كفاية الهموم ومغفرة الذنوب

[أبو إسراء A]

كفاية الهموم ومغفرة الذنوب!!
أن يكفيك الله هموم دنياك، ويغفر لك جميع الذنوب؛ كيما تهنأ بك أخراك؛ نعمتان بهما سعادة الدنيا والآخرة !! ولكن قدرة العبد قد تعجز على حصر همومه كلها وإحصاء المادية منها والمعنوية؛ الشخصية منها والأسرية، الخاصة منها والعامة؛ بسبب كثرتها وشدة تشعباتها؛ حتى يسأل الله تفريجها عنه الواحدة تلو الأخرى!! كما أن إحصاء العبد لذنوبه الصغير منها والكبير، والمعلوم منها والمجهول، يعتبر في عداد المستحيلات!!

إلا أن رحمة الله بعباده لا حدود لها، بل ولا سبيل لتصور سعتها وعموم فضلها؛ قد جمعت لنا هاتين النعمتين في كلمات قليلة . . تنشرح والله بها الصدور . . وتطمئن لها النفوس . . بل وتنزل بها السكينة على القلوب . . فتربط حاضرنا المعتم بظلماته . . الكئيب بكرباته . . بما كان من خطى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم التي ملأ بها الدنيا نوراً بهدي هذا الدين!!

فتمسح على قلوبنا بكلمات الصلاة عليه هموماً وأحزاناً . . وكأن لسان حالنا يقول :

اللهم صل على من بدَّدت به حيرة النفوس . . وأحييت بهديه نبض الحياة في القلوب، بعدما جمعت به فرقتها . . وأعززت به أمتها التي كانت غارقة في وحل الوثنية والجحود!!

إن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لهو (قصة نجاح شاملة ومتكاملة) بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معاني التغلب على مصاعب الحياة، والقدرة على قهر شرور النفس، وإرشاد القلوب لما فيه زكاتها وصلاحها بل وعمارها، فهو معلم الخير لهذه الدنيا كلها، إذ في هديه نجاة المجتمعات وسعادتها في الحياة وبعد الممات!!

إن الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لهي أسرع سبيل لكفاية الهموم ومغفرة الذنوب، كما صح في ذلك ما رواه الترمذي بقوله : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال : يا أيها الناس اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة، تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه. قال أُبيّ بن كعب : يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال : ما شئت . قال : قلت : الربع؟ قال : ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قلت : النصف؟ قال : ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قال : قلت : فالثلثين؟ قال : ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قلت : أجعل لك صلاتي كلها؟ قال :

إذاً تُـكفى هـمّـك ، ويُغفر لك ذنبك.

فقوله رضي الله عنه : يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك. يَدلّ على أن المقصود بالصلاة، هي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .يقول ابن القيم رحمه الله : وسئل شيخنا أبو العباس ابن تيمية عن تفسير هذا الحديث ، فقال : كان لأُبَيّ بن كعب دعاء يدعو به لنفسه, فسأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم : هل يجعل له منه ربعه صلاة عليه صلى الله عليه وسلم؟ فقال : إن زدت فهو خير لك. فقال له : النصف؟ فقال : إن زدت فهو خيرلك. إلى أن قال : أجعل لك صلاتي كلها, أي : أجعل دعائي كله صلاة عليك. قال : " إذا تُكْفَى هَمّك ، ويُغْفر لك ذنبك" ؛ لأن مَن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة، صلى الله عليه بها عَشْرًا , ومَن صلى الله عليه كَفَاه هَمّه، وغَفَر له ذَنْبه.

فاللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ملئ السماوات وملئ الأرض، وملئ ما بينهما، وملئ ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم اجعل لنا في الصلاة على نبيك فرجاً ومخرجاً من جميع الهموم والكروب، ومغفرة لجميع الذنوب، برحمتك يا أرحم الراحمين . . الحمد لله رب العالمين.
منقول