
القاهرة: نشوى الحوفي -جريدة الشرق الاوسط 8 مايو 2007 العدد 10408
«إذا كانت هي سيدة الشاشة العربية فماذا نكون نحن؟ خادماتها»؟!!. كانت تلك الكلمات تنطلق بسرعة الصاروخ على لسان الفنانة مريم فخر الدين في أحد البرامج التلفزيونية على الفضائية اللبنانية قبل عدة سنوات. وكان الحديث وقتها يدور حول الفنانة فاتن حمامة التي لقبت منذ سنوات بعيدة بلقب «سيدة الشاشة العربية» وهو اللقب الذي أغضب الكثيرات الى جانب الفنانة مريم فخر الدين. النقاد رأوا أن فاتن تستحق اللقب بلا منافس، يكفي أنه عندما قرر السينمائيون اختيار أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية عام 1996، كان لفاتن 18 فيلما بين تلك الافلام المائة. ليس هذا فقط كما يؤكد الناقد كمال رمزي الذي يرى أن فاتن لم تكن فنانة قديرة فقط على شاشة السينما ولكنها كانت قديرة على مستوى الحياة العامة والخاصة أيضاً. حيث ظلت دائما حريصة على صورتها أمام الجمهور في كل ما يصدر عنها.
وتعود قصة اللقب الى منتصف الخمسينات حينما قدمت فاتن فيلم «موعد مع الحياة» الذي شاركتها بطولته الفنانة شادية وشكري سرحان وعمر الحريري. وبعد عرض الفيلم الذي لاقى نجاحاً جماهيرياً، كتب الصحافي فوميل لبيب مقالا أشاد فيه بالفيلم بوجه عام وبأداء فاتن حمامة فيه على وجه الخصوص. واصفاً إياها بلقب «سيدة الشاشة العربية». وعلى الرغم من صغر سنها في تلك الفترة وعدم تجاوزها الثلاثين من عمرها، الا أن إعجاب الجماهير بفاتن كنموذج قريب من قلوبهم جعلهم يتمسكون باللقب الذي رأوه مناسباً لها بل ومنطبقاً عليها. وهو أمر ليس بالغريب على المصريين الذين يحبون إطلاق الألقاب على من يحبون في كافة المجالات. فأم كلثوم كانت كوكب الشرق، وعبد الحليم كان العندليب الاسمر، ويوسف وهبي عميد المسرح العربي، بينما سميحة أيوب سيدة المسرح العربي، وأحمد مظهر كان فارس الشاشة، وطه حسين عميد الادب، ويوسف السباعي فارس الكلمة..وغيرها الكثير. في أحد حواراتها الصحافية القليلة بعد إعتزالها للفن قالت الفنانة شادية مدافعة عن الفنانة فاتن حمامة: «لم يكن لفاتن أي دخل في هذا اللقب ولكن الكلمة دوت في آذان الناس ورددها الصحافيون بعدها. وللحقيقة فإن فاتن لم تسع لهذا اللقب أو لغيره وطيلة حياتها كانت من أفضل الزميلات اللاتي تعاملت معهن». فاتن حمامة التي احتفلت اول من امس (27 مايو) بعيد ميلادها السادس والسبعين لم تحفل باللقب الذي علقت عليه في أحد الايام بقولها:«لا شك أن الفنان يسعد باحتفاء الجمهور به وتقديره لما يقدمه من اعمال. ولكن ما فائدة اللقب اذا كان العمل الذي قدمته رديء أو دون المستوى، الالقاب لا تبقى في الذاكرة، ولكن الاعمال هي التي تخلد اسم الفنان وتحفظه».
ولعل هذا ما دفع الناقد سمير فريد الى أن يقول عنها: «فاتن نجمة في القمة منذ بدايتها. دخلت الفن من باب المصادفة وجلست على عرشه من باب الاجتهاد والمثابرة. ودأبت على تثقيف نفسها ذاتياً ثقافة شاملة وعميقة في كافة المجالات الفنية والأدبية والعلمية بالاضافة الي إجادتها للغات العربية والإنجليزية والفرنسية. كما تنبع قوتها من إحترامها لذاتها وذهنها الحاضر وسرعة بديهتها. وهي فنانة معتدلة المزاج ذات إرادة حديدية، تحب الهدوء وتكره التهريج أو أن يتخطي أحد حدوده معها. وهي في ذات الوقت بسيطة وطبيعية في كل تصرفاتها».
وإذا كان اللقب جاء بالمصادفة من قبل أحد الكتاب الصحافيين في الخمسينات، الا تستحق فاتن حمامة وهي تحتفل بعيدها السادس والسبعين بعد ما يزيد على نصف قرن أن نقول لها كل عام وأنت بخير يا سيدة الشاشة العربية؟