اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > علوم القرآن الكريم (مكتوب و مسموع و مرئي)

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 11-05-2015, 05:00 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 60
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي القرآن الذي هجرناه


القرآن الذي هجرناه


إسلام فتحي

إنَّ القرآن الكريم هو الحُجة في الدين، وهو خلاصة الهدايات الإلهية للبشَر، وآخر ما نزل من الكتب السماوية إلى الأرض، وهو المُنزَّه - بإذن ربه - عن التحريف أو الضياع، وجاء شاملاً ومهيمنًا على ما يَحتاجه الإنسان من عقائد وأحكام فقهية، وقصص للسابقين، وآداب وقيم ونظُم، وأحوال للنفس البشرية، وأصول الاجتماع الإنساني، بالإضافة إلى شؤون الآخرة، وأحوال الملأ الأعلى، ووصف الجنة والنار، وأحداث القيامة وأهوالها.

ونحن - معشرَ المسلمين - نتعبَّد إلى الله بتلاوته وبتدبُّره، وبالاحتكام إليه في أمور حياتنا، فضلاً عن أمور ديننا، ولعلَّنا إن قمنا بالتلاوة والتدبُّر والاحتكام نفرُّ مِن مظلَّة تلك الشكاية القاسية على لسان نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى ربه: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30].

إنَّ للقرآن آثاره المتجليّة على مَن أخذه بحقه ووعاه بقلبه تدبُّرًا، فإنَّ أغلب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَنتقلوا من الكفر إلى الإيمان إلا بفضل آياتٍ مِن القرآن سمعوها وتأثَّروا بها وتفاعلوا معها تفاعلاً أفضى بهم إلى ترك ديانتهم الوثنية التي وجدوا عليها آباءهم وأجدادهم؛ فهذا عمر بن الخطاب، كان غليظًا شديدًا على المؤمنين، حتى إن بعضهم قال: لو أسلم حمار الخطاب ما أسلم عمر، حتى وصل طغيانه إلى أنه قد عزَم أمره على ارتكاب أكبر جريمة يُمكن أن تراها الأرض وتشهدها البشرية، وهي قتْل النبي صلى الله عليه وسلم خير البشَر، وكان لا يأبه بعواقب هذه الجريمة التي من الممكن أن تضيع فيها حياته ثأرًا من بني هاشم، وعمر بصفاته هذه حين ذهب إلى بيت أخته ليَنتقم منها بسبب علمه بإسلامها ثم تمهَّل قليلاً فسمع بضع آيات من صدر سورة طه، فإذا به ينقلب حاله تمامًا، وتتغيَّر مشاعره، ويتحول بقوته وطاقته من جانب الكفر المُضطهِد للمُسلمين إلى مُسلم موحِّد، بل أصبح الفاروق، وتحقَّقت فيه دعوة النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهمَّ أعزَّ الإسلام بأحد العمرين))، وكان إسلامه إضافة قوية لشوكة المسلمين في مكة، عمر هو هو عمر لم يتغيَّر شيء من حوله، إلا أنه سمع بضع آيات من القرآن فانقلب حاله، فما بالنا نحن ونحن نسمع ونقرأ القرآن صباحَ مساءَ ولكن نظلُّ عاكِفين على معاصينا ومفرّطين في جنب ربنا؟!

إنَّ عدم تأثُّرنا بالقرآن ظاهرة يَجب أن نتوقَّف عندها كثيرًا، ونتفحَّص أسبابها؛ لأنَّ التفاعل مع القرآن ليس رفاهية، وإنما حتم لازم على كل مؤمن، فالأصل أن المؤمن يقرأ أو يسمع آية من القرآن، وهذه الآية تُفضِي عليه بمَشاعر تجعله ينتهج سلوكًا معينًا يُقرِّبه مِن ربه أكثر، وتزيد إيمانه.

وأسباب كثيرة تكمن وراء عدم تأثُّرنا بالقرآن؛ منها: عدم فهمِنا لوظيفة القُرآن، وعدم إدراكنا أنه روح تُحيي قلوبنا بالإيمان؛ ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ﴾ [الشورى: 52]، أو لعلَّنا لا ندري ما هو التعامل الأمثل مع القرآن الذي هو التدبر والتطبيق؛ ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ﴾ [ص: 29]، أو بسبب طول إلفِنا له وتعامُلِنا معه على أنه ترانيم نسمعها في كل مكان، وأصبح وجوده في حياتنا لا يَستدعي التوقُّف وإعمال الفكْر في فهمِه والتأثُّر به، في حين أننا نهتم جدًّا بأيِّ كتاب أو رواية نقرؤها ونتفهَّم معانيها، أو لعلَّ سبب هجرنا للقرآن تطبيقًا وتدبُّرًا هو المنظومة التربوية التي فشلَت في إقناعنا بأهمية القرآن وفضله.


كل هذه الأسباب وغيرها أدت إلى تعاملِنا السطحيِّ مع القرآن أو اعتباره في أحسن الأحوال مصدرًا لجَمْع الحسنات، فكل حرف بعشر حسنات، فانشغلنا بالمهمِّ عن الأهم، ولا أظن أن الشيطان - بعد عجزه عن تحريف القرآن وإبعاد المؤمنين عنه تمامًا - يودُّ أن يظفر بأكثر من هذه الحالة السيئة التي وصلْنا إليها.

إن دورنا المثالي مع القرآن توضحّه كلمة الأستاذ حسن البنا حين قال: "لم يَنزل القرآن من علياء السماء على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليكون تميمة، أو أورادًا في المقابر والمآتم، أو ليُحفظ أوراقًا ويُهجر أخلاقًا، أو ليُحفظ كلامًا ويُهجر أحكامًا؛ وإنَّما نزَل ليهدي البشرية إلى السعادة والخير، فليس المقصود من القرآن مجرَّد التلفُّظ به أو التبرُّك، وهو مبارك، ولكن بركته الكُبرى في تدبُّره وتفهُّم معانيه ومقاصده، ثم تحقيقها في الأعمال الدنيوية والدينية، ومَن لم يفعل ذلك واكتفى بمجرَّد التلاوة بغير تدبُّر ولا عمل فإنه يُخشى أن يحلَّ عليه الوعيد من حُذيفة؛ (يا معشر القراء، استقيموا فقد سبقتم سبقًا عظيمًا، وإن أخذتم يمينًا وشمالاً لقد ضللتم ضلالاً بعيدًا)".

في خضم تلك المادية المزعجة والتقدُّم الصاخب الذي يُحيط بنا، أصبحنا في أمسِّ الحاجة للارتشاف من أدوية القرآن وعلاجاته ما تقرُّ به نفوسُنا وتَسكن به أرواحُنا، وتطمئنُّ به قلوبنا، كما أننا في وسط ذلك الانحراف عن القرآن الذي تُعانيه أمتنا سواء في تشريعاتها أو في سلوكيات أبنائها أو في فرقتهم وتشتتُّهم، ذلك الانحراف يقتضي منا بل ويوجب علينا أن نقرأ القرآن بقلب يتكيَّف ويتهيَّأ وفقًا لما يُريد القرآن منه، وجوارح قابلة لتنفيذ أوامر القرآن كالجنديِّ في الميدان.

في الوقت الذي يُعيد فيه المسلمون صياغة تعاملِهم مع القرآن وفقًا لمراد الله وسنَّة نبيِّه وهدْي الصحابة، في هذا الوقت أظنُّ أنَّ حال الأمة سيتغير إلى الأفضل، وستَستعيد دورَها الرياديَّ في العالم بدلاً مِن حالها المزري المؤسف الآن.








رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:32 AM.