شياطين الدولة العميقة ( مقامة )

[adel elshamy]

شياطين الدولة العميقة ( مقامة ) : عادل خضر
========================
ولماَّ امتنَّ اللهُ على العِباد / وصَارَ مُرْسِى حَاكِماً للبِلاد / وأذِنَ اللهُ بِزوَالِ دولةِ الفساد / إذا بأربابِ الدولةِ العَمِيقة / وقد باتت دَوْلَتهُمْ غَرِيقة / وأَحلامُهُمْ حَلِيقة / إذا بهم يَجتمِعُون / يُفكَِرُون / يُدَبَِرُون / يُخَطِّطِون / وعن وساخاتِهم يبحثون / وعلى قذارتهم وحَظْوَتِهم يَتحَسرُون / ولمَّا حارَ أمْرُهُم / وضلَّ سَعيُهُم / وَغُلِبَ حِمَارُهُمْ / قالو : ما ثمَّ بدٌ من مقابلةِ الشيطان / وتقديمِ الطَّاعَةِ والقرْبَان / فلمّا حَضَرُوهُ وجَدُوهُ مُسَلْسَلاً / وفى الأغلالِ مُكَبَّلاً / فبُهِتوا مِمَّا شاهدُوه / ودُهِشُوا لَمَّا عَايَنُوه / فبَادَرَهُم قائِلاً / وَوَبَّخهُمْ سائِلاً / تباًّ لكم من أغبياء / وسُحْقاً لكم يا رُعَنَاء / ألِهَذا الحدِّ تنهزمون ؟! / ألِتِلْكَ الدَّرَجَةِ تسحقون ؟! / ثمَّ ابتسمَ سَاخِراً / وبَادَرَهُمْ مَاكِرَاً / عَلِمتُ أنَّ مُرْسِى قد أذاقكُم الدّحّ / وفعَلَ معكم الصّحّ / فإذا نَهْرُكُم قد شَحّ / وإذا مَجْدُكُم قد بَحّ / فلَمَّا رَآهُمْ يَتبَاكُوُن / وعلى مضَاجِعِهم يصْطَرخِون / هدَّأَ من رَوْعِهِمْ / وجفَّفَ من دَمْعِهِمْ / ثمَّ تقدَّمُوا بالقرْبَان / وأعلنوا الطاعةَ والعِرفان / وقالوا : يا سيدَنا / ورَائِدَنا / وقائِدَنا / لقد أمْسَتْ دولتنا خرابا / وأضْحَتْ حظوتنا يبابا / وقد وقفنا على بابِك / نقبلُ فى أعتابِك / فقد ضلَّ سعينا / وطاشت عقولنا / وجَفَّت أفكارُنا / وأنت رأسُ المكر والتدبير / وإمامُ الدَّهاء والتفكير / نسألك أن تساعدَنا / وتُؤازرَنا وتساندَنا / كى نستعيد عهدَنا / ونستردَ مجدَنا / فقال الشيطانُ : ما حيلتى والاصفادُ تكَبِّلُنِى / والأغلالُ تكاد ت***نى / ومع ذلك سأشعلُ لكم القريحة / ولن أبخلَ عليكم بنصِيحة / ثمَّ عليكم أنتم بالعمل والتدبير / والتفعيلِ والتَّسْيِير / اعملوا على فسادِ ذاتِ بينِهم / أَشْعِلوا نيرانَ الحقدِ فى قلوبِهم / فرِّقوا بينَهم / شتِّتوا جمعَهم / حرشوا بينهم / كَثفوا من حملاتِ التَّخوين / والتّشويهِ والتلوين / وَدُونَكُم وسائلُ الاعلام / وأهلُ النخبةِ والكلام / خبثاء الاعلام / وأربابه الِّئام / واجعلوا هذا العملَ دؤُوب / وكَررُوا من تلك الآثامِ والعُيُوب / افعلوا كُلَّ شيىءٍ خسيس / مارسوا على الشَّعب التَّهْيِيس / حتى يعودَ اللوْمُ دائماً على الرَّئيس / واعلموا أن هذا غيضاً من فيض / وصَفاراً من بيض / وأنتم أساطينُ المكرِ والخديعة / وأربابُ الفسادِ والوقِيعة / فقط استعيدوا المكر والدَّسِيسَة / وأشعلوا عُقولَكُم الخبيثة / وأفكاركم الخسِيسة / ولماَّ استمع الفلولُ لتلك الوصلةِ الشيطانية / والخططِ الإِبْلِيسِية / اشرأبَّتْ أعناقُهُم / وانشرَحتْ صُدورُهُم / وعَزمُوا على تفعيلِ كُلِّ ذلك / واتخاذ جَمِيعِ المسالك / لنشرِ البلاءِ والمهَاِلك / ونسى السفهاءُ المغفَّلون / أنَّ اللهَ خبيرٌ بما يعملون / ومُحبِطٌ لما يفعلون .