اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > أخبـار & سياسـة (مصرية وعربية وعالمية)

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 24-09-2012, 11:01 AM
أ/محمد ابراهيم أ/محمد ابراهيم غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
المشاركات: 10,072
معدل تقييم المستوى: 28
أ/محمد ابراهيم is just really nice
افتراضي قاطعوهم ولا تهاجموهم - فهمي هويدي

يبدو أن البعض أصبحوا يستسهلون استفزاز المسلمين واستثارتهم من خلال التطاول على مقدساتهم وإهانتها. حتى صار بمقدور أى طائش أو كاره أو ساع للرواج والإثارة أن يقدم على خطوة من ذلك القبيل، لكى يستدرج آلاف المسلمين الغيورين والغاضبين إلى الشوارع من إندونيسيا إلى نيجيريا.

وأمثال هؤلاء المتطاولين لا يفعلون ذلك من قبيل ممارسة حرية التعبير أو شجاعة الرأى، لأن كلا منهم يصاب بالخرس ولا يستطيع أن يفتح فمه بكلمة حتى إذا كانت على سبيل النقد الخفيف لا للعقيدة اليهودية فحسب، وإنما للتاريخ اليهودى أيضا. بوجه أخص فان الأوروبيين الذين يتمسحون فى حرية التعبير لتبرير تطاولهم على مقدسات المسلمين، يستسلمون للجبن المهين ولا يجرؤ واحد منهم على أن يدافع عن أى باحث أنكر شيئا من التاريخ اليهودى الذى يصر رواته على أن ضحايا المحرقة النازية هم ستة ملايين شخص، لا يستطيع أحد أن ينقص منهم واحدا. ومجنون أو يضحى بمستقبله العلمى من يشكك فى المحرقة. وقانون «جيسون» فى فرنسا يتكفل بردع كل من تسول له نفسه أن يدوس لليهود على طرف.


يطول بنا الحديث لو أننا شغلنا أنفسنا بالإجابة عن السؤال: لماذا يفعلون معنا ذلك، من الرسوم المسيئة التى ظهرت فى الدنمارك منذ ست سنوات، إلى الشريط المنحط الذى ظهر فى الولايات المتحدة مؤخرا، إلى استمرار مسلسل الإهانة والتطاول فى فرنسا من خلال إحدى المجلات، وهى العدوى التى انتقلت إلى ألمانيا وربما كانت فى الطريق إلى إيطاليا. ولا يستبعد أن ينتشر الوباء فى دول أخرى، بعدما أصبحت اللعبة تستهوى البعض، الأمر الذى يضمن لهم الرواج والشهرة من ناحية، ويحقق غرضهم فى استفزاز المسلمين واستثارتهم إلى جانب تشويه صورتهم الذى تتكفل به انفعالات بعض الغاضبين التى يتعذر التحكم فيها. خصوصا أن شرارات الغضب تنتشر فى العالم الإسلامى بأسره.


حتى إذا كانت محاولات التجريح والإساءة مجرد حلقة حديثة فى المسلسل المستمر منذ نزول الرسالة على النبى محمد عليه الصلاة والسلام، فإن ذلك لا ينبغى أن يقابل بالسكوت، ويستحق الغضب لا ريب. لذلك فإننى أعذر الغاضبين وأتضامن معهم فى موقفهم، لكننى أختلف مع طريقة التعبير عن تلك المشاعر. وإذ أقدر مواقف الجهات الرسمية أو المؤسسات الدينية فى المجتمعات الغربية التى استنكرت دعوات إساءة المقدسات الإسلامية، إلا أن ذلك لا ينبغى أن يثنينا عن الغضب وإن ساعدنا على تحديد وجهته.


فى هذا السياق يتعين علينا أن ندرك أن أغلب السياسيين فى الدول الغربية لا يكنون ودا أو احتراما للعرب والمسلمين، وأن كفة حسابات المصالح عندهم أرجح بكثير من كفة القيم والمبادئ. وموقفهم الظالم من قضية فلسطين مكشوف للكافة، كما لم تعد خافية مساندتهم للأنظمة المستبدة فى العالم العربى مادام ذلك يحقق مصالحهم. ولا أحد ينسى أن البرلمان الفرنسى (الجمعية الوطنية) قرر فى إحدى جلساته أن يحسم قضية تاريخية تتعلق بدعوى إبادة العثمانيين للأرمن أثناء الحرب العالمية الأولى، ولم يبال بتفجير أزمة سياسية مع تركيا، لمجرد رغبة الرئيس السابق نيكولاى ساركوزى فى كسب أصوات 100 ألف شخص من أصول أرمنية يعيشون فى فرنسا.


لا نضيف جديدا إذا قلنا إن حسابات المصالح هى التى تحرك أغلب إن لم يكن كل الساسة الغربيين. لكنى استعدت تلك الخلفية لكى أدعو إلى مخاطبتهم بنفس اللغة. أعنى أنه مادامت المصالح هى التى تهمهم قبل أى شىء آخر، فلماذا لا نتوجه بغضبنا نحوها، لكى نوصل إليهم رسالة توجعهم ردا على إهانة مقدساتنا، وهى رسالة للمتحاملين وإنذار فى الوقت نفسه للذين تراودهم الرغبة فى الانضمام إلى المتطاولين والكارهين.


لقد ثبت أن المظاهرات الصاخبة تظل فرقعات فى الهواء لا تقدم ولا تؤخر. وتبين أن الاعتداء على السفارات أو على دبلوماسيى الدول المعنية الضرر فيه أضعاف النفع، فضلا عن أنه يعد من قبيل التصدى لجريمة بارتكاب جريمة أخرى. لذلك أزعم أن مقاطعة منتجات وسلع الدول التى يشترك مواطنوها فى حملة الإساءة توصل الرسالة الموجعة بأسلوب رصين ومتحضر، ليس فيه ضجيج ولا تسلق لأسوار السفارات ولا إحراق السيارات التى تقف أمامها.


إن البعض يستسهلون استخدام الحناجر واستهداف السفارات وإثارة الزوابع الإعلامية. وهناك آخرون يزايدون على الجميع فى ذلك لصرف الانتباه عن مشكلات أخرى تواجه مجتمعاتهم، لذلك فإننى صرت أتعامل بحذر وتوجس مع الصيحات التى تتردد فى الفضاء والتشنجات التى نراها على شاشات التليفزيون بين الحين والآخر داعية إلى نصرة رسول الله والتعبير عن محبته والغيرة عليه. لكننى أزعم أن النصرة الحقيقية تكون بتحمل مسئولية اللجوء إلى عمل جاد ورصين يوصل رسالة الإدانة والغضب إلى المتحاملين والكارهين، ولا أجد سبيلا إلى ذلك سوى إعلان مقاطعة السلع التى تنتجها تلك المجتمعات من خلال حملة شعبية واسعة النطاق تشمل أوسع دائرة ممكنة من العالم العربى والإسلامى.


اتهم إذا لجأوا إلى السخرية والغمز والإسفاف فى تجريح مقدسات المسلمين، فبوسعنا أن نلقنهم درسا قويا يرد على الإساءة بضرب المصالح، بمنتهى البلاغة والرصانة والهدوء. وحينذاك سنرد الصاع صاعين، وربما أكثر.
__________________
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:10 AM.