#1
|
||||
|
||||
أيها الضيف الكبير..عذراً!!
أيها الضيف الكبير..عذراً!!
بسام بن علي الحامد إيه يا شهرنا العظيم شموخاً قد تنسمت من نسيم الوادي ضمنا.. ضمنا إليك فإنا لم نزل من بنيك والأحفاد هكذا أنت يا رمضان، شهر للخير والبر والمغفرة والبركات، وشهر للقيم والألفة والترابط والرحمات، وشهر للعزة والإباء والشموخ والانتصارات. هكذا أنت، وهكذا كان مجيئك.. كنت تأتي أمة الإسلام من قبل وهي في عزة وإباء، لا تعرف الذل والخضوع إلا لخالقها - سبحانه وتعالى -، فهي لم تقف عند أبواب أعدائها، بل كنت تأتيها يا رمضان وهي قائدة العالم وسيدة الأمم. يقف أعداؤها على عتبات أبوابها مملوءة قلوبهم هيبة وتعظيماً، يطلبون ودها ويرجون عطفها.. قد أتيت يا رمضان على هذه الأمة من قبل وهي في يوم كيوم بدر (2هـ)، وفي يوم كيوم فتح مكة (8 هـ)، بل أتيتهم وهم يفتحون الأندلس (92هـ) ويوقفون زحف التتار في عين جالوت (658 هـ). وأيام العز التي كنت تأتي فيها يا رمضان كثيرة، وقائمتها طويلة. أما اليوم يا رمضان، فتأتي وجرح فلسطين يثعب دماً، والمسجد الأقصى يئن ويصرخ ويشتد نحيبه، وحصار غزة الحقير الذي يكشف حالنا وضعفنا وتفككنا مازال مستمراً حتى أطرقت رؤوسنا خجلاً منك يا شهر العزة. ... لقد كنت تقبل يا رمضان على أمة الإسلام من قبل وهي أمة موحدة مترابطة آمنة، لا مكان فيها للظلم والفساد.. عندما كانت لا تحيد عن شرع الله قيد أنملة، ولكنك اليوم تقبل يا رمضان والأمة قد ابتعدت عن كتاب ربها وسنة نبيها، فسلط الله عليها الأعداء، فأقبلت عليها وهي خائفة لا تشعر بالأمن، وهي مظلومة لا تحس بالعدل، سُلط عليها الظالمون والفاسدون حتى وصلت إلى الحال الذي نسمع عنه ونتابعه في العراق والصومال وأفغانستان وباكستان. بل هاهي بلادنا الحبيبة موطن الإيمان والحكمة، تعيش أزمة سياسية حادة، وتمر بفتنة قوية، ومخاطر فرقة حقيقية!.. تساهل مع المد الشيعي في المنطقة، هو ما أدى إلى حروب صعدة، وتعديات وفوضى مع تراخٍ في رد المظالم، هو ما أدى إلى مشاكل في الجنوب، حتى صارت وحدة اليمن على المحك. رمضان عدت وهذه أوطاننا *** عم الفساد بها وزاد وطالا ضاعت مقاييس الفضيلة بيننا *** وتبدلت أحوالنا أوحالاً لقد أطرقت رؤوسنا خجلاً منك يا رمضان ونحن غارقون في مصائبنا.. ... لقد كنت يا رمضان تفد إلى قوم تآخوا على غير أرحام بينهم، عرفوا سر قوله - تعالى -: (إنما المؤمنون إخوة)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((المسلم أخو المسلم)) رواه البخاري ومسلم-، فكانوا بحق إخوة وأحباباً، لا يقيمون وزناً لعصبية أو جهوية أو عرقية، كانوا جسداً واحداً يعيشون بالود ويتعاملون بالحب.. حياتهم صفاء وعيشهم وفاء.. لا تباغض ولا تنافر، ولا تهاجر ولا تناحر. وأما اليوم فلا تفد إلا على قوم استبدلوا العداوة بالإخاء، والخصومة بالصفاء، ورضوا بالتباغض والشحناء.. هل تفد إلا على مجتمع بات يفقد قيمه ولا يكاد يعرف حقوقه، فالأبناء يعقون الآباء ويتنكرون لهم بل يضربونهم، والآباء يهملون تربية الأبناء ويتخلون عنهم ويسكتون عن أخطاءهم بل يسندونهم!! وهاهي قطيعة الأرحام قد جلبت الفساد في الأرض ودمرت الأواصر وسودت القلوب.. أما حقوق الجوار فحدث ولا حرج فلم يعد الجار مصدر الرعاية ومحط العناية، واستُبدل الإحسان بالأذية والرحمة بالحسد والجشع والأنانية.. هذا واقعنا الذي نعيشه، وهكذا تبدلت الدنيا وتغير الناس واستحال الزمان زماناً آخر.. فعذراً أيها الضيف الكبير.. عذراً! |
العلامات المرجعية |
|
|