|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#16
|
||||
|
||||
![]() العداء بين الإنسان والشيطان المبحث الأول أسباب العداء وتاريخه وشدة هذا العداء العداء بين الإنسان والشيطان عداء بعيد الجذور ، يعود تاريخه إلى اليوم الذي صور الله فيه آدم ، قبل أن ينفخ فيه الروح ، فأخذ الشيطان يطيف به ، ففي صحيح مسلم عن أنس : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لما صوّر الله آدم في الجنة ، تركه ما شاء الله أن يتركه ، فجعل إبليس يُطيف به ، ينظر ما هو ، فلما رآه أجوف ، عرف أنه خلق خلقاً لا يتمالك ) (1) .فلما نفخ الله في آدم الروح ، وأمر الملائكة بالسجود لآدم ، وكان إبليس يتعبد الله مع ملائكة السماء ، فشمله الأمر ، ولكنه تعاظم في نفسه واستكبر ، وأبى السجود لآدم : ( قال أنا خيرٌ منه خلقتني من نَّارٍ وخلقته من طينٍ ) [ الأعراف : 12 ] . لقد فتح أبونا آدم عينيه ، فإذا به يجد أعظم تكريم ، يجد الملائكة ساجدين له ، ولكنّه يجد عدواً رهيباً يتهدده وذريته بالهلاك والإضلال . وطرد الله الشيطان من جنة الخلد بسبب استكباره ، وحصل على وعد من الله بإبقائه حيّاً إلى يوم القيامة : ( قال أنظرني إلى يوم يبعثون – قال إنَّك من المنظرين ) [الأعراف : 14-15 ] ، وقد قطع اللعين على نفسه عهداً بإضلال بني آدم : ( قال فبما أغويتني لأقعدنَّ لهم صراطك المستقيم – ثُمَّ لآتِيَنَّهُم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شَمَآئِلِهِمْ ولا تجد أكثرهم شاكرين ) [ الأعراف : 16-17 ] . وقوله هذا يصور مدى الجهد الذي يبذله لإضلال بني آدم ، فهو يأتيه من كل طريق ، عن اليمين وعن الشمال ، ومن الأمام ومن الخلف ؛ أي من جميع الجهات ، قال الزمخشري في تفسير هذه الآية : " ثم لآتينهم من الجهات الأربع التي يأتي منها العدو في الغالب ، وهذا مثل لوسوسته إليهم ، وتسويله لهم ما أمكنه وقدر عليه كقوله : ( واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك ) [ الإسراء : 64 ] (2) . تحذير الرحمن من الشياطين : وقد أطال القرآن في تحذيرنا من الشيطان لعظم فتنته ، ومهارته في الإضلال ، ودأبه وحرصه على ذلك : ( يا بني آدم لا يفتننَّكم الشَّيطان ) [ الأعراف : 27 ] . وقال : ( إنَّ الشَّيطان لكم عدٌّ فاتَّخذوه عدوّاً ) [ فاطر : 6 ] ، وقال : ( ومن يتَّخذ الشَّيطان وليّاً من دون الله فقد خسر خسراناً مُّبيناً ) [ النساء : 119 ] . وعداوة الشيطان لا تحول ولا تزول ؛ لأنه يرى أن طرده ولعنه وإخراجه من الجنة كان بسبب أبينا آدم ، فلا بدّ أن ينتقم من آدم وذريته من بعده : ( قال أَرَأَيْتَكَ هذا الَّذي كرَّمت عَلَيَّ لئِن أخَّرتن إلى يوم القيامة لأَحْتَنِكَنَّ ذريَّته إلاَّ قليلاً ) [ الإسراء : 62 ] . وأرباب السلوك اعتنوا بذكر النفس وعيوبها وآفاتها ، ولكنهم قصّروا في التعرف على عدوهم اللدود . -------------------------------- (1) رواه مسلم : 4/2016 ، ورقمه : 2611 . (2) تفسير الكشاف : 2/71 . |
العلامات المرجعية |
|
|