اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 30-05-2015, 06:05 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 60
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي الفسق

الفسق




علي محمد سلمان العبيدي





الفسق: الخروج الكلي عن طاعة الله فهو كفر، والخروج الجزئي للمؤمن المرتكب لكبيرة، وهو العاصي.

قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ * أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 99 - 101].

وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 81، 82].

قال تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ * لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ * ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 110 - 112].

وقال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 48 - 50].

وقال تعالى: ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾ [التوبة: 67، 68].

قال أبو جعفر: وأصلُ الفسق في كلام العرب: الخروجُ عن الشيء، يقال منه: فَسَقَتِ الرطَبة: إذا خرجت من قشرها، ومن ذلك سُمِّيَت الفأرةُ فُوَيْسِقة؛ لخروجها عن جُحرها، فكذلك المنافق والكافر سُمِّيَا فاسقيْن؛ لخروجهما عن طاعة ربهما، ولذلك قال جل ذكره في صفة إبليس: ﴿ إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾ [الكهف: 50]؛ يعني به: خرج عن طاعته واتِّبَاع أمره.

الفِسْقُ لغة: قال في لسان العرب:
(فسق) الفِسْق: العصيان والترك لأَمر الله عز وجل، والخروج عن طريق الحق، فسَق يَفْسِقُ ويَفْسُقُ فِسْقًا وفُسوقًا، وفَسُقَ؛ الضم عن اللحياني؛ أَي: فَجَر، قال: رواه عنه الأَحمر، قال: ولم يعرف الكسائي الضم، وقيل: الفُسوق الخروج عن الدين، وكذلك الميل إلى المعصية، كما فَسَقَ إبليسُ عن أَمر ربه، وفَسَق عن أمر ربه؛ أَي: جار ومال عن طاعته، قال الفرَّاء في قوله عز وجل: ﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾ [الكهف: 50]: خرج من طاعة ربه، والعرب تقول إذا خرجت الرطَبةُ من قشرها: قد فَسَقَت الرطَبةُ من قشرها، وكأَن الفأرة إنما سميت فُويْسِقةً لخروجها من جُحْرها على الناس، والفِسْقُ الخروج عن الأَمر، وفَسَقَ عن أَمر ربه؛ أَي: خرج، وهو كقولهم: اتَّخَمَ عن الطعام؛ أي: عن أكله، قال الأَخفش: في قوله: ﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾ [الكهف: 50]، قال: عن رَدِّهِ أَمرَ ربه؛ نحو: قول العرب: اتَّخَمَ عن الطعام؛ أي: عن أَكله الطعام، فلما رَدَّ هذا الأَمر فَسَقَ، قال أَبو العباس: ولا حاجة به إلى هذا؛ لأن الفُسُوقَ معناه الخروج، ﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾ [الكهف: 50]؛ أَي: خرج، وقال ابن الأَعرابي: لم يُسْمع قَطُّ في كلام الجاهلية ولا في شعرهم فاسِقٌ، قال: وهذا عجب، وهو كلام عربي، وحكى شَمِر عن قطرب: فَسَقَ فلان في الدنيا فِسْقًا: إذا اتسع فيها وهَوَّنَ على نفسه واتسع بركوبه لها، ولم يضيقها عليه، وفَسَقَ فلان مالَهُ: إذا أَهلكه وأَنفقه، ويقال: إنه لفِسْقٌ؛ أَي: خروج عن الحق، والفِسْقُ في قوله: ﴿ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴾ [الأنعام: 145]، روي عن مالك أَنه ال***، وقوله تعالى: ﴿ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ﴾ [الحجرات: 11]؛ أَي: بئس الاسم أن تقول له: يا يهودي، ويا نصراني، بعد أَن آمن؛ أَي: لا تُعَيِّرْوهم بعد أَن آمنوا، ويحتمل أَن يكون كل لَقب يكرهه الإنسان، وإنما يجب أَن يخاطِب المؤمنُ أَخاه بأَحبِّ الأَسماء إليه، هذا قول الزَّجَّاج، ورجل فَاسِقٌ وفِسِّيقٌ وفُسَقُ: دائم الفِسْقِ، ويقال في النداء: يا فُسَقُ، ويا خُبَثُ، وللأُنثى: يا فَسَاقِ؛ مثل: قَطَامِ، يريد: يا أَيها الفَاسِقُ، ويا أَيها الخبيث، وهو معرفة، يدل على ذلك أَنهم يقولون: يا فُسَقُ الخبيثُ، فينعتونه بالأَلف واللام، وفَسَّقَه: نسبه إلى الفِسْقِ، والفوَاسِقُ من النساء الفواجرُ، والفُوَيْسِقةُ الفأرة، وفي الحديث أَنه سَمَّى الفأْرة فُوَيْسِقةً تصغير فاسِقَةٍ؛ لخروجها من جُحْرها على الناس وإِفسادها، وفي حديث عائشة: وسُئِلَتْ عن أَكل الغُرابِ، قالت: ومن يأْكله بعد قوله: فاسِقٌ، قال الخطَّابِي: أراد تحريم أكلها بتَفْسِيقها، وفي الحديث: ((خَمْسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ في الحِلِّ والْحَرَم))، قال: أَصل الفِسْقِ الخروج عن الاستقامة، والْجَورُ، وبه سمي العاصي فاسقًا، وإنما سُمِّيَت هذه الحيوانات فَوَاسِقَ على الاستعارة لخبثهن، وقيل: لخروجهن عن الحرمة في الحل والحرم؛ أَي: لا حرمة لهن بحال؛ انتهى.

قال في تاج العروس:
الفِسْق بالكَسْر: الترْكُ لأمْر الله عز وجل والعِصْيانُ والخُروجُ عن طَريق الْحَقِّ سبحانَه؛ قالَه الليث، أو هو الفُجورُ كالفُسوقِ بالضم، وقيل: هو المَيْلُ إلى المَعصِية، قال الأصبهاني: الفِسْق أعم من الكُفْر، والفِسْقُ يقعُ بالقَليلِ من الذُنُوبِ وبالكَثيرِ، ولكِنْ تُعورِفَ فيما كانَ بكَثيره، وأكثرُ ما يُقالُ الفاسِقُ لمَنْ التَزَم حُكمَ الشرع وأقر بهِ ثم أخلَّ بجَميعِ أحكامِه أو ببَعْضِها، وإذا قيل للكافِرِ الأصْلِ فاسِقٌ، فلأنه أخَلَّ بِحُكمِ ما ألزمَه العَقْلُ واقتَضَتْه الفِطْرَةُ، ومنه قولُه تَعالى: ﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ﴾ [السجدة: 18]، فقابَلَ به الإيمان، فالفاسِقُ أعم من الكافِر، والظالِمُ أعم من الفاسِق، فسَق كنَصَر وضَرَب وكرُم، وقولُه تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾ [الأنعام: 121]؛ أي: خُروجٌ عن الحق، وقال أبو الهيْثم: وقد يكونُ الفُسوقُ شِرْكًا ويكون إثْمًا، والفِسْق في قوله تعالى: ﴿ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴾ [الأنعام: 145]، رُويَ عن مالك أنه الذبْح، وقولُه تعالى: ﴿ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ﴾ [الحجرات: 11]؛ أي: بِئْسَ الاسمُ أن يقول له: يا يهودِي ويا نَصْراني بعد أنْ آمن، ويُحتَمل أن يكون كُلَّ لَقَبٍ يكرهُه الإنسان؛ قاله الزَّجاج، وفَسَق: جارَ ومالَ عن طاعَةِ اللهِ عز وجل، ومنه فَسَقت الرُّكَّاب عن قصد السبيل؛ أي: جارت، وقولُه تعالى: ﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾ [الكهف: 50]؛ أي: خرَج، زادَ الفَرَّاءُ: عن طاعةِ ربه، ورَوَى ثعْلَبٌ عن الأخْفَش، قال: أي عن ردِّهِ أمرَ ربه؛ نحو قول العَرَب: اتَّخَم عن الطعام؛ أي: عنِ أكْلِه، فلما رد هذا الأمر فسَق، قال أبو العباس: ولا حاجةَ به إلى هذا؛ لأن الفُسوقَ معناه الخُروج، فسَقَ عن أمْر ربه؛ أي: خرَج، وفسَقت الرُّطَبَة عن قِشْرِها؛ أي: خرجَت كانْفَسَقَت، وهذه عن ابنِ دُرَيْد، قيل: ومنه اشتِقاق الفاسِق لانْفِساقِه؛ أي: لانسِلاخِه عن الْخَيْر، ونص الجَمْهَرة: من الْخَيْر، وقال أبو عُبَيدة: ﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾ [الكهف: 50]؛ أي: جارَ عن طاعَتِه.


ورجُلٌ فُسَقٌ كـ: صُرَد، وفِسِّيق مثل: سِكِّيت: دائِمُ الفِسْق، وأنشدَ الليثُ لسُلَيمان:
عاشوا بذلك حينًا في جِوارِهِمُ
لا يُظْهِرُ الجَوْرَ فيهم آمِنًا فُسَقُ؛ انتهى.


والمراد به شرعًا: الخروج عن طاعة الله، وهو يشمل الخروج الكلي، فيقالُ للكافر: فاسق، والخروج الجزئي؛ فيقال للمؤمن المرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب: فاسق.

فالفسق فسقان: فسق ينقل عن الملة، وهو الكفر، فيسمى الكافر فاسقًا، فقد ذكر الله إبليس فقال: ﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾ [الكهف: 50]، وكان ذلك الفسق منه كفرًا.

وقال الله تعالى: ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ﴾ [السجدة: 20]، يريد الكفار، دل على ذلك قوله: ﴿ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [السجدة: 20].

ويسمى مرتكب الكبيرة من المسلمين فاسقًا، ولم يُخْرِجْه فسقه من الإسلام، قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 4].

وقال تعالى: ﴿ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [البقرة: 197].

وقال العلماء في تفسير الفسوق هنا: هي المعاصي.

قال شيخ الاسلام:
قال محمد بن نصر: وكذلك الفسق فسقان: فسق ينقل عن الملة، وفسق لا ينقل عن الملة، فيسمى الكافر فاسقًا، والفاسق من المسلمين فاسقًا، ذكر الله إبليس فقال: ﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾ [الكهف: 50]، وكان ذلك الفسق منه كفرًا، وقال الله تعالى: ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ﴾ [السجدة: 20]، يريد الكفار، دل على ذلك قوله: ﴿ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [السجدة: 20]، وسمي الفاسق من المسلمين فاسقًا ولم يُخْرِجه من الإسلام، قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 4]، وقال تعالى: ﴿ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [البقرة: 197]، فقالت العلماء في تفسير الفسوق ها هنا: هي المعاصي، قالوا: فلما كان الظلم ظُلْمَيْنِ والفسق فسقين، كذلك الكفر كفران:
(أحدهما ينقل عن الملة) و(الآخر لا ينقل عن الملة)، وكذلك الشرك (شركان): شرك في التوحيد ينقل عن الملة، وشرك في العمل لا ينقل عن الملة، وهو الرياء، قال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، يريد بذلك المراءاة بالأعمال الصالحة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الطِّيَرَةُ شِرْكٌ)). قال محمد بن نصر: فهذان مذهبان هما في الجملة محكيان عن أحمد بن حنبل في موافقيه من أصحاب الحديث، حكى الشالنجي إسماعيل بن سعيد أنه سأل أحمد بن حنبل عن الْمُصِرِّ على الكبائر يطلبها بجهده إلا أنه لم يترك الصلاة والزكاة والصيام هل يكون مُصِرًّا من كانت هذه حاله؟ قال: هو مُصِرٌّ؛ مثل قوله: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)) يخرج من الإيمان ويقع في الإسلام، ومن نحو قوله: ((لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن))، ومن نحو قول ابن عباس في قوله: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]، فقلت له: ما هذا الكفر؟ فقال: كفر لا ينقل عن الملة؛ مثل الإيمان بعضه دون بعض، وكذلك الكفر حتى يجيء من ذلك أمر لا يُخْتَلَفُ فيه، وقال ابن أبي شيبة: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)) لا يكون مستكمل الإيمان، يكون ناقصًا من إيمانه، قال: وسألت أحمد بن حنبل عن الإسلام والإيمان، فقال: الإيمان قول وعمل، والإسلام إقرار، قال: وبه قال أبو خيثمة، وقال ابن أبي شيبة: لا يكون الإسلام إلا بإيمان، ولا إيمان إلا بإسلام.
اتباع مناهج أهل السنن والآثار
شرح سواطع الأنوار لمعرفة عقيدة سيد الأبرار




رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 12:45 AM.