وتلك الايام نداولها بين الناس .. ليلة سقوط البطــل .. !

[Ahmed Salah]

سقط الأهلي .. سقط كما تمني الكثيرون .. سقط في ليلة عرسه علي اميرته الافريقية السمراء .. وامام عشرات الالاف من انصاره في قلب قاهرة المعز .. سقط اخيرا .. بعد اكثر من 3 سنوات حمل خلالها اختام الفرحة لكل من احبه .. في مصر وخارجها .. شرب من ذات الكأس التي اذاقها الي 60 الف تونسي بالملعب الاوليمبي برادس في ذات الوقت من عام مضي .. بكي الكثيرون .. ومازالوا يتألمون .. انها ليلة لن ينساها التاريخ الكروي الافريقي ابدا .. ليلة سقوط البطــل.

بحثت عن اسباب سقوطه .. فكرت كيف ضاعت منه اميرته .. فهل ذهبت فعلا للأحق .. وهل كانت سوسة جديرة بأن تحتفي بفريقها الرائع في تلك الليلة السوداء علي القاهرة ..

هناك العديد من الاسباب التي يمكن سردها من اجل تبرير سقوط الاهلي في قلب العاصمة المصرية .. هناك اسباب ادارية .. وفنية .. وتحكيمية .. لكن السبب الحقيقي والأول والأخير لما حدث ليلة التاسع من نوفمبر 2007 .. يكمن في ارادة المولي عز وجل .. وسنته الكونية التي لا تتبدل .. وكما قال في كتابه الكريم:
{ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } [آل عمران:140].

لم يكن من العدل الكوني لرب العالمين ان تبقي الفرحة اسيرة للقاهرة وتستمر في جفائها لتونس الخضراء .. أليس من حقهم ان يفرحوا يوما .. الا يستحق هذا الشعب ان يسعد بلقب بطولة لم يحققها في تاريخه منذ انطلاقها بحلتها الجديدة في عام 1997.

يجب ان نعترف اننا كنا امام ارادة فولاذية مثلها لاعبو النجم الساحلي التونسي .. الذي لم ييأس لاعبوه ابدا من كم الاحباطات التي عانوها في الاعوام الماضية بعد خسارتهم للقبين في دوري الابطال كانا علي ابواب سوسة قبل ان يذهبا الي انيمبا النيجيري ثم الاهلي في عامي 2004 و2005.

تخيل فريقا يخسر نهائي دوري الابطال في قارته عامين متتاليين ويرحل عددا من ابرز نجومه الي اوروبا للاحتراف الخارجي ثم يستطيع رغم ذلك ان يفوز في العام التالي بكأس الكونفدرالية الافريقية قبل ان يعود في العام الذي تلاه ليلعب من جديد نهائي دوري الابطال .. اي رباطة جأش تلك وأي روح تحدي .. اولا يستحقون التوفيق من الله بعد ذلك .. !

بكل صراحة لم يكن النجم أفضل من الاهلي في لقاء القاهرة بأي حال من الاحوال .. وبكل صراحة أيضا .. ربما لو عرضت تلك المباراة في اوروبا لأغلق الجميع تليفزيوناتهم غيظا من اسلوب لاعبي النجم الذي لم ارى أسوأ منه منذ تفتحت عيناي علي الدنيا قبل 30 عاما .. ذلك الاسلوب التمثيلي السخيف الذي ي*** أي متعة في كرة القدم بل وأي متعة في الرياضة عموما.

استفاد النجم من اخطاء تحكيمية واضحة لحكمي الساحة في لقائي الذهاب والعودة ووضح تماما نجاح الحملة الارهابية الاعلامية التي اتبعت من قبل الجانب التونسي بحق الحكم المغربي عبد الرحيم العرجون الذي تحامل علي حامل لقب البطولة بشكل فج ربما لن يغفره له التاريخ.

كرة طائشة واحدة في الدقائق الخمس الاخيرة كانت كفيلة بأن تمنح الأهلي لقبا كان مستحقا ان تحقق .. لكن تلك الدقائق الخمس .. حملت معها الفرحة والدموع الي عشاق السواحلية .. دموع البطولة .. فرغم كل ما فعلوه من اهدار للوقت بأساليب نرفضها .. ورغم الانحياز الصارخ للعرجون .. ورغم افضلية الاهلي الواضحة في مجمل الاداء برغم النقص العددي .. الا ان النجم ... استحق الاميرة .. واستحق اللقب.

استحق من اجل الارادة .. ومن أجل عدم اليأس .. ومن أجل الكفاح لسنوات وسنوات في تلك البطولة الغالية .. استحق ان يتوج علي حساب نادي القرن .. في ملعبه ووسط جماهيره .. وبفوز رائع .. ربما كانت النتيجة قاسية جدا علي الاهلي الذي كان حتي التعادل ظالما له .. لكن الله ارادها كذلك .. ارادهم أن يسعدوا في الدقيقة 92 .. مثلما اسعدنا منذ عام واحد في نفس اللحظة .. في قلب رادس التونسية.

لا تلوموا أحدا .. فلم يقصر ايا من ابناء الفانلة الحمراء في دوره .. ولنتقبل ما حدث .. لنتقبل كأسا اذقناها لهم من قبل .. ولنتعرف معا كيف عاشوا تلك الاحاسيس .. ولنقف جميعا بكل احترام .. ونرفع القبعة لكل من النجم الذي عاد من كبوتيه عامي 2004 و2005 ليتوج ببطولتين بعد ذلك .. و للصفاقسي الذي سار علي الدرب هو الأخر وتخلص من احزانه التي عاشها بأقدام ابو تريكة .. ليعود في العام التالي بطلا منتظرا لكأس الكونفدرالية الافريقية بكل جدارة.

دعونا نخسر يوما دون أن ن*** انفسنا ..
دعونا نحترم سنة الله في كونه ..
دعونا نتفهم أن الأيام دول بين الناس ..
دعونا نتعلم كيف نتنافس بمنتهي القوة لكن ذلك لا يلغي ابدا من قاموسنا احترام المنافس وتقديره ..
دعونا نقف لنحيي لاعبي الاهلي وجهازهم الفني علي 3 سنوات من القتال المتواصل ..
دعونا نشد من اذرهم بعدما استهلكوا كل قواهم من أجل اسعادنا طيلة أشهر عديدة ..
دعونا أخرا نتعلم كيف عاد التوانسة من بحر الأحزان الي قمة المجد بالسيطرة علي بطولتي القارة هذا العام ..
دعونا نحذوا حذوهم .. ونحلم بأهلي وزمالك متوجان علي عرش افريقيا العام المقبل ..
دعونا ننسي .. ليلة سقوط البطـــــــــل ..


منقـــــــــــــــــــــــول