأمير عبد القادر الجزائري عظيمًا من عظماء الإنسانية، ففي عام 1860 م اندلعت فتنة دامية بين المسلمين والنصارى في دمشق، ويا للعجب. . .! لقد قام الأمير الجزائري بحماية النصارى وإيوائهم في بيته، على لرغم مما فعله النصارى الفرنسيون بالمسلمين في أرضه! وفي 26 مايو 1883 م انتقل إلى رحمة اللَّه تعالى الأمير البطل عبد القادر الجزائري في منفاه في دمشق، لكي تستغل فرنسا فرصة غيابه وتحول الجزائر إلى مقاطعة فرنسية، بعد أن منعت فيها المحاكم الإسلامية، وقامت بطمس اللغة العربية واستبدالها باللغة الفرنسية. آخر تعديل بواسطة محمد حلمي الدالي ، 28-10-2015 الساعة 05:18 PM سبب آخر: تنظيم الموضوع للتيسير علي الاعضاء |
العلامات المرجعية |
|
|