|
قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الاقتصاد الإسلامي.. لماذا البحث عما يفرق لا عما يوحد؟
الاقتصاد الإسلامي.. لماذا البحث عما يفرق لا عما يوحد؟ عندما يبني الاقتصاد علي قواعد الكفاءة والنزاهة والشفافية والعدالة ويكون قادرا علي تحقيق التنمية والتطور والتصنيع ورفع إنتاجية العمل ورأس المال من خلال العلم وإنتاج التقنيات الجديدة وتطوير الأساليب الإدارية.وعندما يكون قادرا علي تشغيل العاطلين ومكافحة الفقر والفساد, فإن أي مسلم أو مسيحي سيجده نموذجا مطابقا للمبادئ السامية التي نادي بهدا الدين الإسلامي أو الدين المسيحي وحتي الأديان البدائية التي كانت تعكس حكمة البشر وخبراتهم الأخلاقية العظيمة, دون أن يحتاج الأمر لوضع لافتة دينية علي الاقتصاد. والكفاءة تعني حسن تخصيص وإدارة الموارد والأصول العامة والخاصة لتحقيق التنمية الاقتصادية واستبعاد المحسوبية في التوظيف وتولي المناصب القيادية, والنزاهة والشفافية تعنيان إدارة المال العام بشكل شفاف ونزيه ومضمون برقابة صارمة علي التصرفات في المال العام وعلي الذمة المالية لموظفي العموم من قبل أجهزة رقابية مستقلة, والعدالة تعني وجود نظم للأجور والضرائب والدعم السلعي ودعم الخدمات الصحية والتعليمية والتحويلات الاجتماعية تضمن في مجموعها تحقيق توزيع عادل للدخل, فضلا عما تعنيه من المساواة أمام القانون بين المواطنين من الرئيس إلي أصغر شخص, والعدالة في الفرص المتاحة للتعليم والرعاية الصحية والعمل والترقي والحراك الاجتماعي. ومنذ صعود التيار الإسلامي لصدارة المشهد البرلماني في مصر, تصاعدت الأطروحات حول الاقتصاد الإسلامي كبديل للنموذجين الاقتصاديين الرئيسيين: الرأسمالي والاشتراكي بكل الأنماط الفرعية لكل منهما. وكان نفس الجدل قد تصاعد خلال الأزمة المالية والاقتصادية العالمية المتواصلة منذ عام 2008 والحقيقة أن إسباغ صفة إسلامية أو مسيحية أو بوذية علي أي اقتصاد هي مسألة صعبة, فكل الديانات السماوية والوضعية ظهرت في مجتمعات بدائية تتسم اقتصاداتها بأنها اقتصادات طبيعية قائمة علي الاكتفاء الذاتي, أي اقتصادات ما قبل الرأسمالية التي يبدأ اقتصاد التبادل الواسع النطاق بها, وبالتالي فإن مشاكل الاقتصاد الراهن بكل تعقيداته وتشابكاته لم تكن موجودة أصلا وبالتالي لم يطرح لها حل أو علاج أو سياسات للتوجيه في تلك الديانات, وإنما توجد مبادئ أخلاقية عامة تتركز حول رفض الربا الجائر علي المنتجين والتجار, والتأكيد علي أنماط المشاركة في التجارة والزراعة السائدة في تلك المجتمعات ما قبل الرأسمالية. أما القول بأن المرابحة أو المشاركة هي الحل وهي البديل لسعر الفائدة في النظام المصرفي الذي يراه البعض ربويا, فإنه لا مشكلة في وجود كليهما, فالفائدة هي محفز الادخار ولن تتحول الأموال المكتنزة عديمة الفاعلية إلي مدخرات يمكن توظيفها لتمويل الاستثمار والنهوض الاقتصادي بدون هذه الفائدة. ومعدل الفائدة يتغير تبعا لحالة الاقتصاد ومعدل الربح فيه, بما ينفي عنها صفة الثبات القديمة التي يسنتد إليها البعض في وصفها بالربوية. كما أن الجهاز المصرفي المراقب من البنك المركزي ومن الدولة, ظهر تاريخيا في مواجهة الربا الذي كان يحول فائض القيمة الذي يتحقق في النشاط الاقتصادي إلي المرابي, بما يقيد النشاط الاقتصادي ويجعل اقتصاد التبادل بطيئا وراكدا, ليبقي الاقتصاد الطبيعي البطيء الحركة والقائم علي الاكتفاء الذاتي هو الحاكم لحركة الاقتصاد لأزمان طويلة. أما النظام المصرفي فقد جاء ليحدد أسعار فائدة معتدلة ترتبط بمعدل الربح ولا تلتهم جهد المنتج أو التاجر, بل تساعد علي تنشيط أعماله. وعندما تدني معدل الربح في الاقتصاد بعد الأزمة المالية والاقتصادية العالمية, وصل سعر الفائدة إلي 0.25% في الولايات المتحدة, ووصل إلي صفر في اليابان. وإن كان من الضروري أن تكون هناك مراقبة صارمة لعمل الجهاز المصرفي حتي تتطابق أعماله مع هذه القاعدة وحتي لا يتفشي الفساد فيه. وللعلم فإن البنوك الغربية توجد بها صناديق استثمارية تقوم علي أساس المشاركة بين البنك والمودع المستثمر في تلك الصناديق, ومنها صناديق محدودة المخاطر تعطي حدا أدني من الربح بغض النظر عن نتائج توظيف الأموال, وصناديق عادية تقوم علي المشاركة في الربح والخسارة بصورة كاملة, وذلك منذ قرنين من الزمان, قبل أن يتحدث أي أحد عن بنوك إسلامية أو شركات توظيف أموال إسلامية. وعلي الصعيد النظري فإن كلا من نظامي المرابحة والمشاركة يضع المودع تحت رحمة الشركة أو البنك الديني ومدي أمانته في تحديد نتيجة أعماله, فيمكن أن يربح كثيرا ويزيف نتائج أعماله ليقول إنه لم يحقق ربحا أو حتي مني بخسائر حتي يدفع أرباحا قليلة للمودعين أو يحملهم بخسائر ولا يدفع ضرائب للدولة. ويمكن أن يستخدم الأموال في توظيفات عالية الخطورة ويقامر بأموال المودعين فيقدم لهم أرباحا عالية بعض الوقت لإغراء المزيد من المودعين بالإيداع لديه, لكنه يمكن أن ينهار ويوقع بالمودعين خسائر هائلة تلتهم أصول ودائعهم كلية. كذلك فإن الصفة الدينية لشركة توظيف الأموال أو للبنك الديني, تجعل عملية المراقبة أو المساءلة صعبة, حيث تكون المرجعية للبنك أو لشركة توظيف الأموال هي تصوراتها حول الدين وتجلياته الاقتصادية وليس القانون, أو حتي الدين نفسه وفقا لأي جهة دينية محايدة. وعلي الصعيد العملي فإن شركات توظيف الأموال والبنوك الدينية في مصر فعلت كل هذه الأمور, وتمكنت من الاستمرار لسنوات في ظل تغاضي الدولة, وتورط بعض الرموز السياسية الفاسدة وبعض الرموز الدينية المنتفعة في دعمها, لكن عندما حدثت أزمة أسواق المال العالمية عام 1987 وما تلاها من تداعيات, انكشفت تلك الشركات والبنوك الدينية التي كانت تمارس كل أشكال المضاربة الخطرة في أسواق العملات والأسهم والمعادن النفيسة ومنيت فيها بخسائر ضخمة, فضلا عن تورط البعض في نشاطات غير قانونية, وانهارت وأضاعت مليارات الجنيهات من أموال المودعين, وشكلت تجربة تاريخية سلبية لنموذج الاقتصاد الديني, خاصة وأن تلك الشركات التي كانت تجمع الأموال تحت عنوان توظيفها بشكل إسلامي, قد وظفت ما جمعته من أموال المسلمين في المضاربة في البورصات الأوروبية والأمريكية, وفي أسواق المعادن النفيسة في تلك البلدان, وفي أسواق العملات وهي نوع من القمار الصريح الذي لا يقبله دين, مما أخرج تلك الأموال من معادلة تحقيق التنمية في مصر, وساهم في تنشيط أسواق الولايات المتحدة التي وقفت دائما ضد الحقوق العربية في فلسطين, فأي إسلام في إخراج مدخرات مواطنينا واستثمارها لديها, أو المضاربة الخطرة بها في أسواقها. أعتقد أن الأهم هو كفاءة ونزاهة وعدالة النظام الاقتصادي وليس إسباغ توصيف ديني طائفي عليه, في وقت تحتاج الأمة لوحدتها الوطنية وللبحث في كل مجال عما يوحد لا عما يفرق. |
العلامات المرجعية |
|
|