اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 15-09-2017, 10:31 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
Impp ميزان الباطن - النية

) ميزان الباطن - النيَّة
روى الإمامان البخاريُّ ومسلم عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((إنَّما الأعمالُ بالنيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يُصيبها، أو امرأةٍ ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه"[1].
الأعمال المقبولة عند الله تعالى لها ميزانان: ميزانٌ في الباطن، وميزانٌ في الظاهر.

أمَّا الميزان الظاهر فيبيِّنه لنا حديث الصَّحيحين الذي روته أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((من عمل عملًا ليس عليه أمرُنا فهو رد))[2].
ولنا معه وقفة لاحقًا.

وأمَّا الميزان الباطن فيُبيِّنه لنا هذا الحديث؛ يقول صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّما الأعمال بالنيَّات)).
ومعناه: كلُّ عملٍ لا بُدَّ له من نيَّة، لا يقع عمل من الأعمال إلا وللإنسان نيَّة فيه؛ إمَّا صالحة وإما سيِّئة.
ثم قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ولكلِّ امرئٍ ما نوى))؛ يعني إن كانت نيَّةُ الإنسان صالحة فسيُجازى عليها خيرًا، وإن كانت نيَّته سيِّئة فسيُجازى عليها شرًّا.
"إنَّما الأعمال بالنيات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى".

وهذا تنبيه منه صلَّى الله عليه وسلَّم إلى خطورة النيَّة، ووجوب اهتمام الإنسان بها، فإذا أردت - أخي الكريم - أن تقوم بعمل من الأعمال؛ فأولًا: اجمع لهذا العمل نيَّة في قلبك، لا تعمل كما يعمل الناس، ولا تُساق كما يُساق مَن لا قصد له ولا اختيار، تقول: حتَّى لا ينظر إليَّ النَّاسُ نظرةً سيئة، حتى لا يقول أحد: فلانٌ كان معنا وتأخَّر، حتى لا يغضب فلان أنِّي لم أذهب معه! لا.

كان بعضُ السَّلف رحمهم الله إذا دُعيَ إلى عملٍ من أعمال الصالحات - صلة رحم، عيادة مريض، زيارة صديق - يقول: "نعم، لكن دعوني ساعة حتى أجمع لذلك نيَّة".

وذلك من فقههم رحمهم الله، فالأعمالُ إذا خَلَت من النيَّة لم يكُن لها ثمرة ولا لصاحبها أجر.
ثانيًا: لتكن نيَّتك في أعمالك نيَّة خير، لا تنو بأعمالك إلا خيرًا ليكتب اللهُ لك الخير، لا تتوجَّه بنيَّتك إلى أحدٍ غير الله، ولا تقصد غير الله، كأن يقول الناس: "ما شاء اللهُ! فلان يحافظ على الصلاة في أوقاتها، ويؤدِّيها بخشوع، فلان لا يفوِّت الحجَّ عامًا من الأعوام، فلان كثير الصدقات"، بل اقصِد وجه الله، وأخلِص نيَّتك لله، واطلب الحمد والمدح، والثواب على عملك فقط من الله.

ثالثًا: انوِ في الأعمال المباحة نيَّة خير، في الأكل والشرب، والزَّواج والسَّعي على الرِّزق وتربية الأولاد، والنَّوم، والسَّفر، هذه الأشياء - أيها الأحبَّة - تستهلك 90% أو أكثر من حياتنا، فلا ينبغي أن تضيع منَّا هكذا، لننوِ في الأكل والشرب والنَّوم التَّقويَّ على العبادة، ولننوِ في السَّعي على الرِّزق كفايةَ أنفسنا وأهلنا عن الحرام، ولننوِ في مصاريف البيت وتربية الأولاد إعدادَهم ليكونوا أبناءً صالحين ينفعون دينهم وأمَّتهم.
فليست النيَّة للعبادات فقط، بل لكلِّ ما يفعله الإنسان، إذا نوى به طاعة لله كان له أجر وثواب عليه.

قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: "أمَّا أنا فأنام وأقوم، فأحتسب نَوْمتي كما أحتسب قَوْمتي"[3].
قال الحافظُ ابن حجر في الفتح: "ومعناه أنه يطلبُ الثواب في الراحة كما يطلبه في التعب؛ لأنَّ الراحة إذا قصد بها الإعانة على العبادة حصَّلت الثَّواب"[4].

وقال الإمام سفيان بن سعيد الثوري رحمه الله: يسرُّني أن يكون لي في كلِّ شيء نيَّة، حتى في الأكل والنوم.
وهكذا لنحوِّل العادات في حياتنا إلى عبادات.
رابعًا: حاول أن تستثمر في مسألة النيَّة، فإذا كانت الأعمارُ ضيِّقة محدودة، والأعمالُ كثيرة شاقَّة، فإن النيَّة مجالٌ واسعٌ مفتوح، وبابٌ سهلٌ ميسور، ليس فيه كثير تعب.
وقد قال بعضهم: النيَّة تجارة العلماء.

إنَّ العمل الذي تنوي به عدَّة نيَّات صالحة، يعظم بذلك أجرُك عليه؛ فاستحضر أكبر قدر من النيَّات الحسنة في العمل؛ ليتضاعف بذلك ثوابك، ومن أعظم ما يُعين على تكثير النيَّات: العلم بالكتاب والسنَّة، ويقظة القلب، والحرص على الخير، وقبل ذلك كلِّه سؤال الله التَّوفيق والتضرُّع إليه بالدُّعاء لبلوغ صالح الأعمال ورفيع الدرجات.

خامسًا: ترى في الحياة مَن يعمل الخير، ومَن يعمل الشر، فإذا وقعت عينك على أي منهما فلا تتمنَّ وتضع في قلبك غير نيَّة الخير، وإياك وتمنِّيَ الشر، ونيَّةَ الشر؛ فإنَّك متى ما تمنَّيت الخير ونويته كُتب لك مثل أجر فاعله، ومتى ما تمنَّيت الشر ونويته كُتب لك مثل سيئات وأوزار صاحبه.

فقد روى الترمذيُّ وصحَّحه الألبانيُّ عن أبي كبشة الأنماريِّ رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((أحدِّثكم حديثًا فاحفظوه: إنَّما الدنيا لأربعة نفر: عبدٌ رزقه الله مالًا وعلمًا، فهو يتَّقي فيه ربه، ويصِلُ فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازل، وعبدٌ رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالًا، فهو صادق النيَّة؛ يقول: لو أنَّ لي مالًا لعملت بعمل فلان، فهو بنيَّته، فأجرهما سواء، وعبدٌ رزقه الله مالًا ولم يرزقه علمًا، فهو يخبِط في ماله بغير علم؛ لا يتَّقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأخبث المنازل، وعبدٌ لم يرزقه اللهُ مالًا ولا علمًا، فهو يقول: لو أنَّ لي مالًا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيَّته، فوزرهما سواء))[5].

وهذا الحديث يُوضِّح لنا أنَّ النيَّة تنفع الإنسان بذاتها، فإذا نوى الإنسان العمل الصالح ثمَّ لم يتمكَّن منه، رزقه اللهُ تبارك وتعالى ثواب ذلك العمل، وإذا نوى عمل الشرِّ ولم يتمكَّن منه كتب اللهُ عليه وزر ذلك.
وهذا بخلاف ما لو ترك الشرَّ خوفًا من الله، فإنَّ الله يكتب له بذلك حسنة.

أرأيتم خطر النيَّة، ولذلكم وجدنا إمامًا كبيرًا هو الإمام عبد الله بن أبي جمرة يقول: "وددت أنَّه لو كان مِن الفقهاء مَن ليس له شغل إلا أن يُعلِّم الناسَ مقاصدهم في أعمالهم، ويقعد للتَّدريس في أعمال النيَّة ليس إلا، فما أتى كثير ممَّن أتى إلا من تضييع ذلك"[6].

أيُّها الحبيب، النية هي سرُّ العُبودية وروحها، وهي من الأعمال بمنزلة الرُّوح من الجسد، فحافِظ عليها واحرص على نقائها، وأخلِص قصدها لله؛ تربح وتُؤجَر، وتسعد في الدُّنيا والآخرة.
جعلني الله وإيَّاك من أهل الفردوس آمين.
والسلام عليكم ورحمة الله

[1] أخرجه البخاري (1)، ومسلم (1907).
[2] أخرجه البخاري (2697)، ومسلم (1718).
[3] رواه البخاري (4088).
[4] فتح الباري (8/ 62).
[5] رواه الترمذي (2259)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
[6] انظر: المدخل، لابن العبدري (1/1).

أحمد الجوهري عبد الجواد
__________________
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:58 AM.