اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا

محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 16-03-2013, 05:44 PM
فكري ابراهيم فكري ابراهيم غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,936
معدل تقييم المستوى: 19
فكري ابراهيم is a jewel in the rough
افتراضي دبلوماسيةالنبي مع الزعماء ..خلق نبوي أمر إلهي

دبلوماسية النبي مع الزعماء .. خلق نبوي أمر إلهي

د. راغب السرجاني








المبحث الأول: روعةُ الدبلوماسية أمرٌ إلهي!
لعل العجب من روعة دبلوماسية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكمال أخلاقه يزول عندما نعلم أن هذه الأخلاق السامية ما هي إلا جزء لا يتجزأ من دين الإسلام، وأمر واضح تمام الوضوح من رب العالمين، إن الله تعالى علَّمنا أن نحسن الحوار مع مَن خالفنا، وألا نُجَرّ أبدًا إلى سفاسف الأمور، أو مساوئ الأخلاق مهما كانت الظروف، وللنظر إلى التوجيهات الربانية الراقية التي تهدي إلى هذا الطريق. يقول تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} [سبأ: 24 - 26].
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم على وجه اليقين أنه على الحق والهدى، ومع ذلك أمره الله في تحاوره مع المشركين أن يقول لهم: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: 24]. إنها الأرضية المشتركة التي نقف عليها.. أحدنا على حق والآخر على باطل، فلنتناقش ولنتحاور حتى نصل إلى الحقيقة الغائبة.. إنها طريقة الحوار المثلى، وغاية الأدب، ومنتهى سموِّ الأخلاق. ثم يعلِّمه الله أن يخاطبهم في أدب جم فيقول لهم: {قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} [سبأ: 25، 26].
إنه ينسب لفظ "الجُرْم" إلى نفسه، وهو عادة يأتي في الأخطاء والزَّلاِّت، وينسب لفظ "العمل" لهم، وهو يحتمل الصلاح أو الفساد. ثم إنه يُسَلِّم الأمر كله لله تعالى، فيقول: إن الله تعالى سيجمع بيننا جميعًا يوم القيامة، ويحكم بيننا بالحق الذي يراه، فنعرف ساعتها من الذي أصاب ومن الذي أخطأ.. إنها أرقى وسيلة ممكنة من وسائل التحاور، لا تحمل أي صورة من صور العصبية والتَّزمُّت، إنما فيها كل الأدب، وكل التقدير للطرف الآخر. ومثل هذا يقال على ما جاء في القرآن محدِّدًا طريقة الحوار مع أهل الكتاب. قال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت: 46].
يا لَروعةَ الأسلوب! إنه لا يطلب منا أن نتحاور مع أهل الكتاب بأسلوبٍ حَسنٍ فقط، بل يطلب منَّا دائمًا أن نبحث عن الأسلوب الأحسن والأفضل والأجمل..
هل هناك في تشريعات الأرض، وفي أقوال الفلاسفة ما يقترب من هذا الجمال الأخلاقي؟!
ثم انظر إلى تقريب العقول وترقيق القلوب، حين يقول: {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت: 46] إنه يبعث في أهل الكتاب هِمَّة التعاون والتآلف لا التنافر والتباغض، إنَّ إلهنا واحد، وقد أنزل إلينا وإليكم كُتبًا كريمة نؤمن بها جميعًا، فلماذا الشقاق والخلاف؟!
وعلى هذا النسق راجِع الآيات القرآنية لتستمتع بالكنوز الأخلاقية..
يقول تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64].
ويقول تعالى: {ودَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 109].
وحَصْر مثل هذه الآيات يصعب لكثرتها.. وسبحان الذي جمَّل هذا الشرع وأتقنه، حتى خرج إلينا على صورة يعجز البيان عن وصفها!
المبحث الثاني: دبلوماسية النبي صلى الله عليه وسلم مع الزعماء
إذا كانت أحكام الإسلام رائعة في منطقها وشكلها وصياغتها، فإن الأروع من ذلك أنها بكاملها قابلة تمامًا للتطبيق الفعلي في حياة الناس، ولقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم خير دليل على صلاحية هذا المنهج الرباني لحُكْم حياة البشر. ولننظر إلى هذه القواعد المثالية في تعامله صلى الله عليه وسلم مع زعماء الأعداء، وذلك من خلال المطالب الآتية:
المطلب الأول: حسن الاستماع إلى رأيهم
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع إلى مخالفيه بل يُنصت، حتى لو كانت عروضهم غير مقبولة عقلاً أو شرعًا، فكان يعطيهم فرصة الكلام والتعبير عن الرأي؛ لتتاح له بعد ذلك فرصة الكلام وشرح ما يدعو إليه..
انظر إلى هذا المثال الرائع في التحاور مع زعماء المشركين، وذلك عندما دار حوار راقٍ بينه صلى الله عليه وسلم وعتبة بن ربيعة من كبار سادة قريش.. يقول عتبة بن ربيعة وهو يساوم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ترك الإسلام: "يا ابن أخي، إنك منَّا حيث قد علمت من السِّطة في العشيرة، والمكان في النسب، وإنك أتيت قومك بأمر عظيم فرَّقت به جماعتهم، وسفَّهت به أحلامهم، وعِبْتَ به آلهتهم ودينهم، وكفَّرت به مَن مضى مِن آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورًا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها"؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قلْ يَا أبا الوليد أسمعْ". قال: "يا ابن أخي، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا؛ حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد به شرفًا سوَّدناك علينا؛ حتى لا نقطع أمرًا دونك، وإنْ كنت تريد به مُلكًا ملَّكناك علينا، وإنْ كان هذا الذي يأتيك رِئيًا تراه لا تستطيع ردَّه عن نفسك طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى نُبْرِئك منه؛ فإنَّه ربما غلب التابع على الرجل حتى يُدَاوى منه".
حتى إذا فرغ عتبة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه قال: «أقد فرغت يا أبا الوليد؟» قال: نعم، قال صلى الله عليه وسلم: «فاسمعْ مني». قال: أفعل. فقرأ صلى الله عليه وسلم: {بسم الله الرحمن الرحيم* حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ} [فصلت: 1 - 5]. ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها يقرؤها عليه، فلما سمعها منه عتبة أنصت لها، وألقى يديه خلف ظهره معتمدًا عليهما يسمع منه، ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة منها، فسجد ثم قال: «قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك». فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض: "نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به". فلما جلس إليهم قالوا: "ما وراءك يا أبا الوليد؟" قال: "ورائي أني قد سمعت قولاً والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشِّعْر ولا بالسِّحر ولا بالكهانة. يا معشر قريش، أطيعوني، واجعلوها بي، وخَلُّوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه، فاعتزلوه، فوالله ليَكُونَنَّ لقوله الذي سمعتُ منه نبأٌ عظيم، فإن تُصِبْهُ العرب فقد كُفِيتُمُوهُ بِغَيْرِكُمْ، وإن يظهر على العرب فمُلْكُهُ مُلْكُكُمْ، وعِزُّه عِزُّكُمْ، وكنتم أسعدَ الناس به"، قالوا: "سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه!!" قال: "هذا رأيي فيه، فاصنعوا ما بدا لكم".
وهذا الحوار في غاية الأهمية؛ ويعتبر دستورًا في الدبلوماسية والتفاوض، فعلى الرغم من أن عتبة بن ربيعة كان قد قدَّم كلامه بمجموعة من التهم الموجهة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظل على هدوء أعصابه، ولم ينفعل، إنما واصل الاستماع في أدب واحترام، وعندما قال عتبة إنه سيعرض أمورًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قَبِل ذلك، بل قال: قل يا "أبا الوليد" اسمع.. فهو يُكَنِّيه بِكُنْيَتِهِ، أي يُناديه بأحب الأسماء إليه ويلاطفه ويرقق قلبه، ولما عرض عتبة بن ربيعة الأمور التي جاء بها لم يقاطعه النبي صلى الله عليه وسلم مع سفاهة العروض وتفاهتها، بل إنه صبر حتى النهاية وقال في أدب رفيع: «أقد فرغت يا أبا الوليد؟» قال: نعم.. قال صلى الله عليه وسلم: «فاسمع مني»..
لقد أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفرصة كاملة لعتبة لكي يتكلم ويعرض وجهة نظره، وبعد انتهائه تمامًا بدأ هو في الكلام؛ ليضرب لنا بذلك أروع الأمثلة في التحاور مع الآخرين، وإن كانوا مخالفين تمامًا في العقيدة والدين.
المطلب الثاني: مدح الزعماء والقادة والثناء عليهم !!
لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتصر على التودد والملاطفة والرقة في الخطاب لزعماء الأعداء، بل كان يتجاوز ذلك إلى ثناءٍ ومدحٍ لهم، وذلك من باب "أنزلوا الناس منازلهم"!!
فها هو صلى الله عليه وسلم يمدح سهيل بن عمرو وهو حينذاك من قادة المشركين حين جاءه يفاوضه في صلح الحديبية، ويقول للمسلمين: «لقد سَهُلَ أمركم»؛ لما يعلمه من سهولة أمر سهيل بن عمرو وحسن طباعه..
واستمع إليه صلى الله عليه وسلم وهو يتكلم عن خالد بن الوليد قبل إسلامه، وكان ذلك في العام السابع من الهجرة، أي بعد عدة مواقع حربية كان خالد بن الوليد فيها على رأس الجيوش المشركة، ومن أهمها غزوة أحد، وغزوة الأحزاب، وصلح الحديبية.. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للوليد بن الوليد أخي خالد بن الوليد - وكان الوليد مسلمًا حينذاك - «أين خالد؟» (يعني لماذا لم يُسلِمْ خالد؟) فقال الوليد: يأتي به الله، فقال صلى الله عليه وسلم: «ما مثلُه جَهِلَ الإسلام، ولو كان جعل نكايته وجِدَّه مع المسلمين على المشركين كان خيرًا له، ولقدَّمناه على غيره».
فمع الذكريات الأليمة المرتبطة بخالد بن الوليد - وبخاصة مصيبة أحد - إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمتنع من الثناء على عقله، ويتعجب من كَوْنِه لم يدرك قيمة الإسلام مع شدة ذكائه وحكمته، ثم إنه يُثني على خبرته العسكرية وإمكانياته القتالية الفَذَّة، فيعلن أنه لو انضم للمسلمين فسوف يُقَدِّمُهُ على غيره من السابقين إلى الإسلام؛ وذلك لقناعة الرسول صلى الله عليه وسلم بمواهبه المتميزة في الحروب والمعارك. وليس سهلاً مطلقًا على قائد أن يَمْدَح زعيمًا معاديًا له إلا إذا كان على درجة كبيرة من الأخلاق والحكمة والنزاهة..
ثم هاهو صلى الله عليه وسلم يمدح أخلاق زعماء مشركين رفضوا الدخول في دينه، ولم يقبلوا أن ينصروه!! ولماذا؟! لأنه رأى بعين حيادية أن لهم أخلاقًا عظيمة في بعض الجوانب فامتدحها، على الرغم من غياب الأخلاق الحسنة في جوانب أخرى.. إنهم بنو شيبان الذين يسكنون في شمال شرق الجزيرة العربية على أطراف العراق، ويتحالفون مع دولة فارس العظمى آنذاك.. لقد عرض عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام فاستحسنوا أمره جدًّا، وكانت ردودهم عليه في غاية الأدب، ولكنهم رفضوا صراحةً أن يدخلوا في الإسلام؛ خوفًا من كسرى فارس، ومع أن الأخلاق السلبية في الموقف كثيرة، ومن الممكن أن يُطَعن بها في شرف القوم، كغياب الحكمة وبُعْدِ النظر، وعدم القدرة على إدراك قيمة الدين الإسلامي، وكأخلاق الجُبْنِ والخوف من كسرى، وعدم نصرة المظلوم، والتردد وغياب الحسم والحزم... هذه كلها أخلاق سلبية كان من الممكن أن يُعَلِّقَ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إلا أنه أغفل عمدًا الحديث عن كل هذه السلبيات، وانطلق يمدح أخلاقًا أخرى إيجابية رآها.
لقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَا أَسَأْتُمْ فِي الرّدّ إذْ أَفْصَحْتُمْ بِالصّدْقِ، وَإِنّ دِينَ اللّهِ لَنْ يَنْصُرَهُ إلّا مَنْ حَاطَهُ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ، أَرَأَيْتُمْ إنْ لَمْ تَلْبَثُوا إلّا قَلِيلًا حَتَّى يُورِثَكُمُ اللّهُ أَرْضَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَيُفْرِشَكُمْ نِسَاءَهُمْ أَتُسَبّحُونَ اللّهَ وَتُقَدّسُونَهُ» فَقَالَ النّعْمَانُ بْنُ شَرِيكٍ: اللّهُمّ لَك ذَا، فَتَلَى رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: 45، 46]، ثُمّ نَهَضَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ بِيَدَيّ فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ يَا أَبَا حُسْنٍ أَيَّةُ أَخْلَاقٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَا أَشْرَفَهَا بِهَا يَدْفَعُ اللّهُ بَأْسَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَبِهَا يَتَحَاجَزُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ».
لقد ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم التعليق على الأخلاق السلبية، ولم يقل لبني شيبان: أنتم فاقدون للمروءة والنجدة.. إنما احترم أخلاقهم الإيجابية، وفي مقدمتها الصدق، إذ إنه من الخطر الشديد أن يقبل القوم الإسلام ثم يتركوه بعد ذلك، فحَسَنٌ جدًا أن يُفْصِحُوا عن خوفهم وقلقهم من البداية. ثم إنهم كانوا في غاية الأدب في التعبير عن رفضهم للدعوة، وقدَّر الرسول صلى الله عليه وسلم لهم ذلك، وفوق ذلك فهم متواضعون غيرُ متكبِّرين يُعْلِنُونَ أنهم سيتنازلون عن رأيهم، ويدخلون في دين الإسلام إن ظهر أمر هذا الدين على مُلْكِ فارس وغيرها. إن هذا الموقف منه صلى الله عليه وسلم ليُعَتَبر من المواقف المحورية التي يجب أن يتمثَّلها المسلمون في حوارهم مع غير المسلمين. إنه لا يمتنع عن ذِكْرِ محاسنهم وفضائلهم دون كذب ولا رياء، إنما يذكر الحق الذي رآه، وفي هذا إحقاق للحق، وفي الوقت نفسه ترقيق لقلوب المخالفين والمعارضين مما يجعل خلافهم مع المسلمين أقلَّ حدة وأضعف شوكة.
(يتبع)
__________________
فكري إبراهيم الكفافي
مدير التعليم الابتدائي
بإدارة الجمالية التعليمية
دقهلية

أمين اللجنة النقابية للمعلمين

آخر تعديل بواسطة فكري ابراهيم ، 16-03-2013 الساعة 05:50 PM
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:25 AM.