الإيمان بالله شرف : أو لست تبحث عن الشرف ! ألستَ بحاجة إلى شرف ! أَوَ ما تريد أن توصَفَ أو توسَمَ بالشرف ! الإيمان بالله شرف ﴿ ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ﴾ البقرة : 221﴿ ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ﴾ البقرة : 221 ألا يَصُبُّ كونك شريفاً ، ألا يصب ذلك في قلبك سعادة وسروراً وارتياحاً إذا أخبرك من أخبرك بأنك شريف النسب ! ألا يكون ذلك دافعاً من أجل سرورك ! ألا يكون ذلك مريحاً لك ! إذاً الإيمان بالله شرف وأعظِم به من شرف ، ويوم تؤمن به تشرُف ، يوم تؤمن بالله ترتقي أحاسيسك ويرتقي شعورك بازدياد في كونك أضحيت تتسنَّمُ قمة الشرف وذروة الشرف . الإيمان بالله شرف وقد ذكرنا في خطبة سابقة قول الشافعي :
ومـما زادني شرفاً وتيهاً وكدت بأخمصي أطؤ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا
- الإيمان بالله طمأنينة : إن دواخل شبابنا وشاباتنا ، طلابنا وطالباتنا قلقة مضطربة ، انظر إليهم إذ تراهم في الجامعة ، إذ تراهم في الشارع ، إذ تراهم في المعمل مضطربو الدواخل ، دواخلهم غير مستقرة ، لا تعرف سبباً لهذا حسب الظاهر ، لكنك إن محَّصتَ وفحصتَ ودرستَ ستجد أن ضعف الإيمان وراءَ القلق ، وأن ضعف الإيمان وراء الاضطراب ، وأن ضعف الإيمان وراء هذه التوهيمات الداخلية المزعجة التي تنتاب صغارنا وكبارنا . انظروا تلاميذنا وطلابنا ، انظروا معلمينا وموظفينا لقد ارتسمت على مُحيَّاهم بوادر قلق صدرت من دواخلهم لتكون أشائر على ظواهرهم . الإيمان بالله يُطَمأنك في زمن الاضطراب ، وأنا أطرح الإيمان بالله عزو جل من أجل أن يطمئنك ، فهل تطرح لي شيئاً أخر إذاً أنا على استعداد من أجل أن أسمعك ﴿ الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ﴾ الرعد : 28 ﴿ لا تحزن إن الله معنا ﴾ التوبة : 40 ، الإيمان بالله يطمئنك ﴿ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل . فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله ﴾ آل عمران : 173- 174 الإيمان بالله يطمئنك .
- الإيمان بالله يُقوِّيك في ميدان الحياة التي أضحت قاسية ، يقويك على المواجهة لكل صعوبات الحياة ﴿ فأوجس في نفسه خيفةً موسى . قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى . وألقِ ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ﴾ طه : 67 – 69 ذكرت منذ عشر سنوات رواية عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كما جاء في الطبراني أن ابن عمر كان في طريقه , وإذ به يرى جمعاً من الناس وقد ارتسمت عليهم علامات خوف إذ اعترض طريقهم سبع ، حيوان مفترس لم تذكر الروايات طبيعته وإنما ذكرت رواية الطبراني أن الناس هؤلاء اعترضهم سبع ، حيوان مفترس أخافهم وأرعبهم تقدم ابن عمر رضي الله عنه وحمل بيده حجراً وألقاه على هذا الحيوان ففّر الحيوان منهزماً ثم قال - وهنا بيت القصيد - : سمعت من نبيكم عليه وآله الصلاة والسلام : " يُسَلّط على ابن آدم ما خاف ابن آدم ، ولو أن ابن آدم لم يخف إلا الله لم يُسلَّط عليه سواه " أنت القتيل بأيِّ من تخافه ، أنت أسير من تخاف ، أنت مقهورُ من تخاف " يُسلط على ابن آدم ما خاف ابن آدم ، ولو أن ابن آدم لم يخف إلا الله لم يسلط عليه سواه " من أي شيء تخاف ؟ قيل للعز بن عبد السلام كيف جرأت على أن تخاطب الملك هذا الخطاب الجريء ؟! خطاب العز كان خطاباً جريئاً ولم يكن خطاباً وقحاً ، وهناك فرق كبير بين الجرأة والوقاحة ، الجرأة إعلان حق والوقاحة إبداء نفس وإظهار كبر وإعجاب . كيف جرأت يا هذا على أن تقول هذا الذي قلت للملك ؟ أجابه العز بن عبد السلام بقوله : استحضرت هيبة الله فصار أمامي – أي الملك – كالهر . أيها الأخوة يا أبناء فلسطين : لو لا الإيمان ما قويتم ، ولولا الإيمان ما قاتلتم وعِدتكم قليلة ، لولا الإيمان بالله لما قاتل من قاتل من إخوتنا في فلسطين إسرائيل ومَن وراء إسرائيل ، وكلنا يعلم أن إخواننا في فلسطين لا يقاتلون إسرائيل فحسب وإنما يقاتلون من خلال إسرائيل أمريكا وكل القوى الباغية التي تتعاون مع الصهيونية المجرمة . لولا الإيمان بالله لما قال هذا الذي قال : يا أماه إن نفسي في سبيل الله رخيصة فادعي الله عز وجل أن يجعلني شهيداً . الشهداء أقوياء يا أبناءنا في فلسطين يا أخواتنا يا بناتنا يا نساءنا . الفضل للإيمان بالله في استمراركم ، في انتفاضتكم على عدوكم ، على صهيوني ماكر غادر . بوركت سواعدكم وقوَّى الله الإيمان في قلبكم لتقوى أجسادكم على مقاتلة أعدائنا أعداء الدين أعداء الإنسانية أعداء الفضيلة .