|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
مقارنة بين نتائج انتخابات الرئاسة المصرية 2014 و2012
مقارنة بين نتائج انتخابات الرئاسة المصرية 2014 و2012 باسم راشد الأربعاء, 04 حزيران/يونيو 2014 جاءت الانتخابات الرئاسية لعام 2014 وسط أجواء سياسية تتسم بالتشتت والانقسام؛ بين أغلبية مجتمعية ترى في ترشيح المشير "عبد الفتاح السيسي" إنقاذًا لمصر من كبوتها، وبين جماعة الإخوان المسلمين –التي صنفتها الحكومة على أنها جماعة "إرهابية"- التي ترى أن ترشيح الأخير (السيسي) بمثابة تكريس لواقع ما بعد ثورة 30 يونيو، لذا دعت لمقاطعة الانتخابات رفضًا لهذا الترشح. وقد حملت نتائج انتخابات الرئاسة لعام 2014، التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات يوم الأربعاء الموافق الثالث من يونيو الجاري، الكثير من الدلالات التي يجب التوقف عندها لاستشراف مستقبل الدولة المصرية في المرحلة المقبلة، من خلال مقارنة مع انتخابات الرئاسة لعام 2012، مع الأخذ في الاعتبار طبيعة السياق الاجتماعي والسياسي والاقتصادي المختلف في الحالتين. نسبة المشاركة في الانتخابات في النظم الديمقراطية المستقرة لا تتجاوز نسبة المشاركة في الانتخابات حوالي 60% من إجمالي الأصوات المُقيَّدة بالجداول الانتخابية والتي يحق لها التصويت، وبالتالي فمن المنطقي والمقبول أن تنخفض تلك النسبة في الظروف غير المستقرة، والتي تحدث فيها تحولات جذرية في المجتمع. وبرغم أن مصر، منذ 25 يناير 2011، تمر بظروف صعبة، سواء على المستوى الأمني والسياسي والاقتصادي، فإن نسبة مشاركة الناخبين في الانتخابات الرئاسية سواء في عام 2012 أو عام 2014 كانت كبيرة طبقًا للأرقام الرسمية الصادرة من اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية. بلغت نسبة المشاركة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية لعام 2012 ما يقرب من 47% من إجمالي الناخبين المُقيَّدين في الجداول الانتخابية، فيما وصلت النسبة في جولة الإعادة التي أُجريت بين الفريق "أحمد شفيق" والدكتور "محمد مرسي" إلى ما يقرب من 52% من إجمالي الناخبين الذين يبلغ عددهم ما يقرب من 51 مليون نسمة؛ أي شارك في تلك الانتخابات حوالي 26.4 مليون ناخب. وقد حصل الدكتور محمد مرسي في تلك الانتخابات على نسبة 51.7%، في مقابل 48.3% لمنافسه الفريق أحمد شفيق، وذلك من إجمالي الأصوات الصحيحة. في حين وصلت نسبة مشاركة الناخبين في انتخابات الرئاسة لعام 2014 التي أُجريت بين كل من المرشَّحَيْن عبد الفتاح السيسي وحمدين صباحي، في أيام 26-27-28 مايو، طبقًا للأرقام الرسمية، إلى حوالي 47.4% من إجمالي المُصوِّتين البالغ عددهم حوالي 54 مليون مواطن. وقد حصد المشير السيسي، المُرشح الذي اعتُبر الأوفر حظًّا، في هذه الانتخابات نسبة 96.9%، مقابل 3.1% لمنافسه حمدين صباحي. دلالات التصويت في الانتخابات الرئاسية بالرغم من أن نسبة المشاركة في انتخابات 2014 جاءت أقل بكثير من المتوقع، والتي كان يأمل المشير السيسي أن تتجاوز الـ80%، وبرغم المحاولات الحثيثة من الحكومة لدفع المواطنين للمشاركة في هذه الانتخابات؛ إما عن طريق إعطاء يوم من أيام التصويت إجازة بأجر كامل، أو مد التصويت ليوم ثالث، أو من خلال تطبيق غرامة على المقاطعين للانتخابات تصل إلى 500 جنيه تُخصم من رواتبهم، وبرغم الإلحاح الإعلامي لضرورة النزول والمشاركة في هذه الانتخابات - إلا أن ثمة دلالات تبرز واضحة من خلال تحليل دلالات مؤشرات التصويت والمشاركة في انتخابات الرئاسة لعام 2014 مقارنة بانتخابات عام 2012. تتمثل الدلالة الأولى لتلك النتائج في حجم المنافسة بين المرشَّحَيْن في الانتخابات؛ ففي عام 2012 كانت ثمة منافسة بين مرشَّحَيْن ينتمي كل منهما إلى تيار مختلف، وقد ظلت المنافسة مستمرة حتى آخر لحظة في هذه الانتخابات قبل النطق من جانب اللجنة العليا بالنتائج النهائية للتصويت التي أكدت فوز الدكتور محمد مرسي على نظيره الفريق شفيق بنسبة ضئيلة للغاية لا تتجاوز 3.5%، الأمر الذي فُسِّر وقتها بأن الشباب المنتمي لثورة يناير، التي كانت متوهجة وقتها، آثر معظمه أن يعطي صوته لمرشح إسلامي ينتمي لفصيل شارك، بشكل أو بآخر، في الثورة، على أن يعطي صوته لأحد أركان النظام السابق الذي أسقطه، وبالتالي فقد حسمت هذه المجموعة من الشباب نتيجة الانتخابات لصالح المرشح الإسلامي بعد أن أزاحت الجولة الأولى من الانتخابات كل المرشَّحين "الثوريين" كحمدين صباحي، وعبد المنعم أبو الفتوح، وخالد علي. أما في انتخابات 2014 فقد كانت نتائج الانتخابات محسومة قبل أن تبدأ لصالح المشير السيسي، وذلك لدوره في "إنقاذ" مصر من براثن جماعة الإخوان المسلمين، فضلا عن طبيعة العلاقة القوية والمتماسكة بين الشعب المصري وجيشه والتي جسَّدتها نتائج الانتخابات من فوز ساحق للسيسي على منافسه صباحي. وتتعلق الدلالة الثانية بالنطاق الجغرافي للتصويت، فقد بدا ملحوظًا في انتخابات 2014 أن المشير السيسي تفوّق على منافسه صباحي في مختلف النطاقات الجغرافية؛ ففي إقليم القاهرة الكبرى، حصل على ما يقرب من 6.5 ملايين صوت في مقابل 220 ألف صوت لصباحي، وهو الإقليم الذي استطاع صباحي أن يحصل على أعلى الأصوات فيه في انتخابات 2012 بنسبة بلغت 27.5%، فضلا عن الوجه البحري الذي يمثله حوالي 20 مليون ناخب أي 42% من مجموع الناخبين في كافة أنحاء البلاد، والذي يمكن القول إن السيسي قد اكتسح في هذا الإقليم منافسه، حيث حصد السيسي حوالي 12 مليون صوت مقابل 306 آلاف صوت لصباحي. وجدير بالذكر أن هذا الإقليم أيضًا كان محل منافسة قوية ومحتدمة بين الفريق شفيق وبين الدكتور مرسي في انتخابات 2012، وقد استطاع شفيق في هذا الإقليم أن يحصد أعلى نسبة تصويت عن منافسه محمد مرسي، على عكس محافظات الصعيد التي استطاع خلالها مرسي، عن طريق القواعد المنظمة لجماعة الإخوان المسلمين، أن يحصد النسبة الأعلى من الأصوات في جولة الإعادة في هذا الإقليم، لكن تلك القواعد لم تفلح في دفع المواطنين للاستجابة لدعوة جماعة الإخوان المسلمين لمقاطعة انتخابات 2014؛ حيث كان البوْن شاسعًا بين السيسي وصباحي في عدد الأصوات في إقليم الصعيد؛ حيث حصل المشير السيسي على حوالي 6.4 ملايين صوت مقابل 178 ألف صوت لصباحي. وبالتالي كان ملمح غياب المنافسة واضحًا في انتخابات عام 2014 على عكس انتخابات عام 2012 التي اعتمد فيها التنافس الانتخابي، في جزء منه، على قدرة كل مرشح على إقناع المواطنين برؤيته وبرنامجه، فضلا عن مدى القدرة على الحشد للتصويت لصالحه، إلا أن انتخابات عام 2014 كانت تعتمد على شخص المرشح بالأساس، أو بالأحرى، شخص السيسي الذي استطاع أن ينفذ إلى قلوب المصريين من خلال مساندته للخروج الشعبي في الثلاثين من يونيو، فضلا عن الدعم الإعلامي الكبير الذي حظي به قبل الانتخابات، بل وقبل إعلان ترشحه للرئاسة، بما دفع المواطنين للتصويت له بكثافة. أما الدلالة الثالثة الهامة فترتبط بنسبة المقاطعة في كل انتخابات على حدة، وكذلك أعداد الأصوات الباطلة؛ فقد كان السياق المحيط بالجولة الثانية من انتخابات عام 2012 مُحبطًا وصادمًا للعديد من الشباب المنتمي للثورة؛ إذ فوجئوا بوصول الدكتور مرسي والفريق شفيق لجولة الإعادة، على عكس ما كانوا يرغبونه، لذا انقسم الشباب في هذا الصدد إلى ثلاثة فرق؛ الفريق الأول، وهو الأكبر من الناحية العددية، آثر أن يُعطي صوته لمرشح التيار الإسلامي على أن يُعطيه لمرشح النظام السابق من وجهة نظرهم، فيما فضَّل الفريق الثاني المقاطعة على أن يعطي صوته لأحدهما، أما الفريق الثالث فقد قرر إبطال صوته كي يعطي رسالة للرئيس القادم، أيًّا كان، بأنه رافض له، إلا أن إجمالي عدد الأصوات الباطلة في انتخابات عام 2012 قد وصل إلى ما يقرب من 844 ألف صوت، أي 3.2% من إجمالي أعداد الناخبين، وهي النسبة التي ارتفعت بشكل كبير ومُلفت للنظر في انتخابات عام 2014 لتصل إلى ما يفوق 4% من إجمالي أصوات الناخبين. كما كان ملحوظًا ارتفاع نسبة مقاطعة المواطنين لانتخابات عام 2014، وهو الطرح الذي عززته وسائل الإعلام بدعواتها المتكررة والمبالغ فيها للمواطنين للنزول للمشاركة في الانتخابات، وتأكيدها المتكرر بأن الاقبال ضعيف، وكذلك الإجراءات الحكومية آنفة الذكر، أو حتى قرار اللجنة العليا للانتخابات مدَّ التصويت ليوم ثالث، ويرجع ارتفاع هذه النسبة إلى عدة عوامل، لعل أبرزها هو عزوف قطاعات من الشباب عن المشاركة في الفعاليات السياسية المختلفة، سواء كانت استحقاقات انتخابية أو غيرها، وفي مقدمة الحركات الشبابية المقاطعة حركة 6 أبريل. فضلا عن دعوات المقاطعة التي أطلقتها جماعة الإخوان المسلمين وتحالف دعم الشرعية لعدم المشاركة في الانتخابات. تحديات ما بعد فوز السيسي بنجاح المشير السيسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2014 التي تعد أهم عنصر في خارطة الطريق المقررة بعد 30 يونيو، تبدأ مرحلة جديدة في تطور الواقع السياسي المصري، وفي طبيعة التفاعلات السياسية على أرض الواقع؛ إذ يواجه السيسي العديدَ من التحديات التي ينتظر المواطن المصري منه تقديم إنجاز بشأنها، وفي مقدمة هذه التحديات هو تحدي الأمن والاستقرار في ظل تفشي ظاهرة "الإرهاب" بشكل كبير، فبرغم ما تبذله القوات المسلحة بمعاونة الشرطة في تجفيف البؤر الإرهابية المنتشرة بكثافة في البلاد، إلا أن الظاهرة تتسع بمرور الوقت، بل وإنها بعد أن كانت تستهدف المنشآت الحكومية أو المناطق الحدودية التي يحميها الجيش، أصبحت تدخل المناطق المأهولة بالسكان، وهو ما يزيد من خطورتها من ناحية، ومن عبئها على الرئيس القادم من ناحية أخرى. ثاني التحديات التي يواجهها الرئيس، والتي لا تقل أهمية وعبئًا، إن لم تزِد، هو التحدي الاقتصادي، ومحاولة إحداث نهضة اقتصادية حقيقية لاستيعاب الطاقات الشبابية الكبيرة، وإيجاد مخرج حقيقي للأزمة التي تمر بها مصر، ولن يتأتى ذلك الأمر إلا بوجود برنامج اقتصادي يتضمن مشروعات حقيقية تساعد في تحقيق تلك النهضة. وثالث هذه التحديات هو تحدي التعامل مع الشباب؛ فلا يخفَ على أحد أن المشير السيسي يواجه مشكلة حقيقية في التعامل مع قطاعات من الشباب، وهو ما دفع بعضهم للعزوف عن المشاركة في الانتخابات الأخيرة، وذلك يرجع لعدة أسباب أهمها: دعم بعض رموز نظام مبارك للمشير السيسي، فضلا عن تخوف الشباب من فكرة "المرشح " ذوي الخلفية العسكرية. لذا فإن السيسي مُطالب بأن يعمل على كسب هؤلاء الشباب بكل الطرق الممكنة لأنهم عمود التنمية التي يريد تحقيقها، ولا يمكن الاستغناء عنهم أو إقصائهم من المشهد العام، وذلك لن يأتي من خلال الكلمات واللقاءات المتبادلة فقط، بل أيضًا من خلال تقديم مشروعات حقيقية يشارك فيها الشباب من ناحية، والتأكيد على إعلاء قيمة الحرية، وحقوق الإنسان، وسيادة القانون، وكافة الممارسات الديمقراطية التي يكفلها الدستور قولا وعملا وممارسة من ناحية أخرى. إن أهمية التعاطي مع هذه التحديات بأكبر قدر من الحنكة سيعطي فرصة استقرار أكبر للنظام القادم، الأمر الذي سيساعد في المراحل اللاحقة على البناء والنهوض، إلا أن تجاوز المعطيات التي تستجد في الواقع المصري، وإغفال الانتقادات التي تُوجه للنظام، والارتكان فقط إلى الشعبية التي يتمتع بها المشير، سيكون أكثر مضرة لمصر كدولة في المقام الأول، وللنظام القائم ثانيًا. لذا لا ينبغي على المشير السيسي ونظامه أن يتجاهل عَبَرات التاريخ، ويدرك أن حجم التحديات كبير، ولن يحدث إنجاز بشأنها إلا بتكاتف جميع القطاعات والقوى الموجودة في المجتمع في إطار تحكمهُ الشفافية وتُغلِّفه المصارحة ويحدوه العدل من كل جانب. |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
احصاءات, انتخابات مصر, دراسات استراتيجية |
|
|