|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
عاجل إلى جميع العلماء والدعاة وعموم الأمة
بسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله محمد خير الأنام..
وبعد: السادة الأفاضل المحترمين، ذوي الهيئات والوجاهة والكرامة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد: فقد جاء في القرآن والسنة ما يشدد ويؤكد على أهمية الوحدة وضرورتها للمسلمين في كل زمان ومكان، خاصة في زمن الاستضعاف وقلة المعين بعد الله سبحانه فقد قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46]، وقال تعالى: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 63]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 72]، وقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71]. والآي في هذا المعنى كثيرة لا تخفى عليكم.. وقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَتَكُونُ بَعْدِي هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ» -الهنات: الشرور والفساد، والشدائد والأمور العظام- «فَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ، فَكَأَنَّمَا فَارَقَ بَيْنَ أُمَّتِي، فَاقْتُلُوهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ، فَإِنَّ يَدَ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ مُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ يَرْكُضُ» (الجامع الصغير:4672،صحيح)، وفي الحديث: «فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ بُحْبُوحة الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ» (مسند أحمد:1/98، إسناده صحيح). وعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي أَوْ قَالَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضَلَالَةٍ وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ» (صحيح الترمذي:2167)، وفي الحديث «وَهُمْ يَد عَلَى مَنْ سِوَاهُم»، قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: "أَيْ الْمُسْلِمُونَ لَا يَسَعهُمْ التَّخَاذُل بَلْ يُعَاوِن بَعْضهمْ بَعْضًا عَلَى جَمِيع الْأَدْيَان وَالْمِلَل". وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى الْيَد الْمُظَاهَرَة وَالْمُعَاوَنَة إِذَا اِسْتُنْفِرُوا وَجَبَ عَلَيْهِمْ النَّفِير وَإِذَا اسْتُنْجِدُوا أَنْجَدُوا وَلَمْ يَتَخَلَّفُوا وَلَمْ يَتَخَاذَلُوا" (اِنْتَهَى). ومن هنا أستنفر السادة العلماء والدعاة وقادة الأحزاب والجماعات وأستنجد بهم، بما لهم من جُهد بيَّن -كلٌ بحسبه- وبما لهم من وجاهةٍ عند أتباعهم وبما يُظن فيهم من السعي للعمل لدين الله، فنحن نعلم أن لله رجالٌ منهم من قضى نحبه -نحسب أنهم قضوه على الحق- ومنهم من ينتظر.. أحسبكم جميعا منهم لا أزكي على الله أحداً، ومن منطلق كوني واحد من هذه الأمة التي قدر الله أن تكونوا أنتم قادتها، كعلماء ودعاة ومرشدين ومعلمين، ومن منطلق الاهتمام بأمر المسلمين الذي لكم منه أكبر نصيب -نحسبكم-، ومن منطلق شدة الوطئةِ التي تعاني منها أمتُنا -خاصة في بلدنا- وما نعانيه من حرب شرسة مع شركاء الوطن الذين أخذوا على عاتقهم الصد عن سبيل كل ما هو إسلامي، بمجاهرة بلغت حد التعدي على المساجد وكل ما هو رمز للدين من أعيان وشخوص، جماعات وأفراد.. ومن منطلق البحث عن إيجاد سبيل لوحدة المسلمين وترشيد قوتهم وتوجيهها، حتى لا تتفرق وتتشرذم ويؤدي ذلك إلى انهيار وسقوط قيمتهم وكياناتهم، سواء عند أنفسنا أو عند غيرنا ممن لا يرقبون فينا إلا ولا ذمة، من منطلق ذلك وكله، وقبل أن ينقسم كل بيت، لا أقول كل جماعة أو حزب أو طائفة، بل كل بيت على نفسه من شدة الغيظ والإحساس بغيبة الكبار، التي أدت بكثير من الشباب إلى التفكير فيما لا يحمد عقباة، -نسأل الله السلامة- وأنا أعلم أن ذلك في محيط علمكم وأكثر منه.. وكذلك لا بد أن نتنبه إلى أننا قد أحيط بنا من كل الجهات المسئولة في الدولة، بمعنى أنهم علينا لا لنا، وأن قومتهم لصالح غيرنا، وهذا أمر لعل ما عندكم فيه من كثرته لا يحتاج مني مزيد بيان.. هذا وغيره كثير.. يجعلني أشير عليكم أصحاب الخير والفضيلة بهذه المبادرة، وهي محاولة لإيجاد آلية توحيد لقوى المسلمين في هذا البلد الذي صار منهم رئيسًا بغير زمام كاف ولا حكم نافذ، ولم يعد لهم إلا ربهم -وكفى به وليا ونصيرا- ثم أنفسهم كما قال موسى: {رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 25]، فنحن قد بلغنا إلى هذا الحد قد يكون لولي الأمر سنة يتبعها له معها تأويل ومرعاة لمفاسد كبرى معلومة عند أمثالكم أهل العلم والفهم.. لكننا لا بد أن نعلم أننا في أشد الحاجة لله تعالى أولاً ثم إلى ما لا نملك غيره وهو أنفسنا، ومعلوم أن قوتنا -فقط- في وحدتنا، {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، فكان لزامًا علينا أن نبحث عن سبيل يجمع قوة المسلمين ويوجهها الوجهة الحسنة، ويمنع ركون كل حزب إلى ما يتبعه، بما يفرق قوتهم فيضعفهم ضعفا إلى ضعفهم، بل قد يصل إلى حد التناحر الذي يؤدي إلى أكل الجسد المسلم بعضه بعضا كالنار التي تأكل بعضها، ونحن نحتاج إلى جمع كبير مبارك تجتمع حوله الأمة -المهزومة نفسيًا- ويستقطب قوى الشباب بحيث لا يتعلل كل فريق بأن كبيرهم، وشيخهم وقيِّمَهُم لم يأمرهم.. وكذلك نحتاج إلى إشعار كل من يواجهنا ويعادينا ويحمل علينا السلاح، بأننا يد واحدة على من سوانا، فلا يستقطبوا من قادتنا أحداً، ولا يتبعوا معنا سياسة (فرق تسد)، بل يرتعدوا بسبب وحدتنا التي هي سر قوتنا، كما في الحديث: "«..ونُصِرْتُ بالرُّعْبِ..» (صحيح البخاري:2977). وهذه المبادرة عبارة عن اجتماع كل ذوي الهيئات بشخوصهم الكريمة لما لها من وجاهة عند العامة، وكذلك كل رؤوس الجماعات والهيئات والطوائف والأحزاب كل بحسبه، يمثل كل فريق منهم رأسٌ وجيهةٌ معتبرةٌ عند الأتْبَاع، ويتكون من مجموع هذه الكوكبة التي تمثل الجميع -إلزاما- مجلس وحدة الإسلاميين، يناط بهذا المجلس أخذ القرارات التي تقبل التنفيذ والتطبيق من جميع الإسلاميين، ويتحتم عليهم ذلك، بحيث تتخذ هذه القرارات بآلية المشورة بأكثر الأصوات من هذا المجلس، بحيث يصدر القرار فيلتزم به الجميع، من منطلق أن الجميع ممثل في هذا المجلس التنفيذى لوحدة قوة الإسلاميين، من خلال كبراء ووجهاء وعلماء كل فريق من الإسلاميين، فضلا عن ذوى الهيئات المعتبرون بشخوصهم لما لهم من أثر في نفوس العامة، من باب: "وحرض المؤمنين..". وبذلك تجتمع كلمة المسلمين ويتحد مسلكهم ولا يكون هنا أو هناك من يعمل بمفرده، فلا يجد من يناصره، بل قد يجد كثيراً من النقد والطعن ومما هو أشد، ولا تقوم طائفة على أخرى، ولا يتكلم فريق من الإسلاميين على الآخر منهم بما يوافق كلام أعدائهم، وغير ذلك مما ينضح به واقعنا المؤلم.. ولعلنا بذلك المجلس نجبر كثيراً من كسرنا، ونبرد نار الغيظ في قلوبنا، فبمجرد وجود -هذا الحلم- هذا المجلس سيكون له من الأثر في نفوس الجميع (علماء، وعامة، وقادة، وكبار، وأتباع) وكل المسلمين.. ما يُطْمئن القلوب ويشرح الصدور، ويُشعر بعظيم الأمل في الخير والأمن، ويكفي شعور المسلم بكرامته في دينه.. هذا وإني أتقدم لكم أصحابَ الفضيلة والعلم والكرامة بهذه المبادرة للمشورة والمناقشة، ولست بخيركم ولكني أتمثل قولَ الحبيب سيد الخلق أجمعين: «فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» (صحيح الجامع:6766). ومن هنا فإني -أصحاب الفضيلة المبجلين- أضع هذه المبادرة بين أيديكم وكلي أمل في الله عز وجل أن يشرح صدوركم ويهديكم للرشاد، ويسددكم إلى الهدى المبين في كل أمركم عامة وفي أمر هذه المبادرة خاصة، فنحن في مخمصة لا يعلم مداها الا العليم الحكيم سبحانه، وأنتم أهل الخير والبر، قوموا بما عليكم: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران:187]. وفقنا الله وإياكم لما فيه خيري الدنيا والأخرة.. وكتبه الفقير إلى ربه: د. سيد العربي بن كمال الثلاثاء/ 15 جمادى الأولى/ 1434
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|