اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > علوم القرآن الكريم (مكتوب و مسموع و مرئي)

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08-05-2015, 03:57 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 60
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي وقفة مع آية من كتاب الله

وقفة مع آية من كتاب الله (1)


د. أمين بن عبدالله الشقاوي


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:

قال تعالى في سياق قصَّة آدم مع عدوِّ الله إبليس: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} [طه: 123 - 124].

ذكر الله سبحانه في هذه الآيات حالَ مَنِ اتَّبع هُداهُ، وما له من الرَّغَد وطيب الحياة في معاشه ومعاده؛ فقال: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى}، فتكفَّل الله لمَنْ حفظ عهده علمًا وعملاً أن يحيِيَه حياةً طيبةً، ويجزيه أجره في الآخِرة؛ فقال سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].

وقال سبحانه: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس: 62: 64].

ثم بيَّن سبحانه حال الفريق الآخَر؛ فقال: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي}؛ أي: كتابي، ولم يتَّبِعْه ويعمل بما فيه - فإن له معيشة ضنكًا.

قال ابن كثير - رحمه الله -: "أي: في الدنيا، فلا طُمأنينة له ولا انشراح لصدره؛ بل صدره ضيِّقٌ حَرَجٌ لضلاله، وإن تنعَّم ظاهرُه، ولبس ما شاء، وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء - فإن قلبه ما لم يَخْلُص إلى اليقين والهدى، فهو في قلقٍ وحيْرةٍ وشكٍّ، فلا يزال في ريبةٍ يتردَّد، فهذا من ضنك المعيشة)[1]. اهـ.

قال ابن القيِّم - رحمه الله -: "وفُسِّرت هذه المعيشة بعذاب البرزخ، والصحيح: أنها تتناول معيشته في الدنيا، وحاله في البرزخ، فإنه يكون في ضنكٍ في الداريَنْ، وهو شدَّةٌ وجهدٌ وضيقٌ، وفي الآخِرة يُنْسَى في العذاب، وهذا عكس أهل السعادة والفلاح؛ فإن حياتهم في الدنيا أطيب الحياة، ولهم في البرزخ وفي الآخِرة أفضل الثَّواب"[2].

وقوله: {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}: اختلف المفسِّرون في ذلك، هل هو من عَمَى البصيرة أو من عمى البَصَر، فمن قال إنه من عمى البصيرة، استدلَّ بقوله تعالى: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا} [الفرقان: 22]، وقوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: 45]، وغير ذلك من الآيات التي أثبتت لهم الرؤية في الآخِرة.

والذين قالوا إنه من عمى البَصَر؛ استدلوا بقوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الإسراء: 97].

وقد فصَّل في ذلك العلامة ابن القيِّم، وخلص إلى أن الحشر ينقسم إلى قسمَيْن:


الأول من القبور إلى الموقِف، والثاني من الموقف إلى النار.
فعند الحشر الأول: يسمعون ويبصِرون ويجادِلون ويتكلَّمون، وعند الحشر الثاني: يُحْشَرون على وجوههم عميًا وبكمًا وصمًّا، فلكل موقِفٍ حالٌ يَليق به، ويقتضيه عَدْلُ الربِّ تعالى وحكمته، والقرآن يصدِّق بعضه بعضًا[3]: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: 82].

ثم أخبر سبحانه عن حال هذا المعرِض يوم القيامة، وأنه يغشاه الذلُّ والهوان، فيتألم ويضجر من هذه الحال، فيقول: ربِّ، لمَ حشرتني أعمى، فيُجاب: {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [طه: 126]؛ أي: أن هذا هو عين عملِكَ، والجزاء من *** العمل، وكما تدين تدان، فكما عمِيتَ عن ذكر ربِّك، ونسيته، ونسيت حظَّك منه - أعمى الله بصرك في الآخِرة، وتركك في العذاب.


ومن فوائد الآيات الكريمات:

- بيان حال مَنْ أعرض عن ذِكْر الله في الدنيا، وأنه يعيش في ضلالٍ وظلامٍ، ويتخبَّط في الجهالة، وهو مع هذه الحالة يحسب أنه من المهتدين.
وبسبب إعراضه عن ذكر الله الذي أنزله على رسوله؛ عاقبه بأن قيَّض له شيطانًا يصاحبه فيصدَّه عن الحقِّ، ويزيِّن له طرقَ الضَّلال؛ قال تعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} [الزخرف: 36: 37]، حتى إذا وافى ربَّه يوم القيامة مع قرينه وعاين هلاكه، ندم[4] فقال: {يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} [الزخرف: 38].

ومنها: أنَّ مَنْ تَمَسَّك بهذا الذِّكْر - وهو القرآن - فإنه يسعد في الدنيا والآخِرة، وتحصُل له الطُّمأنينة، وانشراح الصدر، والشِّفاء من أمراض الأبدان والقلوب، والهداية إلى صراط الله المستقيم؛ قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا} [الإسراء: 82]، وقال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت: 44]، وقال سبحانه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء: 9].


والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


ــــــــــــــــــــ
[1] تفسير ابن كثير (3/168).
[2] الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص79).
[3] تفسير ابن القيم (ص363).
[4] تفسير ابن القيم (ص359).



رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 12:15 AM.