اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإداري > أرشيف المنتدى

أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 01-07-2015, 06:03 PM
أحمد عريضه أحمد عريضه غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2015
العمر: 36
المشاركات: 44
معدل تقييم المستوى: 0
أحمد عريضه is on a distinguished road
Neww1qw1 كَيْفَ يُحَافِظُ المُسْلِمُ عَلَى إيـمَانِهِ: إجْتِناب الوُقوع في الرّدّةِ والكُفْرِ

قال الله تعالى : ﴿ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ ﴾ (التّوبة ءاية ٧٤).
قال الله تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة ءاية 65 و66].

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (٣٤ )﴾ [سورة محمد].

قَالَ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: « إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ لا يَرىَ بِهَا بَأْساً يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفاً » ـ رواهُ الترمذيُّ. أيْ مَسَافَةَ سَبْعِينَ عَامًا في النُّزُولِ وَذَلِكَ مُنْتَهَى قَعْرِ جَهَنَّمَ وَهُوَ خَاصٌّ بالكُفَّارِ، وَهَذَا الحَدِيثُ دَلِيلٌ على أنَّهُ لا يُشْتَرَطُ في الوُقُوعِ في الكُفْرِ مَعْرِفَةُ الحُكْمِ ولا انْشِرَاحُ الصَّدْرِ ولا اعْتِقَادُ مَعْنَى اللَّفْظِ ولا نية الكفر.

قال الله تعالى : ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءاَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ﴾ [سورة الحجرات] أي أنّ المؤمنين هم الذين صَدَّقُوا بوُجودِ الله تعالى وأنَّه لا يُشْبِهُ شيئًا وصَدَّقُوا أنَّ محمَّداً عبدُهُ ورَسولُهُ ، هو آخِرُ نبيٍّ مُرسَل إلى كافَّة العالمين من إنسٍ وجِنّ وأنّه بشرٌ لم يُخلَقْ مِن نور وأنّه صادِقٌ في كل ما يُبَلِّغُهُ عن الله ، ولم يَشُكُّوا في ذلك. وقد قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم : « أفضلُ الأعمالِ إيمانٌ لا شَكّ فيه » رواه مسلم.

فالإيمان شرط لقبول الأعمال الصّالحة، قال الله تعالى : ﴿ مَثَلُ الّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ﴾ [سورة إبراهيم ءاية ١٨]. وقال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم : « وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِهِ في الدُّنْيَا حَتّى إِذا أَفْضَى إِلى الآخِرَةِ لَم يَكُنْ لُهُ مِنْهَا نَصِيبٌ ». وقال اﻹمام أبو حنيفة رَضيَ الله عنه : « لا يَكون إسلامٌ بلا إيمانٍ ولا إيمانٌ بلا إسلامٍ فهُما كالظّهرِ مع البَطنِ ». فغير المسلم ﻻ يجوز أنْ يُسمّى مؤمِنا.

فبمَا أنّ الإيمانَ هو أفضَلُ الأعمالِ عند الله تعالى لأنّه الشىء الذي لا بُدَّ منه حتى يَكونَ عَمَلُ الإنسان مَقْبُولاً ، كان حَرِيًّا بالمسلم أن يَعْرِفَ ما هي الأشياء التي تُخْرِجُ مِن الإسلامِ حتى يتجَنَّبها ويُحافِظ على إيمانه فإنّ مَن لم يَعرِف الشرَّ يَقَع فيه . والشىء الذي يقطَعُ الإسلامَ ويُبْطِلُهُ هو الردَّةُ والعِياذُ بالله تعالى . ومَن وَقَعَ في الردَّةِ فقد خَسِرَ كُلَّ حَسَنَاتِهِ، قال الله تعالى : ﴿ وَمَن يَكْفُرْ‌ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَ‌ةِ مِنَ الْخَاسِرِ‌ينَ ﴾ [سورة المائدة آية 5]. ومَصيرُهُ إن ماتَ على الردّة أن يدخلَ النّارَ ويخلد فيها إنْ لم يَرجِعْ إلى الإسلام قبلَ موته.

فمن الكفر تشبيه الله بخلقه كاعتقاد أنه ساكن السماء أو الأماكن أو أنه جالس على العرش، يقول الإمام عبدُ الغَنـيّ النابلسِيّ : « أنّ من اعتقد أنّ اللَّهَ مَلأَ السمواتِ والأرضَ أو أنّه جسم قاعدٌ فوق العرش فهو كافرٌ وإن زعم أنّه مسلم » وأضاف يقول : « وسببه ( أي الوقوع في الكفر ) الجهلُ عن معرِفَةِ الأمرِ على ما هو عليه ». فمَن تأمَّلَ هذا الكلامَ عَلِم أنَّ الجاهِلَ في مِثلِ هذا لا يُعذَرُ.

ومن الكفر أن يقول الشخص أنا لست مسلما ولو مازحا أو أن يسُب الله أو الأنبياء أو الملائكة أو دين الإسلام أو أن يستهزأ بذلك أو أن يقول عن شرب الخمر حلال ولا يعذر بالمزح أو الغضب.

وليُعلَم أنَّ مَنْ كَفَرَ لا يَرجِعُ إلى الإسلامِ إلا بالنُّطقِ بالشهادتين أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأشهد أنَّ مُحَمَّداً رسول الله، بعد رجوعه عن الكفر، فلا يرجع الكافر إلى الإسلام بقول أستغفِرُ اللهَ بل يَزيده ذلك كفرًا، ولا تنفعه الشَّهادتان ما دام على كفرِه لم يرجِع عنه.

لا يجوز الرضاء بالكفر ولا الإعانة على الكفر

كذلك يكفر الذي يعين إنسانا على قول أو فعل الكفر وذلك لقوله تعالى : ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [سورة المائدة]، وأكبر الإثم هو الكفر، كأن يدلّ أو يأخذ كافرا إلى مكان ليفعل الكفر أو يسأله سؤالا مع علمه أنّه يجيب بالكفر.

كذلك يكفر من رضي أو استحسن الكفر من الغير وكذا تأخير من أراد الدّخول في الإسلام كأن اشترط عليه أن يغتسل قبل أمره بالنّطق بالشّهادتين.

يقول الله تعالى : ﴿ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ﴾ [سورة الزُّمر ءاية 39]، فهذا دليل على أنّ الرِّضاءَ بالكُفْر كفرٌ
كما قال ذلك الإمام النووي في كتابه روضة الطالبين. فالذي يقول يجب احترام الكفر والمعاصي يخرج من الإسلام.

وقد قال اللهُ تبارك وتعالى في محكم التنزيل : ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ ﴾ (سورة ءال عمران). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مَن رأى منكم منكرًا فليغيرْه بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان » رواه مسلم. وأكبر المنكر هو الكفر. قال الله تعالى ﴿ وَالْكَافِرُ‌ونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [سورة البقرة ءاية 254] وقال : ﴿ إِنَّ الشِّرْ‌كَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [سورة لقمان ءاية 13].

فمن جملة معاصي البدن الإعانةَ على المعصيةِ وذلكَ لقولِ الله تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [سورة المائدة] فالآيةُ دليلٌ لتحريم معاونة شخص لشخصٍ في معصيةِ الله كحملِ إنسانٍ ذكرٍ أو أنثى إلى محلٍّ يُعبدُ فيه غيرُ اللهِ لمشاركة المشركينَ وموافقتِهم في شركهم وذلك كفرٌ، وكأن يأخذ الرجل زوجته الكتابية إلى الكنيسة أو يعطيَها ما تستعين به على ذلك وغيرِ ذلك من كل ما هو معاونةٌ في المعصية كائنةً ما كانت لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.

والردّةُ ثلاثَةُ أقسام : اعتقاداتٌ وأفعالٌ وأقوال

فَمِنَ الأوَّل : الشكُّ في الله أو في رسوله أو في القرءان . ومِن هذا القسم أيضًا أن يعتَقِدَ أنّ اللَّهَ نورٌ بمعنى الضوء أو أنّه رُوحٌ أو اعتقَدَ أنّ سيّدَنا مُحمّداً جُزْءٌ منه ، كذلك مَن اعتقَدَ أنّ المسيحَ جزءٌ من الله فهو ليسَ بِمُسلِم. وقد ذَكَر الولِيُّ الشيخُ عبدُ الغَنـيّ النابلسِيّ : « أنّ من اعتقد أنّ اللَّهَ مَلأَ السمواتِ والأرضَ أو أنّه جسم قاعدٌ فوق العرش فهو كافرٌ وإن زعم أنّه مسلم » وأضاف يقول : « وسببه ( أي الوقوع في الكفر ) الجهلُ عن معرِفَةِ الأمرِ على ما هو عليه ». فمَن تأمَّلَ هذا الكلامَ عَلِم أنَّ الجاهِلَ في مِثلِ هذا لا يُعذَرُ . وكذلك مَن اعتقَدَ أنّ الله جالسٌ على العرش ، لأنّ الله قاهر العرش ومُسَيْطِرٌ عليه ولا يَحتاجُ إليه. ويقول الإمام أبو جعفر الطحاوي في عقيدته الـمُسمَّاة ” العقيدة الطحاوية ” والتي بـيَّن فيها عقيدة أهل السنة والجماعة : ” تَعَالىَ (يعني الله تعالى) عَنِ الحُدُودِ وَالغَايَاتِ وَالأَرْكَانِ وَالأَعْضَاءِ وَالأَدَوَاتِ ” ويقول أيضا في نفي الجهة عن الله عزَّ وجلَّ ” وَلاَ تَحْوِيهِ الجِهَاتُ السِّتُّ كَسَائِرِ المُبْتَدَعَاتِ ” والجهاتُ الست هي : فوق وتحت ويمين وشمال وأمام وخلف. وقال : ” ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر “.

والقسم الثاني الأفعال : كالذي يسجُد لصنَمٍ أو يرمي المصحفَ أو ورقةً فيها اسمُ الله في نجاسةٍ عمدًا . فيجب احترامُ الأوراق التي فيها اسمُ الله ولا يجوز رميُها في مكانٍ مُستقذَر ، ولو لم يقصد الاستخفافَ بما فيها.

والقسم الثالث الأقوال : كالذي يَسُبُّ اللَّهَ تعالى أو ينسبُ له الولَدَ قولاً ولو لم يعتقد ذلك ، وكالذي يَسُبُّ نبيًّا من الأنبياء كمحمّدٍ أو عيسى المسيح أو موسى أو ءادم أوغيرهم ، وكذلك الذي يَشتُمُ ملكًا كجبريل أو ميكائيل أو عزرائيل أو غيرهم ، وكالذي يقول : ( اخلُق لي كذا كما خَلَقَكَ الله ) وكالذي يقول : ” إنّ الله حالٌّ في الأشياء داخلٌ فيها ” وكذلك كلُّ كلامٍ معناه استخفاف بالله ظاهر في ذلك نوى المعنى أو لم ينوِ . قال إمام الحرمين عبد الملك الجُوَينِيّ أحد كبار العلماء : ” اتَّفَقَ الأصوليّون على أن من نَطَقَ بكلمةِ الردّة وزَعَمَ أنَّه أَضْمَرَ تَوْرِيَةً كُفِّرَ ظَاهِرًا وباطنًا “. كذلك قَولُ بعضِ السفهاء : (صُم وصَلّ تركبك القِلّة) كفر ، وكذا قول بعض الناس : (غدا نتدفأ في جهنم) ، أو قال : (أنا كافر) سواء كان مازحًا أو جادًا . واعلموا أن اللَّهَ واجبٌ تعظيمُهُ في حال الرضا وفي حال الغضب ويَحرُمُ الاستخفافُ به في الحالين ، وعلى هذا أَجمَعَ المسلمون .

وقال الإمام النووي في كتابه روضة الطالبين : ” لو غضبَ رَجُلٌ عَلَى وَلَدِهِ أَو غُلاَمِهِ فَضَرَبَهُ ضَربًا شَدِيدًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : أَلستَ مُسلِمًا ؟ فَقَالَ : لاَ ، مُتَعَمِّدًا كفر”. أي مادام بإرادته ولو كان في حال الغضب.

وكذلك الذي يُنكِرُ الجَنَّةَ أو النَّار أو البعث أو الحساب في الآخرة ، وكذلك الذي يقول إنَّ الجنة أمورٌ معنوية وليست حِسّية أو قال: النار فيها عذاب رُوحيٌّ وليس حسّيًا وقد نصّ العُلماءُ على أن من وَقَعَ في هذه الألفاظ فقد حَبِطَ عملُهُ إذا قالها بإرادته مختاراً عامداً غير مُكرَهٍ بال*** ونحوه (ممّا يُؤدي إلى الموت) ولم يَكُن غائبَ العقل. ولم يَقُل العلماءُ إنه يُنظرُ إلى رضاه أو غضبه حين يتكلّم.

وكذلك يخرج من الإسلام من ذم أو استهزأ بكل اسم مدحه الله أو استحسنه رسول الله (مع علمه بذلك) كاسم مريم أو خديجة أو عائشة أو فاطمة أو علي أو حسن أو حسين أو أسماء الأنبياء كآدم وإبراهيم وعيسى ومحمد، (وليعلم أنَّ أفضل الأسماء عبد الله وعبد الرحمن ثم كل اسم فيه اسم من أسماء الله الحسنى).

كذلك لا يجوز الاستهزاء بما حسّنه الشّرع ولا ذم اللغة العربية لأنّها لغة القرءان ولغة أهل الجنّة وأربعة أنبياء، وهذا مخرج عن الإسلام. ولا يجوز أن يقال أنّ العربية لغة صعبة فهي أسهل اللغات وأفضلها.

وَقَالَ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: « أكثرُ خطايا ابنِ أدَمَ مِنْ لِسَانِهِ » رواهُ الطبراني.

وَالقَاعِدَةُ: أنَّ كُلَّ اعتقادٍ أوْ فِعْلٍ أوْ قَوْلٍ يَدُلُّ عَلَى اسْتِخْفَافٍ بِاللهِ أوْ كُتُبِهِ أوْ رُسُلِهِ أوْ مَلائِكَتِهِ أوْ شَعَائِرِهِ أوْ مَعَالِمِ دِينِهِ أوْ أحْكَامِهِ أوْ وَعْدِهِ أوْ وَعِيدِهِ كُفْرٌ فَلْيَحْذَرِ الإنْسانُ من ذلكَ جَهْدَهُ.

فائدةٌ : قَالَ العُلَمَاء : إنْكَارُ مَا عُلِمَ مِنَ الدّينِ بالضَّرُورَةِ كفرٌ، وَمَعْنَى كَوْنِ الأمْرِ مَعْلُومًا مِنَ الدّينِ بالضَّرُورَةِ أن يَكُونَ هذا الأمْرُ مَعْلُومًا بَيْنَ المسْلِمِينَ عُلَمَائِهِمْ وَعَوَامّهِمْ، لَيْسَ أمْرًا لا يَعْرِفُهُ إلا العُلَمَاءُ، وَذَلِكَ كوُجُوبِ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ وَوُجُوبِ صومِ رَمَضَانَ وَحِلّ البَيْعِ وَالشّرَاءِ وَحُرْمَة شُرْبِ الخَمْرِ وَالسَّرِقَةِ، فإنّ هذه الأمور لا تخفى على المسلِمِ مهما كان جاهلاً. قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّ‌بَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّ‌بَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّ‌مَ الرِّ‌بَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّ‌بِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُ‌هُ إِلَى اللَّـهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ‌ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [سورة البقرة آية 275]، هذه الآية فيها دليل واضح على أن من استحل الحرام كافر.

ومن فَكَّرَ في قوله تعالى : ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾[ سورة ق ] وعَلِمَ أنَّ معناه أنّ كلّ ما يتكلّمُ بِه الإنسانُ يُسَجِّلُهُ المَلَكَان سواءٌ كان مازحاً أو جادًّا أو في حالة الغضب ، وكان حريصًا على إيمانه فإنَّـهُ يُمْسِكُ لسانَهُ عمَّا لا يرضي اللّهَ عزَّ وجلَّ . ولا تَلْتَفِتُوا إلى بعضِ الجُهَّالِ الذين ليسَ لهم نَصيبٌ في العلم الذين يقولون: الجاهلُ معذور . فهؤلاء إنّما يَفتَحون بابًا للضلال واسعاً وإنما يرغّبون النَّاس بالجهل ، مخالفين بذلك قولَ الله تعالى : ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الذِينَ يَعْلَمُونَ والذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [ سورة الزمر ] وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : « طَلَبُ العِلْمِ ِفَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِم » (أي وكلّ مسلمة) رواه البيهقي . ولمزيد التأكيد على صِحَّةِ ما ذُكِرَ نَذكرُ قَوْلَ الإمام أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه إذ يقول : “ لاَ يُعْذَرُ أَحَدٌ فِي مُوجبَاتِ الكُفْرِ بِالْجَهْل “.

والنصيحةُ التي تُوَجَّهُ إلى من وَقَعَ في شىءٍ من أمور الردَّة أن يُقَالَ له : ارجع إلى الإسلام بالنطق بالشهادتين ـ أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأشهد أنَّ مُحَمَّداً رسول الله ـ لأنَّ قولَ أَستغفرُ الله لا ينفعه قبل أن يرجعَ إلى الإسلام ، وعليه أن يتذكّر نعمةَ الله عليه الذي خَلَقَهُ وجَعَلَهُ مُتَكَلِّماً يَسْمَعُ وَيُبْصِرُ ، فلا يجوز له أن يستخِفّ به أو أن يَعترض عليه فإنَّه إن فعلَ ذلك فهو الخاسر ، والله لا يَضُرُّهُ أحدٌ ولا يَنفَعه أحدٌ فهو غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ.

أقوال العلماءِ في الرِّدَّة

قال الإمام المجتهد محمد بن جرير الطبري ( المتو فى سنة ٣١٠ هـ ) في كتابه ( تهذيب الاثار ) : ” إن من المسلمين من يَخرج من الإسلام من غير أن يقصِدَ الخروجَ منه “.

وقال البدر الرشيد الحنفي (ت 768هـ) في رسالة له في بيان الألفاظ الكفرية ص/19 : ” مَنْ كَفَرَ بلسَانِهِ طائِعا وقلبه على الإيمان إنّهُ كافر ولا ينفَعه ما في قلبه ولا يَكون عند الله مؤمنًا لأنَّ الكافر إنما يعرف من المؤمن بما ينطق به فإنَ نَطقَ بالكُفْرِ كانَ كافرا عندَنا وعندَ اللهِ ” اهـ.

قال القاضي عياض اليحصبي المالكي (ت 544 هـ) في كتابه الشفا ج214/2 الباب الأول في بيان ما هو في حقه صلى الله عليه وسلم سبٌ أو نقص ٌمن تعرض أو نصٍ : ” منْ سبّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أو عابه أو ألحق به نقصا في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أو عرَّضَ به أو شبهه بشىء على طريق السب له أو الإزراء عليه أو التصغير لشأنه أو الغض منه والعيب له فهو ساب له… قال محمد بن سنحون أجمع العلماء أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المُنتَقِصَ له كافر والوعيد جار عليه بعذاب الله له … ومَنْ شكّ في كفره وعذابه كَفَرَ “. اهـ

قال الشيخ أبو عبد الله محمد أحمد عِلَّيش المالكي مفتي الديار المصريّة الأسبق (١٢٩٩ هـ) في (منح الجليل على مختصر العلَّامة خليل ج٩/ ٢٠٥) ما نصه : ” وسواء كفَر بقول صريح في الكفر كقوله كَفَرتُ بالله أو برسول الله أو بالقرأن أو الإله اثنان أو ثلاثة أو المسيح ابن الله أو العزير ابن الله أو بلفظ يقتظيه أي يستلزم اللفظ للكفر استلزاما بيِّنًا كجحد مشروعيّة شيء مجمع عليه معلوم من الدّين بالضّرورة فإنه يستلزم تكذيب القرأن أو الرسول وكاعتقاد جسميّة الله وتحيُّزه…أو بفعل يتضمَّنه أي يستلزم الفعلُ الكُفرَ استِلزاما بيِّـنًا كإلقاء أي رمي مصحف بشيء قذر “ اهـ .

وقال الشيخ ملا علي القاري الحنفي (ت1014 هـ) في شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، ص/274 : ” ثم اعلم أنَّهُ إذا تكلّم بكلمة الكُفر عالِما بمعناها ولا يعتقِدُ معناها لكنْ صدَرتْ عنهُ من غير إكراهٍ بل مع طواعية في تأْديَتِه فإنّه يُحكَم عليه بالكُفرِ ” اهـ.

قال الحافظ الكبير أبو عَوانة ( المتوفى سنة ٣١٦ ه ) الذي عمل مستخرجَا على مسلم فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في ( فتح الباري ج ١٢/ ٣٠١ ـ ٣٠٢ ) ما نصه : ” وفيه أن من المسلمين من يخرج من الدين من غير أن يقصد الخروج منه ومن غير أن يختار دينًا على دين الإسلام “.

قال الشيخ عبد الله بن الحسين بن طاهر الحضرمي (المتوفى سنة ١٢٧٢ ه) في كتابه ( سُلَّم التوفيق إلى محبة الله على التحقيق ) مانصه : ” يجب على كل مسلم حفظُ إسلامه وصونُهُ عمَّا يفسده ويبطُلُه ويقطعُهُ وهو الرّدةُ والعياذ بالله تعالى وقد كُثرَ في هذا الزمان التساهلُ في الكلام حتى إنَّهُ يخرج من بعضهم ألفاظٌ تُخرجهم عن الإسلام ولا يَرَوْن ذلك ذنبًا فضلاً عن كونه كفرًا ”

قال الإمامُ المحَدّثُ الشيخُ عبد الله الهرري ( المتوفى سنة ١٤٢٩ ه ) في مختصره ص ١٤ : ” وذلك مصداق قوله صَلى الله عَليه وسلم : ” إنَّ العبدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكلمةِ لا يَرَى بها بأسًا يَهوي بها في النَّارِ سَبعين خريفًا ” أي مسافَةَ سبعين عامَا في النزول وذلك منتهى جهنم وهو خاصٌّ بالكفار. والحديث رواه الترمذي وحسَّنَه وفي معنا حديث رواه البخاري ومسلم وهذا الحديث الذي رواه الترمذيّ دليل على أنه لا يُشترَط في الوقوع في الكفر معرفةُ الحكم ولا انشراح الصدر ولا اعتقاد معنى اللفظ “.

قال الشيخ عبد الغني النابلسي الحنفي ( المتوفى سنة ١١٤٣ ه ) في كتاب ( الفتح الرباني والفيض الرحماني ص ١٢٤ ) ما نصه : ” وأمَّا أقسامُ الكفر فهي بحسب الشرع ثلاثةُ أقسام ترجِعُ جميعُ أنواع الكفر إليها وهي : التشبيه والتعطيل والتكذيب… وأما التشبيه فهو الاعتقاد بأن الله تعالى يشبه شيئَا من خلقه كالذين يعتقدون أن الله تعالى جسمٌ فوق العرش أو أنه نور يتصوره العقلُ أو أنه في السماء ـ بذاته ـ أو في جهة من الجهات الست أو أنه في جميع الأماكن أو أنه ملأً السمواتِ والأرضَ أو أنَّ له الحلولَ في شئ من الأشياء أو في جميع الأشياء أو أنه متحد بشئ من الأشياء أو في جميع الأشياء أو أن الأشياء منحلَّةٌ منه أو شيئا منها وجميع ذلك كفرٌ صريح والعياذ بالله تعالى وسببُه الجهل بمعرفة الأمر على ما هو عليه ”

جاء في كتاب الفتاوى لهندية في مذهب الإمام أبي حنيفة ( قام بتأليفها جماعة من علماء الهند برئاسة الشيخ نظام الدين البلخي ) ج٢ / ٢٥٩ و٢٦١ ما نصه : ” يكفر بإثبات المكان لله تعالى… وكذا إذا قيل لرجل : ألا تخشى الله تعالى ؟ فقال في حالة الغضب : لا، يصير كافرًا كذا في فتاوى قاضيخان “.

قال السيد البكي الدمياطي ( المتوفى سنة ١٣١٠ ه ) في ( إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين م٢ / ج ٤ / ١٣٣ ) : ” واعلم أنه يجري على ألسِنة العامَّة جملةٌ من أنواع الكفر من غير أن يَعلَموا أنها كذلك فيجب على أهل العلم أن يُبيّنوا لهم ذلك لعلَّهم يجتنبونه إذا علموه لئلا تحبطَ أعما لهم ويُخلَّدون في أعظمِ العذاب وأشدّ العقاب ومعرفةُ ذلك أمرٌ مهمّ جدًا وذلك لأنَّ مَن لَم يعرفِ الشرَّ يقع فيه وهو لا يدري وكلُّ شر سببُه الجهل وكلُّ خير سببُه العلمُ فهو النورُ المبين والجهلُ بئس القرين ” .

يقول الحافظ الفقيه محمد بن محمد الحسيني الزبيدي الشهير بمرتضى ( المتوفى سنة ١٢٠٥ ه ) في كتابه ( إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين ج ٥ / ٣٣٣ ) ما نصه : ” وقد ألّف فيها ( كلمات الردة ) غير واحد من الأئمة من المذاهب الأربعة رسائل وأكثروا في أحكامها “.

الإمام أبو حنيفة (80 – 150 هـ) يقول لجهم بن صفوان : “اخرج عنّي يا كافر“. كتاب كشف الأسرار شرح أصول البزدوي

وثبت أن الشافعي قال : ” من قال الله جالس على العرش كافر ” رواه عنه القاضي حسين من أصحاب الوجوه في المذهب كما فى كتاب نجم المهتدى ورجم المعتدى لابن المعلّم القرشي ص555

وثبت أن الشافعي قال لحفص الفرد المعتزلىّ : ” لقد كفرت بالله العظيم ” وقال الإمام الشافعي: ” المجسم كافر ” رواه عنه الحافظ السيوطي في الأشباه والنظائر.

وقال الإمام أحمد من قال الله جسم لا كالأجسام كفر نقله عنه صاحب الخصال من الحنابلة كما ذكر ذلك المحدّث الأصولي بدر الدين الزركشىّ في تشنيف المسامع

وثبت أن الإمام الأوزاعىّ قال للخليفة هشام بن عبد الملك بعد أن ناظر المعتزلىّ أبا مروان غيلان الدمشقىّ كافر وربّ الكعبة يا أمير المؤمنين رواه الحافظ ابن عساكر فى تاريخ دمشق.

العلامة الشيخ مصطفى وهيب البارودي الطرابلسي (المتوفى سنة 1373 هـ)

قال في كتابه واجب الاهتمام فيما وصّى به الإسلام: ومما وصّى الإسلام باجتنابه وحذّر منه كلُ ما يفسده ويقطعه وهو الردة والعياذ بالله تعالى وهي ثلاثة أقسام اعتقادات وأفعال وأقوال، وكل قسم منها يتشعب منه شعبًا كثيرة :

فمن الأول : الشك في الله أو في رسوله أو القرءان أو اليوم الآخر أو الجنة أو النار أو الثواب أو العقاب أو نحو ذلك مما هو مجمع عليه، أو نفى مشروعية مجمع عليه كذلك، أو رسالة أحد من الرسل أو نبوته أو نبيًا من الأنبياء المجمع عليهم، أو أنكر حرفًا مجمعًا عليه من القرءان أو زاد حرفًا مجمعًا على نفيه معتقدًا أنه منه، أو كذّب رسولا أو نبيًا أو نقّصه أو صغر اسمه (أي بقصد تحقيره)، أو جوّز نبوة أحد بعد نبينا صلى الله عليه وسلم، أو أنكر صُحبة أبي بكر رضي الله عنه.

والقسم الثاني الأفعال : وهي كل فعل أجمع المسلمون على أنه لا يصدر إلا من كافر وذلك كسجود لصنم.

والقسم الثالث الأقوال وهي كثيرة جدًا منها : كالسخرية باسم من أسمائه تعالى، أو أسماء أنبيائه أو وعده أو وعيده وهو ممن لا يخفى عليه ذلك، أو قال: أنا بريء من الله أو رسوله أو من القرءان أو الشريعة أو دين الإسلام إن كان كذا، أو قال: أكون قوّادًا إن صليت أو الصلاة لا تصلح لي استخفافًا أو استحلالا. وعلى من وقع منه شيء من ذلك العود فورا إلى الإسلام بالنطق بالشهادتين والإقلاع عما وقع منه ويجب عليه الندم على صدوره والعزم أن لا يعود لمثله.

قال الإمام المفسِّر فخر الدين الرازي (ت 606هـ) في تفسيره (سورة الأعراف):

ثُمَّ حَكَى تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ ( قَالُوا يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ) وَاعْلَمْ أَنَّ مِنَ الْمُسْتَحِيلِ أَنْ يَقُولَ الْعَاقِلُ لِمُوسَى : اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ وَخَالِقًا وَمُدَبِّرًا ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَحْصُلُ بِجَعْلِ مُوسَى ، وَتَقْدِيرُهُ : لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ خَالِقًا لِلْعَالَمِ وَمُدَبِّرًا لَهُ ، وَمَنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ كَامِلَ الْعَقْلِ . وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُمْ طَلَبُوا مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُمْ أَصْنَامًا وَتَمَاثِيلَ يَتَقَرَّبُونَ بِعِبَادَتِهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ حَيْثُ قَالُوا : ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) [الزُّمَرِ : 3].

إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ : لِمَ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ كُفْرًا ؟ فَنَقُولُ : أَجْمَعَ كُلُّ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عَلَى أَنَّ عِبَادَةَ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كُفْرٌ ، سَوَاءٌ اعْتَقَدَ فِي ذَلِكَ الْغَيْرِ كَوْنَهُ إِلَهًا لِلْعَالَمِ ، أَوِ اعْتَقَدُوا فِيهِ أَنَّ عِبَادَتَهُ تُقَرِّبُهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ نِهَايَةُ التَّعْظِيمِ ، وَنِهَايَةُ التَّعْظِيمِ لَا تَلِيقُ إِلَّا بِمَنْ يَصْدُرُ عَنْهُ نِهَايَةُ الْإِنْعَامِ وَالْإِكْرَامِ .

فَإِنْ قِيلَ : فَهَذَا الْقَوْلُ صَدَرَ مِنْ كُلِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ ؟

قُلْنَا : بَلْ مِنْ بَعْضِهِمْ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ السَّبْعُونَ الْمُخْتَارُونَ ، وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ يَرْتَفِعُ عَنْ مِثْلِ هَذَا السُّؤَالِ الْبَاطِلِ .

ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ أَجَابَهُمْ فَقَالَ : ( إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) وَتَقْرِيرُ هَذَا الْجَهْلِ مَا ذُكِرَ أَنَّ الْعِبَادَةَ غَايَةُ التَّعْظِيمِ ، فَلَا تَلِيقُ إِلَّا بِمَنْ يَصْدُرُ عَنْهُ غَايَةُ الْإِنْعَامِ ، وَهِيَ بِخَلْقِ الْجِسْمِ وَالْحَيَاةِ وَالشَّهْوَةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْعَقْلِ وَخَلْقِ الْأَشْيَاءِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا ، وَالْقَادِرُ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَيْسَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تَلِيقَ الْعِبَادَةُ إِلَّا بِهِ.

يقول الإمام النسفي (ت 710 هـ) في تفسيره مدارك التنزيل وحقائق التأويل:

ولما صنع عبد الرحمن بن عوف طعاماً وشراباً ودعا نفراً من الصحابة رضي الله عنهم حين كانت الخمر مباحة، فأكلوا وشربوا فقدموا أحدهم ليصلي بهم المغرب فقرأ «قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون وأنتم عابدون ما أعبد» ونزل: ﴿ يَـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَـٰرَىٰ ﴾ أي لا تقربوها في هذه الحالة ﴿ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ ﴾ أي تقرأون، وفيه دليل على أن ردة السكران ليست بردة، لأن قراءة سورة «الكافرين» بطرح اللامات كفر ولم يحكم بكفره حتى خاطبهم باسم الإيمان، وما أمر النبي عليه السلام بالتفريق بينه وبين امرأته ولا بتجديد الإيمان.

ويقول في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً ﴾ حال من ضمير القاتل أي قاصداً ***ه لإيمانه وهو كفر أو ***ه مستحلاً ل***ه وهو كفر أيضاً ﴿ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَـٰلِداً فِيهَا ﴾ أي إن جازاه.

يقول الإمام القرطبي (ت 671 هـ) في تفسيره الجامع لأحكام القرآن:

عند تفسير الآية ١٢١ من سورة الأنعام ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ‌ اسْمُ اللَّـهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِ‌كُونَ ﴾ : قوله تعالى: { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ } أي في تحليل الميتة { إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ }. فدلّت الآية على أن من ٱستحلّ شيئاً مما حرّم الله تعالى صار به مُشرِكاً. وقد حرَّم الله سبحانه الميتة نصًّا ؛ فإذا قَبِلَ تحليلها من غيره فقد أشرك. قال ابن العربيّ: إنما يكون المؤمن بطاعة المشرك مشركاً إذا أطاعه في الاعتقاد ؛ فأما إذا أطاعه في الفعل وعقده سليم مستمر على التوحيد والتصديق فهو عاصٍ ؛ فافهموه. وقد مضى في «المائدة».

قال محمد بن أحمد ميارة المالكي في كتابه الدر الثمين والمورد المعين (شرح المرشد المعين على الضروري من علوم الدين):

أَوَّلُ وَاجِبٍ عَلَى مَنْ كُلِّفَا مُمْكِّناً مِنْ نَظَرٍ أنْ يَعْرِفَا الله وَالرُّسُلَ بِالصِّفَاتِ مِمَّا عَلَيْهَا نَصَبَ الآيَاِت

قوله أن يعرف: المعرفة الواجبة هي الجزم المطابق عن دليل فخرج بالجزم من كان إيمانه على ظنٍّ أو شكٍّ أو وهْم فإيمنه باطلٌ بإجماع. وخرج بوصفه بالمُطابق الجزمُ غيرُ المُطابق ويُسمى الاعتقادَ الفاسِد والجَهلَ المركّبَ كاعتقاد الكافرين التّجسيم والتّثليث أو نحو ذلك والإجماع على كفر صاحبه أيضا وأنه آثم غير معذور مخلد في النار اجتهد أو قلّد ولا يعتدبه بخلاف من خالف في ذلك من المبتدعة.

والحمد لله ربِّ العالمين
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:47 PM.