اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > الاقسام المميزة > أخبار و سياسة

أخبار و سياسة قسم يختص بعرض الأخبار و المقالات من الصحف يوميا (المصرية والعربية والعالمية )

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 15-01-2013, 04:50 AM
الصورة الرمزية راغب السيد رويه
راغب السيد رويه راغب السيد رويه غير متواجد حالياً
مشرف عام اللغة العربية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 9,313
معدل تقييم المستوى: 24
راغب السيد رويه is a jewel in the rough
افتراضي شُفْتوا الخيبة؟!

شُفْتوا الخيبة؟!



.. وبعض الناس يهتمون كثيرًا بالعرض - بالمعنى اللغوي، الذى هو: كل ما يمدح به بالإنسان أو يُذم - ويهتمون بالطقوس والرموز المتعلقة بالشرف؛ فأى إهانة لهذه الرموز تعد فى نظر أحدهم جرحًا غائرًا لا يداويه إلا الدم، وقد يلتئم بمجلس صلح يدفع فيه المسيء ما يُحكم به على الطرف الآخر؛ مهما كان كبيرًا. ومما يُعد إهانة وجرحًا للشرف: ضرب الأنف، فهو قاصمة عند بعض البدو. ومن أعظم الإهانات أن تضرب أحدهم على أنفه، ولعل ذلك لأنه أعلى ما فى الوجه، فهو رمز العزة، حتى إنهم يقولون: فلان يشمخ بأنفه/ رافع خشمه/ رافع مناخيره لفوق/ مناخيره فى السما، دلالة الكبرياء والأنفة!
ويحضرنى هنا قول الشاعر العربى الذى رفع قبيلةً ببيت من الشعر - وهم بنو أنف الناقة - حين قال فيهم:
قومٌ همُ الأنفُ، والأذنابُ غيرُهمُ ... ... ومن يُسَوِّى بأنـفِ الناقةِ الذنَبا؟
ولعل هذا هو السبب أن بعض القبائل كانت تجدع أنوف أعدائها - إذا هى أسرتهم أو ***تهم - إمعانًا فى الإهانة، حتى جاء الإسلام فكرَّم الآدمي، وحرم التمثيل به؛ وإن كان عدوًّا. لكن البشرية المتحضرة الآن - وتحت مظلة النظام العالمى الجديد - تتفنن فى التمثيل بالإنسان، وتهينه حيًّا وميتًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومما (كان) يعد من الإهانة كذلك إسقاط العقال عن الرأس، أو رمى الطاقية، أو العمامة. وأذكر أننى حين كنت فى الصف الأول الإعدادى بالأزهر - قبل 250 سنة – رأيت شخصًا أحمق يختطف عمامة أحد الطلاب الصغار من فوق رأسه، وعلم فضيلة شيخ المعهد بذلك - وكان مهيبًا، كما كان للأزهر آنذاك شأن - فكان ذلك اليوم أغبر على ذلك الرجل الأحمق، إذ لقى من الهوان من الطلبة، والمدرسين، وشيخ المعهد، ثم من الشرطة، ما جعله يجتنب المرور - مجرد المرور - من الشارع.
ومما يتعلق بالعرض والإهانة التى لا تغتفَر أن يُضرب الرجل على قفاه، فهذا فى عرف بعض الأقوام مما لا يحتمله الرجل الحر، حتى شاع فى المصريين المثل: انت شايفنى مختوم على قفايا؟/ أنا ما انضربشى على قفايا.
ومما يراه المصريون ماسًّا بالعرض: بيع الأرض، فالفلاح لا يطيق بيع أرضه، ويقول فى أمثاله: اللى يبيع أرضه زى اللى بيبيع عرضه!
وما أبلغها من عبارة لو عقل الناس! وما أكثر الأراضى التى تباع فى هذا الزمن الكنود! بل ما أكثر الدول التى بيعت (مفروشة وتسليم مفتاح) لأعدائها، الذين يسبهم القادة بالنهار، ويلعبون معهم شدة آخر الليل!
وليس العرض أو الشرف منوطًا بالأفراد وحدهم؛ بل هو أيضًا فى الأمم التى جرت عادتها أن تباهى بنفسها ودينها وأجدادها وتاريخها؛ حتى أشد الأمم بداوة وتخلفًا، كانت تظن أن الله خلق أبناءها سادة وخلق الآخرين عبيدًا - ولكم أن تقرأوا عن عقائد وديانات القبائل الإفريقية، أو متوحشى آسيا الاستوائية، والهنود الحمر، وبدو الصحراء، لتجدوا عند الجميع (نفخة كدابة) تجعلهم ينتحلون من العقائد ما يجعلهم يزعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه؛ على تخلفهم، وفقرهم، وسوء حالهم. ويصطنعون من الأساطير ما يجعلهم أبناء الشمس أو القمر أو الأسد، وغيرهم كخة يا عيني!
لكن أغرب ما أراه مخالفًا لمنطق أشد الأمم تخلفًا وبداوة، وما يحير عقلى - فى جانب العرض والشرف - هو حال أمتنا العربية المعاصرة التى لا تريد أن تتشبه حتى بالهنود الحمر أو سكان الغابات:
= فهى الأمة التى تجتهد فى التملص من نسبتها العربية والإسلامية، ومن هويتها اللغوية والثقافية، ومن ملابسها وحيائها وقوام حياتها.
= وتستميت لتجعل نفسها - من حيث التاريخ - إفريقية، أو آسيوية، أو أوروبية، أو شرق أوسطية، أو حتى بحر متوسطية!
= وتست*** لتجعل نفسها - من حيث الأعراق: فرعونية، أو آرامية، أو كنعانية، أو أمازيغية.
= وتستحلى أن تجعل نفسها - من حيث الدين: علمانية، أو نصرانية، أو وثنية!
= وتهيل التاريخ على حضارة ودين وعلم وثقافة وفن وعطاءات شغلت الدنيا وملأت القلوب والأبصار قرونًا كثيرة!
= وهى الأمة التى تَنتهك عرضَ نفسِها بنفسها جهارًا نهارًا - رسميًّا وشعبيًّا، على مستوى المواطن العادى والمثقف، والعشوائى والنخبوي، والثورجى الحقيقى والأونطجي!
= وهى الأمة التى تلوث بيدها عرضها، وتمكِّن الغرباء من انتهاكها - عينى عينك - وكلها نشوة وعزة أنّ عرضها يُنتهك، وشرفها يستباح.
وما عرض الأمم؟ أليس هو تاريخها، ودينها، ولغتها؟
أليس عرضها متعلقًا بحاضرها، بل ومستقبل أبنائها؟
تعالوا نتفاهم إذن:
• إذا كان التاريخ هو عرض الأمة، فمن الذى يلعن أبا تاريخها، ويجعله مجرد مجموعة من المستبدين والظلمة والفاسدين؟
ألسنا نحن الذين اختزلناه فى سلسلة غزوات، ومجموعات عرقية، تتحارب وتتناهب، وأرتالٍ من الحكام الفاسدين المرتشين؟
أهذه هى أمتنا حقًّا؟! ألم تكن النظام العالمى الوحيد قريبًا من ألف سنة؟
ألم تُقم حضارة باذخة نهلت منها أوروبا المعاصرة حتى ارتوت؟
ألم تُحكم بصفوف من القادة والحكام العلماء الشرفاء فى كثير من مساحات تاريخها القريبة والبعيدة؟
ألم تضف للعلم شيئًا أبدًا؟
ألم تؤسس فى كل الفنون؟!
• وماذا تقول عن دينها - بلسانى الحال والمقال - على ألسنة مثقفيها وإعلامييها وأكاديمييها وفنانيها ومشخصاتييها؟ أليس دينها عرضها؟ لماذا تتهرب وتراوغ؟
ألا تجلد هذا الدين - بألسنتهم - وتتهمه بالجمود، والتخلف، والعجز، واللعنة الحضارية؟! ألا تطالب بنفيه، أو إلغائه، أو استبداله، أو تطويره، كأنه ماكينة مصدية من القرن التسعطاشر؟ ليه يا أمة يا مخدرة؟
يا رب أرح قلوبنا الوجيعة،


__________________
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:37 AM.