أسطورة الرئيس : شريف سعيد

[حمدى حسام]

أسطورة الرئيس

شريف سعيد الجمعة 15-05-2015 22:00
طباعة http://www.elwatannews.com/news/details/730625



"اتقال إن إحنا بنقدم برامج كده عشان الرياسة عايزة كده"، هكذا قال الرئيس عبدالفتاح السيسي بحديثه الأخير إلى الشعب في إطار نفيه وجود توجيهات من مؤسسة الرئاسة إلى وسائل الإعلام بشأن تقديم برامج ذات مضمون هابط، وأنا سأفترض عدم وجود توجيه مباشر من مؤسسة الرئاسة للقنوات بشأن ما يقدم، لكن المؤسسة الآن هي "قمة هرم" لنظام وقوى رسمت هذا المشهد الإعلامي الذي وصلنا إليه.
استنساخ ماسبيرو.. خلال الـ18 يومًا الأولى لثورة يناير، تعرَّضت مصداقية التليفزيون المصري - على يد وزير الإعلام الأسبق أنس الفقي ورئيس قطاع أخباره عبداللطيف المناوي - لانهيار مماثل تمامًا لانهيار إذاعة "صوت العرب" عقب نكسة 67، وفي ظل انعدام رفاهية الوقت قررت الدولة العميقة - في صراعها مع هتافات الثورة وأطماع اليمين المتشدد - استنساخ ماسبيرو داخل أسوار مدينة الإنتاج عبر حزمة قنوات مملوكة لرجال أعمال من أجل استعادة نظام 52 للكرسي الذي صار شاغرًا، وعقب ثورة 30 يونيو انقضت المصلحة وأغلقت الأجندة وبات حتميًا على أصحاب القنوات - الذين لم يجدوا ما يبثوه - إما الإغلاق التام أو خفض العمالة مع تقديم كل ما هو منحط !!
انخفاض السقف.. عقب إسقاط حكم المرشد، انتظر الجميع الحلقة الأولى لـ"باسم يوسف" وبرنامج "البرنامج" لاختبار هامش قبول النظام الجديد بحرية الرأي فكانت الفاجعة !! "باسم" لم يتناول بكوميديته السوداء سوى الطبالين، لكن اللواء سامح سيف اليزل، عقب دقائق من تتر النهاية، خرج ليعلن بكوميديا أكثر سوادًا أن استياءً عارمًا بين صفوف الجيش المصري من الحلقة !! ولمن لا يعلم فإن "سيف اليزل" واحد من مجموعة يُطلق عليها لقب "الخبراء الاستراتيجيين"، هؤلاء أسماؤهم موزعة في نشرة سيادية على الفضائيات ولا ينطقون عن بنات أفكارهم، وبناءً عليه لم يعد سقف الحرية يسمح إلا بممارسة الفاشية باسم الوطن أو الصمت !! كانت الرسالة الأكثر جحيمًا: من ليس معنا فهو ضد الجيش!!
هتك الدستور.. أحد أهم المحكات الإعلامية لنظام ما بعد 30 يونيو، هو الموقف من برنامج "الصندوق الأسود" لـ"عبدالرحيم علي" الذي اعتمد على تسريبات هاتفية من دوائر أمنية، تلك الجريمة التي ضربت المادة 57 من الدستور في م***، وافق عليها النظام بصمته وابتهج ظنًا أنه بذلك سيغتال شعبيًا بعض مخالفيه في الرأي !! وبغض النظر عن دوران الأيام وتجرع النظام من مرارة ذات كأس التسريبات فيما بعد !! إلا أن ماسورة عبدالرحيم لم تتوقف عن الطفح على شاشة "القاهرة والناس" إلا حينما كادت أن تمس رجل الأعمال "نجيب ساويرس"، وهكذا رسَّخ النظام ألا سيادة للدستور على مدينة الإنتاج !! هذا الدستور الذي كان آخر علاقة للشعب به هو رقص المصريات على عتبات مقار الاستفتاء عليه!!
في النهاية، وفي ظل إعلام للدولة شُيعت جنازته قبل أربع سنوات، وإعلام خاص خرج عن القانون ولا يخضع إلا لرغبات رجال الأعمال وأهواء بعض الضباط، ووسط مناخ عام يتهم كل ذي رأي مخالف بالتخوين أو التأخون!! كان من الطبيعي ألا يتصدر شاشات القنوات إلا حكايات ال*** وسيرة العفاريت، الإعلام مثل كل المؤسسات التي بحاجة لتطهير، وإن لم تتطهر تلك المؤسسات فإن الفاتورة ستكون باهظة التكاليف، أما الرئيس فهو ما زال يؤمن بـ"أسطورة" أن على كل مؤسسة أن تطهر نفسها بنفسها!!