اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > التاريخ والحضارة الإسلامية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 25-05-2015, 03:03 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 60
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي نماذج لخلفاء صالحين

نماذج لخلفاء صالحين
عبد الحليم عويس

لئن كنا قد ألمعنا إلى بعض الخلفاء العظماء والمشهورين من آل العباس، من أمثال: محمد المهدي، وهارون الرشيد؛ فما ذاك إلا أننا لا نريد تأكيد المعروف والمتفق عليه من المنصفين، كما أننا أيضًا عمدنا إلى تجاوز العصور المزدهرة غالبًا؛ حتى لا يُحتج علينا بأننا ركزنا على المشهورين، الذين يمثلون - في رأي المتحيزين ضد تاريخنا - الشذوذ.
ولهذا الالتزام؛ فإننا لم نقف عند عمر بن عبدالعزيز ونحن نتحدث عن بني أمية، وأيضًا فإننا لن نقف عند محمد المعتصم العباسي (218 - 227هـ/ 733 - 842م) صاحب عمورية العظيم، ولن نقف عند هارون الواثق، أو جعفر المتوكل الذي قاوم حركة ظلم الاعتزال، وأنهى الظلم الذي وقع على أهل السنَّة.
وسوف نقفز لنقدِّم نموذجين من النصف الثاني من القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي)، استغرق حكمهما نحو ستين سنة.
وهذا القرن الخامس - كما هو معروف - من القرون التي تحسب من عهود ضعف الدولة العباسية.
في هذه الفترة كان الخليفة في بغداد (المقتدي بأمر الله العباسي) الذي حكم عقدين من الزمان (467 - 487هـ)، واحدًا من خليفتين حكَمَا في النصف الثاني من القرن الخامس.
ويكاد يجمع المؤرِّخون على أن المقتديَ كان يتمتع بأخلاق طيبة، وأن من صفاته حبَّه للدين والخير، وكانت نفسه قوية، وهمته عالية، وذا شجاعة وشهامة، وكل أيامه خير وبركة، حسن السيرة والسريرة[1].
ويصفه ابن كثير - أيضًا - بأن شمائله عالية، وغيرته على حريم الناس لا تضاهَى، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويمتاز بالعدل والصلاح والتقوى، ولِين الجانب، وكثرة العلم[2].
وكان المقتدي حريصًا على أخلاق الناس ودينهم؛ ولذلك عمل منذ خلافته على تطهير بغداد من عناصر الفساد والفجور، وخرَّبَ الخمارات، ودور الزواني والمغاني[3].
وقد تابع التطهير كلما ظهر ما يوجبه[4].
وكان يهتم بمتابعة حركة النظام في بغداد، وأقدم على اتخاذ قرار بتأمين الحاجات الضرورية للناس، وعلى رأسها المسكن؛ فأمر بشراء بيت لكل فقير يسكن في كوخ، وقد راقب المقتدي حركة البيع والشراء، ومنع التلاعُبَ بالموازين والأسعار[5].
وكانت المدارس الفقهية هي الظاهرة اللافتة للنظر؛ لأنها تعكس تطور الحركة الفقهية، وعلم الحديث، والتفسير، والآداب، واللغة؛ لأنها جميعًا كانت مواد التدريس التي يتلقاها طلاب هذه المدارس، وكان انتشار المدارس بمدينة بغداد في عصر السلاجقة هو الحدث الأكبر والأهم الذي حققته الحضارة الإسلامية، وتعتبر بحق قفزةً كبيرة في سلَّم التطور العلمي، بعد أن كان التدريس محصورًا في المساجد وبعض الكتاتيب.
وقد أنشئت المدارس لخدمة المذاهب الفقهية، ولتغذية أجهزة الدولة بالقدرات العلمية اللازمة[6].
وقد احتل الفقهاء ورجال العلم منزلةً رفيعة في المجتمع الإسلامي بمدينة بغداد في أيام المقتدي بالله العباسي، وساهموا في معظم الأحداث التي شهدتها المدينة، وازدهرت في هذه المرحلة مذاهب الفقه السنية الثلاثة: مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ومذهب الإمام الشافعي، ومذهب الإمام أبي حنيفة[7].
أما الخليفة المستظهر أبو العباس أحمد المقتدي، فقد حكم بين سنتي (487 - 512هـ)، ويصفه المؤرخون بأنه ليِّن الجانب، كريم الأخلاق، يحب اصطناع الناس، ويفعل الخير، ويسارع إلى أعمال البر والمثوبات[8].
وكان مؤثِرًا للإحسان، حافظًا للقرآن، محبًّا للعلم، منكرًا للظلم، وكان مشكور المساعي لا يردُّ مَكرُمةً تُطلب منه، وكان كثيرَ الوثوق بمن يوليه، غير مصغٍ إلى سعاية ساعٍ، ولا ملتفت إلى قوله، ولم يُعرَفْ منه تلوث وانحلال عزم بأقوال أصحاب الأغراض[9].
وكان جميل السيرة متَّصفًا بالعدل والإنصاف، ناهيًا عن قصد الجَور والاعتساف، سمحًا جوادًا، هينًا لينًا، حسن المعشر، قد حسَّن الله خُلُقَه وخَلْقه، وبره وأدبه، وجهه أبيض مشرب حمرة، تام الطول، لطيف المحاسن، نقش خاتمه "ثقتي بالله وحده"، يحب العلماء والصلحاء، كبير الهمة، سهل العريكة، وكانت أيامه أيام سرور للرعية، فكأنها من حسنها أعياد، وكان حَسَنَ الحظ، جيد التوقيعات[10].
وقد تميزت العلاقة بين المذاهب الإسلامية في عهد المستظهر بالصلح، والمودة، والاحترام، وهذا كان بفضل السياسة الحكيمة التي اتبعها الخليفة في معاملة عامة الناس.
ويعد عهد المستظهر من أزهى العهود التي عرفها أهل الذمة ببغداد؛ لأن المستظهر حرص على معاملتهم بالحسنى، وقرَّب زعماءَهم.
__________________________________
[1] ابن القلانس: ذيل تاريخ دمشق، ص: 126، طبعة بيروت.
[2] ابن كثير: البداية والنهاية 12/146، دار صادر بيروت.
[3] محمد حسين شندب: الحضارة الإسلامية في بغداد، ص: 16، دار النفائس - بيروت، ط1/ 1404هـ.
[4] ابن كثير: البداية والنهاية 12/111.
[5] محمد حسين شندب: الحضارة الإسلامية في بغداد، ص: 18.
[6] محمد حسين شندب: المرجع السابق، ص: 56.
[7] المرجع السابق، ص: 60، 61.
[8] عز الدين أبو الحسن بن الأثير: الكامل، ص: 535، طبعة دار صادر - بيروت، وانظر محمد حسين شندب: المرجع السابق، ص: 85، 86.
[9] ابن الأثير: المكان السابق، ص: 535، والمرجع السابق، ص: 187.
[10] ابن الأثير: الكامل 10/536، وانظر ابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الأمم والملوك 8/294، حيدر آباد - الهند، سنة 1358هـ.
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:29 PM.