|
منتدى الفني والإداري والأخصائي ملتقى مهني متجدد للفنيين والإداريين وأخصائي المكتبات والأخصائي النفسي والاجتماعي وتكنولوجيا التعليم والصحافة المدرسية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
تقييم وتشخيص الاضطرابات السلوكية
تتضمن عملية تقييم الاضطرابات السلوكية مسح مجموعة كبيرة من الأطفال من أجل تحديد عدد الأطفال الذين هم بحاجة إلى خدمات إضافية أو متخصصة . وفي حالة الأطفال في سن المدرسة فإن المعلم هو المعنى بعملية الكشف . ويشير مصطلح الكشف إلى قياس سريع وصادق للأنشطة التي تطبق بشكل منظم على مجموعة من الأطفال بغية التعرف على الأطفال الذين يعانون من صعوبات من أجل إحالتهم لعملية الفحص والتقييم . وخلال العقدين السابقين أو أكثر ، أصبح التركيز على عملية الكشف وإجراءاته بطريقة فعالة وهذا الاهتمام جاء من مصدرين ، أولهما : هو الاعتقاد الذي ترسخ من تراكم نتائج البحوث والدراسات في أن الكشف والتدخل المبكر يساعد في خفض حدة انتشار اضطرابات السلوك ، أما المصدر الثاني : فهو الضغوط المجتمعية نتيجة لوجود قوانين ملزمة ، وتشكيل مجموعات من الآباء والمهنيين . ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن برامج رياض الأطفال وبرامج المدارس تعتبر من أنواع الكشف المعروفة ، حيث يدخل جميع الأطفال الذين سيلتحقون بالمدارس العادية هذه البرامج ، ويتم التعرف عليهم من النواحي الجسمية والمعرفية والإدراكية والانفعالية . وحتى تتم عملية الكشف بفاعلية ، يجب أن يتعاون الآباء والمعلمين في ملاحظة سلوك الطفل في كل من المدرسة والبيت . هذا ويمكن الاعتماد على أكثر من وسيلة أو أسلوب للكشف عن اضطرابات السلوك ومن أهم تلك الوسائل يلي : (أ) تقديرات المعلمين : يعتبر المعلم أكثر الأشخاص أهمية في عملية الكشف عن الأطفال المضطربين سلوكياً في سن المدرسة. وقد أشارت دراسات عديدة إلى أن تقدير المعلم هو من أصدق التقديرات وأكثرها موضوعية . ومع أن المعلمين يعتبرون من أصدق المقدرين إلا أن الدراسات أشارت أيضاً إلى أن المعلمين كمجموعة يمكن أن يكونوا منحازين . وهذا يتضح عند مقارنة الإحالات التي يقوم بها المعلمون حيث يمكن أن تكون إما مبالغ فيها أو متحفظة إلى حد كبير . فمثلاً يميل المعلم إلى عدم إحالة حالات الانسحاب الاجتماعي والخجل ، لأن مثل هذه الحالات لا تسبب إزعاجاً له ولا تؤثر بشكل سلبي على سير العملية التعليمية ، بينما يميل المعلم إلى إحالة حالات السلوك الاندفاعي والموجهة نحو الخارج كالإزعاج والفوضى واضطرابات التصرف والحركة الزائدة والعدوان ، لأن ذلك يسبب إزعاجاً للمعلم وتأثيراً مباشراً على سير العملية التربوية داخل الفصل . من هنا يجب أن نمد المعلم بقائمة محددة من المشكلات التي يجب أن يلاحظها في الفصل بشكل دقيق دون تركه يتوقع ما نريد . ويطلب من كل مدرس من مدرسي الطفل كتابة تقرير عام يشرح فيه الأنماط السلوكية التي يتميز بها داخل الفصل وخارجه بحيث يتضمن أداءه الأكاديمي والمعرفي والحركي ، وعلاقته مع زملائه ومدرسيه وأن تُعقد مقارنة بينه وبين زملائه في جميع هذه الأنماط السلوكية. (ب) تقديرات الوالدين : إن الوالدين أيضاً مصدر مهم للمعلومات عن ما قد يعانيه الطفل من الاضطرابات السلوكية. حيث يُطلب من أو لياء الأمور كتابة ملاحظاتهم عن سلوك الطفل داخل البيت وفي المحيط الاجتماعي بحيث تتضمن -هذه الملاحظات – خصائصه السلوكية في تعامله معهم ومع إخوته ومع أقرانه وأقربائه، وسلوكه في المواقف الاجتماعية والأسرية المختلفة. كما يطلب منهم المقارنة بين النمط السلوكي الذي يتميز به هذا الطفل وما يتميز به إخوته وأقرانه من أنماط سلوكية. والمعلومات التي يمكن أن تجمع من الوالدين تكون إما من خلال المقابلات أو من خلال قوائم المراجعة والاستبيانات . ومع أن الوالدين مصدر مهم للمعلومات لكن دقة ملاحظة الوالدين للطفل قد نضع أمامها علامات استفهام ، حيث تشير الدراسات إلى أنه توجد فروق فيما يتعلق بقوائم المراجعة للأطفال وملاحظات والديهم . وهنا يمكن القول إن إحدى المشكلات الواضحة في استخدام الملاحظات المباشرة كمحك لتصديق تقديرات الوالدين هي : (1) محدودية ملاحظة السلوك ؛ ذلك أن الملاحظين يمكن أن ينسوا أو أن تكون متابعتهم للسلوك على فترة غير منتظمة . (2) كما أن وجود الملاحظ يمكن أن يؤثر على السلوك . وعلى الرغم من التساؤل عن ثبات تقديرات الوالدين ، فإن لهم دور مهم في عملية الإحالة إلى العيادات النفسية . (جـ) تقديرات الأخصائيين النفسيين: الأخصائي النفسي هو الذي يقوم بفحص حالة الطفل وكتابة ملاحظات عنها؛ بالإضافة إلى إجراء الاختبارات اللازمة، وتستخدم هذه الملاحظات عادة في المساعدة على تفسير نتائج الاختبارات التي أجريت على الطفل ، وكتابة تقرير عنها . حيث يشتمل هذا التقرير على مشاعر وأحاسيس الطفل أثناء أداء الاختبار ؛ وكيفية إمساكه للقلم وعدد مرات توقفه أثناء أداء الاختبار واستخدام أصابعه في العد في المسائل الحسابية ؛ واستخدامه للكلمات المناسبة للتعبير عن أفكاره وخواطره، ومدى التململ والثرثرة والنظر حوله أثناء أداء الاختبار . (د) تقديرات الأقران أو الزملاء : إن الدراسات الحديثة في التربية وعلم النفس تشير إلى أن الوضع الاجتماعي للأطفال يرتبط إيجابياً مع توافقهم في المدرسة ، وكذلك مع التحصيل الأكاديمي؛ وعلى هذا فإن تقديرات الأقران تعتبر أحد الأساليب والوسائل المستخدمة للكشف عن المشكلات الاجتماعية والانفعالية . كما أن نتائج بعض الدراسات أشارت إلى أن الأطفال في المدرسة من كل الأعمار لديهم القدرة على التعرف على المشكلات السلوكية ، وأن كان الأطفال في الأعمار الصغيرة يصعب عليهم في كثير من الأحيان معرفة أو تحديد السلوك الطبيعي أو المقبول ، ولكن يختلف الأمر في حالة الأطفال الأكبر سناً حيث يصبحون أقل تمركزاً حول ذواتهم ؛ وبذلك يستطيعون ملاحظة دلالات أو إشارات السلوك غير العادي . إن المقاييس السوسيومترية -والتي تركز على العلامات الشخصية والاجتماعية في المجموعة – تستخدم لقياس إدراك الطفل للجماعة التي ينتمي إليها ، وهي مفيدة في التشخيص والتقييم إذا ما فسرت بحذر ، فإنها يمكن أن تكون ذات فائدة للمعلم في تخطيط طرق التدخل . (هـ) التقارير الذاتية : تعتبر التقارير الذاتية أو تقديرات الذات مصدراً آخر للحكم على توافق الطفل، فمن خلال تقدير الطفل لذاته يمكن أن يساعد ذلك في التعرف على المشكلات التي يعاني منها . وقد أشارت الدراسات إلى أن تقديرات المعلمين للأطفال المضطربين سلوكياً أفضل عندما يكون السلوك المضطرب موجهاً نحو الخارج كالعدوان والتخريب والنشاط الزائدة ، ولكن التقدير الذاتي يكون أفضل في حالة الاضطراب الموجه نحو الداخل الذي يتطلب وصف الذات من خلال المشاعر والاتجاهات والأمور الداخلية . وهذه التقديرات مفيدة للأطفال غير المقتنعين بأنفسهم أو الدفاعيين . وبعد أن عرضنا لخمسة أنواع من طرق الكشف عن الاضطرابات السلوكية ، يبقى السؤال ما هي أفضل طريقة للفحص والتشخيص ؟ أنه بسبب أوجه النقص الذي يمكن أن يوجد بكل أداة ، فإن عدداً من الباحثين أشاروا إلى أن معلومات مختلفة عن الطفل ونموه وتوافقه تكون ضرورية من أجل تحديد الاضطرابات السلوكية . إن المرحلة التي تأتي بعد الكشف والتعرف الأولى هي مرحلة التشخيص النفسي والتربوي الذي يقوم به عادة الفريق متعدد الاختصاصات إذ تتم دراسة حالة الطفل من قبل الأخصائي النفسي والطبيب النفسي والباحث الاجتماعي ، بالإضافة إلى إجراء تقييم شامل في الجانب التربوي من قبل المعلم العادي (معلم الفصل) ومعلم التربية الخاصة وذلك من أجل تحديد إجراءات التدخل المناسبة في الجانبين النفسي والتربوي )يوسف القريوتي وآخرون ، 337:2001 ــ 341). ويرى كل من عبد السلام عبد الغفار ويوسف الشيخ (211:1985) أن ثمة شرطان مهمان ينبغي توافرهما للحكم على الفرد ــ طفلاً كان أم راشداً ــ قبل أن نصنفه على أنه يعاني أعراضاً تشير إلى اضطرابه انفعالياً واجتماعياً . وأولهما : التكرار والاستمرار ، وثانيهما : أن يؤدي هذا التكرار والاستمرار إلى عدم قدرة الفرد على التوافق الشخصي الاجتماعي . ثم يضربان مثلاً لنوعين من السلوك للدلالة على ما يذهبان إليه ، وهما : (1) الكذب فقد يلجأ الطفل إليه في أحد المواقف عندما يجد أن قوله الصدق قد يضره ، أو يسيء إلى أحد أصدقائه مثلاً ، وهذا من غير شك سلوك عادي . أما إذا تكرر كذب الطفل واستمر على هذا النحو في مختلف المواقف ، فإن سلوكه في هذه الحالة يعتبر أمراً غير عادي ، لما لذلك من أثر على العلاقات الاجتماعية التي يقيمها الطفل مع غيره ، وعلى مفهوم الطفل عن ذاته واتجاهاته نحو نفسه ، وهذا يؤثر على مدي قدرته على التوافق مع نفسه والتوافق مع غيره ، وهذا هو الشرط الثاني الذي ينبغي تداركه عندما نعتبر الكذب عرضاً للاضطراب الانفعالي والاجتماعي . (2)الانطواء فإن سلوك الفرد أحياناً ما يتسم بدرجة من الانطواء حتى يستطيع أن يحيا حياة مشبعة ، وأن يحقق فيها طاقاته ، وأن يصل إلى أقصي مستوى ممكن من النمو تؤهله له هذه الطاقات . فالطفل الذي يستذكر دروسه ، والمدرس الذي يقوم بإعداد دروسه ، والباحث الذي يقضي معظم وقته في البحث والدراسة ، والفنان الذي يقوم بإنتاج فني ، وكذلك أي شخص يقوم بعمل ما ، لابد وأن يبتعد عن الناس في بعض الأوقات ، حتى يتفرغ لعمله ويشعر بالقدرة على الاعتماد على النفس ، ولابد أن يصل إلى درجة مناسبة من الاكتفاء الذاتي ، حتى يتمكن من أن يؤدي ما يوكل إليه من أعمال أو ما يود أن يؤديه ، وهذه سمات للانطوائية ، بل إننا نري أن من مظاهر النمو النفسي السليم أن يصل الفرد إلى درجة مناسبة من القدرة على تحمل الوحدة النفسية ، فأي إنسان في حياته يتعرض لمواقف كثيرة يجد نفسه فيها وحيداً ، وعليه أن يتحمل وحده مسؤولية مثل هذه المواقف . ويتضح من هذا أن اتصاف سلوك الفرد بدرجة من الانطوائية تعتبر أمراً عادياً، أما إذا تكرر واستمر السلوك الانطوائي للفرد بحيث يؤثر على علاقته بمن حوله ويحرمه من إقامة علاقات اجتماعية فعالة مع غيره ، فعندئذ يصبح الانطواء عرضاً لاضطراب انفعالي واجتماعي . وهكذا يتضح لنا أن صفتي التكرار والاستمرار في السلوك الذي يفوت على الفرد فرصة الحياة المشبعة المثمرة هما المحكان اللذان نفرق على أساسهما بين السلوك العادي والسلوك الذي يعكس اضطراباً انفعالياً واجتماعياً .
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|