#1
|
|||
|
|||
قل حسبي الله
قل حسبي الله
خالد روشه عند غلبة الأحزان، وضعف القدرة، وانكسار العزم، لايجد المرء ملحأ ولا منجى إلا إلى الله سبحانه القوي العزيز، الحي القيوم، فهو مفرج الكروب، ومقو القدرة، ومثبت العزيمة. وعندما يبحث المرء عن ركن ركين، ومأوى يأوي إليه، واعتماد يعتمد عليه، لايجد إلا الفرار إلى الله سبحانه، قثم السكينة، وثم الطمأنينة، وثم الأمان كل الأمان، فالله سبحانه حسبنا، وكافينا، ومؤوينا، وحافظنا، ووكيلنا، وهو نعم الوكيل. و "حسبنا الله ونعم الوكيل" كانت على لسان أولي العزم من الرسل، قالها إبراهيم عليه السلام في أعظم محنة ابتلي بها حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم في مواجهة المشركين في "حمراء الأسد"، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ : قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِي فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالُوا: "إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" [أخرجه البخاري] قال سبحانه: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [أل عمران: 172-174] والحسب هو الكافي، فالله كافينا في مهماتنا وملماتنا والوكيل القيم على الأمور، والقائم على المصالح، والكفيل بعباده، فهو خير وكيل، إذ من توكل عليه كفاه، ومن لجأ إليه لم يخيب رجاءه. يقول ابن تيمية رحمه الله: "حسبنا الله ونعم الوكيل، أي: الله وحده كافينا كلَّنا" [منهاج السنة]. وحسبنا الله ونعم الوكيل دعاء في ذاته، يقال في وجه الظالم، كما يمكن أن يلجأ إليه المهموم أو المكروب أو الخائف، وبوب العلماء لهذا الدعاء باب "مَا يَقُول إذا خَافَ قوما"، كما في عمل اليوم والليلة للنسائي، والوابل الصيب لابن القيم، وغيره. إنَّ الذين يستشعرون هذه الكلمات، لهم أحق الناس بإجابة سؤلهم، وتنفيذ حاجاتهم، بل بكفايتهم من الحاجة إلى الناس، فهي إقرار بالفقر إلى الله سبحانه، واستغناء عما في أيدي الناس، قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}[الطلاق:3] ومن كفاه الله سبحانه سعد في الدنيا والآخرة، إذ هو سبحانه المقتدر على كل شىء، قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[الأنفال:49] وأيما موقف مرَّ بالإنسان، فوجد نفسه قد غلب فيه، بينما هو على الحق، فعليه أن يستعين بالله، وأن يعتقد في حسبي الله، ويرددها بقلبه قبل لسانه، فعندئذ لاخوف ولافزع، ولا هم ولا غم، وفي الأثر: "إِذا وَقَعْتُمْ فِي الأَمْرِ العَظِيمِ فَقُولوا: حَسْبُنا الله وَنِعْمَ الوَكِيلُ"، وكذلك يُروى أن اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" وعن أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ التَقَمَ القَرْنَ وَاسْتَمَعَ الإِذْنَ مَتَى يُؤْمَرُ بِالنَّفْخِ فَيَنْفُخُ، فَكَأَنَّ ذَلِكَ ثَقُلَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمْ: قُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا" [اخرجه الترمذي والنسائي]. http://www.tanseerel.com/main/articl...=53032&menu_id= |
العلامات المرجعية |
|
|