|
التنمية البشرية يختص ببناء الانسان و توسيع قدراته التعليمية للارتقاء بنفسه و مجتمه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
كيف تكسب الناس ؟
كيف تكسب الناس ؟ - الوصية الأولى:"لا تصدر الأوامر لأحد، بل اطلب ما تريد في صورة تمنيات". إن كل شخص يرى الكون كله بعينيه، لا بعيني غيره، وهو يجب كل شيء لنفسه، ولا يحبه لغيره. ومن هنا، فإنّ لكل امرئٍ، كائناً من كان، كرامة عند نفسه، وإن كان وضيعاً في نظر الآخرين، ولذلك فلا يوجد من يضع نفسه أمامك عبداً مطيعاً يتلقى الأوامر، مهما أوتيت من علم أو مال أو سلطان، بل يراك نظيراً في الخلق. وما دام الناس نظراءك، فلا يجوز أن تصدر لهم الأوامر، وتنصّب من نفسك زعيماً عليهم، تأمر فتطاع وتنهى فينتهون. وتأكّد أن الناس يستقبحون الأوامر التي تصدر إليهم، بينما هم لا يمانعون في تنفيذ ما يطلب منهم في صورة "رجاء"، أو "تمنٍّ"، أو ما شابه ذلك. ويمكنك تحرير ذلك، بأن تقول لأحد زملائك: "إنني أتمنى أن تساعدوني في عمل كذا"، لتجد كيف سيحاول أن يفعل ما طلبته منه. بينما لو أصدرت له أوامرك، فإنه قد يرد عليك بقوله: "لن أفعل". وإذا سألته: لماذا؟ فلربما يقول لك بصراحة: "من أنت حتى تصدر لي أوامرك؟". إننا حين نقرأ القرآن الكريم، نجد أن الله تعالى – وهو الجبار المتكبر سبحانه – كثيراً ما يصدر أوامره في صيغة بسيطة ،مثل صيغة "يريد الله"، أو أنه يذكر صفات المتقين وعباده الصالحين، دون أن يطلب من الناس مباشرة أعمالاً معينة. فكان يحبِّب إلى الناس الإيمان والتقوى عبر ذلك. يقول تعالى: (الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) (البقرة/ 1-3). فهو بدل أن يصدر أوامره قائلاً: يا أيها الناس، آمنوا بالغيب، وأقيموا الصلاة، وأنفقوا، يصف المتقين بتلك الصفات. وإذا كان الله – وهو جبار السماوات والأرض – لا يطالب الناس دائماً بما يريد في صورة أوامر، فلماذا تصدر لهم الأوامر دائماً؟! بعض العظماء لم يذكر التاريخ أنهم أصدروا أوامر للناس، رغم أن الناس كانوا يطيعونهم. فكانوا بدل أن يقولوا: "افعل هذا أو ذاك"، أو "لا تفعل هذا، ولا تفعل ذاك"، يقولون: "هل لك في أن تفعل هذا؟" أو "ألا تظن أن من الأصوب أن تفعل كذا؟". وكانوا غالباً ما يفسحون المجال للشخص الآخر لكي يتصرف من تلقاء نفسه. فقد ينفذ الآخرون أوامرك بدافع إسقاط الواجب، ولكن إذا أصدرت لهم الأمر في صورة تمنيات، فإنهم يندفعون من أنفسهم إلى تنفيذه، بحلاوة نفس، وطيب خاطر. فالتمنيات تُسهل الاستجابة لدى الآخرين، لأنها تأتي منسجمة مع ذواتهم، ويحس الفرد معها وكأنه متفضل على الطرف الآخر، لأنه يلبي نداءه في طلب العون والمساعدة، بحرية تامة، ومن دون ضغط أو أمر. وفرق كبير بين العطاء، وبين التنفيذ، فصاحب العطاء يحاول أن ينجز عمله بأحسن صورة، بينما الرجل المنفذ يحاول أن يأتي عمله بمقدار ما يسقط الواجب عنه. ثم إن أسلوب الاقتراحات، والتمنيات، يُتيح للشخص الآخر أن يصحح خطأه، لأنه سيحفظ كبرياءَهُ، ويشيع فيه الإحساس بالأهمية، ويسلس قياده، ويدفعه إلى التعاون، بدل أن يحفزه إلى العناد. إذاً، لكي تصلح الناس، وتؤثر فيهم، قدّم أوامرك في صورة اقتراحات أو تمنيات، وتجنب إصدار أوامر صريحة. يتبع
__________________
فكري إبراهيم الكفافي
مدير التعليم الابتدائي بإدارة الجمالية التعليمية دقهلية أمين اللجنة النقابية للمعلمين |
العلامات المرجعية |
|
|