يتيهون في الدستور

[abomokhtar]

أخشى أن يغرق المصريون في متاهات تأسيسية وكتابة الدستور ومعايير الاختيار، وما إلى ذلك، وفي كل جزئية تعلو الأصوات وينتحب الإعلام الموجه وتضج الساحة، وكأن هذا الدستور سيضمن لمصر مجدا ضائعا.
أهمية الدستور لا تسوغ الانغلاق والتصلب والتيه والإغراق، ولا تصوير القضية كأنها معركة حياة أو موت.
وكأنه في كل مرة يُزج بالقوى السياسية والثورية المصرية في متاهات مملة ومستنزفة يغيب فيها العقل وتقل التنازلات وتضيق فيها الخيارات ويطغى فيها استعراض العضلات والانقسامات، بما يمكن النظام القديم من استعادة أنفاسه ولملمة شتاته وتسلله بين الثغرات وأنواع العناد السياسي والتصلب الحزبي.
وفي كل مرة، ينسحب أقوام ويتدافع آخرون وهكذا، في غفلة عما هو أهم من نصوص تكتب لا تملك سلطة التنفيذ ولا الإلزام إلا بقوة وعي الثورة ويقظتها.
الدستور لا تكتبه لا الأقلية ولا الأكثرية وإنما بالتوافق والتراضي وقدر من التنازلات، وفيه بلدان حكمت بلا دستور، وهناك دول شنت حروبا وأحرقت العالم رغم أنف دستورها، وفيه بلاد تحكمها الشريعة في ظاهر القول والحياة لكنها أدخلت شعبها إلى عهود العبودية المقيتة، والجزائر أنجزت أحد أفضل الدساتير العربية في أوأخر الثمانينيات، لكن سرعان ما انقلب عليه العسكر وداسوا على نصوصه "الرائعة" بدباباتهم.
معركة مصر الحقيقية اليوم ليست مع نصوص صنمية نوالي ونعادي عليها ولا شيء يضمن مناعتها من الانقلاب عليها أو انتهاكها أو لي أعناقها، المعركة الحقيقية مع تركة النظام القديم، مع بقاياه وامتداداته وذهنيته وأنماطه. معركة مصر الحقيقية في وقف استباحة موارد مصر وطاقاتها، واسترجاع كرامة البلد وريادته وقطع دابر التخلف والتبعية.
http://alasr.ws/articles/view/12947