|
المواضيع و المعلومات العامة قسم يختص بعرض المقالات والمعلومات المتنوعة في شتّى المجالات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الحكومة والدواجن والعلم الذبيح
الحكومة والدواجن والعلم الذبيح
معتز بالله عبدالفتاح الحكومة قررت تشكيل لجنة لمناقشة قرارها برفع الجمارك عن الدواجن، العلم يقول إننا نشكل اللجنة ونناقش الموضوع ثم نتخذ القرار. الزكى النجيب محمود -رحمة الله عليه- استخدم تشبيهاً جيداً لوصف علاقة المجتمعات المتخلفة بالعلم، عند هؤلاء يكون العلم مثل نقطة الزيت فى إناء الماء، تستطيع أن تميزها طافية على سطح الإناء؛ لأن الزيت لا يختلط بالماء، أما الملح حين يذوب فى الماء يغير خصائصه، فالعلم يرتقى بالمجتمع والمجتمع يحترم العلم، وعليه فتعجب الفيلسوف العظيم من أن بعض المشتغلين بالعلم يرتدون معاطفهم البيضاء وهم فى معاملهم ويتصرفون بأدق تفاصيل المنهج العلمى المنضبط وهم يجرون تجاربهم، ولكن بعد أن تنتهى ساعات العمل يخلعون معاطفهم، ويبدو أنهم يخلعون معها المنهج العلمى الذى كانوا يستخدمونه، وكأن المنهج العلمى من لوازم «أكل العيش»، مثل نقطة الزيت المتميزة على صفحة إناء الماء. هل يمكن الزعم بأن بعضاً ممن يناقشون شئوننا العامة حاملو علم وليسوا بعلماء؟ ولا أتذكر تحديداً من قال هذه العبارة: «محاولة استخدام العلم لعلاج مشكلات مجتمع لا يعترف بالعلم هى محاولة غير علمية فى حد ذاتها»، وهذا حق. إذاً السؤال: كيف نعرف العالم من غير العالم؟ أولاً: العالم متخصص، العلم الحديث لا يصلح فيه من يكتب ويتحدث فى كل شىء، وكأنه يعرف كل شىء، مثلاً أنا حصلت على ماجستير فى الاقتصاد أثناء إعدادى للدكتوراه فى العلوم السياسية، لأننى لم أكن سعيداً بمستوى معرفتى فى هذا الحقل المعرفى، وما كان لى أن أجرؤ على كتابة كلمة فى هذا الحقل إلا بعد إجازة من نوع ما فى هذا المجال، ومع ذلك أنا آخر شخص مستعد أن يتحدث فى الاقتصاد إذا ما تحدث المتخصصون؛ إدراكاً منّى بجهلى. ثانياً: العالم يدور فى علمه مع الدليل وليس الأيديولوجيا أو الأفكار المسبقة، العالم كالقاضى وليس كالمحامى الذى يجمع الأدلة التى تحمى موكله ويرفض أو يتجنب الأدلة التى قد تدينه. ثالثاً: العالم متفاعل مع بيئته راغب فى الحوار والنقاش فى المجال العام. هناك قضايا كثيرة فى مجتمعنا، ولا أعرف هل يستشار فيها العلماء أم لا، مثلاً مَن هم القائمون على تحديد شكل النظام الانتخابى للمجالس المحلية؟ هل يشارك أساتذة النظم السياسية المقارنة فى هذه المسألة أم هى فقط قضية قانونية قضائية إجرائية؟ من الذى حدد مصير ممر التنمية الذى اقترحه د. فاروق الباز؟ هل هنا استشارة للاقتصاديين فى هذه المسألة؟ وماذا عن المشروعات الأخرى الكثيرة التى بدأت ثم توقفت؟ مثال ثالث، قضية الزيادة السكانية التى كلما كتب فيها أحد المتخصصين خرج عليه الرافضون مقارنين مصر بالصين، مع ملاحظة أننا لا نملك ما عندها من موارد طبيعية، وحتى الصين تبنَّت سياسات ضابطة للزيادة السكانية حتى تستطيع النهضة بدءاً من عام 1979، ولولا هذا، مع عوامل أخرى، لما أصبحت ثانى أكبر اقتصاد وأكبر دولة دائنة فى العالم. أدعو أن نكوّن آراءنا بعد أن نقرأ للمتخصصين، هذا واجبنا، وليكتب هؤلاء المتخصصون، هذا واجبهم، ولنجعلها ثورة ضد الفهلوة، لو أمكن. |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|