فيتامينات الوقاية من البرد ..‏ أكذوبة

[ايه كمال]

فيتامينات الوقاية من البرد ..‏ أكذوبة

لاشك أن الفيتامينات تمثل عناصر مهمة وأساسية لصحة الجسم‏,‏ ولكن هل من الأفيد لنا أن نحصل عليها كمكملات غذائية أم أن نحصل عليها من الأطعمة الطبيعية؟

هذا السؤال هو محور الموضوع التالي‏,‏ ومن المؤكد أننا جميعا بعد أن نقرأ هذا الموضوع سوف نضطر لتغيير أمور كثيرة تعودنا عليها من قبل للتأكد من خطئها‏,‏ فقد أكدت نتائج دراسة أمريكية جديدة أن الجرعة اليومية من الفيتامينات المتعددة ما هي إلا مجرد إهدار للمال بالنسبة لمعظم الناس‏,‏ وأن هناك أدلة متعاظمة علي أن استعمال بعض الفيتامينات يشكل خطرا علي الصحة‏.‏ ولاحظ الباحثون ـ كما تقول الدكتورة ماريان نيوهاوزر الباحثة بمركز هاتشنسن لأبحاث السرطان بسياتل المشرفة علي دراسة أجريت علي‏160‏ ألف امرأة ـ أن كبسولات الفيتامينات المتعدده لم تكن ذات فائدة ملموسة حتي بالنسبة للنساء اللاتي كن يتناولن وجبات غذائية فقيرة أو غير متوازنة‏.‏ وفي الماضي لم يكن يسمع عن الأمراض المرتبطة بنقص الفيتامينات سوي مرض لين العظام المرتبط بنقص فيتامين د‏,‏ ومرض البيلاجرا المرتبط بنقص فيتامين ب‏'‏ نياسين‏',‏ ولكنك الآن لا تكون محظوظا إذا عانيت من نقص الفيتامين وأنت تتناول وجبة غذائية متوسطة‏,‏ لأن معظم الوجبات المعلبة تباع مدعمة بالفيتامينات‏,‏ فتحتوي الفيتامينات المتعددة‏,‏ كما تقول الدكتورة مريان‏,‏ علي بعض المكونات المفيدة‏,‏ في حين تحتوي النباتات علي مئات المكونات الأخري المفيدة‏,‏ ولا توصي بتعاطي النساء للفيتامينات العديدة كمكمل غذائي إلا في حالات الحمل‏,‏ حيث تكون الحوامل اللاتي يتعاطين حمض الفوليك أقل احتمالا لولادة طفل يعاني تشوها في الحبل الشوكي‏.‏
أما عن فيتامينات الوقاية من نوبات البرد‏,‏ خاصة ج‏,‏ فيري الباحثون أن هناك أكذوبة كبيرة سائدة بين الناس تقول إن الإنسان يستطيع أن يمنع الإصابة بنوبات البرد‏,‏ وكان هذا الاعتقاد سائدا بين العامة في أوائل السبعينات علي يد العالم الفائز بنوبل الدكتور لينوس بولينج الذي أشاع هذه الفكرة نتيجة لبعض أبحاثه‏,‏ مما جعل أرفف الصيدليات في أنحاء العالم تمتليء بالعلاجات التي يدخل فيها هذا الفيتامين كمكون أساسي‏.‏ أما اليوم‏,‏ فتحذر الدراسات الحديثة مشتري هذه العقاقير من المبالغة في استعمالها وتوقع الكثير منها‏.‏ ففي عام‏2007,‏ قام الباحثون بتحليل نتائج مجموعة من الدراسات التي أجريت خلال العقود الماضية علي نحو‏11‏ ألف فرد‏,‏ وخرجوا بنتيجة محبطة مؤداها أن فيتامين سي لم يستطع أن يبعد شبح نوبات البرد عن الإنسان‏,‏ إلا بين عدائي الماراثون وممارسي رياضة التزحلق علي الجليد‏.‏ ولما كان الإنسان البالغ يصاب بالبرد بمعدل‏12‏ يوما سنويا في المتوسط‏,‏ فقد وجد من واقع الدراسات أن الفيتامين يسهم في خفضها فقط إلي‏11‏ يوما‏,‏ وخلص الباحثون إلي أن مثل هذا الخفض البسيط في نوبات البرد لا يعد مبررا كافيا لاستخدامه‏.‏
وبالنسبة للحديث عن دور الفيتامينات في خفض معدلات الإصابة ببعض الأمراض المزمنة‏,‏ فهو قول يجانبه الصواب‏,‏ لأن معظم من يتناولون الفيتامينات هم أصلا أناس يمارسون الرياضة ويأكلون وجبات غذائية أقرب إلي التوازن ولا يدخنون أو يمارسون سلوكيات وعادات غير صحية‏,‏ ورغم ذلك كان من المحتمل أن يكون لمضادات الأكسدة مثل البيتاكاروتين وفيتامين سي‏,‏ وإي دور في منع أمراض القلب عن طريق الإقلال من تراكم الكوليستيرول علي جدران الشرايين‏,‏ كذلك كانت مشتقات فيتامين ب من الفيتامينات الواعدة‏,‏ لأن كلا من حمض الفوليك وب‏6,‏ وب‏12‏ تلعب دورا في كسر حمض هوموسيستيين الأميني المعروف بارتباطه بأمراض القلب‏,‏ إلا أن أيا من هذه الآمال لسوء الحظ لم تتحقق‏.‏
أما عن الاعتقاد بأن الفيتامينات هي شيء مفيد دائما ولا يمكن أن تضر الانسان‏,‏ فيؤكد الباحث الدكتور ديمتريوس ألبانوس أستاذ تكنولوجيا الغذاء بالمعهد الوطني البريطاني للسرطان أن نتائج الدراسات الحديثة قد قلبت هذا الزعم تماما‏,‏ وقد خرج هذا الفهم الجديد لدور الفيتامينات من دراسة كبيرة أجريت لاختبار جدوي أقراص البيتاكاروتين في منع الإصابة بسرطان الرئة بين الرجال المدخنين‏,‏ وللدهشة الشديدة وجد أن نسب الإصابة وحالات الوفاة قد ارتفعت بين المدخنين الرجال الذين تعاطوا أقراص بيتاكاروتين كمكمل غذائي مقارنة بمن لم يتعاطوها من المدخنين الرجال‏,‏ ولم يدر الباحث ماذا يفعلون حيال تلك النتائج حتي خرجت دراسات أخري تؤكد لهم أن هناك إحتمالا حقيقيا في بعض الظروف أن تكون أقراص مضادات الأكسدة سببا في الإصابة بالسرطان سواء عند السيدات أو الرجال علي السواء‏.‏
أما عن الأقراص الجديرة بالتعاطي فعلا دون أن يكون لها أي تأثيرات جانبية علي الجسم‏,‏ فهي طبقا لنتائج آخر الأبحاث أقراص فيتامين د التي ثبت أنها تحمي الجسم ضد قائمة طويلة من الأمراض‏,‏ فقد أثبتت نتائج الدراسات أن الرجال الذين يتمتعون بالمستويات الكافية من فيتامين د تنخفض لديهم احتمالات الإصابة بأمراض القلب‏,‏ كما تنخفض لديهم إحتمالات الإصابة بستة أنواع من السرطان علي الأقل‏,‏ ويعتقد الباحث الدكتور سيدريك جالاند بجامعة كاليفورنيا أن الأمريكيين إذا حصلوا علي جرعات كافية من فيتامين د من الممكن منع‏50‏ ألف حالة إصابة بسرطان القولون والمستقيم سنويا في أمريكا‏,‏ ولكن من المؤسف أن الوضع الصحي يؤكد ـ كما يقول الباحث الدكتور أديت جيند ـ من من واقع دراسة لجامعة كولورادو أن هناك نقصا في الفيتامين بأجسام معظم الناس رغم أنه فيتامين آشعة الشمس‏.‏ ويحتاج الانسان من هذا الفيتامين جرعة يومية تتراوح بين‏200‏ و‏600‏ وحدة دولية‏,‏ ومن الممكن أن تصل هذه الجرعة إلي‏1000‏ وحدة دولية يوميا دون أضرار‏,‏

والنصيحة الأخيرة التي خلص اليها الباحثون ـ كما جاء بمجلة ريدر دايجست التي نشرت تفاصيل نتائج هذه الأبحاث ـ هي أن تأكل وجبات سليمة متوازنة تحتوي علي الفيتامينات الطبيعية والعناصر الغذائية اللازمة لصحة الجسم‏,‏ وأن تأخذ فيتامين د كمكمل غذائي‏,‏ وبالنسبة للفيتامينات الطبيعية التي ينادي بها الباحثون‏,‏ فيمكن الحصول علي فيتامين سي من البروكولي والفلفل الرومي الأحمر والكرات والباباظ‏,‏ كما يمكن الحصول علي فيتامين‏(‏ إي‏)‏ أو‏(‏ هاء‏)‏ من بذور عباد الشمس وزيتها وزبد الفول السوداني واللوز والبندق‏,‏ كما يمكن الحصول علي مادة البيتاكاروتين المضادة الطبيعية للأكسدة من الجزر وعصيره والسبانخ والبطاطا والقرع‏,‏ كما يمكن الحصول علي حمض الفوليك من العدس والفول وعصير البرتقال والاسباراجس‏.‏ أما فيتامين ب‏6,‏ ب‏12‏ فيمكن الحصول عليهما من البطاطس والموز ولحم الدجاج والفول وأسماك السالمون‏.‏