شرعنة ال*** ثوريا ً ودينيا

[abomokhtar]

بقلم د/ ناجح إبراهيم
"شرعنة ال***" هو الخطاب السائد الآن في مصر .. البعض يشرعنه ثوريا ً والآخر دينيا ً .. فالثائر يحل له ما يحرم علي غيره .. يحل له حصار المؤسسات السيادية فيحاصر وزارة الدفاع رمز العسكرية المصرية العريقة.. ووزارة الداخلية رمز الأمن القومي.. ويحاصر الاتحادية أعلي رمز سيادي.. ويحاصر المحكمة الدستورية رمز سيادة القانون .. ومدينة الإنتاج الإعلامي رمز حرية الكلمة .. ويحل له حرق مقرات الحرية والعدالة والوفد والجزيرة .. ويحل له إلقاء المولوتوف وحرق المدارس والمجامع العلمية.. ويحل له أيضا ً تعطيل مصالح المواطنين وقطع الطرق والمترو وحمل الآخرين حملا ً علي العصيان المدني الذي يعرف الجميع أنه لا يكون إلا اختياريا ً .
فالثائر يريد أن يخضع الكون لرغبته ضاربا ً بسننه عرض الحائط .. وقد يريد هدم الكون ومؤسسات الدولة ولكنه لا يستطيع بناءها .. ويمتطي القوانين بل والشرائع لأجل ثورته التي يريدها في كل يوم أو في كل أسبوع .. حتى كره المصريون يوم الجمعة بعد أن كان عيدهم .
أما الآخرون فيشرعنون ال*** دينيا ً وهو أخطر من الأول .. فتري بعض الدعاة يفتي بتطبيق حد الحرابة علي قادة المعارضة أو ***هم .. وهي فتاوى تشبه تلك التي كانت تطلق أيام مبارك لتطبيق حد الحرابة علي الجماعة الإسلامية والجهاد وبعض الحركات الإسلامية الأخرى .
والغريب أن الذين يطلقون هذه الفتاوى ليسوا من المؤهلين للفتوى .. فهناك فرق هائل بين الداعية والسياسي والحزبي والتنظيمي واللغوي والمفتي .. ولا يحق لأحد من هؤلاء الإفتاء ..لأنه مهمة شاقة تحتاج إلي تخصص دقيق في الفقه الإسلامي أو دكتوراه علي الأقل من كلية الشريعة وهي الكلية الأزهرية الوحيدة المتخصصة في الفقه .
والمفتي موقع عن الله سبحانه فيما يفتي فيه .. وإذا كان منصب الذي يوقع نيابة عن الملوك والرؤساء منصب خطير .. فكيف بمنصب الذي يوقع نيابة عن الله سبحانه .
فالفتوى مسؤولية خطيرة .. وخاصة إذا كانت في الدماء أو " الأبضاع" أي الأعراض أو الأموال .. أو تلك التي تؤدي إلي فتن أو حروب أهلية .
وقد كان فقهاء السلف العظام يتهيبون الفتيا ويفرون منها.. وبعضهم يقول "لا أدري" .
وقد روي عن أحد التابعين قوله: " أدركت مائة وعشرين من أصحاب الرسول صلي الله عليه وسلم " من الأنصار يسأل أحدهم عن المسألة فيردها هذا إلي هذا .. وهذا إلي هذا.. حتى ترجع إلي الأول" .
كما أن الذي يدعو أو يفتي ب*** المعارضين فإنه يلغى معنى التعددية الحزبية وفكرة المعارضة التي أقرها النظام السياسي الحالي .
فالفعل السياسي يواجه بالفعل السياسي .. والفكر لا يواجه إلا بالفكر .. والرأي لا يواجه إلا بالرأي .. ولا يواجه ذلك كله بالاغتيال والتصفية .
أما إذا خرج هذا الفعل السياسي عن إطار القانون فإن المنظومة القانونية تبدأ في العمل وسيف القانون بقواعده وضوابطه يأخذ مجراه .. وهذه مسؤولية النيابة العامة والقضاء .. والخروج على القانون في الفعل السياسي لا يواجه بالاغتيال ولكن بالقضاء.
يا قوم لا تشرعنوا ال*** "ثوريا ً أو دينيا ً "حتى لا يحترق الوطن.. فلا يبقى لكم مكان علي الأرض .