#1
|
||||
|
||||
وهل يتناقض التفسير العلمي لها مع الدين؟
ماذا تعرف عن الزلازل؟
وهل يتناقض التفسير العلمي لها مع الدين؟ الشيخ أشرف عبدالمقصود • حقيقة الزلازل: هي هزات أرضية في القشرة الأرضية سريعة قصيرة المدى، وتحدث في فترات متقطعة، وهي إما أن تكون ضعيفة لا يشعر بها الإنسان أو تكون قوية مدمرة[1]. • وقيل: هي كسر هائل يحدث في القشرة الأرضية في المناطق القريبة من الجبال والمحيطات، ويستمر الكسر المفاجئ عدة ثوان تكفي لتدمير ما فوقها[2]. • وقيل: هي ذبذبات تنشأ عن تصدع الصخور على سطح الأرض، أو على أعماق كبيرة في داخلها[3]. أنواع الزلازل: تبين المراصد ثلاثة أنواع من الهزات التي تحدث في القشرة الأرضية، وهي: (1) هزات أفقية: وهي الهزات الزلزالية الشائعة، وإن اشتدت هذه الهزات تسقط المباني والعمران. (2) هزات رأسية: من أسفل إلى أعلى، وهي تقذف بالصخور والمباني في الهواء. (3) هزات دائرية: وهي نادرة وخطيرة، لأنها تجعل المنشئات تدور حول محورها ثم تسقط. طبيعة الزلازل: 1- لكل زلزال مركز داخلي تبعث منه الهزات الضعيفة والعنيفة كموجات تتناقص شدتها بالبعد عنه، وقد يكون الاهتزاز ضعيفًا فتشعر به آلة رصد الزلازل فقط، وقد يكون الاهتزاز شديدًا فتهتز الأرض بشدة في جهات تبعد عشرات أو مئات الكيلومترات، وقد ثبت أن هزة بطول خمسة أو ستة ملليمترات تحدث أضرارًا كثيرة كهدم المباني و*** الأنفس. 2- لكل زلزال مركز سطحي فوق المركز الداخلي تمامًا، وتكون فيه أشد الهزات، وقد يكون المركز الداخل بعيدًا بمقدار خمسة أو عشرة كيلومترات، وقد يكون قريبًا من سطح الأرض كأغلب الزلازل البركانية[4]. درجات الزلازل: للزلازل 12 درجة: • زلزال الدرجة الأولى: الذي يشعر به جهاز رصد الزلازل وحده، ولا يحس به أحد. • زلزال الدرجة الثانية: يشعر به الإنسان وهو حالة سكون تام ومستيقظ ويحس به ساكنو الأدوار العليا. • والنوع الثالث والرابع: يحس به بعض الناس، ومن الصعب أن يحس به أحد أثناء العمل أو الحركة. • والنوع الخامس والسادس من الزلازل: هو بداية الزلازل المخربة، ويوقظ الناس من النوم، ويحدث فزعًا، ويحس به الإنسان إذا كان راكبًا قطارًا أو في مصعد أو مستقلًا سيارة. • أما النوع السابع فهو من الزلازل الشديدة المخربة. • وتشترك معه الزلازل من الدرجتين الثامنة والتاسعة، ولكن بنسب متفاوتة. • أما النوع العاشر والحادي عشر والثاني عشر فيسميه رجال أبحاث الزلازل بأنه زلزال عالمي مدمر، وتسجله كل مراصد العالم مهما كان مركز حدوثه[5]. • آلة تسجيل الزلازل: يوجد لدينا الآن آلات تمكننا من الإحساس بأضعف الهزات الأرضية وتسجيلها وتسمى هذه الآلات بآلات ((تسجيل الزلازل أو رصدها)) أو آلات "السيزموجراف"[6]، وقد اشتق هذا الاسم من كلمة "سيزمو" ومعناها باليونانية: الزلزال، ويطلق على العلماء الذين يستخدمون هذه الآلات ويدرسون الزلازل: "السيزمولوجيون"، ومعناها: علماء الزلازل[7]. وهذه الأجهزة من إسطوانات أو أشباه لها: دوارة، تدور مع ساعات متصلة بها، وعليها الورق يكسوها، فهو دوار كذلك. يأتي قلم، طرف منه مربوط بالأرض يسجل هزاتها، وطرفه الآخر على هذا الورق الدوار يخط. وهو يخط خطًا مستقيمًا حين لا تهتز الأرض. وهو يخط خطًا متذبذبًا وفقًا للهزة الأرضية عندما تقع. إنه جهاز يرسم هزات الأرض على الورق، فيصف لنا نوعها، رسمًا، وهو جهاز يرسم هذه الهزات والورق يدور مع الساعة، فهو يسجل في أي دقيقة بدأت، وفي أي ثانية، ومتى انتهت. وهو جهاز - بل أجهزة - تكشف كذلك عن طريق سريان الموجة من أي جهة جاءت. وتتعاون محطتان للرصد أو أكثر على سطح الأرض. ومن اتجاهاتها المرصودة عندهم يعين العلماء موقع الزلزلة بأكثر ما يمكن من ضبط[8]. التنبؤ بالزلازل: لم يصل العلم بعد إلى وسيلة للتنبؤ بالزلازل فتنذر الناس بقرب وقوعها حتى يمكن تجنب الخسائر في الأرواح. وإذا كان العلم قد وصل إلى التنبؤ بحدوث بعض الظواهر الكونية مثل كسوف الشمس وخسوف القمر[9] طبقًا للدراسات والحسابات العلمية فإن هذا الأمر لم يتوفر لهم بعد في الزلازل!! يقول فريدريك هـ. بو عالم الجيولوجيا الأمريكي: ((من الحكمة أن نتخذ الاستعدادات لمواجهة الزلازل بدلًا من أن نقول: إنها لا يمكن أن تقع لدينا)) ونحن لا يمكننا أن ننتظر حتى يتنبأ لنا العلماء بالزلازل، وسوف ينقضي وقت طويل قبل أن يتمكن أحد من التنبؤ بوقوع أحدها. لقد حقق التنبؤ بحدوث البراكين كثير من السبق إذا ما قورن بالتنبؤ بوقوع الزلازل)) ا. هـ[10]. ويقول خبير الزلازل الأمريكي والتر هايز: ((إنه لا يمكن حتى الآن التكهن بوقت وحجم ومكان زلزال وشيك الحدوث)) ا. هـ[11]. ويقول د. فاروق الباز: ((إن التوقعات والتنبؤ بالزلازل ما زال من الناحية العلمية بسيطًا جدًا[12]، ولا نستطيع أن نتنبأ بوقوع الزلزال 100% ونحمي الناس منه وما زال العلم في هذا المجال لا يسمح بذلك) ا. هـ[13]. • أشهر الزلازل: يبلغ المتوسط السنوي لعدد الزلازل التي تتعرض لها قشرة الأرض إلى 150 ألف هزة يمكن الإحساس بها في الأماكن الآهلة، وإذا أحصيناها جميعًا بما فيها أصغر الهزات فقد يزيد عددها في السنة الواحدة على مليون هزة[14]. وأشهر ما وقع من الزلازل: 1- زلزال وقع سنة 1556م في شنسي snens بالصين في 24 يناير وبلغ عدد ضحاياه 800 ألف قتيل. 2- ومثله حدث في 1886م في شارلستون بكارولينا الجنوبية بأمريكا ويعتبر من أكبر الزلازل التي حدثت في العالم إذ غطى مساحة مليونين و800 ألف ميل مربع وكان تأثيره ظاهرًا على طول المسافة بين كندا وخليج المكسيك[15]. 3- ومثله زلزال مسينا بجنوب إيطاليا (صقلية) سنة 1908م أطاح بحياة 50 ألف شخص. 4- وفي عام 1920م *** أحدها في الصين 100 ألف شخص. 5- وبلغ عدد الموتى في الزلزال الذي أصاب طوكيو ويوكاهاما باليابان عام 1923م بـ150 ألف شخص. 6- وفي عام 1939م دفن تحت أنقاض إحدى المدن التركية 40 ألف شخص، وفي عام 1953م مات آلاف آخرون في نفس المنطقة[16]. وغير ذلك كثير مما هو مدون في إحصائيات مراكز الهيئات العلمية. • أسباب الزلازل: يقول د. أحمد زكي: "إن الزلزلة سببها توتر يحدث في طبقات الأرض، فإذا هو زاد على الحد فرج عن نفسه بأن حطم هذه الطبقات فتتصدع، وتنشق، ويحدث هذا في سائر الطبقات هزات تجري فيها موجات من حركة تخرج من حيث وقعت الواقعة إلى سائر بقاع الأرض، تسير في كل وجهة وكل مذهب، كما يسير الموج في الماء تقذف فيه بالحجر"[17]. كلام نفيس لشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم في أسباب الزلازل العلمية وأن هذا لا يتناقض مع الحكمة منها: قد يظن البعض أن هناك تعارضًا بين أسباب الظواهر الكونية وبين الحكمة من ورائها. فحينما تحدث ظاهرة كونية مثل الزلازل ونجد تفسيرات أهل الاختصاص بعلوم الأرض في جميع بقاع الدنيا وتحليلهم وآرائهم في أسباب هذه الظاهرة فليس معنى هذا أنه لا توجد حكمة لهذه الظاهرة لأن هذه الآيات أو الظواهر الكونية حوادث، والحوادث لها أسباب وحكم. • فالكلام على أسباب هذه الحوادث العلمية مجاله أهل الاختصاص، فإن مدار احتجاجهم على التجربة والقياس وأما الكلام على الحكمة من هذه الآيات الكونية كالزلازل والبراكين والخسوف والكسوف.. فمن شأن علوم الوحي فالله سبحانه مسبب الأسباب ومدبر الكون وهو العليم الحكيم. وموقف علماء المسلمين من الزلازل يدل على سعة أفقهم ودقة نظرهم وصفاء عقولهم، وسلامة رأيهم: • فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية (ت728هـ) العالم النحرير والناقد البصير حينما سئل عن الزلازل على قول أهل الشرع وعلى قول الفلاسفة؟ أجاب: الحمدلله رب العالمين: الزلازل من الآيات التي يخوف الله بها عباده، كما يخوفهم بالكسوف وغيره من الآيات. والحوادث لها أسباب وحكم: • فكونها آية يخوف الله بها عباده هي من حكمة ذلك. • وأما أسبابه: فمن أسبابه انضغاط البخار في جوف الأرض، كما ينضغط الريح والماء في المكان الضيق، فإذا انضغط طلب مخرجًا، فيشق ويزلزل ما قرب منه من الأرض. وأما قول بعض الناس: إن الثور يحرك رأسه فيحرك الأرض فهذا جهل[18]، وإن نقل عن بعض الناس، وبطلانه ظاهر، فإنه لو كان كذلك لكانت الأرض كلها تزلزل، وليس الأمر كذلك والله أعلم [19]. • وقال الحافظ ابن قيم الجوزية (ت751هـ):"ولما كانت الرياح تجول فيها (أي الأرض) وتدخل في تجاويفها وتحدث فيها الأبخرة وتخفق الرياح ويتعذر عليها المنفذ أذن الله سبحانه لها في الأحيان بالتنفس فتحدث فيها الزلازل العظام. فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية والإنابة والإقلاع عن معاصيه والتضرع إليه والندم كما قال بعض السلف - وقد زلزلت الأرض -: "إن ربكم يستعتبكم". وقال عمر بن الخطاب - وقد زلزلت المدينة فخطبهم ووعظهم وقال -: "لئن عادت لا أساكنكم فيها[20]"ا.هـ فهذا التفسير العلمي وغيره - إن صح- ما هو إلا تحليل لأسباب هذه الآية الكونية. والله سبحانه مسبب الأسباب ومجري الأفلاك ذو حكمة بالغة وذو قدرة مقتدرة. ولا أستغرب من كلام من يقول: "إن هذا أمر طبيعي لا علاقة له بالدين وليس هناك من ورائه حكمة" إذا كان ممن لا يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر وينصب كلامه فقط على تحليل الأسباب العلمية لمثل هذه الظواهر:﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ [الروم: 7]. فهذا شيء متوقع ممن لا يؤمن بمن رفع السماء بلا عمد، وفرش الأرض وجعلها قرارًا ومهادًا، يدبر الأمر، ويسير الأفلاك، وهو الحكيم الخبير. ولكني أتعجب ممن يزعم أنه مسلم ويردد هذا الكلام! ويرمي من يتكلم في الحكمة من هذه الظواهر بالتخلف والجهل! أما قرأ هذا الهالك قول الله في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنـزيل من حكيم حميد:﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴾ [الإسراء: 59]. ولكن الأمر كما قال الله:﴿وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا﴾ [الإسراء: 60]. نعوذ بالله من الخذلان! [1] ماذا تعرف عن الزلازل ص (108) مجلة العلم والإيمان عدد (9) لسنة 1976م مقال لعبدالرحمن فرناس. [2] البراكين والزلازل لفردريك هـ. بو، ص (107). [3] البراكين والزلازل لفردريك هـ. بو، ص (107). [4] ماذا تعرف عن الزلازل ص (108، 110) مجلة العلم والإيمان عدد (9) لسنة 1976م. [5] ماذا تعرف عن الزلازل ص (108، 110) مجلة العلم والإيمان عدد (9) لسنة 1976م. [6] ومنها "مقياس رشتر" نسبة لعالم الجيوفيزياء الأمريكي: تشارلز فرانسيس رشتر الذي صنع جهازًا لقياس الهزات الأرضية الصغيرة في ولاية كاليفورنيا سنة 1935.. ثم قام بتطوير الجهاز مع عالم آخر اسمه بنوجوتبرج. [7] البراكين والزلازل لفريدريك هـ. بو، ص (101). [8] في سبيل موسوعة علمية، للدكتور أحمد زكي ص (41). [9] راجع كلام ابن دقيق العيد ص (43 - 44) في الكلام على أسباب الكسوف والخسوف وأن ذلك لا يمنع أن تكون أسبابًا عادية يشاء الله خرقها، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم عند اشتداد هبوب الريح يتغير ويدخل ويخرج خشية أن تكون كريح عاد، وإن كان هبوب الريح موجودًا في العادة. [10] البراكين والزلازل ص (124). [11] جريدة الأهرام بتاريخ 19/10/ 1992م. [12] حيث تدور معظم الدراسات في هذا الشأن على متابعة التغيرات التي تطرأ على امتداد تصدع ما في سطح الأرض وكذا الإشارات المهمة التي تطرأ قبل وقوع الزلازل وغير ذلك. [13] جريدة الأهرام بتاريخ 18/10/1992م. • ومع ذلك رأينا ما إن وقع زلزال الاثنين 12 أكتوبر بمصر إلا وكثرت التخرصات في الصحف والمجلات بموعد الزلزال القادم وأنه بعد 150 عامًا! وآخر قال بعد 100 عام! وآخر قال بعد 70 عامًا! وغير ذلك كثير، فإلى الله المشتكى وهو المستعان!!! [14] البراكين والزلازل ص (93). [15] ماذا تعرف عن الزلازل ص (111) مجلة العلم والإيمان عدد (9) لسنة 1976م. [16] البراكين والزلازل ص (94). [17] في سبيل موسوعة علمية ص (40) وقد قسم بعض علماء الزلازل أسباب حدوثها لسببين: أحدهما: زلازل ترجع إلى طبيعة القشرة الأرضية ووجود تشقق أو انكسار بها. الثاني: زلازل تحدث بسبب ثوران البراكين. راجع ماذا تعرف عن الزلازل عدد (9) من مجلة العلم والإيمان. [18] ومثله ما قيل عن هناك جبل يسمى قاف محيط بالدنيا وعروقه إلى الصخرة التي عليها الأرض فإذا أراد الله أن يزلزل قرية أمر ذلك الجبل الذي يلي تلك القرية فيزلزلها ويحركها.. قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (4/221): "وكأن هذا والله أعلم من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس " ا.هـ. [19] مجموع فتاوى شيخ الإسلام (24/264). [20] مفتاح دار السعادة (1/221)، وسيأتي الكلام على هذه الآثار التي أوردها ابن القيم رحمه الله. |
العلامات المرجعية |
|
|