اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > ركن الغـذاء والـدواء

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 30-08-2017, 09:40 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
المدير التنفيذي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,982
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي سؤال الجينوم

“سؤال الجينوم”



بقلم د. عبد الله بن يوسف الجديع

بسم الله الرحمن الرحيم

سؤال الجينوم

قراءة عدد الجينوم من مجلة “عالم الفكر”‏ المجلد 35 / 2 أكتوبر – ديسمبر 2006‏ الكويت – المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، كانت مدخلًا مهمًّا ومفيداً لاستطلاع كتابات مباشرة مختلفة الخلفيات التخصصية. وقد خُصِّص جميع العدد لموضوع “الجينوم”، وفيه تسعة أبحاث كلها في ذات الموضوع، ومن المهم أن نستحضر أنّ الفرق بين تاريخ العدد ويومنا هذا هو عشر سنوات، وأنّ هذا العلم دائم التطور، سريع التجدد.

قصدت المجلة التعرض للجوانب المختلفة المتعلقة بموضوع الجينوم: “بحيث يشمل ]العدد[ مجموعة من ‏الدراسات التي تحاول أن تتناوله من كل زواياه؛ العلمية والأخلاقية والفلسفية والقانونية والتشريعية”([2]).

وجاءت البحوث مرتبة ترتيبًا منطقيًّا إلى حد لا بأس به، يضيف كل منها ما لا يذكره الآخر في سياقه وموضوعه، على وجود تكرار في بعض المواد، خاصة التعريفية والتوضيحية، وضرب الأمثلة التطبيقية، ككثرة تكرار قصة النعجة المستنسخة دوللي، وأطفال الأنابيب، لكنه تكرار ربما كان طبيعيًّا؛ توطئة لما يقصد الباحث البيان عنه.

كان الحديث عن الجانب العلمي جيدًا، لكني كباحث في شأن آخر، لاحظت إيجازًا يعيق وصول الأفكار بشكل واضح ومرن، كذلك كان إغفال تفسير المصطلحات الضرورية المتعلقة بهذا العلم واضحًا في مواضع عدة، وكأنه يُفْتَرض بالقارئ أن يكون ملمًّا بها أساسًا، على أنّ الكلام الإنشائي غالبًا ما كان يعطي الصورة الكافية. وجاء بحث د. وجدي سواحل: “الهندسة الوراثية والتقنية الحيوية.. رؤية عربية” ليكون من أكثر البحوث في المجلة وضوحًا وأجودها في تقريب الصورة من طرفها العلمي.

إنّ التصور ضرورة للفقيه من أجل إدراك المسألة، ويحتاج إلى تفصيل وتأطير كافيين لتحقيق هذه الغاية. وينبغي على المادة البحثية أن تتسم برعاية المخاطب، خاصة وأنّ المجلة التي نَشرت هذه البحوث ليست مجلة علمية تخصصية، إنما هي فكرية، مقصودها إيصال الفكرة والخروج بها عن حيز الخاصة إلى الجمهور.


وبعد قراءة العدد رأينا أنّ البحوث جميعها تواطأت على الاعتناء بثلاث نقاط جوهرية، تتلخص في التالي:

الجهود التي تم القيام بها في مجال علم “الجينوم” أو الهندسة الوراثية، سواء منها الحيواني أم النباتي أم الإنساني.

مجالات النجاح التي تمت، والإخفاقات، واستمرار التجارب.

نقد جوانب الخلل في تطبيقات هذا العلم، وذلك من خلال اعتناء البحوث بالمخاطر التي تنطوي عليها ثورة الجينوم‏.

كما تتعرض البحوث في معظمها للجانب الأخلاقي المتعلق بذلك.

وفيما يلي تقريب ذلك بمزيد توضيح من خلال عرض البحوث لأهم الجوانب، باستثناء مفهوم علم الجينوم، إذ من المفترض وضوحه، ثم إتباع ذلك بملاحظات نقدية موجزة بحسب ما يقتضيه المقام، مع التعقيب بما يرد من الأسئلة العلمية أو الأخلاقية أو الفقهية التي لم تزل عالقة، أو لم يحرر جوابها، لعل ذلك يساعد في توطئة “توطين علم الجينوم في الخليج العربي” في السياق الأخلاقي:

أولًا: علم الجينوم يمثل ثورة علمية وقفزة في المعرفة، ومنافعه للبشرية هائلة إذا أُحْسِنَ استغلاله، وفيه أخذ بالسنن الطبيعية في البحث في أسرار الكون والوجود، من أجل حياة أفضل، ومعظم بحوث المجلة تتفق على مبدأ الفوائد التي حققها، ولا يزال يحققها، علم الجينوم وما يؤمل أن يصل ‏إليه، وألخص من ذلك ما يلي:

أ – الكشف عن أسرار خلق الإنسان، عن طريق رسم خرائط الجينات البشرية، والتي من خلالها يمكن التعامل مع السلوك البشري في توجيهه للأفضل والأكمل، مع كشف العلل والأمراض، وفي ضمنها الأمراض المستعصية، والعمل على إيجاد العلاجات المناسبة والمباشرة لها، بل والوقوف على إمكانية الإصابة بالمرض في المستقبل قبل ظهور أعراضه؛ لاستشرافه بالمعالجة . وفوق ذلك فإن “طب الجينات” يجعل من الممكن لأي شخص أن يتعرف على قائمة الأمراض التي سيصاب بها في حياته .

ب – طريق لإيجاد الحلول من أجل توفير احتياجات استهلاكية نقية من الأوبئة وصالحة للاستعمال على المدى الطويل، وتعميق الاستفادة من خيرات الأرض، والتطوير للإنتاج الأفضل في الثروة الزراعية والحيوانية والمائية، وتسهيل فهم كثير من علل الأوبئة التي تصيب الطبيعة على وجه العموم فضلًا عن الإنسان.‏

ج – فتح الآفاق للبحث في أسرار الكون والإفادة من تسخيره للإنسان بغية الكشف عما يحقق مصلحته، فيتخطى البحث في علم الجينوم كوكب الأرض للنظر في إمكانية تطبيقه في الفضاء لملاءمة الظروف الفضائية لنجاح التجارب، وذلك بغرض إنتاج أجزاء من المادة الوراثية داخل الخلية بغية إيجاد معالِجات تساعد على إبعاد أعراض الشيخوخة، ولمحاولة إنتاج أنسجة وأعضاء بشرية.

د – استعماله في التحري الجنائي والطب الشرعي، وذلك عن طريق بصمة الجينات DNA، الأمر الذي لا يخفى ما له من الأثر على كشف الجناة الحقيقيين، وتبرئة المتهم، وقضايا إثبات البنوة، والنسب، وال******، والتعرف على ضحايا الحوادث، خاصة وأنّ نسبة النجاح لإثبات الحقيقة بهذه الطريقة تصل إلى 96% .

هـ – تتخطى فوائد هذا العلم إلى استزراع منتجات تساعد في الكشف عن الألغام وبقايا آثار الحروب القابلة للانفجار، كالنحلة أو الزهور الكاشفة عن القنابل والألغام، والنباتات المؤثرة في تفكيك تلك المواد. وإيجاد مصادر بديلة للوقود عن طريق نباتات الهندسة الوراثية .

ودون تردد، فجميع هذه المصالح معتبرة، ففي طرفها البحثي العلمي فإن الله عز وجل قد أذن بها قدرًا وشرعًا، فقال: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 5]، وقال: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255]، وقال: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [يونس: 101]، وقال: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ} [الروم: 8]، وقال: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ. وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 20-21]، وقال: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ} [فصلت: 53]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً، إِلَّا قَدْ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ”([9])، إلى نصوص كثيرة. وفي طرفها التطبيقي، فإن أدلة الشريعة وأصولها التي تؤيد الفكرة لا تنحصر، فكل مصلحة راجحة لحفظ الحياة وبقائها فهي معتبرة، والرجحان تحسمه نسب النجاح أو الإخفاق.

وبناء عليه، فلا يجوز أن يقام التعارض بين العلم والشرع، بل تصور ذلك من ‏الخطأ على شرائع الله، كما لا يصلح أن تعد المعارف المكتسبة بالتقليد حاكمةً على العقل المجرد ‏الباحث عن الحقيقة الحريص على الاهتداء إليها.‏

ثانيًا: علم الجينوم مع منافعه، فإنه ينطوي على محاذير كثيرة.

عُنِيت بحوث المجلة بإبراز كثير من الإشكالات في بحوث وتطبيقات علم الجينوم، أذكر أبرزها موجزًا مع التعليق:

أولًا: ثورة الجينوم ليست أول اكتشاف علمي يصل إليه البشر، يحقق الكثير من المصالح الضرورية والمهمة، ولكن خروج الإنسان عن قوانين الأخلاق ربما أدى به إلى استغلال العلم للإضرار بعنصره البشري، كالشأن في علم الذرة، فإنه لم يُقْتَصَر على استعماله في سياق منافعه، بل استُخْدِم لتدمير الإنسان في هيروشيما وغيرها باليابان. ونظرية فرانسيس جالتون “اليوجينا” التي تقوم على أنّ الصفات البشرية الجسدية والعقلية صفات موروثة مرغوبة وغير مرغوبة، فاستُغِلَّت تلك المعرفة بغية القضاء على سلالات بشرية غير مرغوب ببقائها وذلك بتعقيم أنسالها، كما فعل هتلر . واليوم تأتي ثورة الجينوم لتقوم بوظيفة هندسة الطاقم الوراثي للكائنات الحية بتوجيهه لأداء وظائف محددة‏ ، ولا شك أنّ المخاطر لا تكمن في توجيه ذلك الطاقم لتحسين ظروف حياة الإنسان ونسله، وتخليصه ووقايته من الأمراض والعلل، وإنما في إمكان استغلاله في تدميره .

كما ينبِّه أحد الباحثين على أنّ هناك خوفًا وحذرًا حقيقيين من استعمال الأدوية الجينية خاصة، ذلك أنها قد تدخل إلى جينوم الخلايا التكاثرية للمصاب، وعندها ستنتقل من جيل إلى آخر، ولا يُعْرَف مدى خطورتها على أجيال المستقبل، فهي مغامرة بمصير الإنسان .

وهنا أقول: ينبغي أن نستحضر أنه لا يوجد شيء في الحياة يخلو من جانبين: إيجابي وسلبي، ولو قارناه بأبسط مثال مألوف وهو الطعام والشراب، فإن المنفعة والمضرة واردتان في نوعه، وفي كسبه، وفي استعماله، وفي آثاره ومآلاته، ولا يُحْدِث لنا ذلك تخوفًا من أن نأكل أو نشرب، فغاية ما نفعل هو أننا نراعي جانب المنفعة ونحذر جانب المفسدة، وذلك ما تلتقي فيه العقول والشرائع لضبط مساره، وهو دور يضطلع به المجتمع.

ثانيًا: يرى بعض الباحثين أنّ ما يسمى “عمليات تحسين النسل‏”، فيها إخضاع الكائن الحي للعبث‏([14])، وفي إجراء مثل هذه التجارب تسويغ للاعتداء على كرامة الإنسان .

وأحسب أنّ في هذا مبالغة، إذ لا ريب أنّ الله تعالى أحسنُ الخالقين، وقد قال في عموم الخلق: {أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة: 7]، وفي الإنسان: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4]، ولكنه ابتَلى بالعلل والنقص، واختبر بالأخذ بالأسباب، فأذن بها في إطار العدل فلا تجاوز ولا شطط، وفي إطار الحكمة فلا مفسدة ولا ضرر، وإن كل ما يؤدي إلى الكمال – وإن لم يبلغ الإنسانُ نهايتَه – فهو مطلوب قَدَرًا؛ فيسعى الإنسان إلى تحصيله بمقتضى الجبلة أو الحاجة، وشرعًا؛ فيمتثل المؤمن أمرَ الخالق في توجيهه إلى ما يصلحه وإن خفي عليه بعض حكمته.

لكن يُبرز بعض باحثي المجلة سؤالًا آخر مفاده: أليس التدخل في الإبقاء على جينات مرغوبة، وإزالة أخرى غير مرغوبة، ومعالجة ذلك من قبيل تلبية أمر الشيطان، حين قال: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119]؟

وأقول: إن التعرض لهذه القضية أمر قديم، إلا أنه وقع في سياق آخر، كما اختُلف في المقصود بها، وتعديةُ ذلك الخلاف إلى علم الجينوم والاعتراض على ما يمكن أن يقدِّمَه للبشرية يبدو لي أنه رأي غير ممحص، واجتهاد متعجل ناقص، فلا شك أن استعمال هذا العلم يستلزم رعاية أخلاقياتٍ لا بد من الاتفاق عليها، وسن ما يلزم لها من التشريعات لضبط مساره، كما تقدم.

وإذا كان بعض الباحثين يفترض استعمال هذا العلم في يوم من الأيام للتوصل إلى إنتاج إنسان بلا أب ولا أم، ويبني على افتراضاته أحكامًا، كإثبات النسب وتوابعه، ولسان حاله يقول: سنخرج إذن عن ناموس الطبيعة. فأحسب أنّ المشكلة عندئذ ليست في تغيير خلق الله، وإنما في اتباع شريعة الله، ذلك أنّ سنة الله الشرعية قد جرت بخصوصية التوالد البشري عن طريق الزواج بين الذكر والأنثى، بينما سنته الكونية أيضًا قضت بالتوالد من غير زواج، وتحمل الأنثى بماء الذكر دون جماع عن طريق معالجة طبية، مثلما نجح الإنسان في “أطفال الأنابيب”، وكل ذلك خلق الله، لكن بأسباب بعضها مشروع وبعضها ممنوع. وهذا موجبٌ للتفريق بين موضوع العلم من جهة، ومجال استعماله وطريقته من جهة أخرى.

وفي السياق أقول: هناك حاجة شديدة إلى أن يجرِّد فقهاء الشريعة قراءةَ المراد بتغيير خلق الله الذي فيه طاعة لإبليس عن الموروث الفقهي الذي يتعارض مع المعرفة، دون الوقوف عند المفردات التقليدية، مستصحبين أنّ الشريعة لا تحول دون البحث العلمي الرامي إلى تحسين النسل، أو تجميل الشكل، ومعالجة أسباب الأمراض والعوارض قبل أو بعد وقوعها ولا يليق بالفقيه أن يستدل بكراهة صبغ الشيب مثلًا على قول من يراه، على منع أو كراهة إيجاد معالِجات تحول دون ظهور أعراض الشيخوخة أو تؤخرها، بل إن النصوص الجزئية في النمص والوشم وشبهها والتي تعلق بها بعض من منع التصرف الجيني للتحسين، تحتاج إلى إعادة قراءة في سياق الموارد والمقاصد.

كثير من الندوات عُقِدت، وما لا يحصى من البحوث كتبت، في المجالات الفقهية للقضايا الطبية؛ العلاجية والتجميلية، وفيها الكثير من التأصيل والأحكام، ولكن معظمها يجري في سياق القيود الجزئية التي يعود أكثرها إلى الاجتهاد؛ ذلك أن نصوص الكتاب والسنة غير قاطعة في معظم ما تستعمل له، وكثير من الآراء انحصر في إطار الفقه التقليدي، والأمثلة في ذلك لا حصر لها.

وقد لاحظت في بحوث المجلة أنّ بحث “التدخل في الجينوم البشري في الشريعة والقانون” لتمام اللودعمي، كان الأوسع الذي تناول بشيء من التفصيل المقدمات والأحكام الفقهية المتصلة بموضوع علم الجينوم. وأجاد في ذكر مقدمات مهمة، كنقده للتعجل بالحكم على منع ما هو جديد، وأنه لا بد من الاجتهاد في حكم المستجدات الطبية في سياقٍ أمثلَ لفهم النصوص القطعية من الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة. ونقَدَ التباطؤ في اعتناء المتخصصين في علوم الشريعة بهذا الجانب، وأنّ ما تم تقديمه حتى كتابة بحثه يتفاوت من جهة عمقه أو سطحيته، وأنّ أسباب ذلك عمقًا أو سطحية تعود إلى مقدار الجرأة في الخروج عن المألوف أو البقاء في إطاره([16])، ومع إجادة البحث في كثير من مواضعه، يؤخذ عليه حشرُ قضايا كثيرة في سياق مختصر، معظم تلك القضايا حَرِيَّة -كل واحدة منها- ببحث مؤصل مستفيض، كما أنه أطلق أحكام التحريم في بعض القضايا وأرسلها إرسالًا، وهي قابلة للاجتهاد، في حين أنه حاول تأصيل بعضها الآخر لكن بمنهج ضعيف، كمسألة الاشتغال بعلوم الطب، وحكم التداوي. كما أنّ اللودعمي – وباختصار إيهاب عبد الرحيم محمد في بحثه – جارَيا في تفاصيل الأحكام بحوثًا سابقة، كان معظمها في رأيي سطحيًا وغير ناضج، حيث أنها تعتمد الآراء والمذاهب دون النصوص والقواعد، خاصة وأن أكثر ما أبدته من الأحكام غير محرر، وتتم فيه إطلاقات تحتاج إلى استدلال، كالتوسع في وضع “شروط” في القضايا الخلافية أو التي يسوغ فيها الخلاف، وتصويرها بأنها شرعية! كذلك استجرار الخلاف في قضايا لها طبيعة مختلفة في التراث الفقهي عن طبيعتها في الواقع المعاصر؛ ليتم تنزيل ذلك الخلاف على قضايا عصرية، كمسألة الشروط الجَعْلية في العقود([17])، ومسألة الإجهاض عند اكتشاف مرض وراثي ، وهذا بذاته يمثل مشكلة من طرفين: أولهما: البقاء في إطار الخلاف العتيق، والواجب الخروج منه بفقه معاصر يتواكب مع المتغير. وثانيهما: إغفال صعوبة تنفيذ ذلك “تحقيق المناط”، في ظل قوانين وتشريعات معاصرة.

وفي تفاصيل المسائل أحكام جزئية كثيرة ليس ما يشيع فيها – وإن قيل قَبْلُ – هو الراجح بالضرورة في دلائل الشرع، كإطلاق منع التداوي بالخمر، ومنع كشف العورة، ومنع الكشف الطبي من قبل الرجل للمرأة والعكس، بل كما يتوسع بعضهم بإيراد الحرج فيُدْرِج في هذا السياق مسألة الخلوة بين الجنسين، فيخلط في هذه الأحكام بين الأوضاع الطبيعية والمعالجة الطبية. كذلك التطرق لبحث مسألة الكفاءة في الزواج، وتأصيل الفكرة فقهًا لتثبيت تصورات للتفضيل بين الناس على أسس جينية وهي قضية مشكلة جدًّا، ربما أعادت بعض أخلاق الجاهلية، كالفخر بالأنساب والتعالي على الآخر بالعنصر.

ثالثًا: المعانقة فيما بين أصحاب رؤوس الأموال “التجار” من جهة، والعلماء في مجال الهندسة الجينية‏ في جميع سياقاته من جهة أخرى لتحقيق مصالح مادية.
ويندرج تحته أشكال من الاستغلال، منها:

ما أطلِق عليه اسم “قرصنة الجينات” ، وهي البحث في زوايا الأرض عن الكائنات الحية المفيدة طبيًّا وعلميًّا للاستيلاء عليها واحتكارها دون اعتبار لحقوق أصحاب الأرض.

احتكار العلم في مجال الأدوية، والزراعة، وصناعة الأغذية، مما يجعل رعاية مصلحة المستهلك ثانوية .
ورود الإشكالية الأخلاقية، وهي أن يكون العلم وسيلة للكسب! وكيف ينعكس ذلك على تحريف الحقيقة العلمية، وإذا ما كان لجشع الإنسان دور يراعى في هذا السياق للفصل بين الكفاءة والاستغلال([21]).
ولا شك أنّ هذه التحفظات كلها معتبرة، ولكنها ليست من خصائص هذا العلم، وإنما هي واردة في كل ما يخضع للتكسب، والقوانين هي المسؤولة عن وضع التشريعات لحفظ المقاصد المعتبرة، وحماية هذا العلم واستعمالاته من استغلال يَضُرُّ بهِ وبنتائجه.

رابعًا: الإخفاقات الهائلة في معظم تجارب علم الجينوم، وبخاصة في مجاله الحيواني والإنساني، وفي ذلك امتهان واعتداء على الحيوان والإنسان.

وفي سياقه تبدو إشكالية فكرة “الاستنساخ” ، إذ ثبت فشله في الحيوان، وهو أشد فشلًا في الإنسان؛ لذا وصفه بعض الباحثين بأنه مجرد من القيم الأخلاقية .

والذي أراه أنّ إخفاق التجارب لا يلزم منه منع الاستمرار فيها، فالبحث العلمي لا ينبغي أن يتوقف، وإذا كانت هناك تصرفات توصف باللاأخلاقية، وهي واردة على أي حال، فينبغي أن يُنظر إلى أسباب تجاوزها للأخلاق، وهي قطعًا لا تكون من جهة نفس العلم، وعليه فجدير بالباحثين في مشروعية الاستمرار في البحث العلمي هنا أن يلاحظوا التقيدَ بصحة المسار، والذي يتحدد مناره باعتبار الموازنة بين المصالح والمفاسد، وتجاوز سطحيات التشريعات إلى معانيها ومقاصدها ومآلاتها، والأخذ على أيدي أصحاب الأغراض والأهواء بوضع اللوائح للحيلولة دون سيطرة مآربهم وتغليبها على كشف الحقيقة المرجوة بالبحث العلمي.

وهنا على الباحثين في علم التشريع والأخلاق أن يركزوا جهودهم على صياغة المعايير وتعبيد الطرق، حتى في أشد هذه القضايا حساسية، كموضوع “الاستنساخ البشري التكاثري”، ولا يصح أن يحولوا بضوابطهم وقيودهم الصادرة عن ورعهم – وإن شئت فقل: عن جُبْنِهم – للمنع أو التضييق من استمرار البحث والتجربة .

ثالثًا: علم الجينوم بين التجربة والقطعية:

يبدو أن هنالك إشكالية في قراءة ما انتهى إليه هذا العلم من حقائق، كالشأن في نجاحات الهندسة الوراثية في المجال الزراعي وصناعة الأغذية والأدوية، وبين تجارب علم الجينوم التي لم تتجاوز المحاولة بعد، بل إن بعض الباحثين انتقل بالفكرة إلى الأحلام، فهو يتخيل ما لم يكن لو كان كيف يكون، فقال: قد يُوجِدُ هذا العلمُ ذات يوم عالمًا سليمًا من الأمراض، ويستغني الناس يومئذ عن الأدوية والمستشفيات([25])!

إنّ الحقيقة العلمية هي التي تستند إلى برهان، وإلا فهي دعوى مجردة، قال الله تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111]، ومجرد التجربة ليس علمًا، إنما هي بحث، فيجب التفريق بينها وبين العلم الذي أصبح حقيقة، وأحسن د. نجيب الحصادي إذ قال: “من ضمن ما يكرِّس قصور العلم عن تحقيق مطلب اليقين تسليمه بمبادئ يفترض صحتها دون برهنة” .

وهذا يستلزم تحرِّيًا وتروِّيًا وبحوثًا مراقِبَة ناقدة بإشراف لا يُتَّهم، لا الاسترسال في الأحلام والأوهام، وكفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع.

وفي سياق هذه القضية أسئلة كثيرة لم تجب عنها البحوث، أو لم تتعرض لها أساسًا، رأيت أن تكون على ثلاثة أقسام:

الأول: أسئلة للمختصين في الجانب العلمي:

1 – قيل في هذا العلم: “كل خلية تحتوي على المعلومات الجينية لصاحبها”([27])، السؤال: هل كل تلك المعلومات مستعملة من قبل صاحب الخلية؟ بتعبير آخر: هل تحتوي الخلية على معلومات مهملة أو معطلة؟

2 – جرَت سنة الله عز وجل أن فَضَّل بين خلقه بما آتى كلَّ إنسان من القوة والقدرة على العمل والكسب، كما فضَّل بينهم في الذكاء والعقل، فهل يمكن أن يتصور تطبيق علم الجينوم ليكون طريقًا للتسوية بين الناس في ذلك؟

3 – تطرق بعض الباحثين إلى إمكان تطويع علم الجينوم لخدمة مقاصد صحيحة، كمعالجة نهمة الإنسان إلى الطعام وعدم قدرته على التحكم فيه مما يؤدي إلى أمراض كثيرة معروفة، وذلك بإعادة برمجته وراثيًا في شأن التذوق أو الشم، بما يضعف توقانَه إلى الطعام، فتعاف نفسه الأكل الشهي، فلا يأخذ منه إلا بقدر ما يحتاج إليه‏ ، ومن هذا القبيل معالجة الصفات العدوانية التي تنطوي عليها نفوس بعض البشر، أو التصرف في الصفات العاطفية كالحب المفرط أو البغض المفرط، إلى غير ذلك مما في معناه، فهل هذا من قبيل الأحلام؟ أم هي قضية ممكنة؟

ويتصل بهذا الجانب السلوكي: أن الإنسان يتردد بين الجبر والاختيار، فبعض شأنه تتصرف فيه الطبيعة الخلقية والسنن الكونية، وبعضه يعود إلى اختياره، وهو موضع التكليف، ما هو الدور الممكن لعلم الجينوم في التغيير أو التصرف في خصائص الأمرين؟

4 – هل يُتصور أنّ علم الجينوم يمكن أن يفسر يومًا خوارق العادات؟ فيعيد ما وقع للأنبياء إلى خصائص جينية: كنار إبراهيم، وقميص يوسف، وعصا موسى، ونوم أصحاب الكهف؟ وهل يمكن أن يعيد الكمال في الأنبياء إلى شيء من ذلك؟

الثاني: أسئلة للفقهاء وعلماء القانون والأخلاق:

5 – سؤال يستوجب بحثًا في إطار الأدلة والمقاصد يخرج عن النمط التقليدي في البحث، فبالرغم من كونه قُدِّمَت فيه أوراق وبحوث لكنها في رأيي لم تزل عاجزة عن وضع التصور الدقيق مراعية الاستعانة بالكشوف العلمية؛ لتخلص إلى ما هو ألصق بمراد الشارع، وهو: ما مدى مشروعية استعمال الفحص الجيني قبل عقد الزواج لإبرامه أو تركه، وبعد الزواج لاستدامته أو فسخه؟ وما هو الأثر الحقيقي للزواج بين الأقارب؟ أيصح إطلاق القول بالمنع أو الإباحة؟

6 – أنشأت الشريعة أحكامًا بنيت على غلبة الظن: كأحكام القضاء بالشهود واليمين، واللعان، والحكم بالدخول في العلاقة بين الجنسين، وإثبات النسب، وغير ذلك، فهل يمكن لعلم الجينوم أن ينهيَ كل ذلك، بحيث تَجري جميع تلك الأحكام على القطع؟

7 – هل يتصور أن يكون لهذا العلم أثر في إحياء بعض شأن الجاهلية؟ فإذا كان التحكم بجنس الجنين ذكورة وأنوثة أصبح خاضعًا للتطبيق – على ما قيل –([29])، فكم أثره لإعادة فكرة: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى} [النحل: 58]؟ وما هي قدرة الإنسان على ضبط مسار ذلك، وهو المركب من ميول ورغبات شهوانية وأمزجة متناقضة؟! أرى أنّ بحث هذه القضية من هذه الجهة أولى من إلصاقها بكونها من تغيير خلق الله، على ما ظنه بعض الباحثين .

ولو أراد مجتمع كمجتمع الجزيرة العربية القبلي أن يحرر موضوع التثبت من صحة النسب، فماذا يتوقَّع أن يفتح هذا على الخلق من أسرار ربما كان الجهل بها خيرًا من كشفها؟

8 – في سياق هذا العلم تُذْكَر “أخلاقيات الطبيب” كما يذكر ذلك في سياق العمل الطبي في سائر مجالاته، وفي مبادئها يُذْكَر: تحقيق منفعة المريض ودفع الضرر عنه لمصلحته ومصلحة المجتمع، ولا يخفى أنّ هذا أمر اجتهادي محض، فالسؤال الضروري هنا: ما هي المعايير المطلوب اتباعها لتحقيق ذلك؟ ومن المطالب برعايتها على وجه التعيين ليتحمل مسؤوليتها؟ أهو الطبيب؟ أم المؤسسة؟ أم مركز الأبحاث؟ أم الدولة؟

9 – التشخيص الجيني لأي إنسان، يكشف عن أسرار خاصة تتعلق به وبعائلته حاضرًا ومستقبلًا، ويمكن أن يتم ذلك حتى للجنين في أول مراحله، فمن صاحب الحق في امتلاك تلك الأسرار الجينية([31])؟ وما مدى إباحة إطلاع أطراف خارجية عليها كالطبيب أو الدولة أو المجتمع؟ خاصة وأنّ المخاطرة بكشف علل وراثية وأمراض مستقبلية كبيرة؛ لما تنعكس به سلبًا على حياة الشخص وعلى أسرته([32]).

10 – هل الحصول على خلايا جذعية مصدرها أجنة في مراحل الحمل الأولى يمكن أن يكون مقبولًا من جهة شرعية؟ ومتى؟ ولو حكم على ذلك بالجواز ضرورة حتى عمر معين للجنين، فهل وجود بدائل للحصول على الخلايا الجذعية يغير الحكم للمنعَ؟ تم التعرض لذلك في بعض البحوث، ولكنه يتطلب جوابًا فقهيًّا مؤصلًا، ولم أر فيه ما يغني.

11 – هل للدولة حق التدخل للإلزام بتصرفات تعود إلى تطبيقات أو تجارب علم الجينوم؟ وإن جاز، فما هي حدود ذلك؟

تعرضت بعض البحوث، كبحث اللودعمي، إلى طرف من الجوانب القانونية، وهي متباينة فيما بين البلدان، على أنّ أكثرها اعتناء بذلك التشريعات القانونية الغربية، مما يتطلب اعتناء متميزًا من قبل حكومات الشعوب المسلمة، لما يَرِد لدى تلك الشعوب من إشكالات شرعية واجتماعية.

الثالث: أسئلة يتداخل فيها التخصص العلمي بالجانب التشريعي:
12 – تردد من كلام بعض علماء الجينات: وجود أشكال من الصيغ الصبغية أو مورثات معينة يكون لها تأثير في سلوكيات شاذة عند من يحملها، وذلك مثل الإدمان على الخمر أو المثلية الجنسية، يسأل هنا أحدهم: لو ثبت ذلك فهل يمكن شرعًا وقانونًا أن يُنْظَر إلى هؤلاء ومن شاكلهم بنظرة مختلفة ؟

وهذا سؤال وجيه، لكنه ينبني على مقدمة لا بد من تحققها، كما لا بد من تناولها من قبل علماء النفس والاجتماع بما لا يقل في رعايته عن قول علماء الجينات، كذلك لو ثبت فهل يعود اختلاف الحكم عن الوضع الطبيعي إلى مشقة الانفكاك عن تلك الحالة بحيث يكون صاحبها في وضع يُشْبِه حالة التسيير القدري الخارجة عن مجرد الاختيار؟ وما مدى صلة هذه القضية بموضوع العقيدة في القدر؟

13 – ما هي المعايير المطلوبة لعملية التحكم في الجينات؟ وما هي صفة الشخص الذي يمكنه أن يتدخل مثلًا في جينات ذكر لا يميل شهوةً إلا إلى الذكور ليتحكم في الجينات المنحرفة به عن الطبيعة ليصبح سويًّا؟ وهل لا بد أن ينبني ذلك على خلفية دينية تعترف بأن مصدرية المعرفة لا تقتصر على المادي المحسوس؟ ولو انطلق المعالِج من العلم المجرد دون أحكام الشرع، فهل سيسعفه ذلك لتمييز الخلل المقصود علاجه؟

14 – يبدو أنّ هناك ضرورة لتحديد وتفسير كثير من المفاهيم والتصورات([34]) كمقدماتٍ لتوطين علم الجينوم في مكان ما، وبخاصة في منطقة الخليج التي لها خصائصها البيئية والاجتماعية والدينية، كالمعايير التي تضبط مثلًا ما يكون علّة أو مرضًا. لا شك أنّ ما تميز ضرره يمكن أن لا يندرج في سياق السؤال، ولكن هل يمكن تصور النقص في الخلق الذي يتطلب علاجًا بلون البشرة مثلًا، أو بالطول أو القصر، أو حتى بالعمى والبصر؟ وما هو دور الغريزة الطبيعية والرغبة لدى الإنسان لتغيير شكله أو جنسه في التأثير على القيم المعتبرة في هذا المجال؟ كيف يمكن ضبط الأهواء لئلا تنجرف بصاحبها، فبدلًا من التحكم بالهوى وقمعه لينضبط، تأتي المعالجة الجينية لتُلبي له ما يشتهيه؟ وكم هو أثر العرف الاجتماعي في بيئة كمنطقة الخليج للتحكم بالصناعة الجينية، ومن ثم يمثل ذلك العرف في نفسه مشكلة أخلاقية؟

15 – التدخل العلاجي في الجينات البشرية للخلايا التناسلية يعني إدخال جين خارجي يُكْسِب المولود صفاتٍ ليست في أبويه، يبدو أنّ التوجه إلى منع ذلك هو الواضح، ويعلل بمنع اختلاط الأنساب: ما مدى صحة هذا التصور علميًّا؟ وما مدى صواب التعليل به؟

وفي الختام،

فمن خلال مراجعة البحوث ضمن عدد “الجينوم” من مجلة “عالم الفكر”، ومطالعة بحوث أخرى في السياق وهي كثيرة، يبدو أن هناك ضرورة، من أجل تحرير الأحكام الشرعية، إلى تفكيك أجزاء القضايا المتعلقة بهذا الموضوع الخطير، والتفريق بين جانبيها التنظيري والتطبيقي، وتحريرها من جهة الأصول ابتداءً، وعدم خلطها بالقضايا الجزئية المتعلقة بها، إلا على سبيل التبع، مع استصحاب ما يلي:

تسليم مقدمة إطلاق العِنان للبحث العلمي.

النظر إلى الإبداع الإنساني في هذا العلم على أنه خير يقدم للإنسان، دون التوقف عند مصدره شرقيًّا كان أو غربيًّا.

تحديد الغاية المرجوة من البحث.

رعاية مقاصد الشريعة ومآلات التصرفات.

التفريق بين الكلي والجزئي، والمنصوص والاجتهادي.

تجاوز المدونة الفقهية التراثية للاجتهاد في هذا الموضوع إلا في إطار استرشاد أو استشهاد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 12:32 AM.