اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 19-12-2014, 07:52 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New من الفتاوى المهجورة (لا يجب على المرأة خدمة زوجها)!

من الفتاوى المهجورة

(لا يجب على المرأة خدمة زوجها)!


تعدُّ العَلاقة الزوجية من أرقى العلاقات الإنسانية بين البشر؛ إذ هي في جوهرها تقوم على السكن والمودة والرحمة، وتختفي منها معاني الأثَرَة والأنانية، لتحلَّ محلَّها معاني البذل والتضحية والإيثار، ويشعر فيها كل طرف بمسؤوليته تُجاه الآخر مسؤوليةَ التزام لا إلزام، يؤديها عن حب وطواعية واختيار، هكذا أراد لها الإسلام أن تكون، وهكذا ينبغي لها أن تكون.

بَيْدَ أن هذا الأساس العاطفي لا يصلح وحده أن يكون هو الحاكم الوحيد لتلك العَلاقة، باعتباره أمرًا مردُّه إلى طبيعة كل إنسان وتكوينه النفسي، وذلك يختلف من شخص لآخر.

ومن الناس مَن لا يبالي بمصيره ولا بمصير الآخرين، ولو تُركت العَلاقات المتشابكة التي تسير باتجاه واحد للأهواء والرغبات، لضاعت حقوق كثيرة، ولتأزَّمت العَلاقات إلى حد لا تستقيم معه الحياة.

ومن ثَمَّ فلا يمكن لأساس غير منضبط كهذا أن يحكم علاقة وصفها الله تعالى بـ "الميثاق الغليظ"، ومن شأن القواعد المنظِّمة للعلاقات أن تكون منضبطة بضوابط تحميها من التفريط فيها أو التهاون بشأنها.

ومن أجل هذا؛ أقام الإسلام العلاقة الزوجية بكل وجوهها على قاعدة "الحقوق والواجبات"، وهي القاعدة التي أشار إليها القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم ﴾ [البقرة: 228]، وحكَم هذه الحقوق والواجبات بمبدأ: "الثواب والعقاب" في صورتيه المادية والمعنوية؛ ضمانًا للقيام بها، وخشيةَ التقصير في أدائها، كما هو شأن القوانين والمبادئ التي تحكم العلاقات الإنسانية المختلفة التي تنبني عليها مثل تلك الحقوق والواجبات.

ولستُ أجدُ مسوِّغًا لأولئك الذين يحاولون أن يزعزعوا استقرار الأسرة، ويعبثوا بأمنها وسلامتها؛ بالترويج لبعض الفتاوى الفقهية التي تنادي بأن خدمة المرأة لزوجها غير واجبة عليها، وأنها محض تطوع منها، في مسايرة غير محسوبة للدعوة إلى ما يسمى: بحقوق المرأة، وكأن المسلمين حتى هذه اللحظة لم يفهموا الإسلام حق الفهم حتى اهتدى إليه هؤلاء!

ويتمسح هؤلاء المروِّجون - أحسنوا النية أم أساؤوا - بآراء منسوبة لبعض الفقهاء، وهي من نوع الفتاوى التي أسمِّيها "الفتاوى المهجورة" وهي التي من شأنها أنها إنما هُجرت، وتُرك العمل بها، حتى وإن كانت صحيحة في حد ذاتها، أو كانت تمثِّل اتجاهَ الأغلبية من الفقهاء: (مالك والشافعي وأبو حنيفة وأهل الظاهر)، وذلك لاعتبارات أهم من ذلك، يعرفها جيدًا أهل الفقه في الدين، الذين صدرت عنهم أنفسهم هذه الفتاوى.

ومن بين تلك الاعتبارات ما يسمى بـ"العرف"، ولعل الآية الكريمة التي ذكرناها قد نصَّت صراحة على هذا الاعتبار، فللعُرْفِ أثر واضح في الأحكام الشرعية؛ إذ يعتبر قيدًا مخصِّصًا لها عن الإطلاق، والعقود المطلقة - كما يقول ابن القيم - إنما تنزَّل على العرف، والعرف (خدمة المرأة وقيامها بمصالح البيت الداخلة)، ومن القواعد الشائعة على ألسنة الفقهاء (المعروف عرفًا كالمشروط نصًّا).

ثم ماذا لو قوبلت هذه الفتوى بفتوى أخرى مضادة، حظُّها من الهجر لا يقلُّ عن حظ هذه منه، وهي: "أن الرجل لا يجب عليه علاج زوجته المريضة، فإن فعَل فتطوُّعٌ"؟ وهي - أيضًا - فتوى معتبرة عند الفقهاء؛ وذلك لأنه - أي: العلاج - ليس من مقتضى عقد النكاح؛ إذ نفقتُها إنما تجب على الزوج في المسكن والمأكل والملبس فحسب!

ثم ماذا يبقى للرجل بعد ذلك إذا انتزعت منه قوامته ﴿ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34]، وصار هو يخدم نفسه بنفسه؟ بل ربما يخدم زوجته وأولاده؛ ليعود من عمله في الخارج إلى عمله في الداخل، ثم يكلَّف بعد ذلك بالإنفاق على زوجته المريضة التي طالما نعمت بالراحة في بيته، ولم تقدم له شيئًا من الخدمة سوى أنها أعطتْه حقَّه المشروع استمتاعًا بها، وهو حق متبادل، ليس لأحد على أحد فيه مِنَّة ولا فضل!

فإن قيل: إنما يجب لها النفقة؛ من أجل احتباسها لحقِّه!
قيل: ومن حقه أن يحبسَها عن الخروج متى أراد إلا في حق لا يسعُها التخلُّفُ عنه، فلماذا إذًا تنادي المرأة بحقها في الخروج للعمل والنزهة والتسوق، وتفوِّت حقَّ الزوج؟!

على أنها إذا خرجت بغير إذنه كانت ناشزًا، ويسقط حقها في النفقة عليها بقدر ما ضيعت من حقه.

ثم ما معنى احتباسها لحقِّه؟ أنْ تُمكنه من نفسها كلما أراد ذلك! فبئس الاحتباس الذي تتحول فيه المرأة إلى أداة للمتعة في مقابل الإنفاق عليها! وما الفرق إذًا بين المشروع والممنوع في العلاقات ال***ية؟!

فإن قيل: إن المرأة تؤدي واجبًا آخر، هو تربية الأولاد والقيام بشأنهم!

قيل: وهو - أيضًا - يربي الأولاد وينفق عليهم، فهو عمل مشترك!

وهل من المعقول أو المقبول أن تخدم المرأة أولادها وتترك زوجها الذي هو أبوهم؟!

إن هذا الأمر لا يقبله شرع ولا عقل.

ثم ماذا لو لم يكن هناك أولاد، وليس من شرط الزواج حصول الولد؟!

ثم ماذا يفعل الزوج المسكين الذي لا يجد من النفقة إلا ما يسدُّ رمقَ نفسه وزوجته؟!

لا ريب أنه مخيَّر بين أمرين أحلاهما مُرٌّ: إما أن يقوم هو بالخدمة، وإما أن يستأجر لها خادمًا، وكلاهما قلب للوضع الصحيح، ومعاكسة للفطرة، وتكليف بما لا يطاق، ومن أين له ذلك؟!

فإن قيل: إنما يجب عليه الاستخدام للزوجة المخدومة في بيت أبيها، لا الزوجة التي اعتادت الخدمة بنفسها!

قيل: هذا تمييز ضد المرأة، وتفريق بلا سند أو دليل، إلا العرف الذي نحن بصدد التحاكم إليه، ولعَمْري لقد وقع الاتفاق!

وربما يقول قائل: إننا لم نقل أبدًا: إن المرأة لا تخدم زوجها؛ وإنما نقول: إن هذه الخدمة ليست واجبة عليها؛ وإنما هي تطوع!

والجواب: فلماذا لا نعكس القضية، فنقول: إن المرأة يجب عليها الخدمة، وللزوج أن يتطوع لها بخادم، أو يخدم نفسه بنفسه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل أحيانًا؛ تعليمًا للأزواج مبدأ المشاركة في الأعمال المنزلية؛ إذ كان "يرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويحلب شاته"؟

ولو سلَّمنا جدلاً صحةَ هذه الفتوى؛ فهي رخصة لا عزيمة، والرخصة جوازية لا أكثر، وفي حالات الضرورة لا غير، كأن تكون الزوجة مريضة، أو عاجزة عن الخدمة لثقلها عليها، أو كان الرجل ميسور الحال، وتطوع لها بذلك، وإن لم يكن ثمت حاجة.

على أن الرخصة إذا أسيء استخدامُها، وجب تقييدها، كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضرب النساء فذَئِرْنَ (أي: اجترأن) على أزواجهن، فرخَّص في ضربهن إذا أخللن بحقوق الزوجية، إذا لم يُجْدِ معهن الوعظ والهجر، فأساء الرجال استعمال تلك الرخصة، فضجَّت النساء بالشكوى، وتظاهرن أمام بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فما كان منه إلا أن قال: ((لقد طاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن، ليس أولئك بخياركم!)).

فالرجل الذي يضرب زوجته ليس من خيار الرجال، والمرأة التي لا تخدم زوجها، أو تمنُّ عليه بالخدمة، ليست من خيار النساء!

ولستُ أتصور امرأة تأبى الخدمة في بيت زوجها دون أن تكون هناك حاجة لذلك، وتعيش مترفة منعَّمة إلا كما يقول القائل:
وتُضحي فتيتُ المِسْكِ فوقَ فراشِها
نَؤومُ الضحى لم تَنْتَطِقْ عن تفضُّلِ!


وأين أمثال تلك المرأة المنعمة المخدومة، من أمهات المؤمنين اللاتي تقول عنهن السيدة عائشة رضي الله عنهن: " كنا نعدُّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكَه وطهوره، فيبعثُه الله من الليل ما شاء"، وتقول السيدة ميمونة رضي الله عنها: "وضعتُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسلاً، فاغتسل من الجنابة"؟!

بل أين هي من السيدة فاطمة الزهراء، بنت سيد البشر، حبيبة أبيها رضي الله عنها، التي كانت تخدم في بيت زوجها حتى تقرَّحت يدها بسبب طحن النوى - وهو علف الدواب - فكيف بالزوج؟!

ولما سألته خادمًا تخدمها، دلَّها هي وزوجها على ما هو خير لها من خادم، وهو الإكثار من ذكر الله عز وجل، وهو يورث قوةً خارقة عجيبة يعرفها المجرِّبون، ولم يقل لها: لا خدمة عليك! ولم يُلزِمْ عليًّا بالخدمة!

قال ابن حبيب: "حكم النبي صلى الله عليه وسلم بين عليٍّ وفاطمة حين اشتكيا إليه الخدمة على فاطمة بالخدمة الباطنة؛ خدمة البيت، وعلى عليٍّ بالخدمة الظاهرة".

قال: "والخدمة الباطنة: العجين، والطبخ، والفرش، وكنس البيت، واستقاء الماء، وعمل البيت كله".

ومن أروع النساء الفُضليات حقًّا تلك المرأة التي كانت تخدم زوجها، فتخرج إلى مزرعته، وتمشي أكثر من ثلثي فرسخ وهي تحمل على ظهرها النوى، وتعلف فرسه، وتسقي الماء، وتخرز الدلو، وتعجن!

إنها السيدة الصابرة المحتسبة أسماء بنت أبي بكر الصديق، زوجة حواريِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، المجاهد في سبيل الله، الزبير بن العوام رضي الله عن الجميع.

لقد ركَّب الله في طبيعة المرأة مواهبَ وملكاتٍ خاصة، تجعلها هي الأجدر والأقدر على أداء تلك الوظائف المنُوطة بها كأنثى، ويعتبر تخلِّيها عن هذا الأداء فرارًا من الميدان؛ فإن "حُسْن تبعُّل المرأة لزوجها، يعدل الجهاد في سبيل الله".

وكما تُلام المرأة على تقصيرها في حق أطفالها كأمٍّ، فكذلك تلام على تقصيرها في حق زوجها كزوجة، ولاريب أن قيامها بوظيفتها في عمل البيت له أثر إيجابي عظيم في نفس الزوج، بل وفي نفسها أيضًا، يجعلها تشعر براحة الضمير، وهدوء الخاطر، وعملها في خدمة البيت لا يغض من قيمتها، ولا ينقص من قدرها، إلا إذا غضَّ من قيمة العين إذا أبصرتْ، والأذن إذا سمعت، والرِّجْل إذا مشت!

"فإن ترفَّهت المرأة، وقام الرجل بكنس بيته، وطهْي طعامه، والعجن والخَبْز، فذلك هو المنكر الذي لم يأذن الله به"!

إن الأمة الإسلامية تمرُّ الآن وقبل الآن بمنعطف خطير، تحتاج فيه إلى قيام كل إنسان بواجبه الوظيفي تجاه نفسه وتجاه الآخرين، مع قدر من التضحية والفداء، والله لا يضيع أجر المحسنين!

لسنا الآن بحاجة إلى رجال مترفين، ولا نساء مترفات، فإنهم سبب لانهيار الأمم، وتدمير الحضارات ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [الإسراء: 16].

لقد ولَّى هذا الزمان، يوم اشتهت زوجة الأمير أن تمشي في الطين، فأحضر لها في قصره طينًا، وغمره بالمسك، فمشت عليه، فكان أن مشى عليه قطار التاريخ، فأزال دولتَه، ودخل التتار بغداد، وسقطت الأندلس!

إنه من الواجب على كل إنسان الآن أن يتصلَّب ويتخشَّن للعيش؛ فإن النعمة لا تدوم، ونحن نريد أن نبني أجيالاً تعتمد على نفسها، ولا تعتمد على غيرها!

إن هذه القيمة التربوية وحدها - الاعتماد على الذات - لَجديرةٌ - لو تدبَّرها العقلاء - بردِّ الحقوق إلى أصحابها، ووضع الأمور في نصابها؛ حتى ينتصب الميزان، ولا يطغى فيه جانب على جانب ﴿ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ﴾ [الرحمن: 9].

إن أمةً لا يستطيع رجالُها ونساؤها أن يعتمدوا على ذواتهم، ستظل دائمًا في احتياج إلى من يطعمُها ويكسوها، ويوم ينقطع عنها المدد ستظل تبحث عن السراب حتى تعاين الهلاك، وكان في إمكانها النجاة.
كالعيسِ في البيداءِ يَقْتُلُها الظَّما
والماءُ فوقَ ظهورِها محمولُ!


لست متحيِّزًا أبدًا ضدَّ المرأة؛ فهي أمي وأختي، وزوجتي وابنتي، وقد أوصانا بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وكان من آخر ما نطقت به شفتاه: ((استوصوا بالنساء خيرًا))!

لكنني ضد إثارة الزوابع التي تقلق الأسر الآمنة، وتهدد البيوت المستقرة!

د. محمد إبراهيم العشماوي

__________________
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:38 PM.