#1
|
||||
|
||||
أقسام الاستعارة و بلاغة المجاز ـــ تنبيهات هامة
أقسام الاستعارة تقسم الاستعارة باعتبار ذاتها إلى حقيقية وخيالية، وباعتبار لفظها إلى أصلية وتبعية، وباعتبار طرفيها إلى تصريحية ومكنية، وباعتبار لازمها إلى مجردة وموشحة ومطلقة، وباعتبار حكمها إلى حسنة وقبيحة، وباعتبار كيفية استعمالها إلى استعارة محسوس لمحسوس، أو معقول لمعقول، أو محسوس لمعقول، أو معقول لمحسوس. 1- الاستعارة باعتبار ذاتها: قد تقيد – كما يقول القزويني -: " بالتحقيقية، لتحقق معناها حساً أو عقلاً أي: التي تتناول أمراً معلوماً يمكن أن ينص عليه ويشار إليه إشارة حسية أو عقلية، فيقال: إن اللفظ نقل من مسماه الأصلي فجعل اسماً له على سبيل الإعارة للمبالغة في التشبيه، أما الحسي فكقولك: " رأيت أسداً" وأنت تريد رجلاً شجاعاً، وأما العقلي فكقولك " أبديت نوراً" وأنت تريد " حجة" فإن الحجة مما يدرك بالعقل ومن غير وساطع حس، إذ المفهوم من الألفاظ هو الذي ينور القلب ويكشف عن الحق لا الألفاظ أنفسها، وعليه قوله عز وجل: ] اهدنا الصراط المستقيم[ أي: الدين الحق، ولم يبن لي كبير فرق بين الاستعارة المكنية والتخيلية من كلامه، واللازم المذكور في بيت أبي ذؤيب ترشيح، وفرق صاحب الطراز بينهما " بأن ما كان من الاستعارات لا يفهم منه معنى التشبيه لا على قرب ولا على بعد كقوله: أثمرت أغصان راحته = لجناة الحسن عنابــا فهو محقق لا يفهم منه معنى التشبيه بحال، ولو ذهبت التشبيه أخرجته عن حقيقة البلاغة، وسلبت عنه ثوب جمالها، وما كان يفهم منه معنى التشبيه الذي لا يدرك في الوجود ويكون متصوراً في الخيال فهذه هي الاستعارة الخيالية كقوله تعالى ] بل يداه مبسوطتان[ ، وجميع آيات التشبيه كلها من باب الاستعارة الخيالية. 2- الاستعارة باعتبار لفظها: تنقسم الاستعارة باعتبار لفظها إلى قسمين: أصلية وتبعية، فالاستعارة الأصلية: هي ما كان اللفظ المستعار أو اللفظ الذي جرت فيه إسما جامدا غير مشتق، مثل قوله تعالى: ) ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس( ، وقوله وإنه في أم الكتاب(، وقوله: ) ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وكلمة " يهيمون " استعارة تبعية لأنها مشتقة من الهيمان، إذ التبعية: ما كان اللفظ المستعار فيها أو اللفظ الذي جرت فيه الاستعارة اسما مشتقا أو فعلا، مثل قوله تعالى: ) ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح( [8] فقد شبه انتهاء الغضب بالسكوت بجامع السكون في كل منهما ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به وهو السكوت للمشبه وهو انتهاء الغضب ثم اشتق من السكوت بمعنى انتهاء الغضب سكت بمعنى انتهى. 3- الاستعارة باعتبار طرفيها: إن كان المحذوف من طرفي التشبيه ( المشبه) والمصرح به هو لفظ ( المشبه به ) كانت الاستعارة ( استعارة تصريحية ) مثالها قول الله تعالى: ) كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور فقد شبه الضلال في الآية بالظلمات بجامع عدم الاهتداء في كل ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به وهو الظلمات للمشبه وهو الضلال على سبيل الاستعارة التصريحية، وكذلك شبه الاهتداء والإيمان بالنور بجامع وضوح المعالم والدلائل في كل ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به وهو النور للمشبه وهو الهدى على سبيل الاستعارة التصريحية والقرينة حالية في الاستعارتين والعلاقة المشابهة، أما إن كان المحذوف في الاستعارة هو لفظ (المشبه به) وقد رمز إليه بشئ من لوازمه كانت الاستعارة (استعارة مكنية) ومنها قوله عز وجل ــ على لسان زكريا عليه السلام: (( رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا)) حيث شبه الرأس بالوقود ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشئ من لوازمه وهو (اشتعل) على سبيل الاستعارة المكنية والقرينة إثبات الاشتعال للرأس. 4- الاستعارة باعتبار لازمها: يقسمها البلاغيون بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام: أ ــ إستعارة مرشحة: وهي ما ذكر مع الاستعارة ملائم للمشبه به مثل قوله تعالى: ) اشتروا الضلالة بالهدى( ثم قال على إثره: ) فما ربحت تجارتهم فلما استعار لفظ الشراء عقبه بذكر لازمه وحكمه وهو الربح ترشيحا. ب ــ إستعارة مجردة: وهي فيما إذا ذكر مع الاستعارة ملائم للمشبه وفسرها الامام ابن القيم بقوله: (( أن تنظر إلى المستعار من غير نظر إلى غيره كقوله تعالى: ) فأذاقها الله لباس الجوع والخوف وكقول زهير: لدى أسدٍ شاكي السلاح مقذّفٍ لو نظر إلى المستعار منه لقال: فكساهم لباس الجوع، ولقال زهير: لدر أسدٍ وافي المخالب أو وافي البراثن)) . جــ ــ استعارة مطلقة: وهي قسمان: الأول: ما خلت من ملائمات المشبه والمشبه به كقوله: ] إنا لما طغى الماء الماء حملناكم في الجارية[ . الثاني: ما ذكر معها ما يلائم المشبه والمشبه به معاً كقول كثير: رمتني بسهم ريشه الكحل لم يضر= ظواهر جلدي وهو للجسم جارحُ فقد استعار السهم للطرف بجامع التأثر من كل، والريش من ملائمات المشبه به، والكحل من ملائمات المشبه. 5 - الاستعارة باعتبار حكمها: تنقسم الاستعارة باعتبار حكمها إلى حسنة وقبيحة وقد سبق إلى هذا التقسيم قدامة في: نقد الشعر" وتابعه عبدالقاهر في تقسيمه لها إلى مفيدة وغير مفيدة، وجميع استعارات القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف حسنة مفيدة كقوله عز وجل: ] لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا، وقوله: ] وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة[ حيث جعل إزالة الليل عن مكانه محواً له، ومن الاستعارات القبيحة قول أبي تمام: ما زال يهذي بالمكارم والعلا = حتى ظننا أنه محموم وقول أبي نواس: بُـــحّ صوت المال مما = منك يشكو ويصيح وقوله – أيضاً: ما لرجل المال أضحت = تشتكي منها الكلالا وقول الآخر: أيا من رمى قلبي بسهم فأولجا 6- الاستعارة باعتبار الاستعمال: تجرى الاستعارة في استعمالها على أربعة أوجه: - استعارة محسوس لمحسوس: كقوله تعالى: ] وآية لهم الليل نسلخ منه النهار)، فالمستعر له خروج النهار من ظلمة الليل، والمستعار منه ظهور المسلوخ من جلدته، والجامع شدة الاتصال والالتصاق في كلٍ. - استعارة معقول لمعقول، كقوله سبحانه: ] من بعثنا من مرقدنا [ استعار الرقاد للموت، وهما أمران معقولان، والجامع عدم ظهور الأفعال، وقوله عز وجل: ] ولما سكت عن موسى الغضب[ والسكوت والزوال أمران معقولان. - استعارة محسوس لمعقول: كقوله جل شأنه: ] فاصدع بما تؤمر[ فإن المستعار منه صدع الزجاجة – أي كسرها – وهو حسي، والمستعار له تبليغ الرسالة والجامع لهما التأثير. - استعارة معقول لمحسوس كقوله جل شأنه: ] أنا لما طغى الماء[ فإن المستعار له كثرة الماء وهو حسي، والمستعار منه التكبر، والجامع الاستعلاء المفرط. - الاستعارة التمثيلية: يقسم البلاغيون الاستعارة من حيث الإفراد والتركيب إلى قسمين: - استعارة مفردة: وهي ما كان المستعار فيها لفظاً مفرداً كما هو الشأن في الاستعارات السابقة. - استعارة مركبة: وهي ما كان المستعار فيها تركيباً، ويطلقون على هذا القسم: " استعارة تمثيلية"، ويريدون بها: كل تركيب استعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي، أو هي مجاز مركب علاقته المشابهة مثل قوله تعالى: ] قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليه السقف من فوقهم فقد شبه الله عز وجل حال أولئك الماكرين بحال قوم بنوا بنياناً شديد الدعائم فانهدم ذلك البنيان وسقط عليهم فأهلكهم، واستعير التركيب الدال على حال المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التمثيلية، والقرينة حالية، وكذا قوله عز وجل: ] واخفض لهما جناح الذل من الرحمة على رأي بعض البلاغين. " ومتى اشتهرت الاستعارة التمثيلية وكثر استعمالها صارت مثلاً، والأمثال لا تغير فلا يلتفت فيه إلى مضاربها إفراداً وتثنية وجمعاً وتذكيراً وتأنيثاً بل يشبه المثل بمورده فينقل لفظه كما هو بلا تصرف، فنقول لرجال ضيعوا الفرصة على أنفسهم ثم جاءوا يطلبونها: " الصيفَ ضيعتِ اللبن" بتاء مكسورة لأنه في الأصل خطاب لامرأة" ـــ تنبيهات حول الاستعارة: أ ــ لا بد في الاستعارة من وجود ملائمة بين المستعار والمستعار له فإنها مطلوبة وبها يعرف حسن الاستعارة من قبحها، ولهذا عيب على المتنبي قوله: شرف ينطح النجوم بقرينه ب ــ كثير من قدماء البلاغيين لا يفرقون بين التشبيه المضمر الأداة وبين الاستعارة فيجعلونه ضمنها، ولكنّ التشبيه البليغ لا يعدو أن يكون مقربا لحقيقة إلى حقيقة أخرى تتفوق في صفة من الصفات لأجلها كان تقريب الشقة بين الحقيقتين، بينما أسلوب الاستعارة من مثل "رأيت أسدًا " فيه تخييل في الادعاء والمبالغة أقوى من التخييل في مثل: " زيد أسد " وفيه جعل الحقيقة حقيقة أخرى. جــ ــ يتعمق بعض البلاغين في تفصيل الاستعارة التبعية فيدخل مع المشتقات الفعل والحرف والضمائر وأسماء الإشارة والاسم الموصول، والمراد بالاستعارة في الأفعال والصفات المشتقة منها مصادرها، وفي الحرف متعلقات معانيها. ــ بلاغة المجاز: المجاز فن في القول له عذوبة وسلاسة وجمال، لا تدانيه الحقيقة لطفاً وخفة "بل هو أكثر منها بلاغة في الوصف"، وأوجز لفظا في العبارة، فإن قولك: رأيت أسدًا يرمي، أبلغ وصفا من قولك: رأيت رجلا ً يرمي، وأوجز لفظا من قولك: رأيت رجلا بالغا في الشجاعة مبلغ الأسد، وكذلك فالمجاز يتوصل إلى المحسنات البديعية من نحو السجع والمطابقة والمجانسة، أما السجع فنحو أن تقول: لقيت أسدًا شاكي السلاح فتعاطينا الرماح، وأما المطابقة ــ وهي الجمع بين شيئين متضادين ــ نحو (فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا) ، وأما المجانسة ــ وهي تشابه الكلمتين لفظا واختلافهما معنى فكقول الشاعر: إلى حتفي سعى قدمي = أرى قدمي أراق دمي ـــ وأيضا ـــ بالمجاز يحصل التلطف في الكلام بخلاف الحقيقة وذلك نجو: استعارة بحر من المسك موجه الذهب لفحم فيه جمر موقد، فيفيد لذة تخيلية وزيادة شوق إلى إدراك معناه، فيوجب سرعة التفهم بخلاف قولك: فحم عليه جمر، ومثل ذلك إطلاق الجزء مع إرادة الكل في المجاز المرسل إذا ما قلت: " فلان فم" تريد أنه شره يلتقم كل شئ، وبالمجاز ــ أيضا ــ يتيسر إختراع المعاني اللطيفة من تعظيم وتحقير وترغيب وتنفير، فالتعظيم كاستعارة (أبي سعيد) لرجل عالم فإنه يدل على كثرة علمه فيحصل تعظيمه بذلك، والتحقير كاستعارة (الهمج) ــ وهو صغار الذباب ــ للجهال من الناس، والترغيب كاستعارة (ماء الحياة) لشئ من المشروبات، والتنفير كاستعارة (السمّ) لشئ من المطعومات، وقد يكون لفظ الحقيقة وحشيًا تمجه الاسماع كالخنفقيق فيعدل عنه إلى المجاز لعذوبته فيعبر عنه بلفظ الداهية، وقد يكون التلفظ بالحقيقة مستسمجًا يكرهه السامع فيعدل عنها إلى المجاز لنزاهته وذلك نحو قوله تعالى لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن( فإن في قوله ما لم تمسوهن( نزاهة لم تكن في قول القائل: ما لم تولجوا الذكر في الفرج. ـــ تنبيهات هامة: أ ــ صرح بعض العلماء بأن حذف المضاف ليس من المجاز، لأن المجاز استعمال اللفظ في غير ما وضع له أولا، والكلمة المحذوفة ليست كذلك، فالمثال الذي يذكرون بأنه من مجاز المحذوف وهو سؤال أهل القرية يندرج تحت المجاز العقلي، وكذا باقي المحذوفات قد يترتب عليها مجاز ولكنه مجاز مندرج تحت نوع من أنواع المجاز المعروفة لا مجاز قائم بنفسه، وكذلك لا مجاز بالزيادة في القرآن الكريم، والزيادات القرآنية التي ذكروها ومنها كاف "كمثل" أن لو حظت زيادتها في الألفاظ فهي ليست بزائدة في المعنى عند التحقيق. ب ــ يتجوز بالحروف بعضها عن بعض وأقرب قوله تعالى: ) ولأصلبنكم في جذوع النخل( فإن الصلب مستعمل في موضوعه الأصلي وكذلك جذوع النخل، ولم يقع المجاز إلا في حرف ( في ) فإنها للظرفية في الأصل وجاءت هنا بمعنى (على) فقد خرجت عن الظرفية، وتستعمل (على) حقيقة في الاستعلاء كقوله تعالى وعليها وعلى الفلك تحملون( ، ومجازية في مثل قوله عز وجل ولهم على ذنب( ، وقوله تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض( ، وقال الإمام السالمي ـ رحمة الله عليه ـ ( تنقسم الحروف المعنوية إلى مجاز وإلى حقيقة كانقسام سائر الكلم العربية... مثال ذلك أن الواو حقيقة في مطلق الجمع مجاز في الحال، والفاء حقيقة في التعقيب مجاز في التراخي وفي مطلق الجمع، وثم حقيقة في التراخي مجاز في التعقيب وفي مطلق الجمع أيضا ... وهكذا)) . جـ ـ قال الإمام الغزالي: (( واعلم أن كل مجاز فله حقيقة وليس من ضرورة كل حقيقة يكون لها مجاز بل ضربان من الأسماء لا يدخلها المجاز: الأول: أسماء الأعلام نحو: زيد وعمرو لأنها أسام وضعت للفرق بين الذوات لا للفرق في الصفات. الثاني:الأسماء التي منها ولا أبعد كالمعلوم والمجهول والمدلول والمذكور إذ شئ إلا وهو حقيقة فيه فكيف يكون مجازا عن شئ)) .
__________________
المصحف600صفحة على 30 =اكيد 20 صفحة عندنا 5 صلوات يعنى 20/5=4 صفحات يعنى تخلص القرآن فى الشهر وانت مستريح والدال على الخير كفاعله شارك وشوف كمية الحسنات اللى هاتجيلك |
العلامات المرجعية |
|
|