اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإدارى > أرشيف المنتدي

أرشيف المنتدي هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 16-06-2006, 03:54 PM
الصورة الرمزية ReceptiveGuy
ReceptiveGuy ReceptiveGuy غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 1,291
معدل تقييم المستوى: 0
ReceptiveGuy is an unknown quantity at this point
Lightbulb

الخميس
15 يونيو 2006
بقلم
الأستاذ محمد علي إبراهيم
رئيس تحرير جريدة الجمهورية

<span style=\'font-family:Arial\'>الثامنة والنصف صباح الأحد 11 يونيو.. موعد امتحانات المرحلة الأولي من الثانوية العامة.. ذهبت مع ابني للمدرسة التي سيؤدي الامتحان أمامها.. وتقع في شارع متفرع من ميدان الظاهر بيبرس وهناك وجدت كافة أطياف المجتمع المصري أمام ناظري.. القاهرة بكل تناقضاتها وطبقاتها.. موجودة في مكان واحد.. الأهالي الذين يركبون المرسيدس وال بي إم يختالون بمظاهر الثراء من انسيالات وسلاسل ذهب وخواتم. يصطحبون أبناءهم إلي المدرسة ويقفون في شوارع جانبية ينتظرونهم حتي انتهاء الامتحانات.. وهناك أيضاً مواطنون حضروا بجلاليب وشباشب عكست حالتهم المادية وهم أيضاً اصطحبوا أبناءهم إلي اللجنة.. فقلوب الآباء والأمهات لا تعرف فقراً أو غني.. غير أن حوارات الأثرياء والفقراء عكست طريقة الحياة في مصر وتناقضاتها. أما الأبناء فسواء كانوا فقراء أو أغنياء فلم يكونوا كأهلهم لأن انهيار الأعصاب وحدّهم رغم اختلاف المظهر الخارجي.. فالطالب مهما كانت طبقته الاجتماعية. يخاف من "بعبع" الثانوية العامة والخوف تلقائي وغريزي لا تبدده الملابس الفاخرة والسيارات الفارهة.. أما غير التلقائي فهو ماكان الآباء والأمهات "فقراء وأغنياء" يهدئون به أعصاب أبنائهم.. الأثرياء كانوا ينصحون أولادهم بعدم القلق. ويقولون لهم إن الجامعات الخاصة أصبحت حالياً في مستوي الجامعات الحكومية وربما أفضل لأنها أقل ازدحاماً.. ويضيفون أن الأبناء فعلوا ما عليهم والتوفيق من عند الله. "أنت زعلان ليه.. حتدخل جامعة.. وتشتغل مع خالك أو أبوك. أو تبدأ مشروعاً خاصاً بك" هكذا قالت إحدي الأمهات المتأنقات والتي كانت ترتدي خلخالاً ذهبياً في قدمها وعدة سلاسل في رقبتها.. الأم الأخري قالت لابنتها "يا حبيبتي الجامعات الخاصة أكثر من الهم علي القلب.. وأنت آخرتك الجواز.. وألف مين يتمنوكي.. الله يلعن أبوالتعليم اللي مزعلك".
ومن الحوار ظهر أن اهتمام الأثرياء منصب علي أنه لا شيء يستحق أن يعذب الأبناء أنفسهم من أجله. ولا أن تتعب أعصابهم أو يذرفوا الدموع فالنهاية معروفة.. إما الجواز أو جامعة خاصة.. وهذه الجامعات كما يقول الأهل لا تفرق شيئاً عن الجامعات الحكومية.. وطالما الجيب "عمران" لا يهم.. ودموع الأولاد الغالية لا تساوي إهدارها علي ثانوية عامة.
علي الرصيف المقابل وقفت سيدتان يبدو أنهما من الطبقات الكادحة.. الحزن يعلو وجهيهما وترتديان السواد من أول "الطرحة" وحتي الشبشب.. تشعر أنهما ذاهبتان إلي جنازة وليس لمصاحبة الأبناء إلي الامتحان ..وقفتا تتحدثان مع بعضهما البعض.. وبدا من حديثهما أنهما لم ينالا حظاً من التعليم.. لذلك آثرتا أن تتحدثا بعيداً عن الأبناء.. انجذبتا إلي بعضهما البعض انجذاباً تلقائياً ربما من المظهر الخارجي أو "المسكنة" الظاهرة في العيون.. لا أنكر أن مظهرهما أدمي قلبي. وأنا من الناس الذين تنهمر دموعهم في لحظات معينة. كانت منها اللحظة التي سمعت فيها إحداهما تقول للأخري "يارب يكون تعبهم بفايدة.. صرفنا دم قلبنا دروس.. بعت "غويشتين" تعبان 24 من ورا جوزي.. لو الواد جاب مجموع حا أقوله بعتهم ليه.. ولو يا كبدي ماجابش. الله أعلم.. حيبقي طلاق. وإلا يطلعه من المدرسة ويقعده معاه في المحل".
شعرت بتعاطف شديد مع هذه الأم العظيمة. المعجونة بطيبة وشهامة "ولاد البلد".. ضحت بنفسها وربما بحياتها الزوجية من أجل فلذة كبدها.. وسألت نفسي هل سيقدر الولد صنيعها إذا ما تفوق وتخرج مهندساً أو طبيباً. أو ربما "يستعرّ" منها ويأنف أن يصافحها بمظهرها المزري.. أما إذا فشل في تحقيق حلم أمه فمن المؤكد. أنه سيصبح مثل والده.. "صنايعي أو صاحب ورشة أو ميكانيكي أو أي شيء". وهؤلاء لا تكون المرأة عندهم أحياناً في المقام الأول.. فربما يضربونها أو حتي ي***وها من أجل فتاة أو لاستنشاق شمة هيروين. أو لنقود منعتها عنه وأراد أن ينفقها مع رفقة سوء.
زميلتها الأخري وقفت علي استحياء ناظرة إلي الأرض وتتحدث همساً محدش بياخذ أكثر من نصيبه.. البت جالها عرسان كتير. قالت أنا لسه صغيرة.. نفسها تدخل الجامعة.. وأنا خايفة عليها من الجامعة دي قوي.. بيقولوا البنات بتتجوز عرفي ويصاحبوا شبان. ويخرجوا.. الواد أخوها اتجوز بقاله سنة.. ومن ساعتها بنشوفه في المناسبات.. ماليش غيرها.. فرحتي بيها كانت كبيرة وأنا باخذها للمدرسة كل يوم.. قالت لي يامه أنا كبرت.. سيبيني اروح لوحدي.. خفت عليها.. لكن لقيتها زعلت.. يمكن "بتستعر" مني علشان جاهلة.. ولبسي مش قد كده.. بقيت امشي وراها من بعيد.. عيني عليها لكن عين ربنا بتحرسها.. وبعد ده كله حتروح الجامعة وترجع بالليل وقلبي يتقطع عليها.. الله يلعن أبوالتعليم اللي بيبوظ دماغ البنات"!
أشياء أخري
وهكذا سمعت جملة "الله يلعن أبوالتعليم" من كافة طبقات المجتمع الغني.. والارستقراطي.. والفقير والمعدم. كلهم أجمعوا علي أن التعليم لن يحقق آمالهم.. وحتي إذا حققها فإن ذلك سيكون علي حساب أشياء أخري.
ذهبت إلي سيارتي أفكر في حال الأجيال الجديدة وأقول كم من هؤلاء سيدخل الطب والهندسة. وحتي إذا دخلوها هل سيعملون أطباء ومهندسين. أم يشتغلون في لصق ورق الحائط كما نقرأ بالصحف.
وتوالت المطارق علي رأسي ولم أجد لها تفسيراً! هل الذي لا يحصل علي 96% في الثانوية فاشل؟ لماذا يهتم الناس إلي هذه الدرجة بشهادة. ثم يتضاءل الاهتمام بالجامعة؟! لماذا نجد طلاباً يحصلون في شهادة اتمام الدراسة الثانوية علي حوالي 100%. ثم لا نجد بعد ذلك علماء في مصر. أو لا نجد أي جامعة في بلادنا ضمن أفضل 500 جامعة في العالم.. وقلت لنفسي ستظل مصر عنواناً للتناقض في كل شيء وليس في الثانوية العامة فقط.. وقطع حبل أفكاري صديق صحفي تصادف أنه كان يحضر ابنته إلي اللجنة التي يمتحن بها ابني.. قال لي بماذا نصحت هشام! قلت له لم أنصحه ولكني سألته سؤالاً محدداً: هل فعلت ما عليك؟ قال الحمد لله.. قلت له إذن لا تخف من شيء فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً! واعلم أنك ميسر لما خلقت له وأضفت: انظر لي شخصياً فأنا لم أخطط لحياتي أبداً. دخلت كلية الطب ثم حولت لكلية الألسن..عملت مترجما وموظفا وباحثا ثم صحفيا.. ولم أفكر أبداً أنني سأنهي حياتي المهنية هكذا.. علي أية حال المستقبل يا بني بيد الله. وليس في الطب أو الهندسة!
وقال الصديق ونعم النصيحة! قلت له ومع ذلك فإن القلق لم يذهب عن ابني أو عني.
وفي نهاية الشارع كانت هناك لجنة أخري للدبلوم التجاري.. أمامها نوعية أخري من الطلاب "الفاقدين".. ليس هناك "ولي أمر" واحد جاء مع ابنه.. كلهم يدخنون السجائر و"البانجو" علنا. وجميعهم يرقصون ويطبلون و"يزغردون". كما لو كانوا في فرح وليسوا في الطريق لامتحان نهائي.. استهتارهم الشديد كان عكس التوتر البالغ الذي كان عليه طلاب الثانوية العامة علي بعد خطوات منهم.
وقفت أراقبهم بفضول غريزي لأعرف ما أسباب هذه السعادة البالغة. ولماذا أصبحوا "مساطيل" ويكادون يقعون أرضاً من كثرة ما تعاطوا؟! لم أجد تفسيراً سوي أنهم أرادوا بكل هذه التصرفات الطائشة والمتهورة. أن يعبروا عن توترهم لكن بطريقة أخري.. وسمعت أحدهم يصرخ بطريقة هستيرية وهو داخل إلي لجنته ويقول "ملعون أبوالتعليم".. يعني بعد "الدبلون" حانشتغل إيه.. ما احنا صنايعية و"كسيبة" و"ميت فل".
وهكذا تكررت في أذني جملة "ملعون أبوالتعليم" أكثر من مرة.. وصدرت من أكثر من طبقة! وأكثر من مستوي اجتماعي.. والنتيجة أن هناك كثيرين لا يؤمنون بجدوي التعليم. ويقبلون عليه مضطرين باعتباره وسيلة ستؤدي إلي غاية أهم. وليس بالضرورة أن يكون الإنسان مقتنعاً بها أو أن تكون هي بوابته لحياة عملية يريدها أو يتمناها! وعندما نقتنع بالتعليم أيا كان شكله سنكون قد قطعنا شوطاً طويلاً إزاء التقدم.. وربما نحتل مكاناً أكثر تقدماً في ترتيب الجامعات. </span>
__________________
May God Bless all of you
Wishing you a spiritual Ramdan
Salah El-Din
ReceptiveGuy
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:46 AM.