|
محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
كلفك نبيك بمهمة فماذا أنجزت فيها؟
لا بد أن نستشعر أهمية الدعوة في حياتنا وخصوصًا في هذه الأيام، فإن للدعوة إلى الله تعالى أهمية كبيرة، فهي حياة الأديان، وبها يعرف الحق من الباطل، كما أنها وظيفة الأنبياء والمرسلين والمصلحين . ويوم تخلى المسلمون عن الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وألغوا عقولهم هانوا وحُرِموا الخير كله . ومن هنا تأتي أهمية الدعوة في حياتنا، والسكوت عنها يؤدي إلى أن تأخذ المنكرات طريقها إلى النفوس فتتمكن منها وهذا يؤدي إلى الدمار، وقد حذرنا الله تعالى من ذلك فقال: ( {وَإذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} )، ولهذا أمر الله رسوله ج والمؤمنين بعده فقال: ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ)، وقال: ( {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ} )، ويقول تعالى {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} ). فما بالكم بزمن – للأسف - كثير من المسلمين فيه لا يعرفون شيئًا عن أساسيات دينهم، وهناك من هو متعطش لتعلم أمور الدين - حتى وإن كان مظهرهم الخارجي لا يدل على ذلك - ففي نفوس كثير منهم خير يحتاج إلى من يبرزه، يريدون معرفة تعاليم دينهم لكن لا يعرفون السبيل إلى ذلك. ليس هذا فقط، بل إن غير المسلمين بحاجة ماسة إلى الدعوة، يحتاجون معرفة حقيقة الإسلام، وليس الإسلام المشوه الذي يصل إليهم عن طريق الإعلام أو بسبب سلوك بعض المسلمين. قد يقول قائل: ليس عندي العلم الشرعي الكافي للدعوة، لنقرأ هذا الحديث النبوي الخطير، فلن يجعل لأي فرد حجة في ترك الدعوة إلى الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( «بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» ). لو عَلِمْتُم آية واحدة فقط بلغوها، واجعلوا لكم دورًا في رجوع الأمة للصراط المستقيم. كل من كان عنده معلومة ممكن أن يستفيد منها مسلم ولم يذكرها ولم يعلمها لغيره ماذا سيقول لله عندما يقف بين يديه ؟ ويقول صلى الله عليه وسلم : «نضَّر اللهُ امرءًا سمع منَّا شيئًا، فبلَّغه كما سمِعَهُ، فرُبَّ مبلَّغٍ أوعَى لهُ من سامِعٍ» ، و هذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم : «رُبَّ حاملِ فقهٍ ليس بفقيهٍ، و رُبَّ حاملِ فقهٍ إلى من هو أفْقَهُ منه» والحديثان يدلان على أهمية تبليغ الدين نزولا عند قوله صلى الله عليه وسلم «بلغوا عني و لو آية» و لا يصدّ المبلغ في تبليغه جهله بالمبلغ به. قد تسمع حديثًا أو معلومةً لا تفهم معناها أو المغزى منها وتنقلها فتكون حبل نجاة لغيرك، تنقل مقالة أو ردًا على سؤال لا تلقي له بالًا يكون سببًا في تغيير حياة إنسان، تجعله يفيق من غفلته، تجعله يُصوبُّ فعلًا خاطئًا كان يعمله. وهنا لابد من وقفة لتسأل نفسك إذا كان المطلوب منك ولو آية ولو حديث، فماذا قدمت لدين الله؟ هل بذلت جهدًا في خدمة الدين ولو كان قليلًا؟ هل أهديت لقريب أو زميل شريطًا بعد أن سمعته أو كتيبًا بعد أن قرأته؟ هل قرأت معلومة أعجبتك فنشرتها على وسائل التواصل الاجتماعي؟ لم تنتشر المنكرات في مجتمعنا في يوم وليلة، ولكن انتشرت لأن واحدًا فعل وآخر سكت وهما شريكان في الإثم، ولا ينجو إلا من نهى عن المنكر وأمر بالمعروف بمعروف. كلنا قرأنا قصة أصحاب السبت في سورة الأعراف: {وإذ قالت طائفة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا} يقولون لمن ينهى أصحاب السبت عمّا يفعلونه من منكر : لماذا تتعبون أنفسكم مع قوم لا أمل في هدايتهم؟! فيقولون: {معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون}، فماذا كانت النتيجة؟ لما نزل العذاب ذكر الله كيف نجا من أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وذكر عذاب أصحاب السبت، أما من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد سكتوا فسكت الله عنهم. في مجالسنـا ومجتمعنا من يشوش على الناس مفاهيمهم ويُلّبس عليهم دينهم وينتقص أهل الصلاح منهم، فهل دافعت عن دينك وعن أهل الصلاح بالتي هي أحسن ؟ ويحضرني هنا قصتين الأولى: قصة تلك المرأة النصرانية التي حضرت أحد المؤتمرات التي أقيمت للتعريف بالدين الإسلامي، وبعد سماعها لتعريف مختصر لخصائص هذا الدين ومميزاته قالت: لئن كان ما ذكرتموه عن دينكم صحيحًا إنكم لظالمون ! فقيل لها: ولماذا ؟ قالت: لأنكم لم تعملوا على نشره بين الناس والدعوة إليه! والثانية: ذكر أحد الدعاة أنه كان في بعض دول أفريقيا في رحلة شاقة إلى قرية من القرى، وكانت السيارة تسير وسط غابة كثيفة، والطريق وعرٌ وعورة يستحيل معها أن تسرع السيارة أكثر من 20كم في الساعة، وقد بلغ منا الإرهاق مبلغه وكأن البعض قد ضاق صدره من طول الرحلة، وبدأ يتأفف من شدة الحر وكثرة الذباب والغبار الذي ملأ جو السيارة، وفجأة يقول شاهدنا على قارعة الطريق امرأة أوربية قد امتطت حمارًا وعلّقت صليبًا كبيرًا على صدرها وبيدها منظار، وعند سؤالها عن سبب وجودها في هذه الغابة تبين أنها تدعو للصليب في كنيسة داخل القرية ولها سنتان، قال صاحبي: فقلنا : ( اللهم إنا نعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة ) . الهدهد يعمل للدعوة، قلا يستطيع أن يرى منكرًا ويسكت، لم يقل أن هذا لا يعنيني! لم يقل أسأل الله لهم الهداية واكتفى بذلك! لم يتصرف بسلبية! بل تحرك وكان سببًا في هداية قوم سبأ جميعًا. قال صلى الله عليه وسلم: «مَن دَعا إلى هُدى كان له من الأجرِ مِثلُ أجورِ مَن تَبِعَه، لا ينقص ذلك من أجورِهم شيئًا» [رواه مسلم] . كان أول من أسلم برسالة الإسلام خديجة بنت خويلد وأبو بكر الصديق وزيد بن حارثة وعلي بن أبي طالب، وفي اليوم الثاني من أيام الدعوة بدأ الرسول ج والمؤمنون الأوائل يتحركون لانتقاء عناصر جديدة. ولنا وقفة مهمة مع حركة الصديق ت - هذه الوقفة ذكرها الدكتور راغب السرجاني دروسه عن السيرة النبوية في درس الدعوة سرًا - فقد كان الصديق إيجابيًا بدرجة لا يمكن وصفها، أسلم على يديه: عثمان بن عفان (28) سنة، الزبير بن العوام (15) سنة، سعد بن أبي وقاص (17) سنة، طلحة بن عبيد الله (16) سنة، عبد الرحمن بن عوف (30) سنة رضي الله عنهم جميعًا. وكل هؤلاء أخذوا قرار تغيير الدين والارتباط بالإسلام وتحمل المشاق الضخمة في هذه السن المبكرة، وهؤلاء الخمسة جميعهم من العشرة المبشرين بالجنة . قد نتخيّل أن الصديق بعد هذا المشوار الطويل الضخم الذي أسلم فيه على يديه خمسة من أعظم عظماء الإسلام قد أخذ قسطاً من الراحة، لا، بل إنه أتى بمجموعة ثانية من العمالقة في الإسلام: أول اسم: أبو عبيدة بن الجراح، أمين هذه الأمة. الاسم الثاني: عثمان بن مظعون ت من كبار الصحابة، ومن أوائل المهاجرين إلى الحبشة. الاسم الثالث: الأرقم بن أبي الأرقم ، وهذا الاسم يحمل معاني كثيرة. الاسم الرابع: أبو سلمة بن عبد الأسد ت، زوج أم سلمة، وكلاهما من أوائل من أسلم. وغيرهم كثير. هذا النشاط يحتاج إلى وقفة وتحليل ودراسة، ما معنى أن تكون دعوة الصديق بهذه الروعة؟ لماذا استُجيب للصديق بهذه الصورة؟ لقد كان الصديق ليّن الجانب، وببساطة ليس بالفظ ولا بالغليظ، وكان تاجرًا ذا خلق واستقامة، فقد كان صدوقًا، كريمًا رحيمًا، فيه رأفة وأدب وخلق حسن، كما كان الصديق عالمًا بعلم زمانه وهو علم الأنساب، والطبقة المثقفة في مكة كانت تحب أن تجلس معه وتسمع منه الأنساب، وكان من أدبه ت أنه كان لا يطعن في أنساب أحد، مع علمه بكل نقيصة في كل نسب، فهذا من حسن خلقه ت؛ فكيف لا يستجيب الناس لدعوته وهو بهذه الصفات؟ وهنا نقف وقفة مع أنفسنا ونسأل: أتى الصديق بهؤلاء ونحن بمن أتينا؟ هل أتينا إلى المسجد بمسلم لا يعرف طريق المساجد؟ هل دفعنا بمسلم إلى قراءة القرآن بعد أن هجره السنوات الطوال؟ هل شرحنا لمسلم حال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وقد نسيهم أو تناساهم؟ هل هذّبنا من أخلاق أبنائنا وأصحابنا وشركائنا وزبائننا وجيراننا؟ هل وصلنا بالدعوة إلى كل من نعرف؟ هل..؟ هل..؟ اهتِداءُ شخص واحد بسَبَب دعوتك ونصيحتك خيرٌ لك من أنفَسِ الأموال، يقول عليه الصلاة والسلام: (فوَالله، لأن يهدِيَ الله بكَ رَجلاً واحدًا خيرٌ لك مِن حُمُر النَّعَم) متفق عليه. حمر النعم جمع حمراء وهي الناقة الحمراء، وكانت أعجب المال إلى العرب في ذلك الزمان وأحب المال إلى العرب في ذلك الزمن فإذا هدى الله بك رجلًا واحدًا كان ذلك خير لك من حمر النعم، خير لك من كنوز الدنيا كلها، تخيل كيف تأخذ مثل حسناته؛ قال صلى الله عليه وسلم: ( «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أوزارهم شَيْئًا» ). داعية مسلم شهير في مدينة (ميونخ ) الألمانية، وعند مدخل المدينة توجد لوحة كبيرة مكتوب عليها أنت لا تعرف إطارات يوكوهاما، فنصب هذا الداعية لوحة كبيرة بجانب هذه اللوحة وكتب عليها أنت لا تعرف الإسلام إن أردت معرفته اتصل بنا على هاتف كذا وكذا، وانهالت عليه اتصالات من الألمان من كل حدب وصوب حتى أسلم على يديه في سنة واحدة ألف ألماني مابين رجل وامرأة، وأقام مسجدًا ومركزًا إسلاميًا ودارًا للتعليم فالبشرية حائرة وهي بحاجة ماسة إلى الإسلام. هذا حال أصحاب الهمة، من جعلوا حياتهم كلها للدعوة، ما يشغل بالهم هو صلاح الناس وهدايتهم، لم يكتفوا بأن يكونوا صالحين بل اختاروا أن يكونوا مصلحين. روى الترمذي بسنده عن حذيفة ت عن النبي ﷺ قال: «والذي نفسي بيدِه لتَأمرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عن المنكرِ أوليُوشِكَنَّ اللهُ أن يَبعثَ عليكمْ عقابًا منهُ فتدعونهُ فلا يَستجيبُ لكمْ» . فهذه الانذارات المؤكدة بنزول العذاب وتسلط الظالم وعدم الاستجابة لدعاء الصالحين وعدم المغفرة لهم وخذلانهم جزاء تركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تدل على غضب الله وسخطه على تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . ولقد لعن الله عز وجل في كتابه الحكيم كاتم العلم فقال عز من قائل:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} مهما كنت عظيمًا ومبدعًا وصالحًا فستظل شخصا عاديًا مالم تشارك بقوة في إصلاح العباد ونفع البلاد . وهنا نطرح سؤالًا : ماذا إذا نصحنا أحدًا ولم يستجب ولم يقبل النصيحة، وكررنا النصيحة مرارًا فهل نيأس ونترك دعوته؟ علينا أولًا أن نراجع أنفسنا، فقد يكون أسلوبي في دعوتي له غير صحيح، أو لم أختر الزمان أو المكان المناسبين، أو لم آخذ بالأساليب التي وضعها الله لنا في كتابه لتكون منهجًا لنا في دعوتنا. فإذا وجدت أني بذلت جهدي فعلًا فالحمد لله قد حصلت على الأجر بإذن الله، ومن هم خير مني من الأنبياء والمرسلين قوبلت دعوتهم بالرفض. ولكن هل أترك نصحه؟ لقد مكث النبي ث في مكة ثلاثة عشر عامًا يدعو قومه إلى الإسلام، ولكنهم كانوا معاندين ورافضين لها، ومع ذلك لم ييأس، وبعد فتح مكة دخلوا في دين الله أفواجًا، من يرفض الدعوة اليوم قد يستجيب بعد شهر أو سنة فلا تيأس.
هبة حلمي الجابري
__________________
آخر تعديل بواسطة abomokhtar ، 17-08-2018 الساعة 10:18 AM |
العلامات المرجعية |
|
|