هل تتجه مصر نحو العزلة العربية بأخطاء شبابها؟

[abomokhtar]

بقلم د/ ناجح إبراهيم
هناك مظالم تحدث للمصريين بالخارج ومنها دول الخليج .. بعض هذه المظالم من سكان هذه البلاد أو أصحاب العمل فيها .. ولكنها لم تكن أبدا ً سياسة أي دولة من هذه الدول
وفي نفس الوقت هناك أخطاء وتجاوزات جنائية أو إدارية قانونية تحدث من بعض العاملين المصريين بالخارج.
فالمصري في الخارج ليس شيطانا ً .. ولكنه ليس ملاكا ً أيضا ً.. ومصر هي من أقل الدول رعاية لأبنائها في الخارج واهتماما ً بمصالحهم.. والقنصليات المصرية بالخارج كان يتم تعيين موظفيها عادة بالتوريث تارة أو بالكوسة أخري.
إن تمزيق علاقات مصر والسعودية الإستراتيجية من أجل قضية شخصية يمكن حلها وأمثالها بالطرق الدبلوماسية أو القانونية يدل علي ضيق الأفق.. ويضيع علي مصر الدولة والشعب أكبر المصالح الإستراتيجية.
فالعلاقات المصرية السعودية علاقات إستراتيجية بين أكبر دولتين يمثلان الإسلام السني في العالم العربي.. وكان الملك فيصل رحمه الله يقول للمصريين " نزل القرآن عندنا.. وقرأ في مصر.. وطبع في تركيا".. وكأنه يشير إلي هذه القوي الإقليمية السنية العظمي في المنطقة والتي لو توحدت وتكاملت سيكون للمسلمين والعرب الكلمة العليا علي الأقل في منطقة الشرق الأوسط .
وقد كان الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية يقول دائما ً "إذا سقطت مصر سقط العرب"
واليوم العلاقات المصرية السعودية دخلت النفق المظلم دونما سبب أو مبرر حقيقي.
أما موضوع الجيزاوي المحامي فقد كان مجرد ذريعة لتدمير هذه العلاقات الإستراتيجية .. فالسعودية كدولة أكبر من أن تدس للرجل الحبوب المخدرة من أجل القبض عليه.. ولماذا هو بالذات دون غيره؟
ولماذا اعترف للقنصل المصري بجده في جلسة خاصة بحيازته وأنها مرسلة معه إلي آخرين؟
وهل هذا هو السبب الحقيقي للتظاهر أمام سفارة السعودية وإطلاق سيل من الشتائم البذيئة تجاه حكامها ؟.. وهل يليق رفع الأحذية والتلويح بها .. هل هذا يليق بأخلاق الشعب المصري؟
وهل العلاقات الخارجية والإستراتيجية لمصر سيحددها قلة من المتظاهرين لا يجاوزون الألف؟
أم أن مثل هذه العلاقات تحددها وزارة الخارجية والدولة المصرية نيابة عن مصالح الملايين من الشعب المصري؟
وهل كل عدة مئات من الشعب المصري يمزقون علاقات بمصر لهذه الدولة أو تلك لتتحول مصر إلي دولة منبوذة ممزقة العلاقات رغم أن مصالح مصر الإستراتيجية تستلزم تقوية علاقاتها بكل الدول فضلا ً عن الدول المحورية ..
ألا نحذر أن يؤدي تكرار حصار السفارات وشتم السفراء ودولهم وحكامهم إلي حرب مدمرة بعد حين.. "فليست كل مرة تسلم الجرة" على رأي العوام؟
أو يتحول ذلك في وقت من الأوقات إلي حصار اقتصادي وسياسي لمصر؟
وماذا لو تدهورت العلاقات المصرية السعودية ليعود جميع المصريين من أعمالهم هناك.. فيعود لمصر فجأة 8 مليون مصري كل واحد منهم ينفق في المتوسط علي أربعة أشخاص في وقت يزداد فيه معدل البطالة عندنا..
وماذا لو رد السعوديون هذه الإساءات للمصريين العاملين هناك.
إن ما حدث أمام السفارة يشم فيه الكثيرون رائحة التدبير والتخطيط واستغلال هذه الحادثة لتدمير هذه العلاقة الوثيقة بين البلدين .
أنني أناشد العقلاء والحكماء من أبناء الشعبين المصري والسعودي السعي في إطفاء النار التي اشتعلت بين الشقيقتين قبل أن تزيد الهوة ويتسع الخرق على الراتق وساعتها سنندم جميعا ً .
كما أناشد الحكومة السعودية أن تتفهم الظروف العصيبة والتدهور الأمني الذي تعيش فيه مصر فلا تصعد من الخصومة .. فكلا الدولتين لا تستغني أحدهما عن الأخرى .