|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
تسمية الأشياء بغير أسمائها الحقيقية
من أهم ما يحرص عليه المنافق ويظن أنه سيغير حقيقة نفاقه أو ينجح في إخفائها من خلاله = تسمية الأشياء بغير أسمائها الحقيقية تحديدا القبيح من الأشياء المستقذر منها الأشياء المشوهة الكريهة التي ينفر الأسوياء من مجرد سماع اسمها الذي يعبر فعلا عن حقيقتها دائما ما كان المنافق قديما وحديثا يسعى لتزيين أفعاله الخبيثة بأصباغ تجميلية يحسب أنها كافية لتغيير الواقع البغيض لذلك لا يقبل أبدا أن يوصف بوصف يعبر عن ذلك الواقع بدقة لا تفسدوا في الأرض.. فساد؟!
(لا) لا هذه الكلمة لا تناسبهم لا يرتضونها لا يقبلون أن توصف بها أعمالهم لكنهم فعلا مفسدون وجل حركاتهم وسكناتهم تنضح بذلك الفساد لا شأن لهم إنما نحن مصلحون هكذا كانت إجابتهم وكذلك كان رد فعلهم لا لوصفهم أو وصف أعمالهم بالفساد بل تمام الضد مصلحون! أنتم؟! نعم مصلحون رغم أنف الجميع وحتى ولو كانت جوارحنا كلها تصرخ بفسادنا عليك قصرا أن تنعتنا بالإصلاح {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} لفظ شرعي وحكم إسلامي له وقع مألوف في نفوس المؤمنين. (العورة) هي هنا علة أخرى للمنافقين يبررون بها تخاذلهم عن نصرة الدين لكنها هذه المرة علة مصبوغة بصبغة شرعية ترهب أي رافض لها. إياك أن تتكلم أو تعيب عليهم قعودهم عن دفع المشركين يوم الأحزاب أو تنتقد تخاذلهم عن مقاومة المعتدين لقد صدّروا هذه المرة علة شرعية لتسكت وترضى بما يفعلون لقد جعلوا لفظ العورة ذريعة للقعود لستر هذه العورة المزعومة لكن يأتي الرد كاشفا. {وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ} دعكم من هذا التلبيس واستعمال الألفاظ الشرعية الملجمة لتزيين وتجميل الحقيقة القبيحة ما هي بعورة وما هم إلا كذبة جبناء يبررون خورهم وهم = {إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا} هذه هي الحقيقة التي كثيرا ما تلبس بثياب الشرع والحكمة أو تتدثر بدثار المصطلحات المقبولة ما هو إلا مزيدا من التلبيس والتحريف وتسمية الأشياء بغير أسمائها ثم تكرارها حتى تتأصل وتهون مدلولاتها في القلوب, يا رسول الله، أو تأذن لي ولا تفتنِّي؟* فوالله لقد عرف قوْمِي أنَّه ما من رجُلٍ بأشدَّ عجبًا بالنِّساء مني، وإنِّي أخْشى إن رأيتُ نساء بني الأصْفر ألاَّ أصبر. تزيين آخر وتجميل لحقيقة مشوهة إنها كلمات الجد بن قيس للرسول صلى الله عليه وسلم يوم استنفر الناس لغزوة تبوك* {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي} لا تفتني المشكل - بزعمه - في الفتنة في الشقراوات اللاتي يخشى أن يغريه جمالهن فيفتن عن دينه يا لورعه وما أعظم تقواه. لقد أظهر ذلك التورع وأبدى تلك العفَّة والخشية من الوُقوع في الفاحشة بدلا من أن يصرح بحقيقة جبنه وخوره والفتنة الحقيقية التي وقع فيها. لكنَّ اللهَ له ولنوعه بالمِرْصاد، يكشف زَيْفَ ادِّعائِهم ويهتك ستْرَهم؛ {أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} منهج متكرر مطرد في كل زمان ومكان وبشكل يكاد يكون متطابقا يقلب الحقائق ويلوي أعناق الأشياء فيصير الحق باطلا والباطل حقا والعزيز أذل والذليل أعز تسمى المُسكرات والخمور التي تخمر العقل وتغطيه باسم جميل جذاب = المشروبات الروحية ويسمى الابتذال والتعري فنًّا أما الشذوذ فإياك أن تفكر في وصفه بحقيقته وإلا نالك كل ويل وثبور إياك أيها الرجعي المتأخر أن تقول شذوذا ولا سحاقا ولا حتى تسميه بعمل قوم لوط إنها المثلية وإنهم المثليون هكذا.. لابد من اختيار اسم جذاب أو على الأقل مقبول فما تسمية الأشياء بغير اسمها إلا مسوغًا يجعل المتلقِّي يقبلها، مستحسنًا إياها، غير معظمٍ لجرمها، لما تضفيه عليها تلك الأسماء ((اللطيفة)) من طابعٍ لين يهون من فظاعتها وشدة حرمتِها تلك طريقتهم وهذا منهجهم. إن مبتدع هذه الطريقة هو في الحقيقة = إبليس نفسه تأمل تسميته الشجرة المحرمة بشجرة الخلد والملك الذي لا يبلى {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَىٰ} تأمل تزيينه للمعصية وتجميله لوجهها القبيح بأن جعل علة كونها معصية = حرمان آدم وزوجه من أن يكونا ملكين أو أن يكونا من الخالدين* {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} تأمل كيف غير صفة وسوسته وإضلاله فجعلها محض نصيحة مشفق ودود* {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} الشيطان المضل الأكبر قرر أنه ناصح أمين وأقسم على ذلك. وفرعون الطاغية الأشهر قرر أنه يخاف على دين أمته ويخشى أن يظهر موسى الفساد في الأرض* {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} موسى سيظهر الفساد؟! . وأنت يا فرعون من تزعم ذلك فلماذا إذن لا يصير المنافقون مصلحين ويصبح الفرار ورعا والجبن الخور عفة وخشية من الفتنة لماذا لا يتحول الفساد والباطل إلى ذروة الحق ما دام الطريق ممهدا وتلخصه كلمة واحدة التسمية وسواءً كانت التسمية شرعية أو غير شرعية = يظل التلبيس واحدًا في الحالتين تتنوع الحجج والمعاذير وينساق الناس إلى الاصطلاحات التي استعملت لتغطية الحقيقة بينما تكمن الخطورة الحقيقية في وجود الغطاء المزين الجميل من هنا يستمر التمادي في الخطأ بل وشرعنته لتضيع محاولات الإصلاح ويبتعد الحل ذلك الذي كثيرا ما تكون بدايته فقط أن يعرف الإنسان ويعترف..* يعرف بأن لديه مشكلة وأنَّى له أن يعرف إن لم يجد اسما يشير به إلى تلك المشكلة؟! محمد علي يوسف
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|