سنوات الحلم الضائع--- بقلم سمير الأمير
مدارس اللغات ( سنوات الحلم الضائع)3
لم يدر فى ذهنى أبدا أن الكتابة عن تاريخ سيرتى الوظيفية هى انتقام من أحد أو لفضح أو تسوية حسابات مع أحد ، لأننى أدركت دائما أن المدرسة والمصنع والمستشفى هم جزء من المجتمع يتأثرون بسيادة انماط العلاقات الإجتماعية والاقتصادية ويطالهم الفساد أو الإصلاح الذى يطال غيرهم ... ولكننى مدفوع هنا بالرغبة فى استكناه مما مضى من العمر لأن البعض تخيل أن وجوده بمحض صدف السنوات المباركية سيئة السمعة يمكن أن يساعده فى محو الحقائق وزرع التوهمات والأكاذيب - حدث ذلك فى كل مؤسسات الدولة ولكن حدوثه فى التعليم أدى إلى عطب العقل المصرى لأن المعايير أصبحت مائعة وشخصانية فضاعت القيم والحقوق وليس أخطر على مجتمع من ضياع الحقوق إذ بسببه يحبط المخلصون فتنتهى الأمور إلى ما انتهت إليه فى مصر من هبوط فى الأداء والكفاءة فى كل المناحى ,, والأهم كما قلت هو أن هؤلاء المفسدبن مقتنعون بأنهم ليسوا كذلك وللأسف هم صادقون بحسب تصوراتهم وبحسب قصر نظرهم ويصدق فيهم قوله تعالى "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ . فإذا واجهت أحدهم عاريا من الكرامة والعقل ومتورطا حتى أذنيه فى الذاتية فإنه يحدثك عن أنه تربى تربية إسلامية وأن ابن عمة زوج خالته من حفظة القرآن ، وهنا انتشر فى ربوع مؤسسات المحروسة الموجه الذى سمح لمدرس بدفع روشتة العلاج وشراء الدواء لزوجته دون حتى أن يشعر أن ذلك عار والمدرس الذى يبنى سمعته على سب زملائه والحط من أقدارهم والضابط الذى يمزق أوراق تحوى معلومات حتى لا يستفيد منها من يأتى بعده والطبيب الذى يفرح إذا فشل زميله فى جراحة وأحيل للتحقيق وكل هؤلاء يصومون ويصلون ، دون أن يدركوا أن فعلا صغيرا من أفعالهم قد يسبب لأحد ألما أو مرضا لا يمكن شفاؤه، من هنا أعود واؤكد أنه رغم أن الكتابة بدأت بالذاتى وبالتاريخ الخاص بالمؤسسة التى أعمل بها إلا أنها لا يمكن أن تستمر أو تستثمر فى الخلافات الصغيرة والانتقامات -- ولكن أود فقط أن ألفت النظر إلى حقيقة أن الانحطاط والتخلف والفساد وما نعانيه من محاباة ومحسوبية هى أمور تعيش بيننا مختبئة فى أردية الشرف والطهارة وإنه ما لم نحرر أنفسنا من التناقض والشخصنة والانطباعية فإنه لا أمل يرجى لا فى التعليم ولا فى الزراعة ولا فى الصناعة ولا حتى فى علاقاتنا الأسرية
|