#1
|
||||
|
||||
براءة القرآن من الشعر
براءة القرآن من الشعر
كان النبي صلى الله عليه وسلم أفصح ولد آدم، ولكنه حجب عنه الشعر لما أدخره الله له في ضمير الغيب من جعل فصاحة القرآن معجزة له ودلالة على صدقه بشهادة قوله تعالى : (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ)[1] الآية. وقوله : (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ {69} لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ)[2]. . وقد اعترض جماعة من فصحاء الملحدة في نظم القرآن بآيات يريدون بها التلبيس على الصفقة(أهل الجهل) منها قوله تعالى : (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)[3] قالوا : إن هذا من بحر المتقارب، قلنا : إنما يقول هذا من لا خلاق له في هذه الصناعة، لأن الذي ينطبق على وزن هذا البحر من الآية قوله (فلما) إلى قوله(كل) وإذا وقفنا عليه لم يستقم الكلام، وإذا أتممناه بقوله (كل شيء شهيد ) خرج عن وزن الشعر. ومنها قوله تعالى: (وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ)[4] ادعوا أنه من بحر الوافر قلنا : هذه الدعوى على جانب عظيم من الفساد، لأنها إنما تكون على وزن هذا البحر، إذا زيدت فيها ألف بإشباع حركة النون، وأشبعت حركة الميم في قوله (ويخزهم)، وإذا غيّرت لم يكن قرآناً، وإذا قرأ على الأصل لم يكن شعراً . ومنها قوله : (كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)[5]. زعموا أنه من مجزو الرَّمل وهذا باطل أيضاً، لأنه إنما يكون من هذا الوزن إذا زيدت فيه ياء بعد الياء في قوله (كالجواب)، وإذا حذفت فليس بكلام تام على وزن شيء. ومنها قوله (قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لَّا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُون )[6] قالوا : هذه آية تامة على وزن بيت من الرَّمل، وهذا غلط فاحش لأنها إنما تكون من وزن إذا حذف من قوله (لا تستأخرون ) لا النافية والتاء والسين، وتوصل (يوم) بقولك تأخرون، وتقف على النون من قولك تأخرون ، فتقول تأخرونا بالألف، وإذا قرأناه كذلك لم نتبع قرآنه، ومتى قرأناه على أصله فما هو بقول شاعر ومنها قوله وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا)[7] أدّعوا أنه من بحر الرجز، وهذه الدعوى من الطراز الأول، لأنه إن قرئ بإسكان الميم يكن على وزن فعول، وليس في بحر الرجز فعول، وإن أشبعت حركة الميم يكن على وزن فعول، وليس في بحر الرجز فعول، وإن أشبعت حركة الميم لم يكن من هذا البحر إلا بإسقاط الواو من دانية، وإذا حذفت الواو بطل الكلام. ومنها قوله تعالى : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ {1} فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ)[8] وزعموا أنه من الخفيف، قلنا : زعمتم ولكنكم أخطأتم لأنه لا يكون من هذا الوزن إلا بحذف اللام من قوله (فذلك)، وبإشباع الميم من قوله (اليتيما)، والقراءة سنة متبعة لا مبتدعة. ومنها قوله : (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ)[9] . قالوا: هذا من بحر الرجز، وقلنا : افتريتم على الله كذباً لأن الذي يوافق هذا الوزن من الآية قوله (إني وجدت) إلى قوله (عرش) والكلام غير التام لا يكون شعراً، فإن قالوا: يقع قوله (عرش عظيم) بعد إتماماً للكلام على معنى التضمين، قلنا التضمين إنما يكون في بيت على تأسيس بيت قبله، وأما أن يكون التأسيس بيتاً والتضمين أقل من بيت فذلك ليس بشعر عند أحد من العرب. وخلاصة هذا المطلب، أنك لا تجد آية تامة أو كلاماً تابعاً من القرآن على وزن بيت تام من الشعر. وغالبهم يقتصر على جواب عام وهو أخذ القصد الأولي قيداً في حقيقة الشعر. المصدر : بحث للشيخ محمد الخضري شيخ الأزهر
__________________
تهانينا لقد تم تحميل السرطان بنجاح
|
العلامات المرجعية |
|
|