|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
أتَأْتَمِرُ بأمْرِ امرأتِك؟!
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
قال تعالى: {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ} [الطلاق[ ] :6]. نريد أن نسلط الضوء عليها، بل نقتبس من النور، وهي جملة من آية طويلة: {أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}[الطلاق:6]. وفي قراءتي للورد لفت نظري قولُه تعالى:{وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ}، وهو خطاب للرجال والنساء جميعًا.. فبادئ الأمر قلتُ: كون الرجال يأمرون النساء[ ] معقول مقبول، فهم أمراء البيوت والقوَّمون عليهن. أمّا أن تأمر النساءُ الرجالَ، فلم أجد له مساغًا غير التسليم لأمر الله تعالى في قرآنه المحكم الكريم في هذه الآية. والأكثر من ذلك أن الآية لا تأمر بلفظها: أن يأمر الرجلُ المرأة[ ] َ، أو أن تأمر المرأةُ الرجلَ.. فلم يقل سبحانه: وأمروا أو تآمروا بينكم بمعروف، وإنما قال: {وأْتَمروا بمعروف} ..وفي ورش: {واتمروا}، والائتمار هو الاستجابة والامتثال. يعني أنه أمر الرجل بالاستجابة لأمر المرأة والامتثال له، كما أمَر المرأةَ بالاستجابة والامثتال لأمر الرجل!! أكثر أهل التفسير[ ] يقولون: وليقبل بعضكم من بعض إذا أمره بالمعروف. وهذا موافق لمعنى (الائتمار)، وبعضهم قال: ليأمر بعضكم بعضًا بالمعروف. وهذا قد فسَّره بالملزوم، أي الأمر يلزم منه الائتمار، فمادام هناك ائتمار بينهما فلا بد من وجود أمر متبادَلٍ سابق له. والأول موافق للفظ الآية. وفسرها بعضُهم بما يجمع الأمرين، أي بما ورد في لفظ الآية، وما يلزمه، فقال ابن عطية: " {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ}، أي ليأمر كل واحد صاحبه بخير، ولا شك أن من أمر بخير فهو أسرع إلى فعل ذلك الخير، وليقبل كل واحد ما أمر به من المعروف، والقبول والامتثال هو الائتمار"[المحرر الوجيز: 5/ 326]. طبعًا كل هذه الأقوال ليست مختلفة ولا متعارضة.. وكلها فيها: أن المرأة تأمر الرجل، وأن الرجل عليه أن يمتثل لأمرها ويأتمر به! وفسر بعضهم الائتمار بالتشاور، واستبعده كثير من المفسرين. وكأن هذا الذي فسّر{وأتمروا} بالتشاور قد هَرَب من اِئتمار الرجل بأمر المرأة!! وهي النكتة التي دفعتني لكتابة هذه السطور. ولا لاشتراك ولا ترادف بين الشورى والاستشارة وبين الأمر والائتمار. فإذا كان الرجلُ قوَّامًا على المرأة كما في الآية، فمعناه أنه أعلى منها سلطة، فكيف لها أن تأمره؛ فتنقلب هي الأميرة، وكيف له أن يأتمر بأمرها ويطيعه فينقلب إلى أسيرها؟! وكما في الحديث: «أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ، لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا»(الألباني[ ] ؛ صحيح الترغيب والترهيب، برقم:[1930]). و«عوان عندكم» أي أسيرات عندكم بعقد الزوجية وميثاقها الغليظ. لا بد أن ثمة معنى صحيح، يحتمله لفظ {وَأْتَمِرُوا} من غير تعسُّف، ومعنى شرعي لا يناقض القوامة ولا ينافي أنهن أسيرات عندنا! طبعًا أعرف أن للآية سياقًا ومناسبة، ولكني اكتفيت بعموم لفظها الذي لا ينافي خصوص سببها. وفي إحدى التفاعلات مع الموضوع على شبكة التواصل الاجتماعي قبل أن أجعله مقالًا جاء التعليق التالي: "... ال 3 سطور دول أوحولي كأن فيه تعارض بينهم وبين بقية الكلام: "فإذا كان الرجل قوَّامًا على المرأة فمعناه أنه أعلى منها سلطة فكيف لها أن تأمره فتنقلب هي الأميرة؟ وكيف له أن يأتمر بأمرها ويطيعه فينقلب إلى أسيرها؟!" فكان الجواب التالي: ليس في الكلام تعارض – بحمد الله تعالى- وما سُقناه إلا لأجل درء التعارض بين أحكام الشريعة[ ] المُحكَمة المُحَكَّمة، ذلك أن مسألة قوامة الرجال على النساء أمر ثابت لا مطعن فيه، ولا شبة حوله كما في قوله تعالى:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}[النساء:34]، وفي بقية الآية هذه أيضًا بيان لبعض صور القوامة ومظاهرها، مما يقتضي عدم مشاركة المرأة فيه للرجل، فليس لها أن تضربه ولا أن تهجره في الفراش. أما مسألة الأمر بالمعروف فكون الرجل يأمر المرأة بالمعروف فلا إشكال فيه، بل هو الأصل، ليس في الإنسان فقط، ففي الغريزة الزوجية كلها تجد الذكور لها السلطة على الإناث، فطرة خَلقية. وأما كون المرأة تأمر الرجلَ بالمعروف، ويأتمر بأمرها فينبغي أن نصحح معنى الأمر أولا، ثم المعروف. فالأمر لا يقتضي الاستعلاء دومًا والتسلط، فليس دومًا الآمر أعلى من المأمور، ولا المأمور أدْوَن وأقل من الآمر دومًا. فقد تكون صورة الأمر تقتضي الالتماس، أمَا تَرى المؤمنَ يقول: ربِّ اغفر لي، فالفعل (اغفر) فعل أمر، فلا يقال المؤمن أمر الله تعالى بأن يغفر له، وإنما هذا الأمر دعاء ودعوة. وإذا كان مثلُ هذا الأمر من مُقَاِرنٍ مساوٍ سُمِّيَ التماسًا، كأمر الصاحب لصاحبه. أما العلاقة بين الأمر والمعروف: فعندنا في الإسلام ثلاثة أمور: أمر بمعروف، ونهيٌ عن منكر، ودعوة إلى الخير، كما قال تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:104]. فالدعوة إلى الخير تكون بصيَغٍ عديدة؛ منها صيغ الأمر الصريح، وهي تكون من كل أحد إلى أي أحد، لا يُشترط فيها فوقية الداعي على المدعو، ولا سلطته عليه، فتكون من الأب إلى ابنه ومن الابن إلى أبيه، ومن الزوج[ ] إلى زوجته والعكس، وتكون من الرعية إلى وُلَّاة الأمر، والعكس. فالعلماء يأمرون ولاة الأمر بالمعروف ويدعونهم إلى الخير رغم أن السلطة للولاة (الشرعيين)على العلماء[ ] ، وهم الأمراء عليهم، والطاعة واجبة من العلماء للأمراء. ويجب على الأمراء قََبول أمر العلماء بالمعروف والاستجابة لدعوتهم إلى الخير والائتمار بأمرهم، ولا ينقلب بذلك العلماءُ إلى قوَّامين وسادة على الأمراء، ولا الأمراء إلى رعية وجنود طائعين للعلماء. والسر في ذلك أن ائتمار الحكام والأمراء بأمر العلماء راجع إلى ائتمارهم بالحق الذي أمروهم به، لا لسلطة لهم عليهم، واستجابة الحكام لدعوة العلماء هو استجابة لما دعوهم إليه من خير، لا استجابة لأشخاص العلماء ولا لسلطة العلماء عليهم... كذلكم هنا، يأتمر الرجل بأمر المرأة فيما أمرته به من معروف - رغم أنه هو السلطان عليها- لأنه المعروف الذي يحبه الله تعالى ويرضاه ويأمر به، ويستجيب لدعوتها إلى الخير وإن كان بصيغة الأمر، لأنه دعوة إلى الخير ودعاء إلى مرضاة الله، فيكون أمرها له دعوة لا تقتضي سلطتها عليه، ولا تنبثق من مقام علوِّها عليه.. وذلك حتى لا يتعارض هذا مع كونه هو القوَّام الأميرُ عليها. وهذه أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها تنقذ الموقف يوم الحديبية، فتشير على رسول الله (صلى الله عله وسلم) بما جعل الصحابة[ ] يستجيبون فيحلقون وينحرون، وذلك عندما عقَد النبي[ ] (صلى الله عليه وسلم) الصلح مع قريش، وفرغ من قضية الكتاب، قال لأصحابه: «قوموا فانحروا ثم احلقوا»قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات! فلمّا لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: "يا نبي الله، أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحدًا منهم كلمة، حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك"، «فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك؛ نحر بُدنه، ودعا حالقه فحلقه»، فلما رأوا ذلك قاموا، فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً حتى كاد بعضهم ي*** بعضاً غمًّا..."(البخاري[ ] ؛ صحيح البخاري[ ] ، رقم:[2731])، فأمرها هذا ليس فوقيًّا قوَميًّا. وبهذا لا يبقى لأهل الشبهات و(أصدقاء المرأة) شبهة يتعلقون بها في أن الآية تدل على أن المرأة تأمر الرجل كما يأمرها، وبالتالي عليه أن يطيعها كما تطيعه؛ فلها –إذن- أن تكون رئيسةً عليه ووالية وقاضية وقائدة!! فهذه دعوة المواطنة بمفهومها الغربي في المساواة بين المرأتين والمساواة بين الرجلين!! لأنهم لو أبْقَوْا على المرأة مرأةً، وعلى الرجل رجلًا لاستحالت التسوية بينهما، فلمَّا تساوت معه، فلا بد أن يَكُونََها، أو تَكُونَهُ، ويتَّحد ال***ان! ونصبح في وحدة وجود بشرية ***ية!! وفي الجانب الآخر من الشطط؛ فقد قال لي مرة صاحبٌ لي: إذا طَلَبَتْ منك امرأتُكَ شيئًا تشتريه لحلجة البيت، فلا تأت به في حينها، وإنما تَمَاطل حتى تترك طلبه وتنساه، ثم أحضره من تلقاء نفسك، حتى لا تقع في طاعتها، ولا تتعود هي على أمرك!! فقلتُ له: أين تجد ذلك في كتاب الله؟ فقال: هذه هي الرُّجْلَة! فاللهم لا تجعلني رجلًا كهذا. اللهم إنَّا نعوذ بك من مُضلَّات الفتن[ ] ، ما ظهر منها وما بطن، ونعوذ بك من الشطط والتطرف. أبو محمد بن عبد الله
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|