|
محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
رسالة إلى من يسيء إلى حبيبنا محمد رسول الله
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فمرة بعد أخرى نسمع أقزامًا من البشر، سفهاء الأحلام، يتطاولون على حبيبنا وقدوتنا وقرة أعيننا محمد رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام. * وماذا يبقى في الحياة من لذةٍ يوم ينال السفهاء من مقام محمد صلى الله عليه وسلم ثم لا يُنتصَر له ولا يُذَاد عن حياضه؟ماذا نقول تجاه هذا العداء السافر، والتهكُّم المكشوف؟هل نُغمِض أعيننا، ونُصِمُّ آذاننا، ونُطبِق أفواهنا؟لا وربي، لا يكون ذلك ما دام في القلب عِرق ينبض. * والذي كرم محمدًا وأعلى مكانته، لبطنُ الأرض أحب إلينا من ظاهرها إن عجزنا أن ننطق بالحق وندافع عن رسول الحق. فإنَّ أبي ووالدَه وعِرْضي ♦♦♦ لعِرْضِ محمَّد منكم وقاءُ * • فيا مَن تُسيءُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، اعلَمْ أن مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيعُ القدر، برفعة الله له، ولن ينالَ الشانئ ولا المستهزئ منه شيئًا. * ففضائل النبي صلى الله عليه وسلم لا تكاد تحصى كثرةً؛ فهو أعظم نعمةٍ أنعَم اللهُ تعالى بها على هذه الأمة الميمونة؛يقول ربنا سبحانه: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164]. * فلولا هذه النعمة العظيمة لبقِيَ هذا الإنسان ضالًّا تائهًا، لا يعرف إلى الهداية سبيلًا، كما هو حالُ مَن لم يستجِبْ لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو ضال تائه في دروب الحياة الشائكة، وإن كان يزعم أنه متحضِّر ومتقدِّم في شتى مجالات الحياة. * فهل من نعمة أعظم من نعمة الهداية؟ من نعمة الإيمان؟ من نعمة الإسلام؟ فحياته عليه الصلاة والسلام تقدِّم لنا نموذجًا ساميًا لِما ينبغي أن يكون عليه المسلم الذي رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولًا؛ في بيته، في حَقْله، في سوقه، في متجره، في معمله، في مؤسسته،مع أسرته، مع أبنائه، مع أهله وأقاربه، مع جيرانه، مع أصدقائه، مع أعدائه،لِما ينبغي أن يكون عليه الزوج، والأب، والقائد، والزعيم، والرئيس، والمدير، والعامل، ورب العمل،لِما ينبغي أن يكون عليه المسلم في أمور دينه، وفي أمور دنياه؛فهو الأسوة والقدوة في كل الأمور، ونعم القدوة ونعم الأسوة صلى الله عليه وسلم، ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]. * • يا مَن تُسيءُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، احذَرْ أن يصيبَكَ ما قد أصاب المستهزئين من قبلك؛فقد قال تعالى: ﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [الأنعام: 10]. * لقد أعظمَتْ قُرَيشٌ الفِريةَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فرَمَتْه بالسِّحر تارة، وبالكذب تارة، وبالجنون أخرى، والله يتولَّى صَرْفَ ذلك كله عنه لفظًا ومعنًى؛ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا تعجَبون كيف يصرِفُ الله عني شَتْمَ قريشٍ ولَعْنَهم، يشتُمون مُذَمَّمًا، ويلعَنون مُذَمَّمًا، وأنا محمَّد)). فويل لهم مِن وصفِهم أشرفَ الورى بما اختَلقوا مِن عندهم والتزعُّم ♦♦♦ وهل أنكروا إلا فضائلَ جمَّةً وهل يُبصِرُ الخفَّاشُ والنورُ ساطعُ ♦♦♦ إن البلاءَ وإن طال الزَّمانُ به فالحقُّ يقطَعُه أو سوف ينقطِعُ * • يا مَن تُسيءُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، اعلَمْ أن مَن يشتُمُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كمن يشتُمُ الشمس والماء والهواء،ليس لشَتْمِه من معنى سوى خَرَفِه المطبِق، وهذَيَانه المحدِق! أو كمن يلعَنُ الضياء والعافية والربيع،ليس للعنِه معنًى سوى أنه خرج عن حد العقل إلى حد الجنون. وسيبقى النهر عَذْبًا، وإن شتمه ألف لسانٍ بأنه مِلحٌ أجاجٌ.. وستبقى الشمس مشرقةً، وإن زعم ألف دجالٍ أنها قطعةٌ من سوادٍ حالكٍ. وسيظل المطر يبعث الحياة، وإن ادعى ألف دعِيٍّ أنه سمٌّ يتسلل إلى عروق النباتات. إن البحر الزاخر لا يضره أن يلقيَ فيه الغلمان بحصياتهم.. وقد قال الأعشى فيما مضى لما تجرأ بعض الأراذل على هجاء قبيلته: ألستَ منتهيًا عن نحتِ أَثْلتنا ولستَ ضائرَها ما أطَّتِ الإبلُ كناطحٍ صخرةً يومًا ليُوهِنَها فلم يضِرْها وأوهى قَرْنَه الوَعِلُ * • يا مَن تُسيءُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، اعلَمْ أن الذي يُسيء إلى حبيبنا المصطفى إنما يُسيء إلى نفسه، ويُذِلُّ نفسَه، ويُهلِك نفسه؛فقد قال الله تعالى لحبيبه ومصطفاه: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 3]،مُبغِضك ومعاديك هو الأبتر المقطوع المنبوذ، مقطوع البركة والنفع والأثر؛ فكلُّ مَن عاداك لا خير فيه، ولا منفعةَ من ورائه،الأبتر الذي عاداه وحاربه وهجر سنَّته وأعرض عن هداه،فهذا الذي قطع الله مِن الأرض بركته، وعطَّل نفعه، وأطفأ نوره، وطبَع على قلبه، وشتَّت شمله، وهتك سِتره؛فكلامه لغوٌ من القول، وزورٌ مِن الحديث، وعلمه رجسٌ مردود عليه، وأثره فاسد، وسعيه في تباب. قل لباغٍ نال منه مُشْرِعًا فينا هداه هل يضرُّ الشمسَ شيءٌ أقزَمٌ تبَّتْ يداه حارِبوه يا عِدَاهُ كلُّنا اليومَ فداه واسمَعوا نبضَ قلوبٍ يبلُغُ الكونَ صداه * يقول الله جل الله: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 61]، وقال الله سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [الأحزاب: 57]. * • يا مَن تُسيءُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، تعلَّم قبل أن تتكلَّم؛ فلو قرأتَ القرآن لعرفتَ قدره، ولو قرأتَ السيرةَ لأدركتَ مكانته. فلا يُسيء إلى حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم إلا مَن لا يعرِفُ قدرَه ومكانتَه. * كيف تُسيء إليه وهو أفضل خَلْق الله أجمعين؟ هو الحبيبُ الذي أدَّبه ربُّه فأحسن تأديبه، ورباه فأحسن تربيته؛ فهو أحسن الناس خُلقًا، وأسَدُّهم قولًا، وأمثلهم طريقةً، وأصدقهم خبَرًا، وأعدلهم حُكمًا، وأطهرهم سريرة، وأنقاهم سيرة، وأفضلهم سجيَّة، وأجودهم يدًا، وأسمحهم خاطرًا، وأصفاهم صدرًا، وأتقاهم لربِّه، وأخشاهم لمولاه، وخيرُهم نفسًا ونسَبًا، وخُلقًا ودِينًا. * هو الحبيب الذي ثبت الله قلبَه فلا يزيغ، وسدَّد كلامه فلا يجهل، وحفِظ عينَه فلا تخون، وحصَّن لسانه فلا يزِلُّ، ورعى دِينه فلا يضِلُّ، وتولى أمره فلا يضيع؛ فهو محفوظٌ مبارَكٌ ميمونٌ. * هو الحبيب الذي عُصِم من الضلالة والغَواية؛ ﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾ [النجم: 2]،وحُفِظ من الهوى؛ ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ [النجم: 3]؛ فكلامُه شريعة، ولفظُه دِين، وسنَّته وحي؛ ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 4]. سجاياه طاهرة، وطبيعتُه فاضلة، وخصاله نبيلة، ومواقفه جليلة؛ ﴿ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ﴾ [النمل: 79]. أصلَح الله قلبه، وأنار له دربه، وغفَر له ذنبه؛ ﴿ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾ [الفتح: 2]. الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هو المصلِحُ الذي عمَر اللهُ به القلوب، وأسعَد به الشعوب، وأعتَق به الرقابَ مِن عبودية الطاغوت، وحرَّر به الإنسانَ مِن رقِّ الوثنية، ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52]. * فيا مَن تُسيء إلى الحبيب، هل مِن العدل أن تُسيءَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب أخطاءٍ يقع فيها بعضُ مَن أساء فَهْمَ طريقِه وسنَّتِه وشريعته؟! * إن كنتَ عاقلًا منصِفًا، فتعرَّف على الحبيب المصطفى من خلال كتاب الله، وسنَّة الحبيب وسيرته، وإن كنت عاقلًا، فتعرَّف على الإسلام وجمالِه وعظَمته، من خلال القرآن والسنَّة الصحيحة والسيرة العطرة. * أما أن تحكُمَ على رسول الله أو على دينه من خلال أفعال المنتسبين إليه، فذلك حَيْفٌ وجهلٌ وضلالة.. * • يا مَن تُسيءُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، أتُسيءُ إلى الحبيب وقد قال الله عنه: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]. فهو رحمةٌ للإنسان؛ إذ علَّمه الرحمنُ، وسكب في قلبه نورَ الإيمان، ودلَّه على طريق الجِنان.. * هو رحمةٌ للشيخ الكبير؛ إذ سهَّل له العبادة، وأرشده لحسن الخاتمة، وأيقظه لتدارُكِ العُمُر، واغتنام بقية الأيام.. * وهو رحمة للشابِّ؛ إذ هداه إلى أجملِ أعمال الفتوَّة، وأكمَل خِصال الصِّبا؛ فوجَّه طاقتَه لأنبل السَّجايا وأجلِّ الأخلاق.. * وهو رحمة للطفل؛ إذ سقاه مع لبنِ أمِّه دِينَ الفطرة، وألبَسه في عهد الطفولة حُلَّةَ الإيمان.. * وهو رحمة للمرأة؛ إذ أنصَفها في عالم الظُّلم، وحفِظ حقَّها في دنيا الجَوْر، وصان جانبها في مهرجان الحياة، وحفِظ لها عفافَها وشرفَها ومستقبلها، فعاش أبًا للمرأة، وزوجًا، وأخًا ومُربِّيًا.. * وهو صلى الله عليه وسلم رحمةٌ للولاة والحكام؛ إذ وضَع لهم ميزان العدالة، وحذَّرهم مِن متالف الجَوْر والتعسُّف، وحدَّ لهم حدود التبجيل والاحترام والطاعة في طاعة الله ورسوله.. * وهو رحمة للرعيَّة؛ إذ وقف مدافعًا عن حقوقها، محرِّمًا الظُّلم، ناهيًا عن السَّلْب والنَّهْب والسَّفْك، والابتزاز والاضطهاد والاستبداد.. إذًا، فهو رحمة للجميع، ونعمة على الكل: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]. فسبحانَ مَن اجتباه واصطفاه، وتولَّاه وحمَاه، ورعاه وكفَاه، ومِن كل بلاء حسنٍ أبلاه. • يا مَن تُسيءُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، أتُسيءُ إلى الحبيب وقد قال الله عنه: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]. واللهِ، إنك لعظيمُ الأخلاق، كريم السَّجايا، مهذَّب الطِّباع، نقيُّ الفطرة. والله، إنك جمُّ الحياء، حيُّ العاطفة، جميل السيرة، طاهر السريرة. والله، إنك قمة الفضائل، ومنبَع الجود، ومطلع الخير، وغاية الإحسان. * ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]؛ يظلِمونك فتصبِر، يُؤذونك فتغفِر، يشتُمونك فتحلُمُ، يسبُّونك فتعفو، يجفونك فتصفَح. ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]؛ يحبُّك الملِك والمملوك، والصغير والكبير، والرجل والمرأة، والغنيُّ والفقير، والقريب والبعيد؛ لأنك ملَكْتَ القلوبَ بعَطْفك، وأسَرْتَ الأرواح بفضلك، وطوَّقْتَ الأعناقَ بكرَمِكَ. ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]؛ هذَّبك الوحيُ، وعلَّمك جبريل، وهداك ربُّك، وصاحبَتْك العناية، ورافقَتْك الرعاية، وحالَفك التوفيق. ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]؛ البسمةُ على محيَّاك، البِشْر على طَلْعتِك، النور على جبينِك، الحبُّ في قلبك، الجودُ في يدِك، البركة فيك، الفوزُ معك. ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]؛ لا تكذِبُ ولو أن السيفَ على رأسك، ولا تخونُ ولو حُزْتَ الدنيا، ولا تغدِرُ ولو أُعطِيتَ المُلك؛ لأنك نبيٌّ معصوم، وإمام قدوة، وأسوة حسنة. ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]؛ صادقٌ ولو قابلَتْك المنايا، وشجاعٌ ولو قاتَلْتَ الأسود، وجَوَادٌ ولو سُئِلْتَ كل ما تملِكُ؛ فأنت المثالُ الراقي، والرمز السامي. ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]؛ سبقتَ العالم دِيانةً وأمانة، وصيانة ورزانة، وتفوَّقْتَ على الكل علمًا وحِلمًا، وكرَمًا ونُبلًا، وشجاعةً وتضحية. * • يا مَن تُسيءُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، أتسيء إلى الحبيب وهو الحريص على أمَّتِه، ما مِن خيرٍ إلا دلَّ عليه، وما مِن شر إلا حذَّر منه، ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [التوبة: 128، 129]. * روى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلي ومَثَلكم كمَثَل رجلٍ أوقد نارًا، فجعل الجنادب والفَراش يقَعْنَ فيها، وهو يذُبُّهنَّ عنها،وأنا آخِذٌ بحُجَزِكم عن النار، وأنتم تَفَلَّتُون مِن يدي)). * • يا مَن تُسيءُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، أتسيء إلى الحبيب وهو مرشِدُ الناس إلى الطريق المستقيم؛كما قال الله تعالى عنه: ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ﴾ [الشورى: 52، 53]. * مهمَّتُك الهداية، ووظيفتك الدَّلالة، وعملك الإصلاح،أنت تهدي إلى صراط مستقيم؛ لأنك تزيلُ الشبهات، وتطرُدُ الغَواية، وتُذهِب الضَّلالة، وتمحو الباطل، وتُشيِّد الحق والعدل والخير. * ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52]؛ فمَن أراد السعادة فليَتْبَعْك، ومن أحب الفلاح فليقتَدِ بك، ومن رغِبَ في النجاة فليهتدِ بهداك. * أحسنُ صلاةٍ صلاتُك، وأتمُّ صيامٍ صيامُك، وأكملُ حجٍّ حجُّك، وأزكى صدقةٍ صدقتُك، وأعظمُ ذِكرٍ ذِكرُك لربِّك. * ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52]؛ مَن ركِب سفينةَ هدايتِك نجا، مَن دخل دار دعوتك أمِن، مَن تمسَّك بحبل رسالتك سلِم،مَن تبِعك ما ذلَّ، وما ضلَّ، ولا زلَّ، ولا قلَّ، وكيف يَذِلُّ والنصرُ معك؟ وكيف يَضِلُّ وكلُّ الهداية لديك؟ وكيف يَزِلُّ والرُّشدُ كلُّه عندك؟ وكيف يَقِلُّ واللهُ مؤيِّدك وناصرك وحافِظُك؟ * ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52]؛ لأنك وافَقْتَ الفطرة، وجئتَ بحنيفية سَمْحة، وشريعةٍ غراء، وملَّةٍ كاملة، ودِين تام. * ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52]؛ هدَيْتَ العقلَ من الزيغ، وطهَّرْتَ القلب من الرِّيبة، وغسَلْتَ الضمير من الخيانة، وأخرَجْتَ الأمَّة من الظلام، وحرَّرْتَ البشَر من الطاغوت. * ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52]؛ فكلامُك هدًى، وحالك هدًى، وفعلك هدى، ومذهبك هدًى؛ فأنت الهادي إلى الله، الدالُّ على طريق الخير، المرشد لكل برٍّ، الداعي إلى الجنة. * • يا مَن تُسيءُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، أتسيء إلى الحبيب وقد قال الله له: ﴿ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 67]؛ فلقد حاوَل الأعداء مرارًا قَتْلَ النبي صلى الله عليه وسلم فلم يُفلِحوا؛ لأن الله تعالى معه يحفَظُه ويرعاه. * يقول ربُّنا سبحانه مخبِرًا عن نصرته لحبيبِه ومصطفاه: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40]. * وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال أبو جهلٍ: هل يعفِّرُ محمدٌ وجهه بين أظهركم؟ قال: فقيل: نعم،فقال: واللات والعزى، لئن رأيتُه يفعل ذلك، لأطَأَنَّ على رقبتِه، أو لأعفِّرَنَّ وجهَه في التراب،قال: فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي - زعَم - ليطَأَ على رقبته،قال: فما فَجِئَهم منه إلا وهو ينكِصُ على عقبيه ويتَّقي بيديه،- قال - فقيل له: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقًا من نارٍ وهَوْلًا وأجنحةً،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو دنا منِّي، لاختطفَتْه الملائكةُ عُضوًا عضوًا))،قال: فأنزل الله عز وجل - لا ندري في حديث أبي هريرة أو شيءٌ بلغه -:﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى * إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى * أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴾ [العلق: 6 - 13] - يعنى أبا جهلٍ - ﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى * كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلَّا لَا تُطِعْهُ ﴾ [العلق: 14 - 19]. * فلا خوفَ على رسول الله، ولا خوف على دِينه وكتابه؛ مهما حاول الأعداء أن يشوهوا صورته، أن يسيئوا إلى شخصه الكريم، أو إلى كتابه، أو إلى دِينه؛ في رسوماتهم أو شعاراتهم، أو أفلامهم ومسلسلاتهم؛فرسول الله صلى الله عليه وسلم منصورٌ بنصر الله، مؤيَّد بتأييد الله،وكتابه محفوظ بحفظ الله،أمَّا دِينه فقدَّر الله وكتَب ووعَد أن يظهره على سائر الأديان؛ قال سبحانه: ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [الصف: 8، 9]. * إنما الخوفُ على أمتِه أن تبدِّلَ وتغيِّرَ مِن بعده،الخوف علينا نحن أن نَزِلَّ عن طريقه، الخوف علينا أن نَضِلَّ بعد هُداه، الخوف علينا أن نتخلى عن كتابه وسنَّته، وهَدْيِه وشريعته.. أعداؤُك ولَّوْا للعدَمِ وبقِيتَ عزيزًا كالعَلَمِ تاريخُك شمسٌ تتجلى بل أنت حياةٌ للأمم أتراهم سخِروا مِن وجه حُرٍّ كالشمس بلا تُهَم يتلالأ كالبدر وقورًا في ليل التِّمِّ على الظُّلَم أتراهم سخِروا مِن وجهٍ كم بات يناجي في عِظَم يتحدَّر دمعك من جفنك في درٍّ ساجٍ منتظِم أتراهم سبُّوا لحيتَه كم سال الدَّمع بها بدَمِي وكأن بقايا الماء بها لوضوء نجم في القِمَم بجميل صفاتٍ في ذاتٍ في قلبٍ زاكٍ في كرَم فصلاةٌ تترى وسلامٌ يا خيرَ الدُّنيا كلِّهِمِ * فاللهم ثبِّتْنا على طريق حبيبنا حتى نلقاه،اللهم ألحِقْنا به طائعين ثابتين سالمين، لا مبدلين ولا مغيِّرين، ولا ضالِّين ولا مضلِّين، ولا فاتنين ولا مفتونين، يا رب العالمين. اللهم انصر دِينَك وكتابك وسنَّة نبيك وعبادك المؤمنين. اللهم اكفِنا شر الأشرار، وكيد الفجار، وظُلْم الظالمين، وعدوان المعتدين.. اللهم مَن أرادنا أو أراد ديننا أو رسولنا أو كتابنا أو بلدنا بسوء وشر، فرُدَّ كيده في نحره، واجعل تدبيره في تدميره، واكفِنا شره بما شئتَ وكيف شئت، يا قويُّ يا عزيز. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأَذِلَّ الشرك والمشركين، ورُدَّ كيد المعتدين،يا رب العالمين. ربنا، لا تُزِغْ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهَبْ لنا من لدنك رحمة؛ إنك أنت الوهاب. ربنا، آتِنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار. وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على سيدنا وحبيبنا وقرة أعيننا محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين. سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله رب العالمين. أحمد عماري
__________________
|
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|