اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > التنمية البشرية

التنمية البشرية يختص ببناء الانسان و توسيع قدراته التعليمية للارتقاء بنفسه و مجتمه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 26-05-2015, 05:23 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 60
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي بين القدرة والطموح

بين القدرة والطموح


علي كامل خطاب




لم يكنْ هنري برس قد تجاوزَ الخامسةَ عشرةَ من عمرِه حتى أدرَك أن عليه تحمُّلَ الصعابِ في مهنةِ البحثِ عن المتاعبِ، كما يصفونها، العمل الصحفي، المهنة التي اختارَها لنفسِه، حتى أخذَت مغامراته في الحصولِ على مختلفِ الأخبارِ الصحفيةِ في التزايدِ؛ للحصولِ على بعضِ المقابلاتِ الشخصيةِ الخاصةِ بنجومِ الروك - الموسيقا - التي سيطرَت على جيلِ السبعينيات، وكان يدركُ منذُ صغرِ سنِّه ما عليه اتباعُه من قوانينَ، وما يلزمُ أن يقومَ به من أمورٍ، بعكسِ الكثيرين ممن لم يُنَرْ طريقُهم إلى هذه الساعةِ رغمَ حصولهم على أعمالِهم المتنوعةِ، التي لا تقتصرُ على الممتهنين العملَ الصحفيَّ في كثيرٍ من الأحيانِ، بل تتعدَّى الأعمالَ والفئاتِ الأخرى، ربما تكونُ مِهنًا تحتاجُ إلى المهاراتِ اليدوية، والخبراتِ العلميَّةِ، والقراءةِ المستمرةِ، والاطلاعِ على كلِّ جديدٍ؛ لمواكبةِ التطورِ الحادثِ من ناحيةٍ، والقدرةِ على استيعابِ الحاصلِ في سرعةِ اجتياحِ التقنيةِ الحديثةِ والاستعاضةِ بها عن الأساليبِ التقليديةِ، كما هي الحال في مهنةِ الطبِّ، على سبيلِ المثال.

إن ما نعانيه اليومَ الاختيارُ غيرُ الصحيحِ للمساقاتِ الدراسيَّةِ وموادِّ التخصُّصِ، والكلياتِ المناسبةِ الواجبِ الالتحاقُ بها، والذي يتماشَى مع ما نحن ماهرون به، ولا يَعكسُ ثقافةَ الطلابِ خريجي الثانويةِ الجُددِ الراغبين في الالتحاقِ بالجامعاتِ، بعيدًا عن تأثيرِ الوالدين والأصدقاءِ والمجتمعِ الجاهلِ في كثيرٍ من الأحيانِ بالمستوى الحقيقيِّ الذي يبلغُه الطالبُ، وقدرتِه على النجاحِ والدافعِ وراءَ اختيارِه، وإن لم يناسِبْ ميولَهم؛ لأن التعلُّمَ في حدِّ ذاتِه لا يقتصِرُ على أسبابٍ واهيةٍ قد تُفرحُ الوالدَيْنِ للحظاتٍ أو أيامٍ أو أشهر، مُتَّخذِين من ذلك مصدرًا للتفاخُرِ أمامَ المجتمعِ، قبل أن يتعرضوا للفشلِ المرِّ جَرَّاءَ الاختيارِ غيرِ المناسبِ، بعد أن يرتادَ الابنُ كليةً مما نُطلِقُ عليها - في بلادِنا - (كلياتِ القمةِ)، متجاهلًا الرغبةَ والقدرةَ الحقيقيةَ على إثباتِ الذَّاتِ من خلال الاختيارِ المناسبِ.

إن المعاييرَ التي يُبْنَى عليها الحلمُ الطموحُ لكلِّ فردٍ لا بد ألَّا يُقْصَرَ على مجردِ الحلمِ الواهي، الذي لا يُترجِمُ الواقعَ في شيءٍ، بل لا بد أن يتعدَّاه إلى رغبةٍ حقيقيةٍ في الوصولِ إلى الهدفِ من ناحيةٍ، ومن ناحيةٍ أخرى يعكسُ إمكانياتِ الفردِ في ارتيادِ هذه المهنةِ بالذاتِ، فعليه أن يكونَ عارفًا بأبعادِ ما تحتويه من متاعبَ، وما عليه أن يقدِّمَه من خلالِها، وما البدائلُ التي يجبُ أن تكونَ في الحسبانِ في حالِ تعثَّرَت خطواتُه للوصولِ إلى مُبتغاه.

من وجهةِ نظري:
إن الطاقاتِ الإيجابيةِ أحيانًا كثيرةً حينَ يُتاحُ لها الفرصُ، يكونُ الإبداعُ حليفَها، ولكن البيئةَ الملائمةَ هي الفَيْصلُ الذي يترتَّبُ عليه الكثيرُ من المنتوجِ، سواء العلميُّ والأدبيُّ فيما بعد.

ولكننا علينا أن نضعَ في الاعتبارِ تلكَ الغوغائيةَ المُجْحفةَ التي تسيرُ على كثيرٍ منا، المتمثلة في ذلك الكابوسِ الملازمِ لنا، بأنه لا يُحسنُ التربيةَ إن لم يُحالِفِ ابنَه الحظُّ في الالتحاقِ بمساقاتٍ دراسيةٍ بعينِها، فتركُ الفرصةِ سانحةً أمامَ الطالبِ يختارُ ما يشاءُ أمرٌ ضروريٌّ ومهمٌّ، ولكنَّ أساليبَ التربيةِ التي نربِّي بها أبناءَنا لا تمنحُه العنصرَ الفاعلَ الذي يوجبُ عليهم الاختيارَ الأمثلَ، حيث يُهروِلُ إلى مَساقاتِ القمةِ، كما هو معروفٌ في مجتمعاتِنا، حين تسنَحُ الفرصةُ أمامَه، ويظن أنه واتاه الحظُّ وطوِّعت له زينةُ الدراسةِ بها، غيرَ عابئٍ بإمكاناتِه التي لن يستطيعَ أن يتعداها.


وتحقيقُ هذه النظريةِ - إن أمكَنَ وصفُها بذلك - يخلِّصُ المجتمعَ من أَسْرِ الثانويةِ العامةِ و"بُعْبُعِها" الذي يَسكُنُ المعتمَ من كلِّ بيتٍ لعامٍ أو أكثرَ، ويجعلُها مرحلةً طبيعيةً من سلسلةِ المراحلِ التعليميةِ التي يَمرُّ بها الطالبُ العاديُّ في كثيرٍ من الدولِ من دونِ هذا الزَّخَمِ المجتمعيِّ الذي تلاقيه، ويَظلُّ قابعًا في البيتِ، يُؤرِّقُ الأسرة، ويَقضُّ من سُباتِها لعامٍ أو لعامين - في حالِ وجودِ طالبٍ واحدٍ - إن لم تتكرَّرِ المأساةُ مع بقيةِ الإخوةِ، فيما بعدُ.

والمناسبُ أن نعلِّمَ أبناءَنا الاختيارَ الأمثلَ، والاعتمادَ على النفسِ من الصِّغرِ، ودفعهم إلى أن يكونوا شيئًا ما يحبونه ويخلصون فيه، بعيدًا عن إقحامِهم بمجاهيلَ عدةٍ، قد لا يصيبون الهدفَ بها فترزخ أنفسُهم في رُبوعِ الإحباطِ، ويلاحقهم الفشلُ، فلا هم أعانَتْهم قدراتُهم على الاستمرارِ، ولا هم التحقوا بما يحبونه ويمهرون فيه بعيدًا عن الأسماء، ويظلون مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، ويستحيلُ حلمُ النجاحِ إلى واقعٍ مريرٍ يرفرفُ الإخفاقُ في جَنَباتِه التي لم تُرسَمْ كما ينبغي.

إذًا المعادلةُ الصعبةُ تَكْمُنُ في الاختيارِ المناسبِ، فلا يقتصرُ الموضوعُ على المجموعِ، ولكن من خلالِ قياسِ القدراتِ العلميةِ والذهنيةِ، والاستعدادِ النفسيِّ لكلِّ طالبٍ، فلا يهرولُ الى كليةٍ بعينِها بغضِّ النظرِ عن مدى مناسبتِها لميولِه وقدراتِه.

من أولِ السطرِ:
القضاءُ على "بُعْبُعِ" الثانويةِ العامةِ يكونُ: بتركِ الطالبِ يختار ما يناسبُ ميولَه وقدرتَه، ولكن في نفسِ الوقتِ توعيتُه بما يناسبُه، لا ما يناسبُ والدَيْه والوظيفةَ التي يريدُ والداه العملَ بها.


رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:15 PM.